قبر ينفجر
ناديت أكداس الرمال : تفجرّي | لن تدفني جسدي النقيّ الثائرا |
وهتفت يا روح الممات : تمزّقي | لن تحبسي قلبي الجريء الساخرا |
وصرخت بالأرض الدنيئة : إرفعي | من قلب هذا الطين روحي الشاعرا |
هذا فؤادي نابضا , هذا دمي | متفجّرا تحت التراب مشاعرا |
بالأمس في هذا الظلام دفنتني | تحت الثرى ولففتني بصخوره |
لم تسمعي دقّات قلبي في الدجى | وأشحت عن إحساسه وشعوره |
لم تفهمي روحي وخلت سكونه | موتا ولم يبلغك رجع هديره |
ووهمت أيتها الحياة فلم تري | في أدمعي غير الردى وفتوره |
ما نفع أكداس التراب جميعها ؟ | ألآن ينفجر التراب الغاصب |
الجثة الظمأى التي أودعتها | بالأمس والوجه الكئيب الشاحب |
ألآن ينفجران نارا حيّة | ويسابق الإعصار روحي الصاخب |
والآن ينبثقان من قلب الثرى | ويعود لي الأمل الجميل الذاهب |
ما خلته صخرا إليك وجيبه | ما خلته صمتا إليك نشيده |
ألقبر ضجّ وضاق تحت عواطفي | والطين حولي لن أطيق ركوده |
هذا الرماد حذار من أعماقه | فوراءه جمر نسيت رعوده |
يا من حسبت النار طينا خامدا | ونسيت إعصار الصبا وخلوده |
هذي العيون حذار منها إنها | خلف الجفون عميقة أغوارها |
هذي العروق حذار من فورانها | فغدا سيصرخ في المدى إعصارها |
هذي الشفاه حذار من سكناتها | فغدا ستجتاح المدى أشعارها |
هذا الفؤاد حذار من غفواته | فوراء رقدته الحياة ونارها |
ناديت أكداس الرمال : تفجرّي | وهتفت يا روح الممات : تمزّقي |
وصرخت بالأرض الدنيئة : إرفعي | أسر التراب عن الشباب المرهق |
فإذا الحياة مشيحة عن صرختي | لم يأتها نغم اللهيب المحرق |
وأنا على صدر التراب تمرّد | حرّ ونار توثّب وتحرّق |
لم يبق إلا أن يحطّم ساعدي | هذي القيود وها أنا , هذي يدي |
سأفجّر القبر الصغير حجارة | وأطير من أمسي القريب إلى غدي |
وسأصرع الموت الضعيف وأنثني | بمخاوفي وسعادتي وتنهدّي |
وسأنثر الألحان في صمت الدجى | يا أنجم الليل المضيئة فاشهدي |
ناديت أكداس الرمال : تفجرّي | فتفجّرت تحت المساء المظلم |
وجمعت أحلامي ومزّقت الثرى | بصفائها ووقفت تحت الأنجم |
وفتحت صدري للضياء وسحره | وصرخت بالكون الجميل الملهم |
أنا حيّة يا أرض , هذي نغمتي | هذا نشيد فؤادي المتكلّم |