هب النسيم على الرياض مع السحر
هب النسيم على الرياض مع السحر | فاستيقظت في الدوح أجفان الزهر |
ورمى القضيب دراهما من نوره | فاعتاض من طل الغمام بها درر |
نثر الأزاهر بعدما نظم الندى | يا حسن ما نظم النسيم وما نثر |
قم هاتها والجو أزهر باسم | شمسا تحل من الزجاجة في قمر |
إن شجها بالماء كف مديرها | ترميه من شهب الحباب بها شرر |
نارية نورية من ضوئها | يقد السراج لنا إذا الليل اعتكر |
لم يبق منها الدهر إلا صبغة | قد ارعشت في الكأس من ضعف الكبر |
من عهد كسرى لم يفض ختامها | إذ كان يدخر كنزها في ما دخر |
كانت مذاب التبر فيما قد مضى | فأحالها ذوب اللجين لمن نظر |
جدد بها عرس الصبوح فإنها | بكر تحييها الكرام مع البكر |
وابلل بها رمق الأصيل عشية | والشمس من وعد الغروب على خطر |
محمرة مصفرة قد أظهرت | خجل المريب يشوبه وجل الحذر |
في كف شفاف تجسد نوره | من جوهر لألاء بهجته بهر |
تهوى البدور كماله وتود أن | لو أوتيت منه المحاسن والغرر |
قد خط نون عذاره في خده | قلمان من آس هناك ومن شعر |
وإلى عليك بها الكؤوس وربما | يسقيك من كأس الفتور إذا فتر |
سكر الندامى من يديه ولحظة | متعاقب مهما سقى وإذا نظر |
حيث الهديل مع الهدير تناغيا | فالطير تنشد في الغصون بلا وتر |
والقضب مالت للعناق كأنها | وفد الأحبة قادمين من السفر |
متلاعبات في الحلي ينوب في | وجناتهن الورد حسنا عن خفر |
والنرجس المطلول يرنو نحوها | بلواحظ دمع الندى منها انهمر |
والنهر مصقول الحسام متى ترد | درع الغدير مصفقا فيها صدر |
يجري على الحصباء وهي جواهر | متكسرا من فوقها مهما عثر |
هل هذه أم روضة البشرى التي | فيها لأرباب البصائر معتبر |
لم أدر من شغف بها وبهذه | من منهما فتن القلوب ومن كسر |
جاءت بها الأجفان ملء ضلوعها | ملء الخواطر والمسامع والبصر |
ومسافر في البحر ملء عنانه | وافى مع الفتح المبين على قدر |
قادته نحوك بالخطام كأنه | جمل يساق إلى القياد وقد نفر |
وأراه دين الله عزة أهله | بك يا أعف القادرين إذا قدر |
يا فخر أندلس وعصمة أهلها | للناس سر في اختصاصك قد ظهر |
كم معضل من دائها عالجته | فشفيت منه بالبدار وبالبدر |
ماذا عسى يصف البليغ خليفة | والله ما أيامه إلا غرر |
ورثت هذا الفخر يا ملك الهدى | من كل من آوى النبي ومن نصر |
من شاء يعرف فخرهم وكمالهم | فليتل وحي الله فيهم والسير |
أبناؤهم أبناء نصر بعدهم | بسيوفهم دين الإله قد انتصر |
مولاي سعدك والصباح تشابها | وكلاهما في الخافقين قد اشتهر |
هذا وزير الغرب عبد آبق | لم يلف غيرك في الشدائد من وزر |
كفر الذي أوليته من نعمة | والله قد حتم العذاب لمن كفر |
إن لم يمت بالسيف مات بغيظه | وصلى سعيرا للتأسف والفكر |
ركب الفرار مطية ينجو بها | فجرت به حتى استقر على سقر |
وكذا أبوه وكان منه حمامه | قد حم وهو من الحياة على غرر |
بلغته والله أكبر شاهد | ما شاء من وطن يعز ومن وطر |
حتى إذا جحد الذي أوليته | لم تبق منه الحادثات ولم تذر |
في حاله والله أعظم عبرة | لله عبد في القضاء قد اعتبر |
فاصبر تنل أمثالها في مثله | إن العواقب في الأمور لمن صبر |
رد حيث شئت مسوغا ورد المنى | فالله حسبك في الورود وفي الصدر |