زار الخيال بأيمن الزوراء
زار الخيال بأيمن الزوراء | فجلا سناه غياهب الظلماء |
وسرى مع النسمات يسحب ذيله | فأتت تنم بعنبر وكباء |
هذا وما شيء ألذ من المنى | إلا زيارته مع الإغفاء |
بتنا خيالين التحفنا بالضنى | والسقم ما نخشى من الرقباء |
حتى أفاق الصبح من غمراته | وتجاذبت أيدي النسيم ردائي |
يا سائلي عن سر من أحببته | السر عندي ميت الإحياء |
تالله لا أشكو الصبابة والهوى | لسوى الأحبة إذ أموت بدائي |
يا زين قلبي لست أبرح عانيا | أرضى بسقمي في الهوى وعنائي |
أبكي وما غير النجيع مدامع | أذكي ولا ضرم سوى أحشائي |
با لله يا نفس الحمى رفقا بمن | أغريته بتنفس الصعداء |
عجبا له يندى على كبدي وقد | أذكى بقلبي جمرة البرحاء |
يا ساكني البطحاء أي إبانة | لي عندكم يا ساكني البطحاء |
أترى النوى يوما تخيب قداحها | ويفوز قدحي منكم بلقاء |
في حيكم قمر فؤادي افقه | تفديه نفسي من قريب نائي |
لم تنسني الأيام يوم وداعه | والركب قد أوفى على الزوراء |
ابكي ويبسم والمحاسن تجتلى | فعلقت بين تبسم وبكاء |
يا نظرة جاذبتها أيدي النوى | حتى استهلت أدمعي بدماء |
من لي بثانية تنادي بالأسى | قدك اتئد أسرفت في الغلواء |
ولرب ليل بالوصال قطعته | أجلو دجاه بأوجه الندماء |
أنسيت فيه القلب عادة حلمه | وحثثت فيه أكؤس السراء |
وجريت في طلق التصابي جامحا | لا أنثني لمقادة النصحاء |
أطوي شبابي للمشيب مراحلا | برواحل الإصباح والإمساء |
يا ليت شعري هل أرى أطوي إلى | قبر الرسول صحائف البيداء |
فتطيب في تلك الربوع مدائحي | ويطول في ذاك المقام ثوائي |
حيث النبوة نورها متألق | كالشمس تزهى في سنا وسناء |
حيث الرسالة في ثنية قدسها | رفعت لهدي الخلق خير لواء |
حيث الضريح ضريح أكرم مرسل | فخر الوجود وشافع الشفعاء |
المصطفى والمرتضى والمجتبى | والمنتقى من عنصر العلياء |
خير البرية مجتباها ذخرها | ظل الإله الوارف الأفياء |
تاج الرسالة ختمها وقوامها | وعمادها السامي على النظراء |
لولاه للأفلاك ما لاحت بها | شهب تنير دياجي الظلماء |
ذو المعجزات الغر والآي الألى | أكبرن عن عد وعن إحصاء |
وكفاك رد الشمس بعد مغيبها | وكفاك ما قد جاء في الإسراء |
والبدر شق له وكم من آية | كأنامل جاءت بنبع الماء |
وبليلة الميلا كم من رحمة | نشر الإله بها ومن نعماء |
قد بشر الرسل الكرام ببعثه | وتقدم الكهان بالانباء |
أكرم بها بشرى على قدم سرت | في الكون كالأرواح في الأعضاء |
أمسى بها الإسلام يشرق نوره | والكفر اصبح فاحم الارجاء |
هو آية الله التي أنوارها | تجلو ظلام الشك أي جلاء |
والشمس لا تخفى مزية فضلها | إلا على ذي المقلة العمياء |
يا مصطفى والكون لم تعلق به من بعد أيدي الخلق والإنشاء | … |
يا مظهر الحق الجلي ومطلع النور | السني الساطع الأضواء |
يا ملجأ الخلق المشفع فيهم | يا رحمة الأموات والأحياء |
يا آسي المرضى ومنتجع الرضى | ومواسي الأيتام والضعفاء |
أشكو اليك وأنت خير مؤمل | داء الذنوب وفي يديك دوائي |
إني مددت يدي إليك تضرعا | حاشا وكلا أن يخيب رجائي |
إن كنت لم أخلص إليك فإنما | خلصت إليك محبتي وندائي |
وبسعد مولاي الإمام محمد | تعد الأماني أن يتاح لقائي |
ظل الإله على البلاد وأهلها | فخر الملوك السادة الخلفاء |
غوث العباد وليث مشتجر القنا | يوم الطعان وفارج الغماء |
كالدهر في سطواته وسماحه | تجري صباه بزعزع ورخاء |
رقت سجاياه وراقت مجتلى | كالنهر وسط الروضة الغناء |
كالزهر في إيراقه والبدر في | إشراقه والزهر في لألاء |
يا ابن الألى إجمالهم وجمالهم | فلق الصباح وواكف الأنواء |
أنصار دين الله حزب رسوله | والسابقون بحلبة العلياء |
يا ابن الخلائف من بني نصر ومن | حاطوا ذمار الملة السمحاء |
من كل من تقف الملوك ببابه | يستمطرون سحائب النعماء |
قوم إذا قادوا الجيوش إلى الوغى | فالرعب رائدهم إلى الأعداء |
تنتابها طير الرجال فتجتني | حرم العفاة ومصر الأعداء |
لله منه قبة مرفوعة | دون السماء تفوت لحظ الرائي |
راقت بدائع وشيها فكأنها | وشي الربيع بمسقط الأنداء |
عظمت ميلاد النبي محمد | وشفعته بالليلة الغراء |
أحييت ليلك ساهرا فافدتنا | قوت القلوب بذلك الإحياء |
يا أيها الملك الهمام المجتبى | فاتت علاك مدارك العقلاء |
من لي بأن أحصي مناقبك التي | ضاقت بهن مذاهب الفصحاء |
وإليك مني روضة مطلولة | أرجت أزاهرها بطيب ثناء |
فافسح لها أكناف صفحك إنها | بكر أتت تمشي على استحياء |