حياك يا دار الهوى من دار
حياك يا دار الهوى من دار | نوء السماك بديمة مدرار |
وأعاد وجه رباك طلقا مشرقا | متضاحكا بمباسم النوار |
أمذكري دار الصبابة والهوى | حيث الشباب يرف عصن نضار |
عاطيتني عنها الحديث كأنما | عاطيتني عنها كؤوس عقار |
إيه وإن أذكيت نار صبابتي | وقدحت زند الشوق بالتذكار |
يا زاجر الأظعان وهي مشوقة | اشبهتها في زفرة وأوار |
حنت إلى نجد وليست دارها | وصبت إلى هندية الغار |
لكنها شامت به برق الحمى | إن الوفاء سجية الأحرار |
هل تبلغ الحاجات إن حملتها | إن الوفاء سجية الاحرار |
عرض بذكري في الخيام وقل إذا | جئت العقيق مبلغ الأوطار |
عار بقومك يا ابنة الحيين أن | تلوي الديون وأنت ذات يسار |
أمتعت ميسور الكلام أخا الهوى | وبخلت حتى بالخيال الساري |
وأبان جاري الدمع عذر هيامه | لكن اضعت له حقوق الجار |
هذا وقومك ما علمت خلالهم | أوفى الكرام بذمة وجوار |
الله في نفس شعاع كلما | هب النسيم تطير كل مطار |
بالله يا لمياء ما منع الصبا | ألا تهب بعرفك المعطار |
يا بنت من تشدو الحداة بذكره | متعللين به على الأكوار |
ما ضر نسمة حاجر لو أنها أهدت لنا خبرا من الأخبار | … |
هل بانه من بعدنا متأود | متجاوب مترنم الأطيار |
وهل الظباء الآنسات كعهدنا | يصرعن أسد الغاب وهي ضوار |
يفتكن من قاماتها ولحاظها | بالمشرفية والقنا الخطار |
اشعرت قلبي حبهن صبابة | فرمينني من لوعتي بجمار |
وعلى الكثيب سوانح حمر الحلى | بيض الوجوه يصدن بالأفكار |
أدنى يوم النفر جدن لنا بما | عودننا من جفوة ونفار |
يا ابن الآلى قد أحرزوا فضل العلا | وسموا بطيب أرومة ونجار |
وتنوب عن صوب الغمام أكفهم | وتنوب أوجههم عن الأقمار |
من آل سعد رافعي علم الهدى | والمصطفين لنصرة المختار |
اصبحت وارث مجدهم وفخارهم | ومشرف الاعصار والأمصار |
وجه كما حسر الصباح نقابة | ويد تمد أناملا ببحار |
جددت دون الدين عزمة اروع | جددت منها سنة الأنصار |
حطت البلاد ومن حوته ثغورها | وكفى بسعدك حاميا لذمار |
لله رحلتك التي نلنا بها | أجر الجهاد ونزهة الأبصار |
أوردتنا فيها لجودك موردا | مستعذب الإيراد والإصدار |
وأفضت فينا من نداك مواهبا | حسنت مواقعها على التكرار |
اضحكت ثغر الثغر لما جئته | وخصصته بخصائص الإيثار |
حتى الفلاة تقيم يوم وردتها | سنن القرى بثلاثة الأثوار |
وسرت عقاب الجو تهديك الذي تصطاد من وحش ومن أطيار | … |
والأرض تعلم أنك الغوث الذي | تضفي عليها واقي الأستار |
ولرب ممتد الأباطح موحش | عالي الربى متباعد الأقطار |
همل المسارح لا يراع قنيصه | ألا لنبأة فارس مغوار |
سرحت عنان الريح فيه وربما | ألقت بساحته عصا التسيار |
باكرته والأفق قد خلع الدجى | مسحا ليلبس حلة الإسفار |
وجرى به نهر النهار كمثل ما | سكب النديم سلافة من قار |
عرضت به المستنفرات كأنها | خيل عراب جلن في مضمار |
أتبعتها غرر الجياد كواكبا | تنقض رجما في سماء غبار |
والهاديات يؤمها عبل الشوى | متدفق كتدفق التيار |
أزجيتها شقراء رائقة الحلى | فرميته منها بشعلة نار |
أثبت فيه الرمح ثم تركته | خضب الجوانح بالدم الموار |
حامت عليه الذابلات كأنها | طير أوت منه إلى أوكار |
طفقت أرانبه غداة أثرتها | تبغي الفرار ولات حين فرار |
هل ينفع الباع الطويل وقد غدت | يوم الطراد قصيرة الأعمار |
من كل منحفز بلمحة بارق | فاتت خطاه مدارك الابصار |
وجوارح سبقت إليه طلابها | فكأنما طالبنه بالثار |
سود وبيض في الطراد تتابعت | كالليل طارده بياض نهار |
ترمي بها وهي الحنايا ضمرا | مثل السهام نزعن عن أوتار |
ظنت بأن تنجو بها كلا ولو | أغريته بأرانب الأقمار |
وبكل فتخاء الجناح إذا ارتمت | فكأنها نجم السماء الساري |
رجل الجناح مصفق كمن الردى | في مخلب منه وفي منقار |
أجلى الطريد من الوحوش وإن رمى | طيرا أتاك به على مقدار |
واريتنا الكسب الذي اعداؤه | ملأت جمالا أعين النظار |
بيض وصفر خلت مطرح سرحها | روضا تفتح عن شقيق بهار |
من كل موشي الاديم مفوف | رقمت بدائعه يد الأقدار |
خلط البياض بصفرة في لونه | فترى اللجين يشوب ذوب نضار |
أو أشعل راق العيون كأنه | غلس يخالط سدفة بنهار |
سرحت بمخضر الجوانب يانع | تنساب فيه اراقم الأنهار |
قد ارضعته الساريات لبانها | وحللن فيه أزرة النوار |
أخذت سعودك حذرها فلحكمة | أغرت جفون المزن باستعبار |
لما أرتك الشمس صفرة حاسد | لجبينك المتألق الإضرار |
نفثت عليك السحب نفث معوذ | من عينها المتوقع الإضرار |
فارفع لواء الفخر غير مدافع | واسحب ذيول العسكر الجرار |
واهنأ بمقدمك السعيد مخولا | ما شئت من عز ومن أنصار |
قد جئت دارك محسنا ومؤملا | متعت بالحسنى وعقبى الدار |
وإليكها من روض فكري نفحة | شف الثناء بها على الأزهار |