رماد
أهكذا داست علينا الحياه | لم تبق منا صدى |
لم تبق إلا الندم الأسودا | وصوت واخيبتاه |
أليس من كوكبنا الآفل | إيماضة تستعاد ؟ |
أليس من كوكبنا الآفل | إيماضة تستعاد ؟ |
أليس عنّا نبأ أو نشيد | أو همسة واحده ؟ |
ألم تعد قصّتنا البائده | توقظ عرقا جديد ؟ |
ألم يعد قطّ لنا من مكان | في القصّة الجاريه ؟ |
أليس في كاساتنا الخاليه | شيء يهمّ الزمان ؟ |
وذلك الموكب والسائرون | فوق ثرى المنحدر |
لم يدركوا أنّ هوانا اندثر | في عمق قبر السكون |
ووقع أقدام الهوى الراحله | إلى مكان بعيد |
تنقاها الريح فلا تستعيد | ألحانها القافله |
ونحن ما زلنا نجرّ الحنين | والأمس والذكريات |
أقيادنا مثقلة بالحياة | ونحن في الميّتين |
ونحن ما زلنا نسوق الرّماد | لنطعم الموقدا |
وأذرع الأحلام ترجو سدى | خلق غد من جماد |
وبعث ماض لون أركانه | من مزق الأحلام |
أمسى رهيبا تنكر الأيام | عاري جدرانه |
أمسى بعيدا تحجب الوديان | أسواره القاتمه |
تعيث فيه الهدأة الساهمه | ويحكم النسيان |
والريح لم تبق على بابه | حروف أسمائنا |
لم تبق حتى وقع أقدامنا | في جوّ محرابه |
وربّما طافت به في ذهول | أشباحنا الباكيه |
تطوف حول الغرف الخاليه | سدى تريد الدخول |
أشباحنا يضلّها الإعصار | تحت غلاف الضّباب |
تظلّ ولهى تلطم الأبواب | والحائط المنهار |
أشباحنا حافرة في ارتعاد | مقبرة الذكريات |
لا صورة تنبض فيها حياة | لا شيء غير الرّماد |
تنصت في رعب وفي إعياء | عند السياج الحزين |
فلا تعي إلا بقايا أنين | ترسله الأقباء |
أشباحنا تستفهم النسيان | عن أمسها الضائع |
فلا ترى إلا الردى الجائع | يقوّض البنيان |
وأذرع السرو تمدّ الذهول | فوق شحوب الخراب |
كأنها تقذف فوق القباب | معنى الردى والذبول |
ولفظة واحدة واحده | تكرّرت في المكان |
سمعتها تفحّ كالأفعوان | في الشرف البارده |
أبصرتها مكتوبة باللهيب | في الغرف الباليه |
وفوق ساق السروة العاريه | وفي الفناء الجديب |
أحسستها تهمس معنى “مضى” | ملء المساء الكئيب |
أبصرتها في كلّ ركن رهيب | أبصرت لفظ ” انقضى” |
وتلتقي أشباحنا في المساء | باردة واجمه |
تنظر في تقطيبة ساهمه | في سورة من غباء |
أشباحنا تطلب ماضينا | لا تدرك الأسرار |
كيف انقضى ؟ ألم يعد في الدار | صوت ينادينا ؟ |
أهكذا داست علينا الحياه | لم تبق منا صدى ؟ |
لم تبق إلا الندم الأسودا | وصوت واخيبتاه ؟ |