لو كنت أعطي من لقائك سولا
لو كنت أعطي من لقائك سولا | لم أتخذ برق الغمام رسولا |
أو كنت أبلغ من قبولك مأملي | لم أودع الشكوى صبا وقبولا |
لكن معتل النسيم إذا سرى | ما زال يوسع ذا الهوى تعليلا |
وبملتقى الأرواح دوحة أيكة | جاذبتها عند الغروب مميلا |
عهدي بها سدلت علي ظلالها | فسدلت ظلا للشباب ظليلا |
رتعت به حولي الظباء أوانسا | فنعمت فيه معرسا ومقيلا |
وصقلت للحسناء صفح مودتي | لما اجتليت العارض المصقولا |
ثم انتشيت وقد تعاطيت الهوى | ريما اغر وجؤذرا مكحولا |
كم فيه من ملح لمرتاد الهوى | تركت فؤاد محبه متبولا |
لم ترو لي عيناه حكمة بابل | إلا أخذت حديثها مقبولا |
ولقد أجد جواي لما زرته | رسما كحاشية الرداء محيلا |
قد أنكرته العين إلا لمحة | عرفت به آثاره تخييلا |
وإذا الطلول تعرضت لمتيم | غادرن دمع جفونه مطلولا |
من ينجد الصبر الجميل فإنه | بعد الأحبة قد أجد رحيلا |
كيف التجمل بعدهم وأنا الذي | أنسيت قيسا في الهوى وجميلا |
من عاذري والقلب أول عاذل | فيمن افند لائما وعذولا |
أتبعت في دين الصبابة أمة | ما بدلوا في حبهم تبديلا |
يا موردا حامت عليه قلوبنا | لو نيل لم تجر المدامع نيلا |
ما ضر من رقت غلائله ضحى لو بات ينقع للمحب غليلا | … |
كم ذا أعلل بالحديث وبالمنى قلبا كما شاء الغرام عليلا | … |
أعديت واصلة الهديل بسحرة | شجوا وجانحة الأصيل نحولا |
وسريت في طي النسيم لعلني | احتل حيا بالعقيق حلولا |
هذا ووجدي مثل وجدي عندما استشعرت | من ركب الحجاز رحيلا |
قد سددوا الانضاء ثم تتابعوا | يتلو رعيل في الفلاة رعيلا |
مثل القسي ضوامر قد أرسلت | يذرعن عرض البيد ميلا ميلا |
مترنحين على الرمال كأنما | عاطين من فرط الكلال شمولا |
إن يلتبس علم الطريق عليهم | جعلوا التشوق للرسول دليلا |
يا راحلين وما تحمل ركبهم | إلا قلوب العاشقين حمولا |
ناشدتكم عهد المودة بيننا | والعهد فينا لم يزل مسؤولا |
مهما وصلتم خير من وطئ الثرى | أن توسعوا ذاك الثرى تقبيلا |
يا ليت شعري هل أعرس ليلة | فاشم حولي إذ خرا وجليلا |
أو تروني يوما مياه مجنة | ويشيم طرفي شامة وطفيلا |
وأحط في مثوى الرسول ركائبي | وأبيت للحرم الشريف نزيلا |
بمنازل الوحي التي قد شرفت | قد شافهت أعلامها التنزيلا |
بمعاهد الإيمان والدين التي قد صافحت عرصاتها جبريلا | … |
ومهاجر الدين الحنيف وأهله | حيث استقر به الأمان دخيلا |
دار الرسول ومطلع القمر الذي | ابداؤه ما فارق التكميلا |
يا حبذا تلك المعالم والربا | يا حبذا تلك الطلول طلولا |
حيث النبوة قد جلت آفاقها | وجها من الحق المبين جميلا |
حيث الرسالة فصلت أحكامها | لتبين التحريم والتحليلا |
حيث الشريعة قد رست أركانها | فالنص منها يعضد التاويلا |
حيث الهدى والدين والحق الذي | محق الضلال واذهب التضليلا |
حيث الضريح يضم أكرم مرسل | وأجل خلق الله جيلا جيلا |
إن الإله أختارها لمقامه | واختاره للعالمين رسولا |
رحم الإله العالمين ببعثه | فيهم وفضل جنسه تفضيلا |
بدعائه انقشع الغمام وقبلها | والت بدعوته الغمام همولا |
والشمس قد ردت له ولطالما | قد ظللته سحابها تظليلا |
لم لا يطاوعه الوجود وقد غدا | من نوره في خلقه معلولا |
يا نكتة الأكوان يا علم الهدى | آيات فضلك رتلت ترتيلا |
لولاك لم يك للكيان حقيقة | ولكان باب وجودها مقفولا |
لولاك للزهر الكواكب لم تلح | مثل الأزاهر ما عرفن ذبولا |
لولاك لم تجل السماء شموسها | ولكان سجف ظلامها مسبولا |
لولاك ما عبد الاله وما غدا | ربع الجنان بأهله ماهولا |
يا رحمة الله التي ألطافها | سحبت علينا للقبول ذيولا |
يا حجة الله التي برهانها ما كان يوما صدقة مجهولا | … |
كم آية لك قد صدعت بنورها | ليل الضلال وإفكه المنحولا |
أوضحتها كالشمس عند طلوعها | وعقلت عن إدراكهن عقولا |
واتيت بالذكر الحكيم مبينا | قد فصلت آياته تفصيلا |
أثنى عليك بكتبه من أنزل القرآن | والتوراة والإنجيلا |
فإذا البليغ يروم مدحك جاهدا | اضحى حسام لسانه مفلولا |
يا شافع الرسل الكرام ومن به | يرجون في يوم الحساب قبولا |
رفقا بمن ملك القضاء زمامه | فغدا بقيد ذنوبه معقولا |
واحسرتا ضيعت عمري في الهوى | والتوب أضحى دينه ممطولا |
وجريت في طلق البطالة جامحا | حتى انثنى طرف الشباب كليلا |
وعثرت في طلب المفاز جهالة | لكن وجدتك للعثار مقيلا |
يا صفوة الله الأمين لوحيه | من أم جاهك أحرز التأميلا |
والله ما لي للخلاص وسيلة | إلا رضاك وعفوك المأمولا |
إن كنت ما أعددت زادا نافعا | أعددت حبك شافعا مقبولا |
صلى عليك الله ما ركب سرى | فأجد وخدا في المفازة ميلا |
وأعز من ولاه أمر عباده | فحباهم إحسانه الموصولا |
وأقام مفورض الجهاد بعزمة | تركت بأفئدة العداة فلولا |
والله ما ادري وقد حضر الوغى | أحسامه ام عزمه مصقولا |
ملك إذا لثم الوجود يمينه | فالبحر عذبا والرياض بليلا |
أو يخلف الناس الغمام وأمحلوا | فنداه لا يخشى العفاة محولا |
من دوحة نصرية يمينة | وشجت فروعا في العلا واصولا |
فإذا سألت الكتب نقل فضيلة | لم تلف إلا فخرها منقولا |
يا ايها الملك الذي أيامه | وضحت بأوجه دهرهن حجولا |
والله ما آثار هديك عندنا | إلا نجوما ما عرفن أفولا |
لم يعرف التركيب سيفك في الوغى | فاعجب له قد أحكم التحليلا |
كم صورة لك في الفتوح وسورة | تجلى وتتلى بكرة وأصيلا |
لم تسر سارية الرياح بطيبة | إلا لتحمل ذكره المعسولا |
وكأن صفح البرق سيفك ظل من | غمد الغمامة مرهفا مسلولا |
كم بلدة للكفر قد عوضت من | ناقوسها التكبير والتهليلا |
صدقت مقدمة الجيوش فصيرت | من حينها موضوعها محمولا |
كسروا تماثيل الصليب ومثلوا | بمن انتمى لولائه تمثيلا |
لما أحطت بها وحان دمارها | أخرجت مترفها الأعز ذليلا |
تجري الدموع وما تبل غليله | فمصفد يبكي هناك قتيلا |
سلت يمين الملك منك على العدا | غضبا مهيب الشفرتين صقيلا |
لم يرض سيفك أن يحلى جوهرا | حتى يحلى عسجدا محلولا |
لم ترض همتك القليل من التقى | حتى أتت بالصالحات قبيلا |
فأقمت ميلاد الرسول بليلة | أوضحت فيها للجهاد سبيلا |
حيث القباب البيض جللت الربا | أزهار روض ما اكتسين ذبولا |
ومواقد النيران تذكى حولها | فينير مشعلها ربا وسهولا |
والأفق فوقك قبة محبوكة | مدت عليك طرافها المسدولا |
ورمى إليك ببدره ونجومه | يهديك منه التاج والإكليلا |
حيث الكتائب قد تلاطم موجها | وتدفقت فيها الخيول سيولا |
زخرت بأمواج الحديد وربما | ضاق الفضاء فما وجدن مسيلا |
يتجاوب التكبير في جنباتها | فتعيده غر الجياد صهيلا |
حملت من الأبطال كل مشمر | لا يقتني سمر القنا ونصولا |
آساد ملحمة إذا اشتجر الوغى | دخلوا من الاسل المثقف غيلا |
إن شمروا يوم الحروب ذيولهم | سحبوا من الزرد المفاض ذيولا |
أو قصروا يوم الطعان رماحهم | وصلوا بها الخطو الوساع طويلا |
يا ليلة ظفرت يداي بأجرها | وسهرت فيها بالرضا مشمولا |
والله لو عوضت عنك شبيبتي | ما كنت ارضى بالشباب بديلا |
يا ناصر الإسلام يا ملك العلا | الله يؤتيك الجزاء جزيلا |
جهز جيوشك للجهاد موفقا | وكفى بربك كافيا وكفيلا |
ولتبعد الغارات في أرض العدا | والله حسبك ناصرا ووكيلا |
وإليك من سمر الجهاد غريبة | جاءت تقرظك الثناء جميلا |
وأطلت لكني أطبت وعادتي | ألفى مطيبا في المديح مطيلا |
لا زال نصرك كلما استنجدته | لمهم دينك عائدا موصولا |