جنازة المرح
سأغلق نافذتي فالضياء | يعكّر ظلمتي البارده |
سأسدل هذا الستار السميك | على صفحة القصة البائده |
وأطرد صوت الرياح البليد | وإشعاعة الأنجم الحاقده |
وأسند رأسي إلى الذكريات | وأغمس عينيّ في دمعتين |
وأرسل حبي يلفّ القتيل | ويدفىء جبهته الهامده |
لعلي أردّ إليه الحياة | وأمسح من زرقه الشفتين |
سأغلق نافذتي فالقتيل | يحب الظلام العميق العميق |
واكره أن يتمطّى الضياء | على جسمه الشاعريّ الرقيق |
على جبهة زرعتها النجوم | ولوّنها ضوؤها بالبريق |
وكانت تشعّ الحياة فعادت | تمجّ الأسى والرّدى والعذاب |
تخطّ عليها ذراع الممات | أساطير عهد سحيق سحيق |
أمرّ عليها بكفّي فأصر | خ رعبا واسقط فوق التراب |
سأغلق نافذتي فالظهير | ة لا ينتهي حقدها الراعب |
تصبّ سكينتها في برود | ويسخر بي وجهها الغاضب |
يطاردني صمتها السرمديّ | ويكئبني لونها الراسب |
وأين المفر ؟ تكاد الستائر | تدخلها غرفتي المظلمه |
وأين المفر ؟ وهذا القتيل | يروّعني وجهه الشاحب |
أمامي القتيل وخلفي الظهير | ة يا للمطاردة المؤلمه |
سأصبر حتى يجيء الدجى | ويغرب خلف الوجود الضياء |
فأحمل هذا القتيل البريء | إلى هوّة من كهوف المساء |
أسير بأشلائه موكبا | بطيء الخطى كليالي الشتاء |
وتتبعني شهقات التذكّ | ر مهمومة في أسى وشرود |
وفي آخر الموكب المترّنح وجه يشيعه في ازدراء |
|
وفي آخر الموكب المترّنح وجه يشيعه في برود |
|
عرفت الجبين عرفت الشفاه | وهذي العيون الغلاظ الأديم |
عرفت بها وجه حزني الدفين | وقد عاد يحمل جرحي القديم |
وفي يده مدية لم يزل | علة حدّها دم أمسي الأليم |
عرفت العدوّ اللجوج هناك | يسير على أثر الموكب |
يحدّق مستهزئا بالقتيل | ويضحك ضحكة فظّ أثيم |
نعم هو ..أعرفه جيدا | فكم مرّة قبل قد مرّ بي |
وأبصرت في أثري ألف طيف | حزين تلفّع بالعبرات |
عرفت بها البسمات التي | لقيت بها لطمات الحياة |
عرفت بها الضحكات التي | سكبت نداها على الذكريات |
أهذي إذن بسماتي ؟ حنانا | أعدن عبوسا ورجع أنين ؟ |
أهذي إذن ضحكاتي أهذي | نهاية ما صغت من بسمات |
وهذا القتيل أحقا فقدت | به مرحي المضمحلّ الدفين ؟ |