لن يعطش العرب مهما ادعى المغرضون، ولن يتنازلوا عن حقوقهم من أجل كذبة اسمها العطشالحلقة الأولى أسامة عكنانعمان – الأردن طبيعة المشكلة المائية على الصعيدين العالمي والإقليمي..
العطش القادم كذبة العصر
لن يعطش العرب مهما ادعى المغرضون، ولن يتنازلوا عن حقوقهم من أجل كذبة اسمها العطشالحلقة الأولى أسامة عكنانعمان – الأردن طبيعة المشكلة المائية على الصعيدين العالمي والإقليمي.. قد نمر بجدول ولا نسمع صوتا لخرير مياهه.. قد تكون حجرتنا ملأى بالحشرات الليلية دون أن نحس بوجودها.. قد يمر بمحاذاتنا ونحن نيام جرذ كبير يبحث عن قوته, ونبقى مع ذلك ننعم بمتعة الاستغراق في النوم.. ولكن ماذا يحدث لو وضعنا مكبرا للصوت فوق ماء الجدول أو في الغرفة الملأى بالحشرات، أو في عنق الجرذ وهو يقترب منا؟! ستنقلب الصورة رأسا على عقب، وسوف نرى كل شيء بصورة عكسية.. سيتحول الجدول الوادع في أذاننا التي كانت غافلة عنه، إلى سيل هادر يروعنا في كل لحظة بصوت كأنه الفيضان يدفع بالماء نحونا لإغراقنا! وسنعيش بين الحشرات في حجرة نومنا معركة لها أول وليس لها آخر, اخفض صوت فيها لا يقل عن هدير طائرة مقاتلة في حالة إغارة مخترقة حاجز الصوت! أما الجرذ فحدث عنه ولا حرج, فمع كل شبر يقتربه منا, سيتبادر إلى أذهاننا ونحن نستيقظ فزعين أن جيشا عرمرما أصبح قاب قوسين أو أدنى من عقر حرماتنا الليلية! وهكذا فبمكبر الصوت الذي ليس من شأنه أن يغير الحقيقة بقدر ما من شأنه تزويرها وتلفيقها فقط, أصبح محيطنا الذي لم يكن يثير لدينا أي فضول ناهيك عن الفزع والخوف, يبعث القلق والرعب في نفوسنا بعد أن نقلنا هذا المكبر إلى أجواء حرب مروعة. إن الصورة المضللة التي نقلها لنا مكبر الصوت في المثال أعلاه, شبيهة تماما بواقع مشكلة المياه في المنطقة وفي العالم.. إن مرور الجرذ بجانبنا ونحن نيام قد يمثل نوعا من مشكلة, ولكنها ليست مشكلة كتلك التي صورها مكبر الصوت.. كما أن وجود الحشرات في حجرة نومنا قد يمثل نوعا من مشكلة أيضا, ولكنها في كل الأحوال ليست معركة كما أوحى لنا بها مكبر الصوت اللعين. وواقع المياه سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في العالم يشير إلى أن هنالك مشكلة, ولكنها في كل الأحوال ليست بالصورة التي ينقلها لنا مكبر الصوت السياسي الذي تستخدمه ليل نهار أبواق الدعاية الإعلامية هنا وهناك.. ولن نبالغ إن قلنا إن حل مشكلة المياه أسهل من التخلص من الحشرات في الحجرة التي ضربناها مثلا.. والأهم من ذلك كله أن حل مشكلة المياه حيثما وجدت مشكلة من هذا النوع هو في الغالب في يد الساسة وليس في يد الخبراء والتقنيين. وهذا يعني أن ارتواءنا من العطش رهن بقرارات هؤلاء الساسة. أما الماء من حيث هو عنصر الحياة, فهو متوفر على سطح هذا الكوكب وفي مختلف مناطق التجمع الإنساني, بالقدر الذي لا يكفينا لأن نرتوي فقط, بل لأن نصنع حضارة بأكملها على مدى مئات بل وآلاف من السنين قادمة. إن طبيعة المشكلة المائية على صعيد الكوكب الأرضي المتخم بالثروات والموارد والخيرات تشبه إلى حد بعيد مشكلات الموارد والثروات على الصعيد القطري في الدول الغنية بالموارد. ففي الدول التي تمتلك فائضا كبيرا عن حاجتها في مورد معين نجد تمركزا لمناطق تواجد هذا المورد في الغالب. بحيث يغدو من متطلبات التنمية المتوازنة في هذا البلد توزيع منافع هذا المورد والمتمركز في منطقة معينة على كافة مناطقه وأقاليمه وتجمعاته. وان الاقتصار في توظيف منافعه على مناطق تواجده سوف يصيب بالضرر والفاقة والحاجة المناطق الأخرى التي افتقرت إلى مثل هذا المورد, وحرمت في الوقت ذاته من الاستفادة من الفائض المتوفر في منطقة تمركزه. فلو افترضنا إن المنطقة التي تمركز فيها هذا المورد تمثل دولة مستقلة وأن باقي المناطق المفتقرة إليه تمثل دولا أخرى, لتبين لنا المعنى الحقيقي لحجم المعضلة المتمثلة في وجود موارد فائضة عن حاجة الإنسان باستمرار، في حين أن أسبابا سياسية وإدارية ومصلحيه هي التي تُفقد هذا الفائض قدرته على حل مشكلات المحتاجين في مناطق العجز. في حين أن مثل هذه المعضلة تتدنى مظاهرها عندما يكون الحديث عن تمركز الموارد ضمن دولة واحدة, ما تكونت ولا نشأت في الأساس إلا بعد اقتناع الناس الذين يكونونها بضرورة التوحد في دولة لحل مشكلة الفوائض أو العجوزات في الموارد والثروات. ومع ذلك فليس من الصعب أن نشاهد تناسبا طرديا بين التخلف بشتى مظاهره وبين بروز المعضلة إياها حتى على صعيد الدولة الواحدة. فكثيرة هي دول العالم الثالث التي يلاحظ أن التنمية فيها تتجاوب مع منطق الطبيعة في توزيع الموارد, وكأن باقي المناطق في نفس الدولة تمثل دولا أخرى أجنبية هي أقرب إلى أن تكون معادية, على ضوء ما يمكننا أن نشاهده فيها من تمركز في التنمية يسير جنبا إلى جنب مع التمركز في الموارد. إن مشكلة المياه على صعيد الكوكب هي تماما كما ذكرنا، فالمياه متوفرة في الأرض بكميات فلكية، والتقنيات الإنسانية المتنامية باستمرار كفيلة باستخدامها الاستخدام الأمثل للوفاء بحاجات الإنسان في كل الحالات. ولكن هذه المياه متمركزة. إذ علاوة على نمط وجود المياه في العالم, وهو النمط الذي يتطلب التقنيات للاستفادة منها, فإن ما يمكننا الاستفادة منه بهيئته التي يتواجد بها مباشرة على شكل مياه عذبة، متمركز في مناطق العالم بصور متفاوتة تتطلب التعامل مع واقع هذا المورد الحيوي من منطلق نقل الفوائض من مناطق التمركز إلى مناطق العجز, ولكن وبما أن توزيع هذا المورد في الطبيعة وتمركزه فيها يأتيان خارج إطار حالة القطر الواحد في الغالب, فإن المشكلة تتحول من بعد تقني محض يمكنه أن يتمحور فقط حول تقنيات النقل وتغذية مناطق العجز, إلى بعد سياسي يحاول فيه الطرف صاحب الفائض التحكم بميزته التي منحته إياها الطبيعة لتحقيق مكاسب متنوعة تضطر الأطراف الأخرى إلى دفعها ثمنا قد يكون مكلفا ومضرا مقابل الحصول على حاجتها أو على أقل من حاجتها أحيانا, خاصة عندما نتحدث عن مورد حيوي كالماء. وتأكيدا لما نقوله نجد مثلا أن 85% من المياه العذبة المتوافرة في الأرض موجودة في نصف الكرة الشمالي في حين لا ينعم نصفها الجنوبي سوى ب 15% منها, علما بأن المعادلة السكانية تكاد تكون مقلوبة، إذ أن النسبة الأعلى تقطن الجنوب والنسبة الأقل تسكن الشمال. كما أننا نجد مثلا أن كميات المياه في شمال القارة الأوربية الواقعة كلها ضمن دائرة شمال كوكب الأرض، تفوق بمرات عديدة كميات المياه الموجودة في المنطقة الجنوبية منها. وعلى صعيد المنطقة الواقعة جنوب أوروبا نجد مثلا أن دولة مثل تركيا تمتلك فائضا هائلا من المياه في حين تفتقر سوريا والعراق إلى عشر ما يتاح في تلك الدولة من المياه سنويا.. والأمثلة على ذلك كثيرة.. وكلها تؤكد أن معضلة المياه في حقيقتها على الصعيد العالمي وبالتالي على الصعيد العربي هي معضلة تمركز، تحول السياسات والمصالح دون تخفيف حدته لينساب الماء من مناطق الفائض إلى مناطق العجز، الأمر الذي يجعل الحديث عن صراعات تدور حول المياه حديثا مفهوما في ضوء هذه الحقيقة. من هنا فقد ظهر عنصر الماء كأحد العناصر التي استخدمت أو التي قد تستخدم في المستقبل القريب كأسلحة فعالة وفتاكة لإدارة الصراعات, وخاصة من قبل دول التمركز التي تتمتع بنوعية متميزة من هذا التمركز, كأن تكون علاوة على تمتعها بفوائضها الخاصة الهائلة من المياه العذبة, تمتلك زمام التدفق المائي لدول مجاورة لها، تحكمها بها علاقات ذات نمط صراعي يحتم استخدام هذا العنصر في الضغط عليها لتمرير مصالح معينة إقليمية أو دولية.. ومن الأمثلة على ذلك في الوطن العربي تحكم تركيا في منابع نهري دجلة والفرات اللذين يمثلان مصادر التدفق المائي الرئيسية لكل من سوريا والعراق. وتحكم أثيوبيا في المنابع الأساسية للنيل الذي يمثل مصدر التدفق الرئيسي للسودان والوحيد لمصر. دون أن ننسى نهر السنغال وما يعنيه بالنسبة لموريتانيا، أو نهر الأردن وما يعنيه بالنسبة للأردن، أو الليطاني وما يعنيه بالنسبة للبنان وهما النهران اللذان تدور حولهما صراعات تحتدم للسيطرة عليهما بين إسرائيل من جهة والدول العربية ذات العلاقة من جهة أخرى. وانه كي تتبدى لنا أكثر حقيقة أن معضلة المياه هي على الصعيد العالمي معضلة تمركز بالنسبة للمياه العذبة تحديدا، على اعتبار أن مياه البحر تخرج من هذه الدائرة, وأن سبب تفاقم مشكلة من هذا النوع وعدم اتجاهها نحو الحل يخضع لأسباب سياسية في ظل متاحية الظروف التقنية القادرة على حل المعضلة.. نقول.. إنه كي يتسنى لنا أن نتفهم أكثر هذا البعد في المعضلة المائية, يجدر بنا أن نطلع على واقع الموارد المائية المتاحة بمختلف أنواعها على الصعيد العالمي، وما الذي يعنيه هذا الحجم من المتاح على صعيد الحاجة الفعلية المطلقة والمجردة للإنسانية. وهل أن حجم المتاح من الماء يمكنه أن يشير إلى أن هناك تهديدا حقيقيا لمستقبل البشرية، أو أن يشير إلى أن الصراع حول المياه أمر محتم لأسباب غير سياسية في جوهرها؟! الموارد المائية على الصعيد العالمي.. تقدر كمية المياه الموجودة في العالم بحوالي “1520” مليون كيلومتر مكعب, تمثل مياه البحار والمحيطات حوالي 97% منها, والمياه القطبية المجمدة 2%, بينما تمثل المياه الجوفية ومياه الأنهار والبحيرات وبخار الماء الجوي 1% فقط من المجموع الكلي.”1″ وقد أظهرت الدراسات المتعاقبة على مدى العقود السبعة الماضية أن الموارد المائية العذبة المتوفرة خارج حدود القطبين والمقدرة بحوالي “1%” من إجمالي موارد المياه العذبة وشبه المالحة والمالحة, كافية لتلبية الطلب المتزايد عليها على المدى البعيد، إلا أن توزيعها متفاوت ويتميز بقلة التوافر في المناطق الجافة وشبه الجافة.”2″ أما كي نتعرف على حجوم وكميات المياه المتوفرة على سطح الكوكب سواء كانت عذبة أو شبه مالحة أو مالحة, فيمكننا الرجوع إلى عدة دراسات هامة قام بها العديد من العلماء. ففي عام 1923 قال العالم “كوسينا”: “إن مساحة المياه التي على سطح الأرض تساوي حوالي “361,059 ×610” كيلو متر مربع, وأن حجمها بشكل عام يصل إلى نحو “137.,323×610″ كيلو متر مكعب.”3” من جهته تحدث العالم “هاليفاس” عام 1928 عن الحجم الكلي للمياه فقال: “إن الحجم الكلي للمياه الداخلية، أي ما يوجد منها في البحيرات والأنهار والمياه الأرضية والجوفية بشكل عام يقدر على وجه التقريب بحوالي “250” ألف كيلو متر مكعب. بينما يقدر حجم الثلوج بأضعاف ذلك, إذ هو يقدر بما يصل إلى نحو “10.1%” من كل مساحة اليابسة, وان مساحة كل هاتيك الكتل الجليدية عند القطبين وبالقرب منها تقدر بحوالي “15,100,035” كيلومتر مربع, بحجم يصل إلى نحو “9,528,249” كيلومتر مكعب. أما حجم بخار الماء في الغلاف الجوي فهو يعادل حوالي ثلاثة عشر ألفا من الكيلومترات المكعبة.”4″ أما في عام 1933 فقد توصل العالم “جولد سميدث” إلى نتائج جديدة وأكثر دقة ممن سبقوه, فهو قد أكد حسب ما آلت إليه دراسته. “أنه لكل سنتيمتر مربع من سطح اليابسة, يوجد “273” لترا من الماء, وزعها على النحو التالي: “268,450” لتر مياه بحار، و”0,100″ لتر مياه عذبة، و”4,500″ لتر ثلوج، و”0,003″ لتر بخار ماء.””5″ أما أحدث الدراسات التي حاولت إعطاء صورة أكثر تكاملا عن الوضع المائي في العالم, فقد كانت للعالم الأمريكي “ليسن” الذي قام بتفصيل حجوم المياه بمختلف أنواعها على سطح كوكب الأرض على النحو التالي: 1- مياه البحيرات العذبة “123,000” كيلومتر مكعب. 2- مياه البحيرات المالحة والبحار الداخلية “100,000” كيلو متر مكعب. 3- مياه الجداول والأنهار “1,230” كيلومتر مكعب. 4- مياه جوفية في القارات “8 ملايين” كيلومتر مكعب. 5- الثلوج عند القطبين “28,5 مليون” كيلومتر مكعب. 6- المياه في الغلاف الجوي “12,700” كيلومتر مكعب. 7- مياه البحار والمحيطات 1,3 مليار” كيلومتر مكعب.”6″ إن ضخامة الأرقام حين التحدث عن حجم المياه على مستوى الكوكب الأرضي تجعل من الطبيعي أن تكون الفروق بين دراسة وأخرى فروقا ملموسة من حيث الأرقام المطلقة، وهذا ما يبدو واضحا على ضوء ما أوردناه من دراسات لعلماء عالميين مختصين في هذا الشأن. فقد تراوح حجم المياه الكلي “عذبة وشبه مالحة ومالحة” من “1520” مليار كيلومتر مكعب بالنسبة للدراسات المقدمة من المنظمة العربية للتنمية الزراعية، وهي آخر دراسة مقدمة بهذا الشأن، إلى “1340” مليار كيلومتر مكعب بالنسبة للدراسة المقدمة من قبل العالم “ليسن”، أي بفارق (180) مليار كيلومتر مكعب. وعلى أي حال ورغم تضارب الأرقام لأسباب يمكننا تفهمها فإن خلاصة إجمالية وأكثر دقة ووضوحا أمكن الخروج بها من خلال المقارنات والمتابعات تؤكد على إن ماء المحيطات والبحار المالحة يبلغ حوالي “1400” مليار كيلو متر مكعب, ويشكل “97,3%” من كل ما على سطح الأرض من مياه، الأمر الذي يجعل إجمالي المياه يصل إلى حوالي “1440” مليار كيلومتر مكعب. وفي كل عام يتبخر من البحار “453” ألف مليار متر مكعب من المياه يسقط منها على شكل أمطار على مساحة البحار والمحيطات ثانية ما مقداره “412” ألف مليار متر مكعب, ويسقط على اليابسة ما مقداره “41” ألف مليار متر مكعب, مكونة المياه الجوفية والأنهار والمياه السطحية والفيضانات. ولقد قُدِّرَ أن المستفاد منه من ذلك الحجم لا يتعدى الـ “14” ألف مليار متر مكعب في السنة وهو ما يقارب “3%” فقط من الموارد ويكون الفاقد عندئذ “97%”.”7″ وإذا علمنا أنه لغاية عام 1985 كان الاستهلاك العالمي من المياه العذبة في حدود 3.300 مليار متر مكعب، أي ما يوازي 650 متر مكعب للفرد في السنة””8″، لتبين لنا أن كميات المياه العذبة المتاحة للاستعمال بدون تقنيات عالية أو متطورة جدا بعد التسليم بخسارة فاقد قدره “97%” من مجموع الموارد السنوية، تكفي وفق معدل استهلاك العالم عام 1985, لما يزيد عن حاجة “18” ألف مليار نسمة، وهو ما يعادل 3 آلاف ضعف عدد سكان العالم الحاليين تقريبا, وهو عدد السكان الذي لن تصل إليه البشرية في يوم من الأيام، بل هي لن تصل إلى واحد في الألف منه قبل مائة عام على أقل تقدير. ويزداد الأمر غرابة عندما نعلم أن نسبة متدنية من السكان في دول العالم الثالث يحصلون على مياه الشرب، ما يعني أن هناك سياسة حجز لكل الفوائض المالية في دول التمركز إضافة إلى عدم الإسهام في تطوير شعوب الدول النامية بما يتيح لها أن تشارك في تنمية مواردها المائية. فالإحصائيات تشير على سبيل المثال لا الحصر إلى أنه: “في الوقت الذي يحصل على مياه الشرب من 98% إلى 100% من سكان الدول الغنية، فإن 75% فقط يحصلون عليها في الأرغواي, و72% في الصين، و47% في السلفادور، و33% في أوغندا، و25% أثيوبيا.””9” وهذا بدوره يزيد من تأكيدنا على أن مشكلة المياه على الصعيد العالمي لا تخرج عن إطار كونها مشكلة سياسية تتحكم من خلالها دول التمركز والفائض بدول العجز والتبعية المائية لتمرير مصالح يمكن استقراء لبعد الاستغلالي فيها بكل وضوح. وقد أكدت ذلك بصورة أكثر وضوحا إحصائية للأمم المتحدة نشرت عام 1977 تقول: “إن توزيع المياه في العالم غير عادل, إذ بينما الإنسان الإفريقي الذي يعيش في أماكن نائية يستهلك يوميا ثلاثة لترات من الماء، نجد زميله الإنجليزي يستهلك “262” لترا، والفرنسي “500” لترا، والسوفيتي “600” لترا, وفي نيويورك يبلغ استهلاك الفرد “1045” لترا من الماء العذب في اليوم، وتلك مؤشرات لرغد الحياة ورفاهيتها.””10″ يكشف هذا عن حجم الهوة القائمة على الصعيد العالمي، فبينما تنعم فئات بمستوى من وفرة الاستهلاك، تعاني فئات أخرى من تدني خطير في كميات المياه المتاحة أمامها للاستهلاك في أغراضها الحيوية. ومشكلة العجز في المياه العذبة على الصعيد العالمي هي مشكلة مصطنعة ناتجة بالإضافة إلى مفهوم التمركز والاستغلال في تمرير المصالح السياسية, وبالإضافة إلى عدم الإسهام في تطوير الدول النامية كي تستغل طاقتها المائية المتاحة، عن تبذير وإسراف مبالغ فيه في دول مركز الثراء العالمي. وهذا ما تشف عنه الأرقام الواردة أعلاه ذاتها. فإذا كان المواطن الانجليزي يستهلك “262” لترا في اليوم، وهو على ما نعلمه عنه من تمدن ورفاهية، فهذا يعني أن الـ “1045” لترا التي يستهلكها المواطن الأميركي في نيويورك, كمية شديدة الإسراف, ما دامت قادرة على تغطية حاجات أربعة مواطنين إنجليز مرفهين من حيث المبدأ. والنتيجة التي يمكننا أن نخلص إليها من ذلك هي أن الأرقام الوسطية المعتمدة معيارا عالميا هي أرقام غير دقيقة ومستقاة من واقع لا يعبر بالضرورة عن الحالة الوسطية. فعلى سبيل المثال تشير الإحصائيات إلى أن آخر الأرقام تقول أن كميات المياه المتاحة للفرد في العالم قد انخفضت من “14” ألف متر مكعب عام 1974 إلى “10” آلاف متر مكعب عام 1979، وأنها استمرت في الانخفاض إلى أن وصلت إلى “6” آلاف متر مكعب فقط عام 2000، في حين أن ضروريات الفرد الواحد من المياه تتراوح بين “10-14″ ألف متر مكعب.”11” ولنا مع هذه الإحصائية وقفة تحليلية.. إن النسبة الكبرى من الانخفاض في كمية المياه المتاحة للفرد الواحد على الصعيد العالمي نتجت عن عدم الكفاءة في تطوير الموارد في الدول النامية بما يتناسب مع حجم الزيادات في السكان. وهي الكفاءة التي حالت دون تطويرها أنماط العلاقات الاقتصادية السائدة, ونماذج التنمية المشوهة التي اجتاحت العالم النامي خلال عقود ما بعد الاستقلال السياسي، والتي يبدو واضحا أنها نماذج تصب في إتخام المركز الرأسمالي على حساب التخوم الرأسمالية. فكميات المياه العذبة المتاحة لم تنقص من الناحية الكمية بل ازدادت بسبب الضرورة المتضمنة في الفعالية التقنية للتطور, ولكن ذلك لم يعد كافيا أمام الأنماط السائدة في التنمية وفي علاقات العمل على الصعيد الدولي بالدرجة الأولى. من جهة أخرى نحب إن نؤكد على أن هذه الأرقام التي تحدد نسب المتاح على الصعيد العالمي من المياه لكل فرد هي أرقام توحي بالفائض الحقيقي من المياه حتى في الرقم الأخير الذي حدد بـ “6” آلاف متر مكعب كمية الاستهلاك الفردي عام 2000، وهي لا تتضمن أي شيء يوحي بالخطر أو بالأزمة, ونستطيع أن نؤكد ذلك من زاويتين. الأولى قياس حجم الاستهلاك المطلوب للفرد لأغراضه المنزلية سنويا بالاعتماد على نموذج صرف عقلاني “المواطن الإنجليزي”. والثانية قياس حجم الاستهلاك المطلوب للفرد للأغراض الزراعية سنويا بالاعتماد على نموذج جد مسرف وهو النموذج الإسرائيلي. إن استهلاك المواطن الإنجليزي من المياه لأغراضه المنزلية هو كما مر معنا “262” لترا في اليوم، وسوف نقرب الرقم ليصبح “300” بدل “262” لسهولة الحساب. هذا يعني أن استهلاك الفرد الإنجليزي من مياه الشرب سنويا هو حوالي “120” مترا مكعبا. أما الفرد الأميركي فيكون استهلاكه على ضوء ما مر معنا قبل قليل أيضا، حوالي ثلاثة أضعاف ونصف هذه الكمية أي حوالي “420” مترا مكعبا في السنة. وهو النموذج الأكثر إسرافا. من جانب آخر تعتبر النسبة بين كميات الاستهلاك لأغراض الزراعة وكميات الاستهلاك للأغراض المنزلية في العادة “1/2″، ولكن النموذج الإسرائيلي الذي تعتبر الزراعة فيه جزءا من العقيدة الصهيونية لارتباطها بضرورة تثبيت المستوطنين في الأرض، يفوق تلك النسبة لتصبح “1/3” حيث تبين الأرقام أن الاستهلاك المنزلي في إسرائيل يبلغ حوالي “500” مليون متر مكعب سنويا فيما يبلغ الاستهلاك الزراعي حوالي “1500” مليون متر مكعب في السنة. وإذا افترضنا أن هناك عناصر معرقلة تجعل من الزراعة عنصرا هاما جدا أكثر من غيره في دول العالم الثالث تحديدا، فسوف نجعل النسبة بين مياه الشرب ومياه الزراعة “1/4” وهي النسبة التي يعتبر تجاوزها مبالغة في هدر الموارد وفي سوء استخدام المتاح منها. إن الأرقام أعلاه تكشف إذن عن أن حاجة الفرد من الاستهلاك الزراعي للمياه بالقياس لمستوى رفاهية الفرد الإنجليزي لا يجوز أن تتجاوز الـ “480” مترا مكعبا في السنة، ليصبح مجموع ما يستهلكه المواطن الإنجليزي من المياه لغرض الزراعة والشرب “600” مترا مكعبا في السنة. وعندما نضيف ما يحتاجه المواطن من المياه للأغراض الصناعية والتي تقدر في الدول الصناعية عادة بنصف المتاح من المياه للاستهلاك المنزلي، يصبح استهلاكه السنوي لا يتجاوز الـ “700” مترا مكعبا في أكثر الأحوال. وهي كمية من المياه تعادل قرابة عشر الكمية التي قيل أنها ستشكل بالانخفاض باتجاهها خطرا على مستقبل البشرية المائي وهي الكمية المقدرة بـ “6” ألاف متر مكعب في السنة. أما بالنسبة للمواطن الأمريكي شديد التبذير وعالي مستوى الرفاهية، فإن حاجته السنوية تعادل “2500” مترا مكعبا سنويا على أقصى تقدير. ماذا يتضح من ذلك الأمر؟ الواضح بصورة مباشرة وفورية من التحليل السابق لبعض الأرقام، هو أن الدول الغنية تستهلك أضعاف ما تحتاجه لتحقيق مستوى رفاهية معقول جدا, وبالتالي فإن النسب والإحصائيات التي أكدت أن هناك خطرا على المتاح من الموارد في المستقبل ببدء انخفاضها من “14” ألف متر مكعب سنويا إلى “6” آلاف متر مكعب عام “2000” هي أرقام وإحصائيات ارتكزت إلى مستوى الاستهلاك المسرف في دول الثراء، وبالتالي فهي تعتمد التهويل والتخويف من باب خلق مبررات الحرص على الحفاظ على مستوى التبذير والإسراف في الاستهلاك المتاح فيها. إن كل ما يقال عن ازدياد أهمية الماء في التنمية ومشاريعها علاوة على أهميتها الحيوية بالنسبة للإنسان في مجالي الزراعة والاستهلاك المنزلي, ليس من شأنه أن يضعنا على وجه الحقيقة في دائرة الخوف الفعلية على نضوب الموارد المائية. فالماء الصالح للاستهلاك الفوري ثروة ثابتة في هذا الكوكب, وغير الصالح منها للاستهلاك الفوري قد تتاح في المستقبل القريب آفاق تقنية لاستهلاكه. وإنه بالقدر الذي تزداد فيه الحاجة إلى المياه لتحقيق تنمية متوازنة إيجابية ومفيدة، بالقدر الذي يمكننا بانتهاج خطط تنموية خاصة مدروسة أن نجعل من هذه التنمية حاضنة تفقس التقنيات القادرة على تطوير الموارد المائية وغير المائية. ومع ذلك يؤكد الخبراء على أن صراعا محتدما وشديدا حول المياه سيشهده العالم في القرن الحادي والعشرين. فهم يقولون “إن العالم سيشهد في القرن الحادي والعشرين صراعا حادا على المياه يشبه إلى حد كبير الصراع على النفط.. ويقدرون أن 1,2 مليار نسمة في العالم قد يعانون من آثار نقص المياه, ولا يستبعد هؤلاء أن تشهد آسيا وإفريقيا حروبا لن تكون أهدافها سياسية، بل إنها ستندلع من أجل السيطرة على مصادر المياه، الأمر الذي قد يؤدي إلى خلق أزمات سياسية وصراعات طويلة”12”. ومن الواضح أن هؤلاء الخبراء وهم يتنبأون بهذا المستقبل المظلم للبشرية على ضوء ما يرتقب من مستقبل المياه, إنما يخدمون من حيث يدرون أو لا يدرون مخططا يخضع لفلسفة الوفرة السائدة في الدول الثرية, لهذا فإن الصراع المتوقع لم ير له من مكان مناسب إلا في أسيا وإفريقيا حيث كثافة السكان والثروات, بحيث أن ذلك التنبؤ يمكن اعتباره بمثابة توجيه للأقاليم المراد توجيهها كي تستعد لهذا الصراع فتبقى تحت رحمة السيطرة الاستعمارية الجديدة.مدخل إلى واقع المياه في الوطن العربي.. جاء في تقرير نشره معهد الدراسات الإستراتيجية في لندن في آذار 1989 ما يلي: “إن الشرق الأوسط سيشهد في غضون السنوات العشر القادمة, حربا للسيطرة على مصادر المياه, نظرا لتصارع الأعداد المتزايدة من السكان على امتلاك أكبر حصص من الإمدادات المتضائلة من المياه. ويمكن أن تبرز هذه الأزمة قبل نهاية القرن الحالي. الأمر الذي قد يؤدي إلى تحطيم الروابط الهشة أصلا بين دول الإقليم ويؤدي إلى نشوب نزاع لم يسبق له مثل.”13” كما أصدر مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن عام 1988 دراسة جاء فيها: “إن الشرق الأوسط يقف على حافة أزمة كبرى أخرى من أزمات الموارد الطبيعية, فقبل أن يحل القرن الحادي والعشرون يمكن للصراع حول الموارد المائية المحدودة أن يمزق الروابط الهشة القائمة فعليا بين دول المنطقة وأن يؤدي إلى اضطراب لم يسبق له مثيل في هذه المنطقة.”14” وفي تقريرها عن أزمة المياه كتبت مجلة تايم الأميركية في نوفمبر 1990: “إن حرب المياه قد تتفجر في الشرق الأوسط في التسعينيات، ذلك أن كل دولة ستحاول الاستيلاء على ما تملكه الدول الأخرى من حصص”.”15″ وفي شهر نيسان من عام 1989 أقر خبراء المياه من إحدى عشرة دولة عربية في عمان أن أمن المياه في العالم العربي لا يقل أهمية عن الأمن القومي أو العسكري.”16″ وفي ملاحظة لمركز الدراسات الإستراتيجية الدولية بواشنطن جاء: “إن رهانات النفط يمكن أن تصبح بسرعة ثانوية إلى جانب رهانات الماء.”17″ أما بخصوص التصور الأميركي لحل ما يسمى بأزمة المياه في الشرق الأوسط مستقبلا, فقد أوصت الدراسة التي أصدرها مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن بخصوص هذه المسألة بما يلي:1- الاهتمام بتكنولوجيا المياه المتطورة. 2- تشجيع الحكومات في منطقة الشرق الأوسط على انتهاج أشكال جديدة من الإدارة أكثر كفاءة لإدارة الموارد المائية, واستراتيجيات تخزين المياه.3- تحسين التنسيق مع الوكالات الأميركية التي تتعامل مع مسألة المياه.4- الاهتمام بالبحوث طويلة المدى والتخطيط البعيد المدى أيضا.5- إنشاء برنامج مائي مشترك بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط.”18” وفي سياق توضيحه لشح المعلومات الدقيقة بخصوص واقع المياه في الوطن العربي، وهو ما يجعل الدراسات والأبحاث في هذا الشأن صعبة وغير دقيقة, يقول الدكتور المهندس “إدريس أحمد محمود” خبير المياه والصرف الصحي في الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي: “يلاحظ في غالبية بلداننا أن المعلومات مبعثرة بين جهات عديدة يغيب التنسيق فيما بينها, ما يجعل تجميع المعلومات للتأكد من صحتها عملية شائكة تعجز أي جهة من هذه الجهات عن القيام بها, بالإضافة إلى مسؤولياتها الأساسية المناطة بها. وعليه فإن موضوع المعلومات والإحصاءات يحتاج إلى معالجة جذرية لتسهيل عملية التخطيط حتى نتعدى استنزاف الموارد المائية.”19” سنتوقف قليلا عند هذه الفقرات التي تتضمن معلومات وتصريحات وتصورات لواقع ومستقبل المياه في المنطقة, لنكتشف بشيء من التحليل أن الجهات الغربية المتخصصة تتعامل مع واقعنا المائي باهتمام يفوق اهتمامنا نحن به. نظرا للأهمية القصوى لهذا المورد في توجيه دفة الصراع فيما يصب في المصالح الغربية عموما. نستطيع على ضوء ما ورد من معلومات في تلك الفقرات, أن نستنتج الأمور التالية: 1- إن هناك حرصا على تضخيم أزمة المياه وتصوير الصراع في المنطقة بأنه سيستمر ولكن على المياه بدل أمور أخرى.2- إن هناك حرصا على عزو أساس هذه المشكلة إلى نقطتين اعتادت مراكز البحث في الغرب على ربط الأزمات ذات الطابع الاقتصادي بها, وهما التزايد السكاني, وشح وندرة الموارد.3- توقيت بدء معالم الصراع بمطلع القرن الحادي والعشرين.4- وصف الروابط بين دول المنطقة “والتي هي عربية من جهة, وغير عربية من جهة أخرى”، بأنها هشة وبأن هشاشتها ستزداد مع تبلور معالم المشكلة في محاولة للإيحاء بأن الخطر لا مفر منه. 5- تكريس وصف الإقليم على المنطقة, في محاولة خبيثة لعزل البلدان العربية فيها عن خصوصيتها القومية, وربطها بنظام إقليمي تختلط فيه الدول العربية بغير العربية.6- تبلور القناعة لدى الدول العربية بأن الأمن المائي غاية في الحساسية والخطورة. 7- الحرص على اقتراح الحلول التي من شأنها الإمعان في ربط المنطقة بالتقنية الأميركية وبالخبرة الأميركية.. إلخ.8- تبين عدم دقة ووضوح وسلامة المعلومات المتعلقة بواقع المياه في الوطن العربي, ما يجعل التخطيط في هذا الشأن قاصرا وعاجزا ومضللا أيضا.الاستنتاجات الأول والثالث والرابع والسادس ذات طبيعة سياسية تتحدد مضامينها في ضوء أبعاد الصراع الدائر في المنطقة المشرقية من الوطن العربي والمرتكز على الصراع العربي الإسرائيلي كرأس حربة في مواجهة المشروع النهضوي العربي ككل. الاستنتاجات الثاني والخامس والسابع ذات طبيعة اقتصادية صرف, تتحدد مضامينها في ضوء أبعاد الهيمنة الاقتصادية للرأسمالية العالمية على اقتصاديات دول الجنوب عموما.أما الاستنتاج الثامن وهو يعرض قضية مهمة بالمناسبة, فمن الضروري أن نؤكد على ضوئه ومنذ اللحظة، أن الموارد الحساسة ذات الطبيعة الإستراتيجية والتي تتطلب التعامل معها ومع تطورها ومعرفة واقعها تكنولوجيا متطورة، تخضع عادة لعملية تضليل إحصائي مدروس لتنعدم للمعنيين إمكانيات التخطيط الفعال, خاصة عندما تكون الجهات التي تقوم بتوظيف هذه التقنيات لدراسة واقع الموارد المعنية، هي نفسها الجهات المعنية برسم صورة مشوهة وغير صحيحة ومضللة عن واقع المورد موضع البحث والدراسة لأغراض إستراتيجية.هذا الذي نقوله ليس بدعا من عقولنا, بل هو حقيقة واقعة, يشي بها حجم الاضطراب والتشتت في كم المعلومات والأرقام والإحصائيات والتحليلات المتضاربة والموجَّهَة فيما يخص تلك الموارد. ونحن عندما نؤكد كل ما نقوله فليس لأننا درسنا هذه الظاهرة – ظاهرة التضليل – في كل الموارد، فهذا أمر ضخم جدا, بل نحن شاهدناه مشاهدة واضحة فيما يتعلق بموضوع المياه, وهي – أي ظاهرة التضليل مرة أخرى – بخصوص هذا المورد ما تزال بحاجة إلى دراسة معمقة لتَبَيُّن أبعاد ما يمكننا تسميته “بالمؤامرة المائية”، ليستفيد أصحاب القرار والمعنيون بالتخطيط المائي في المنطقة خلال رسمهم للسياسات المائية بصورة تحميهم من وطأة التعرض للمخططات المعادية المستغلة لموارد المياه كسلاح ضغط. وليس بوسعنا قبل الانتقال إلى دراسة واقع المياه في الوطن العربي على الصعيد التفصيلي، إلا التذكير بأننا قد قاربنا على تجاوز العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وبوادر الصراع والحروب المائية التي تنبأت بها وبدمويتها وحتميتها وبتوقيت حدوثها قبل حلول هذا القرن كل الدراسات السابقة، ما تزال لم تظهر للعيان حتى الآن أي معالم لها، مع أن الإصرار على أن المياه ما تزال شحيحة بالقدر المؤدي حتما إلى مثل تلك الحروب، ما يزال هو ديدن كل الدارسين والباحثين في الشأن المائي العربي، فلنتأمل دلالات ذلك بتعمق!!! ملاحظة.. (هوامش الدراسة كاملة سترفق بالحلقة الأخيرة منها)…. يتبع