سلوا البارق النجدي من علمي نجد
سلوا البارق النجدي من علمي نجد | تبسم فاستبكى جفوني من الوجد |
أجاد ربوعي باللوى بورك اللوى | وسح به صوب الغمائم من بعدي |
ويا زاجري الأظعان وهي ضوامر | دعوها ترد هيما عطاشا على نجد |
ولا تنشقوا الأنفاس منها مع الصبا | فإن زفير الشوق من مثلها يعدي |
براها الهوى بري القداح وخطها | حروفا على صفح من القفر ممتد |
عجبت لها أنى تجاذبني الهوى | وما شوقها شوقي ولا وجدها وجدي |
لئن شاقها بين العذيب وبارق | مياه بفيء الظل للبان والرند |
فما شاقني إلا بدور خدورها | وقد لحن يوم النفر في قضب ملد |
فكم في قباب الحي من شمس كلة | وفي فلك الأزرار من قمر سعد |
وكم صارم قد سل من لحظ أحور | وكم ذابل قد هز من ناعم القد |
خذوا الحذر من سكان رامة إنها | ضعيفات كر اللحظ تفتك بالأسد |
سهام جفون عن قسي حواجب | يصاب بها قلب البرئ على عمد |
وروض جمال ضاع عرف نسيمه | وما ضاع غير الورد في صفحة الخد |
ونرجس لحظ ارسل الدمع لؤلؤا | فرش بماء الورد روضا من الورد |
وكم غصن قد عانق الغصن مثله | وكل على كل من الشوق يستعدي |
قبيح وداع قد جلا لعيوننا | محاسن من روض الجمال بلا عد |
رعى الله ليلى لو علمت طريقها | فرشت لأخفاف المطي بها خدي |
وما شاقني والطيف يرهب أدمعي | ويسبح في بحر من الليل مربد |
وقد سل خفاق الذوائب بارق | كما سل لماع الصقال من الغمد |
وهزت محلاة يد الشوق في الدجى | فحل الذي أبرمت للصبر من عقد |
وأقلق خفاق الجوانح نسمة | تنم مع الإصباح خافقة البرد |
وهب عليل لف طي بروده | أحاديث أهداها إلى الغور من نجد |
سوى صادح في الأيك لم يدر ما الهوى | ولكن دعا مني الشجون على وعد |
فهل عند ليلى نعم الله ليلها | بأن جفوني ما تمل من السهد |
وليلة إذ وافى الحجيج على منى | وفت لي المنى منها بما شئت من قصد |
تقضيت منها فوق ما أحسب المنى | وبرد عفافي صانه الله من برد |
وليس سوى لحظ خفي نجيله | وشكوى كما أرفض الجمان من العقد |
غفرت لدهري بعدها كل ماجنى | سوى ما جنى وفد المشيب على فودي |
عرفت بهذا الشيب فضل شبيبتي | وما زال فضل الضد يعرف بالضد |
ومن نام في ليل الشباب ضلالة | سيوقظه صبح المشيب إلى الرشد |
أما والهوى ما حدت عن سنن الهوى | ولا جرت في طرق الصبابة عن قصد |
تجاوزت حد العاشقين الألى مضوا | وأصبحت في دين الهوى أمة وحدي |
نسيت وما أنسى وفائي وخلتي | وأقفر ربع القلب إلا من الوجد |
إليك أبا زيد شكاة رفعتها | وما أنت من عمرو ولدي ولا زيد |
بعيشك خبرني وما زلت مفضلا | أعندك من شوق كمثل الذي عندي |
فكم ثار بي شوق إليك مبرح | فظلت يد الأشواق كمثل الذي عندي |
وصفق حتى الريح في لمم الربى | واشفق حتى الطفل في كبد المهد |
يقابلني منك الصباح بوجنة | حكى شفقا فيها الحياء الذي تبدي |
وتوهمني الشمس المنيرة غرة | بوجهك صان الله وجهك عن رد |
محياك أجلى في العيون من الضحى | وذكرك أحلى في الشفاه من الشهد |
وما أنت إلا الشمس في علو أفقها | تفيدك من قرب وتلحظ من بعد |
وفي غمة من لا ترى الشمس عينه | وما نفع نور الشمس في الأعين الرمد |
من القوم صانوا المجد صون عيونهم | كما قد أباحوا المال ينهب للرفد |
إذا ازدحموا يوما على الماء أسوة | فما ازدحموا إلا على مورد المجد |
ومهما أغاروا منجدين صريخهم | يشبون نار الحرب في الغور والنجد |
ولم يقتنوا بعد الثناء ذخيرة | سوى الصارم المصقول والصافن النهد |
وما اقتسم الأنفال إلا ممدح | ملاها بأعراف المطهمة الجرد |
أتنسى ولا تنسى ليالينا التي | خلسنا بهن العيش في جنة الخلد |
ركبنا إلى اللذات في طلق الصبا | مطايا الليالي وادعين إلى حد |
فإن لم نرد فيها الكؤوس فإننا | وردنا بها للأنس مستعذب الورد |
لقيتك في غرب وأنت رئيسه | وبابك للأعلام مجتمع الوفد |
فآنست حتى ما شكوت بغربة | وواليت حتى لم أجد مضض الفقد |
وعدت لقطري شاكرا ما بلوته | من الخلق المحمود والحسب العد |
إلى أن أجزت البحر يا بحر نحونا | وزرت مزار الغيث في عقب الجهد |
ألذ من النعمى على حال فاقة | وأشهى من الوصل الهني على صد |
وساءني أن قوضت رحلك النوى | وعوضت منها بالذميل وبالوخد |
لقد سرني أن لحت في أفق العلا | على الطائر الميمون والطالع السعد |
طلعت بأفق الشرق نجم هداية | فجئت مع الأنوار فيه على وعد |
يمينا بمن تسري المطي سواهما | عليها سهام قد رمت هدف القصد |
إلى بيته كيما تزور معاهدا | أبان بها جبريل عن كرم العهد |
لأنت الذي مهما دجا ليل مشكل | قدحت به للنور وارية الزند |
وحيث استقلت في ركاب لطية | فأنت نجي النفس في القرب والبعد |
وإني بباب الملك حيث عهدتني | مديد ظلال الجاه مستحصف العقد |
أجهز بالإنشاء كل كتيبة | من الكتب والكتاب في عرضها جندي |
نلوذ من المولى الإمام محمد | بظل على نهر المبرة ممتد |
إذا فاض من يمناه بحر سماحة | وعم به الطوفان في النجد والوهد |
ركبنا إلى الإحسان في سفن الرجا | بحور عطاء ليس تجزر عن مد |
فمن مبلغ الأمصار عني ألوكة | مغلغلة في الصدق منجزة الوعد |
بآية ما أعطى الخليفة ربه | مفاتيح فتح ساقها سائق السعد |
ودونك من روض المحامد نفحة | تفوق إذا اصطف الندي عن الند |
ثناء يقول المسك إن ضاع عرفه | أيا لك من ند أما لك من ند |
وما الماء في جو السحاب مروقا | بأطهر ذاتا منك في كنف المهد |
فكيف وقد حلتك أسرابها الحلى | وباهت بك الاعلام بالعلم الفرد |
وما الظل في ثغر من الزهر باسم | بأصفى وأذكى من ثنائي ومن ودي |
ولا البدر معصوبا بتاج تمامه | بأبهر من ودي وأسير من حمدي |
بقيت ابن خلدون إمام هداية | ولا زلت من دنياك في جنة الخلد |