عزاء فإن الشجو قد كان يسرف
عزاء فإن الشجو قد كان يسرف | وبشرى بها الداعي على الغور يشرف |
لئن غرب البدر المنير محمد | لقد طلع البدر المكمل يوسف |
وإن رد سيف الملك صونا لغمده | فقد سل من غمد الخلافة مرهف |
وإن طوت البرد اليمانى يد البلى | فقد نشر البرد الجديد المفوف |
وإن نضب الوادي وجف معينه | فقد فاض بحر بالجواهر يقذف |
وإن صوح الروض الذي ينبت الغنى | فقد أزهر الروض الذي هو يخلف |
وإن أقلعت سحب الحيا وتقشعت | فقد نشأت منها غمائم وكف وإن صدع الشمل الجميع يد النوى بيوسف فخر المنتدى يتألف |
وإن راع قلب الدين نعي إمامه | فقد هز منه بالبشارة معطف |
وقد ملك الإسلام خير خليفة | من البدر أبهى بل من الشمس أشرف |
يعير محياه الصباح إذا بدا | وتخجل يمناه الغمام وتخلف |
فمن نور مرآه الكواكب تهتدي | ومن فيض جدواه الحيا نتوكف |
ولما قضى المولى الإمام محمد | تحكم في الناس الأسى والتأسف |
فلا جفن إلا مرسل سحب دمعه | ولا قلب إلا بالجوى يتلهف |
وقد كادت الدنيا تميد بأهلها | وقد كادت الشم الشوامخ ترجف |
وقد كادت الأفلاك ترفض حسرة | وكادت بها الأنوار تخفو وتكسف |
ولكن تلافى الله أمر عباده | بوارثه والله بالناس أراف |
فللدين والدنيا ابتهاج وغبطة | وللثغر ثغر بالمنى يترشف |
أمان كما تندى الشبيبة نضرة | يمد له ظل على الأرض أورف |
طلعت على الإسلام في دولة الرضا | فأمنته من كل ما يتخوف |
بوجه يرينا البدر عند طلوعه | وفي وجنة البدر المنير التكلف |
وعزم كما انشق الصباح مصمم | ورأي به بيض الصوارم ترهف |
وحولك من حفظ الإله كتائب وفوقك من ظل السعادة رفرف | … |
فوالله ما ندري وللعلم عندنا | براهين عن وجه الحقائق تكشف |
أوجهك أم شمس النهار تطلعت | وكفك أم سحب الحيا نتوكف |
فكم لك من ذكر جميل ومفخر | عميم على أوج الكواكب يشرف |
يزار به البيت العتيق وزمزم | ويعرفه حتى الصفا والمعرف |
ومن يسأل الأيام تخبره أنها | بقومك تزهى في الفخار وتشرف |
وهل تهدم الأيام بنيان مفخر | تشيده آي كرام ومصحف |
ولو كانت الأيام قبل تنكرت | فباسمك يا بدر الهدى تتعرف |
ألا إن ترعنا الحادثات فإننا | عصابة توحيد به نتشرف |
وليس لنا إلا التوكل عادة | وظن جميل وعده ليس يخلف |
فمن مبلغ عنا الغني بربه | وقد سار للفردوس يحيا ويتحف |
بآية ما بلغت دين محمد | أماني للرحمن تدني وتزلف |
وعنك يروي الناس كل غريبة | يروي لنا منها الغريب المصنف |
فكسرت تمثالا وهدمت بيعة | وناقوسها بالكفر يهوي ويهتف |
وكم من منار بالأذان عمرته | فصارت به الآذان بعد تشنف |
وسرت وقد خلفت خير خليفة | لك الفخر منه والثناء المخلف |
أيوسف قد ارضيته أجمل الرضا | وكان بما ترضى وتختار يكلف |
وكنت له يا قرة العين قرة | على بره المحتوم تحنو وترأف |
ستجري على آثاره سابق المدى | فيهدي له منك الثناء المضعف |
سيلقى عدو الدين منك عزائما | إليه بجرار الكتائب تزحف |
ويأسف لما يبصر البر يرتمي | بفرسانه والبحر بالسفن يقذف |
فما أرؤس الكفار إلا حصائد | بسيفك سيف الله تجني وتقطف |
حسامك رقراق الصفيح كأنه | بكفك من ماء السماء ينطف |
ضعيف يصح النصر من فتكاته | فيروى لنا منه الصحيح المضعف |
ورمحك مرتاح المعاطف هزة | كأن قد سقته من دم الكفر قرقف |
ولا عيب فيه غير أن سنانه | إذا شم ريح النقع في الحرب يرعف |
فإن كعت الأبطال في حومة الوغى | يشير لنا منه البنان المطرف |
لقد فخر الإسلام منك ببيعة | وزال بها عنه الاسى والتخوف |
وألبسته بردا من الفخر ضافيا | على عطفه وشي المديح يفوف |
وقد نظمت فيه السعود ميامنا كما ينظم العقد النفيس ويرصف | … |
فدمت قرير العين في كل غبطة | بما شئت من آمالك الغر تسعف |