هي نفحة هبت من الأنصار
هي نفحة هبت من الأنصار | أهدتك فتح ممالك الأمصار |
في بشرها وبشارة الدنيا بها | مستمتع الأسماع والابصار |
هبت على قطر الجهاد فروضت | أرجاءه بالنفحة المعطار |
وسرت وأمر بالله طي برودها | يهدي البرية صنع لطف الباري |
مرت بأرواح المنابر فانبرت | خطباؤها مفتنة الأطيار |
حنت معارجها إلى أعشارها | لما سمعن بها حنين عشار |
لو أنصفتك لكللت أدواحها | تلك البشائر يانع الأزهار |
فتح الفتوح أتاك في حلل الرضى | بعجائب الأزمان والأعصار |
فتح الفتوح جنيت من أفنانه | ما شئت من نصر ومن أنصار |
كم آية لك في السعود جلية | خلدت منها عبرة استبصار |
كم حكمة لك في النفوس خفية | خفيت مداركها عن الأفكار |
كم من أمير أم بابك فانثنى | يدعى الخليفة دعوة الإكبار |
أعطيت أحمد راية منصورة | بركاتها تسري من الأنصار |
أركبته في المنشآت كأنما | جهزته في وجهة لمزار |
من كل خافقة الشراع مصفق | منها الجناح تطير كل مطار |
القت بأيدي الريح فضل عنانها | فتكاد تسبق لمحة الأبصار |
مثل الجياد تدافعت وتسابقت | من طافح الأمواج في مضمار |
لله منها في المجاز سوابح | وقفت عليك الفخر وهي جواري |
لما قصدت بها مراسي سبتة | عطفت على الأسوار عطف سوار |
لما رأت من صبح عزمك غرة | محفوفة بأشعة الأنوار |
ورأت جبينا دونه شمس الضحى | لبتك بالإجلال والإكبار |
فأفضت فيها من نداك مواهبا | حسنت مواقعها على التكرار |
وأريت أهل الغرب عزم مغرب | قد ساعدته غرائب الأقدار |
وخطبت من فاس الجديد عقيلة | لبتك طوع تسرع وبدار |
ما صدقوا متن الحديث بفتحها | حتى رأوه في متون شفار |
وتسمعوا لأخبار باستفتاحها | والخبر قد أغنى عن الأخبار |
قولوا لقرد في الوزارة غرة | حلم مننت به على مقدار |
أسكنته من فاس جنة ملكها | متنعما منها بدار قرار |
حتى إذا كفر الصنيعة وازدرى | بحقوقها الحقته بالنار |
جرعت نجل الكاس كأسا مرة | دست إليه الحتف في الإسكار |
كفر الذي أوليته من نعمة | لا تأنس النعماء بالكفار |
فطرحته طرح النواة فلم يفز | من عز مغربه بغير فرار |
لم يتفق لخليفة مثل الذي | أعطى الإله خليفة الانصار |
لم أدر والأيام ذات عجائب | تردادها يحلو على التذكار |
ألواء صبح في ثنية مشرق | أم راية في جحفل جرار |
وشهاب أفق أم سنان لامع | ينقض نجما في سماء غبار |
ومناقب المولى الإمام محمد | قد أشرقت أم هن زهر دراري |
فاق الملوك بهمة علوية | من دونها نجم السماء الساري |
لو صافح الكف الخضيب بكفه | فخرت بنهر للمجرة جاري |
والشهب تطمع في مطالع أفقها | لو أحرزت منه منيع جوار |
سل بالمشارق صبحها عن وجهه | يفتر منه عن جبين نهار |
سل بالغمائم صوبها عن كفه | تنبئك عن بحر بها زخار |
سل بالبروق صفاحها عن عزمه | تخبرك عن أمضى شبا وغرار |
قد أحرز الشيم الخطيرة عندما | أمطى العزائم صهوة الأخطار |
إن يلق ذو الإجرام صفحة صفحة | فسح القبول له خطا الأعمار |
يا من إذا هبت نواسم حمده | أزرت بعرف الروضة المعطار |
يا من إذا افترت مباسم بشره | وهب النفوس وعاث في الإقتار |
يا من إذا طلعت شموس سعوده | تعشي أشعتها قوى الإبصار |
قسما بوجهك في الضياء وإنه | شمس تمد الشمس بالأنوار |
قسما بعزمك في المضاء فإنه | سيف تجرده يد الأقدار |
لسماح كفك كلما استوهبته | يزري بغيث الديمة المدرار |
لله حضرتك العلية لم تزل | يلقي الغريب بها عصا التسيار |
كم من طريد نازح قذفت به | أيدي النوى في القفر رهن سفار |
بلغته ما شاء من آماله | فسلا عن الأوطان بالأوطار |
صيرت بالإحسان دارك داره | متعت بالحسنى وعقبى الدار |
والخلق تعلم أنك الغوث الذي | يضفي عليها وافي الأستار |
كم دعوة لك في المحول مجابة | أغرت جفون المزن باستعبار |
جاءت مجاري الدمع من قطر الندى | فرعى الربيع لها حقوق الجار |
فأعاد وجه الأرض طلقا مشرقا | متضاحكا بمباسم النوار |
يا من مآثره وفضل جهاده | تحدى القطار بها إلى الأقطار |
حطت البلاد ومن حوته ثغورها | وكفى بسعدك حاميا لذمار |
فلرب بكر للفتوح خطبتها | بالمشرفية القنا الخطار |
وعقيلة للكفر لما رعتها | أخرست من ناقوسها المهذار |
اذهبت من صفح الوجود كيانها | ومحوتها إلا من التذكار |
عمروا بها جنات عدن زخرفت | ثم انثنوا عنها ديار بوار |
صبحت منها روضة مطلولة فأعدتها للحين موقد نار | … |
واسود وجه الكفر من خزي متى | ما احمر وجه الأبيض البتار |
ولرب روض للقنا متأود | ناب الصهيل به عن الاطيار |
مهما حكت زهر الاسنة زهره | حكت السيوف معاطف الأنهار |
متوقد لهب الحديد بجوه | تصلى به الأعداء لفح أوار |
فبكل ملتفت صقال مشهر | قداح زند للحفيظة واري |
في كف أروع فوق نهد سابح | متموج الأعطاف في الإحضار |
من كل منحفز بلمحة بارق | حمل السلاح به على طيار |
من أشهب كالصبح يطلع غرة | في مستهل العسكر الجرار |
أو أدهم كالليل إلا أنه | لم يرض بالجوزاء حلي عذار |
أو أحمر كالجمر يذكي شعلة | وقد ارتمى من بأسه بشرار |
أو اشقر حلى الجمال أديمة | وكساه من زهو جلال نضار |
أو أشعل راق العيون كأنه | غلس يخالط سدفة بنهار |
شهب وشقر في الطراد كأنها | روض تفتح عن شقيق بهار |
عودتها أن ليس تقرب منهلا | حتى يخالط بالدم الموار |
يا أيها الملك الذي ايامه | غرر تلوح بأوجه الاعصار |
يهني لواءك أن جدك زاحف | بلواء خير الخلق للكفار |
لا غرو أن فقت الملوك سيادة إذ كان جدك سيد الأنصار | … |
السابقون الأولون إلى الهدى | والمصطفون لنصرة المختار |
متهللون إذا النزيل عراهم | سفروا له عن أوجه الأقمار |
من كل وضاح الجبين إذا اجتبى | تلقاه معصوبا بتاج فخار |
قد لاث صبحا فوق بدر بعدما | لبس المكارم وارتدى بوقار |
فاسأل ببدر عن مواقف بأسهم | فهم تلافوا أمره ببدار |
لهم العوالي عن معالي فخرها | نقل الرواة عوالي الأخبار |
وإذا كتاب الله يتلو حمدهم | أودى القصور بمنة الأشعار |
يا ابن الذين إذا تذوكر فخرهم | فخروا بطيب أرومة ونجار |
حقا لقد أوضحت من آثارهم | لما أخذت لدينهم بالثار |
اصبحت وارث مجدهم وفخارهم | ومشرف الاعصار والأمصار |
يا صادرا في الفتح عن ورد المنى | رد ناجح الإيراد والإصدار |
وأهنأ بفتح جاء يشتمل الرضى | جذلان يرفل في حلى استبشار |
وإليكها ملء العيون وسامة | حيتك بالأبكار من أفكاري |
تجري حداة العيس طيب حديثها | يتعللون به على الأكوار |
إن مسهم لفح الهجير أبلهم | منه نسيم ثنائك المعطار |
وتميل من أصغى لها فكأنني | عاطيته منها كؤوس عقار |
قذفت بحور الفكر منها جوهرا | لما وصفت أناملا ببحار |
لا زلت للإسلام سترا كلما أم الحجيج البيت ذا الأستار | … |
ويقيت يا بدر الهدى تجري بما | شاءت علاك سوابق الأقدار |