أغرى سراة الحي بالإطراق
أغرى سراة الحي بالإطراق | نبأ أصم مسامع الآفاق |
أمسى به ليل الحوادث داجيا | والصبح اصبح كاسف الإشراق |
فجع الجميع بواحد جمعت له | شتى العلا ومكارم الأخلاق |
هبوا لحكمكم الرصين فإنه | صرف القضاء فما له من واق |
نقش الزمان بصرفه في صفحة | كل اجتماع مؤذن بفراق |
ماذا ترجي من زمانك بعدما | علق الفناء بأنفس الأعلاق |
من تحسد السبع الطباق علاءه | عالوا عليه من الثرى بطباق |
إن المنايا للبرايا غاية | سبق الكرام لخصلها بسباق |
لما حسبنا أن تحول أبؤسا | كشفت عوان حروبها عن ساق |
ما كان إلا البدر طال سراره | حتى رمته يد الردى بمحاق |
أنف المقام مع الفناء نزاهة | فنوى الرحيل إلى مقام باق |
عدم الموافق في مرافقة الدنا | فنضى الركاب إلى الرفيق الباقي |
اسفا على ذاك الجلال تقلصت | أفياؤه وعهدن خير رواق |
يا آمري بالصبر عيل تصبري | دعني فدتك لواعج الأشواق |
وذر اليراع تشي بدمع مدادها | وشي القريض يروق في الأوراق |
واحسرتا للعلم أقفر ربعه | والعدل جرد أجمل الاطواق |
ركدت رياح المعلوات لفقدها | كسدت به الآداب بعد نفاق |
كم من غوامض قد صدعت بفهمها | خفيت مداركها على الحذاق |
كم قاعد في البيد بعد قعوده | قعدت به دون لحاق |
لمن الركائب بعد بعدك تنتضى | ما بين شام ترتمي وعراق |
تفلي الفلا بمناسم مغلولة | تسم الحصى بنجيعها الرقراق |
كانت إذا اشتكت الوجى وتوقفت | يهفو نسيم ثنائك الخفاق |
فإذا تنسمت الثناء أمامها | مدت لها الأعناق في الإعناق |
يا مزجي البدن القلاص خوافقا | رفقا بها فالسعي في إخفاق |
مات الذي ورث العلا عن معشر | ورثوا تراث المجد باستحقاق |
رفعت لهم رايات كل جلالة | فتميزوا في حلبة السباق |
علم الهداة وقطب أعلام النهى | حرم العفاة المجتنى الأرزاق |
رقت سجاياه وراقت مجتلى | كالشمس في بعد وفي إشراق |
كالزهر في لألائه والبدر في | عليائه والزهر في الإبراق |
مهما مدحت سواه قيد وصفه | وصفاته حمد على الإطلاق |
يا وارثا نسب النبوة جامعا | في العلم والأخلاق والأعراق |
يا ابن الرسول وإنها لوسيلة | يرقى بها أوج المصاعد راقي |
ورد الكتاب بفضلكم وكمالكم | فكفى ثناء الواحد الخلاق |
مولاي إني في علاك مقصر | قد ضاق عن حصر النجوم نطاقي |
ومن الذي يحصي مناقب مجدكم | عد الحصى والرمل غير مطاق |
يهني قبورا زرتها فلقد ثوت | منا مصون جوانح وحداق |
خط الردى منها سطورا نصها | لا بد أنك للفناء ملاق |
ولحقت ترجمة الكتاب وصدره | وفوائد المكتوب في الإلحاق |
كم من سراة في القبور كأنهم | في بطنها در ثوى بحقاق |
قل للسحاب اسحب ذيولك نحوه | والعب بصارم برقك الخفاق |
أودى الذي غيث العباد بكفه | يزري بواكف غيثك الغيداق |
إن كان صوتك بالمياه فدرها | در يروض ما حل الإملاق |
بشر كثير قد نعوا لما نعي | قاضي القضاة وغاب في الأطباق |
البستهم ثوب الكرامة ضافيا | وأرحت من كد ومن إرهاق |
يتفيأون ظلال جاهك كلما | لفحت سموم الخطب بالإحراق |
عدموا المرافق في فراقك وانطوى | عنهم بساط الرفق والإرفاق |
رفعوا سريرك خافضين رؤوسهم | ما منهم إلا حليف سياق |
لكن مصيرك للنعيم مخلدا | كان الذي ابقى على الأرماق |
ومن العجائب أن يرى بحر الندى | طود الهدى يسري على الأعناق |
إن يحملوك على الكواهل طالما | قد كنت محمولا على الأحداق |
أو يرفعوك على العواتق طالما | رفعت ظهر منابر وعتاق |
ولئن رحلت إلى الجنان فإننا | نصلى بنار الوجد والأشواق |
لو كنت تشهد حزن من خلفته | لثني عنانك كثرة الإشفاق |
إن جن ليل جن من فرط الأسى | وسوى كلامك ماله من راق |
فابعث خيالك في الكرى يبعث به | ميت السرور لثاكل مشتاق |
اغليت يا رزء التصبر مثلما | أرخصت در الدمع في الآماق |
إن يخلف الأرض الغمام فإنني | أسقي الضريح بدمعي المهراق |