www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

الخطاب الديني للاخوان المسلمين /ابراهيم علاء الدين

0

الخطاب الديني للاخوان المسلمين /ابراهيم علاء الدين في الثقافة الشعبية المستمدة من التراث والموروث الديني، في معظم المجتمعات العربية، تكاد تكون كل الاحداث التي تتعرض لها الدول هي صناعة يهودية ، فما من هزيمة الا ورائها اليهود وما من كارثة الا ورائها اليهود، وما من مكروه يقع في بلاد العرب والمسلمين الا وورائه مؤامرة يهودية. وهكذا “ظل الإسلاميون منذ قرون يعلقون كل مصائبهم على مؤامرات اليهود”، (كما يقول الصديق مختار) ويضيف ” ورأينا كيف علق الإسلاميون التخلف العربي واحتلال فلسطين على مؤامرات اليهود الذين ينسبون إليهم قوة خارقة تجعلهم يتحكمون في كل دواليب العالم”. ولو نظرنا في أدبيات معظم التيارات الاسلامية لوجدنا ان اليهود يحتلوا حيزا هاما في ثقافتها وفكرها، بل وفي وجدانها، وعزت كل ما يدور في العالم الى اليهود، الذين يسيطرون على الكون ويتحكمون به، وان القتال معهم سوف يستمر الى الابد حتى ينادي الحجر على المسلم فيقول له ورائي يهودي تعال واقتله. مما يعكس شعور بالعجز والضعف والذل والمهانة والتخلف كما يقول مرشد جماعة العدل والاحسان المغربية الشيخ عبد السلام ياسين ” ووراء الركب الجاهلي تتعثر خطانا، مسبوقين متخلفين، ممزقة أوصالنا، مبذرة أموالنا، مقَطعة أرضنا، محتلة عقولنا، واهنة عزائمنا”.

الخطاب الديني للاخوان المسلمين في خدمة اليهود

 

في الثقافة الشعبية المستمدة من التراث والموروث الديني، في معظم المجتمعات العربية، تكاد تكون كل الاحداث التي تتعرض لها الدول هي صناعة يهودية ، فما من هزيمة الا ورائها اليهود وما من كارثة الا ورائها اليهود، وما من مكروه يقع في بلاد العرب والمسلمين الا وورائه مؤامرة يهودية.

وهكذا “ظل الإسلاميون منذ قرون يعلقون كل مصائبهم على مؤامرات اليهود”، (كما يقول الصديق مختار) ويضيف ” ورأينا كيف علق الإسلاميون التخلف العربي واحتلال فلسطين على مؤامرات اليهود الذين ينسبون إليهم قوة خارقة تجعلهم يتحكمون في كل دواليب العالم”.

ولو نظرنا في أدبيات معظم التيارات الاسلامية لوجدنا ان اليهود يحتلوا حيزا هاما في ثقافتها وفكرها، بل وفي وجدانها، وعزت كل ما يدور في العالم الى اليهود، الذين يسيطرون على الكون ويتحكمون به، وان القتال معهم سوف يستمر الى الابد حتى ينادي الحجر على المسلم فيقول له ورائي يهودي تعال واقتله. مما يعكس شعور بالعجز والضعف والذل والمهانة والتخلف كما يقول مرشد جماعة العدل والاحسان المغربية الشيخ عبد السلام ياسين ” ووراء الركب الجاهلي تتعثر خطانا، مسبوقين متخلفين، ممزقة أوصالنا، مبذرة أموالنا، مقَطعة أرضنا، محتلة عقولنا، واهنة عزائمنا”.

والخرافة التي يشيعها رجال الدين المسلمين عن اليهود تؤدي الى عكس الغرض الذي يستهدفه خطابهم ، فمقصدهم هو لعنة وازدراء اليهود،  وتحريض جمهور المسلمين عليهم، وتعزيز الكراهية والبغضاء لهم، ولكن الذي يحدث انه في الوقت الذي تتجذر  الكراهية فعلا وتتعمق، فانها تؤدي الى نتيجتين سلبيتين جدا هما :

الاولى: ان الخطاب الديني يبرر كل هزائم المسلمين، ويلقي بتبعاتها على اليهود، وبالتالي يبريء المتأسلمون انفسهم ويرفعوا المسؤولية عن كاهلهم، بدلا من الاعلان عن عجزهم وضعفهم وفشلهم.

الثانية: ان صورة اليهودي في اذهان العامة من المسلمين اصبحت اقرب الى صورة السوبرمان القادر على صنع المعجزات، والذي لا يمكن هزيمته الا بالاستعانة بجيش ينزله الله من السماء. وان يرميهم الله بحجارة من سجيل.

خطاب نموذج

وهذا الخطاب التجهيلي الوهمي  ليس هامشيا، بل يقع في الصميم في مجمل الخطاب الديني ، وقد تحدث به وبحث ونظر فيه كبار زعماء التيارات الاسلاموية، وخصوصا جماعات الاخوان المسلمين، وتستخدم مفرداته في مختلف انواع الخطاب الديني سواء كان خطبة جمعة، او تصريح صحفي لمسؤول، او مقالة متخصصة لباحث، او دراسة معمقة لخبير حول الاوضاع والاحوال السياسية في بلاد العرب والمسلمين.

ولتسليط الضوء على هذا الخطاب الذي نعتقد انه يقوم بدور هائل في خدمة اليهود، يكاد هذا الدور يعادل تاثير الأجهزة الاعلامية الضخمة التي تسخرها الحركة الصهيونية على مستوى العالم، وكان التيارات الاسلامية تخصصت باعلاء صورة ووزن ودور وتاثير اليهود في الذهنية العربية.

وقد اخترنا نموذجا لهذا الخطاب لأحد ابرز شيوخ الاخوان المسلمين وهو المرشد العام لجماعة العدل والاحسان المغربية عبد السلام ياسين.  لتبيان حجم ودرجة الاوهام التي يشيعها زعماء هذه التيارات حول اليهود، فيقول الشيخ ” إن التحدي اليهودي للإسلام يتمثل في قدرة اليهود على تقمص الأجسام الجماعية للأمم. وهم بعد تقمص أمريكا في طريقهم إلى تقمص أوربا والعالم. فالتحدي أمامنا ليوم الفصال يوم “وعد الآخرة” ليس أن نحارب العالم بعد أن تكون الروح اليهودية قد استولت عليه، لكن التحدي في أن نقاتل اليهود وراء كل شجر وحجر قتال البأس بينما نستخلص من الروح اليهودية هذه الجسوم الجاهلية، ندفع شرها بخير الإسلام، ونذهب ظلمتها بنور الإسلام، ونُسكت نبَاحها لتسمع دعوة الإسلام. وربك سبحانه جل سلطانه قادر على أن تسلم أمريكا ويسمع من هنالك زئير أسد إسلامي. “وعد الآخرة” مقترن بوعد ظهور دين الله على الدين كله ولو كره الكافرون. والحمد لله رب العالمين.

قضية فلسطين

وفي موضع اخر من دراسة للشيخ ياسين  بعنوان “روح الجاهية” (منشورة على موقعه الخاص) يقول ” ليست “قضية فلسطين” قضية محلية، بل هي قضية مصيرية. فهي بداية المواجهة الحاسمة بين الحق والباطل، بين الجاهلية والإسلام. مع الجاهلية تنَبؤٌ يهودي بمملكة صهيون الألفية. ومع الإسلام وعد الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه بالنصر المبين، وبالخلافة على منهاج النبوة، وبظهور هذا الدين على الدين كله ولو كره المشركون، ولو كره الكافرون”.

والامر الملفت بهذا النص، كأن الشيخ يقول ان المعركة الكبرى التي ستغير مجرى التاريخ وتؤدي الى اقامة دولة الخلافة الاسلامية، سوف تجري في فلسطين، وليس كما تعد بعض الاحزاب الاسلامية الاخرى، بان دولة الخلافة ستقام في مكان اخر، وهناك سوف يتم تحشيد القوى ثم تسير لتحرير فلسطين على غرار ما قام به صلاح الدين الايوبي قبل الف عام تقريبا. وربما قناعة الشيخ هذه تفسر بشكل ما هذه “الهبة غير المسبوقة” لجماعات الاخوان المسلمين في نصرة حماس اثناء العدوان الصهيوني على قطاع غزة باعتبارها الفرع الفلسطيني للجماعة وراس حربتها. (وان كان لدينا تفسيرا اكثر وضوحا لهذه الهبة سوف يتم نشره قريبا).

ثم يجهد مرشد العدل والاحسان نفسه ويعمل فكره “النير” وهو المؤسس والباني ومهندس مؤسسة جماعة الاخوان المسلمين في المغرب، ويشحذ كل طاقته ويستجمع كل خبرته وثقافته ووعيه ويوظفها في تعظيم وتفخيم اليهود وقدرتهم وسطوتهم ويعزو لهم التفوق فيقول ” مع الجاهلية التفوق العددي والتكنولوجي والمالي والعسكري، ومعها الخبرة والصناعة والتنظيم، ومعها السبق الزمني في كل الميادين، تطرق الآن وتلج عصر ما بعد الصناعة، عصر المعلوماتية والفضاء والإنتاج الأوتوماتكي والتحكم في الخلايا الوراثية للنبات والحيوان”.

ويواصل زعيم الاخوان المغاربة والذي من المتوقع ان يبقى يحتل هذه المنزلة في راس هرمها الى ان يتوفاه الله بعد عمر طويل، مثله مثل الحكام العرب، تبجيل اليهود وتعظيم شأنهم، حتى يبلغ به الامر الى تصوير قوة وهيمنة اليهود في العالم وكأنها بفعل ارادة الهية فيقول “سنة الله لا تجامل أحدا، وحكمه على الغثاء أن لا ينهضوا لجليل من الأمر ما داموا غثاء.احتلت اليهودية العالمية العقول من خلال الثقافة الغربية الصائلة في العالم. لهم مقاليد الإعلام؛ الإعلام المرئي، والمسموع، والمقروء، والمخَزّن في الحاسوبات، والطائر على أمواج الأثير مكتظ به الفضاء سائر إلى عصره الذهبي في يوم قريب يستطيع كل من على وجهها أن يسمع ويرى ويتصل بكل برامج العالم. وبرامج العالم تتبارى في عرض الكفر والغفلة عن الله والفتنة بمباهج الدنيا ولذاتها”.

 

تدخل الله

والشيخ العجوز الذي يحمل على كاهله كما تدعي مدرسته ومريديه وتلامذته تغيير العالم لا يرى من بد عن تدخل الله جل وعلا كي يتم هزيمة اليهود فيقول “إنها مواجهة كونية هائلة بين حق الوحي و”ظن الجاهلية”، بين أخلاق الإسلام و”تبرج الجاهلية”، بين أخوة الناس جميعا والتسامح والرحمة وبين”حمية الجاهلية”، بين عدل الإسلام وشورى الإسلام وبين “حكم الجاهلية”.

ويعزي الشيخ كل الفلسفات والعلوم المعاصرة الى مؤامرة يهودية فيقول “وأينما قلبت النظر وجدت الروح اليهودية تحرك الكتلة وتتقمص الجسم. اليهود آباء الفلسفة الرائدة، فلسفة المادية ما بين لبراليتها وجدليتها. ماتت الآن وأصبحت محضَ هُراء تاريخي إديولوجية ماركس الذي كان يعيب اليهود ويكتب ضدهم. لكن فلسفته الصراعية العنيفة الإلحادية، جماع الجاهلية وخلاصتها، لا تزال تتغلغل وتتقدم وتتوغل، خاصة في البلاد المتخلفة صناعيا واقتصاديا. “ظن الجاهلية” كفر بالله، وماركس معلم ذلك الظن لهذا العصر. “حمية الجاهلية” قبل الآن كانت تُتصور عصبية قبلية، أو تكتلا قوميا، وهي منذ ماركس في تَطور لتصبح لها أبعاد عالمية شمولية في صيغة الصراع الطبقي.

“تبرج الجاهلية” اليهود اخترعوه، وتلمودهم خزانة لا تنفد، ولا تزال تُمد أساطيرها بفنون العُهر والحيوانية وقلة الحياء والتهتك والسخرية بالأخلاق. وفيلسوف العصر في “علم” النفس يهودي اسمه فرويد. صوَّر النفس البشرية صندوقاً للقمامة، ومحطة إرسال واستقبال للرذيلة. ودخلت أفكاره المعيفة القذرة إلى معاقل “الثقافة” و”الفن”، ووجهت، وتحكمت. وفرضت المعايير التي بها يقاس الفرد السوي غير “المكبوت” والفرد المريض الذي لا تجد غرائزه مسالك لتعبر عن نفسها بحرية.

كما يرى الشيخ “الفذ” ان الديمقراطية صناعة يهودية والاشتراكية صناعة يهودية، فيقول “

أما “حكم الجاهلية” فلليهود من تأسيس نظريته وتقنين إجراءاته وتطبيق بنوده النصيب الوافر. قرأنا في فقرات سابقة تبجح اليهود بأنهم آباء الديمقراطية وسدنتها. والديمقراطية أخرجت اليهود من “الجيتو” المعزول الذي أسكنتهم فيه كراهيتهم للعالمين واعتزازهم بعرقهم وابتزازهم للأموال واحتقارهم للأميين. من “الجيتو” أخرجتهم الديمقراطية إلى فضاء المجتمع الفسيح حيث يجدون “الحرية” الكاملة لتذويب سمهم المركز المخَزَّن المُعَتَّق آلاف السنين داخل مساكنهم المغلقة في مياه ثقافة الأمم وعاداتها وسياستها. كما ان الاشتراكية هم زعماؤها منذ ماركس بعد أن حازوا زعامة البلوتوقراطية واستبداد الأغنياء. في كل ميدان هم الفرسان”.

وكل هذه السطوة اليهودية لم تكن الا بأمر من الله فيقول ” وعد الآخرة مواجهة بين الإسلام والجاهلية، ولما كان اليهود هم روح جاهلية عصرنا خوطبت روح الجاهلية في القرآن، وعلينا نحن أن نفهم عن الله عز وجل ما جسم هذه الجاهلية وما كتلتها؟ من هم الأبناء وما هي الأموال التي أمد الله بها بني إسرائيل ابتلاء منه لنا بين يَدَيْ وعد الآخرة؟ كيف أصبحوا أكثر نفيرا وأوسع حيلة؟ كيف تمت الوَلاية بينهم وبين النصرانية ومن خلال أي قنوات؟”.

ويقر الشيخ الاخواني الذي وهو من اسرة فلاحية عمل في مقتبل حياته معلما في احدى المدارس، وخاض صراعا طويلا الى ان اصبحت جماعته اكبر الجماعات الاسلامية في المغرب “ان اليهود احتلوا نيويورك قبل احتلالهم فلسطين، وان الدولة اليهودية الرئيسية انما هي في الولايات المتحدة فيقول وانهم استطاعوا أن يغزوا الولايات المتحدة الأمريكية، وأن يحتلوا حصونها، وأن يسكنوا الأرض هنالك سكنى متمكنة قاطنة خافضة رافعة كما تقطن الروح الجسد”.

شك وتساؤل

هذا نموذج للخطاب الديني الاخواني كما هو للجماعات الاسلامية الاقل شأنا وحتى الصغيرة المحدودة العدد والعدة منها، وهو خطاب اعلامي لصالح اليهود بامتياز، تعجز عن الاتيان بمثله كافة المؤسسات اليهودية، وقد يذهب بعض الناس للشك في مصدر واهداف هذا الخطاب فيربطونه باليهود ذاتهم، وكأن شيوخ الاسلام مسيرون من قبل المؤسسة الاعلامية الدعائية اليهودية الظاهر منها والمخفي.

لكن الشيخ ياسين وغيره من شيوخ وزعامات الاخوان المسلمين لا يقولوا لجماهير العرب والمسلمين لماذا نجح اليهود كل هذا النجاح، فيما الامة الاسلامية لم تقم لها قائمة منذ نجح العباسيون بالانقلاب على ابناء عمومتهم الامويين في القرن الثاني للهجرة.

ولا يقدم لنا أي شيخ او عالم او مفكر او باحث او أي كان من انصار الخلافة الاسلامية سببا واحدا لفشل مشروعهم النهضوي عبر مئات السنين، ولا يوجد في خطابهم سوى مبرر واحد هو “البعد عن الله ، والبعد عن سنة النبي، والبعد عن الدين الصحيح “.

والمعاصرون منهم يلقون باللائمة على سيطرة اليهود على امريكا ودول الغرب الكافر، ولماذا لم يحقق المسلمون نهضتهم قبل هذه السيطرة اليهودية على العالم؟، لماذا لم تنهض الامة الاسلامية في العصر الفاطمي مثلا او الايوبي او المملوكي.. او في عصر من العصور التي سميت باسماء العائلات والقبائل التي سيطرت على انظمة الحكم انذاك، والتي لم تمكن أي قبيلة منها منذ انتهاء العصر الاموي من توحيد بلاد العرب على الاقل وليس بلاد المسلمين تحت سيطرتها، بل ظلت عائلات وقبائل متصارعة متقاتلة متنافسة، كثيرا ما تحالف بعضها مع “الكفار” المسيحيين في الغرب الكافر ضد أبناء عمومتهم، وضد القبائل المجاورة المسيطرة على اجزاء اخرى من بلاد العرب.

هل يجروء احد من زعماء الاخوان على الاعتراف ويقول ان السبب الرئيسي في تخلف “امة الاسلام” كما يحلو لهم تسميتها لم يكن الا بسبب هذا الخطاب الغيبي الوهمي المضلل الذي يفسر كل ما يجري بهذا الكون بناء على اراء وتفاسير علماء القرن الثاني والثالث الهجري.

لا ارغب بالدخول عميقا في تفسير سبب الهزيمة المتواصلة، ولا اريد ان ابرهن في هذه المقالة على ان هزيمة التيار الاسلاموي سوف تستمر الى ابد الابدين، ولن يكتب لهم النصر ابدا، حتى لا اثقل على القاريء بسبب ما قد يؤدي اليه ذلك من تشتت وابتعاد عن التركيز على النقطة المركزية وهي ابراز الدور الخطير وربما المشبوه الذي يقوم به زعماء التيارات الاسلاموية وخصوصا جماعات الاخوان المسلمين في خدمة البرامج اليهودية على مستوى العالم، بما في ذلك تعزيز احتلالهم لفلسطين.

ابراهيم علاء الدين

alaeddinibrahim@yhoo.com 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.