إلى عمتي الراحلة
أنا لم أزل في الفجر رانية | للأفق في صمت وإعياء |
تتدافع الذكرى على شفتي | بعض ارتعاشات وأصداء |
الجرح نديان تعيش به | أصداء ماض ميت ناء |
أيامه عادت صدى حلم | لم تبق منه غير أشلاء |
غير ابتسامات ممزّقة | أودت بهنّ مرارة الداء |
تتدافع الذكرى وتملأني | أشباحها قلقا وأشجانا |
ألأمس ما زالت كآبته | حرّى تذكرّني بما كانا : |
بالليل كيف سهرته ألما | بالفجر كيف أطلّ ظمآنا |
بدموعي العطشى وحرقتها | بتدفق الإحساس أحزانا |
باليأس كيف طغت مرارته | وتمرّدت حرقا ونيرانا |
الأمس هل في الأمس من حلم | هل فيه ما ينجي من الحرق ؟ |
هل فيه بعض صدى يناغمني | ذكرى ؟ رجاء غير محترق |
لفظ يمرّ ؟ وبسمة ؟ ويد | مرّت برقتها على قلقي ؟ |
أوّاه..بعض خطى ألوذ بها | من حزني القاسي ومن أرقي |
بعض ابتسامتك التي غربت | في الصمت واحتقت على الأفق |
ألدمع أذرفه ويذرفني | قلبا يجنّ أسى ويحتضر |
قطراتع نار تمزّقني | ما زال منها في دمي أثر |
عيناي تحترقان من ألم | تدمى وتقطر فيهما الصور |
جرحان لا جفنان أين غدي ؟ | أين الطبيعة والهوى النضر ؟ |
ما للحياة هوت أشعتها | ليلا وعّكر جوهّ القدر ؟ |
أين التفتّ تصدّني صور | وحشية , وشتيت آلام |
ذكرى من الماضي تحطمني | وتظل تصهر جفني الدامي |
أوّاه..كيف سقطت ميتة | وأنا أعيش وتلك أوهامي |
وأنا أعيش رؤى ممزّقة | وأحزك أهوائي وأحلامي |
تتلفت الذكرى إليك وبي | ظمأ يعتّم جوّ أيامي |
وأريد أن أنسى فتخنقني | رعشات حزن ساهد مرّ |
أبقيت جرحا حافرا قلقا | في قلب أحلامي وفي شعري |
كفّ الحنان نسيت ملمسها | وفقدت معبرها على شعري |
لم يبق منها غير أغنية | جفّت مرارتها على ثغري |
وسهرت أنشدها وأنشدها | في ليلة مأسورة الفجر |
أواه من حزني ومن ظمأي | هل عدت طيفا مطفأ المقل |
ألقبر ضمّك في برودته بعد | ارتعاشة قلبي الخضل |
لا طير يوقظ فيك عرق هوى | لا شيء يبعث خامد الأمل |
ألظلّ مرّ وأنت ساهية عن | رقصه وشعاعه الثمل |
والنجم لاح وأنت هامدة لا | تعبأين بضوئه الخجل |
وتمرّ أصداء الحياة ضحى | بوسادك المجزون وا أسفا |
صوت المؤذن كم سهرت له | ما باله في مسمعيك غفا ؟ |
ما بال رعشته تمرّ على | قلب تناسى كيف أمس هفا |
ما بالها لاذت بغربتها | ومضت تباكي حولك (النجفا) |
تبكي وترسم في انتفاضتها | صوتا يبيت الليل مرتجفا |
أوحيدة في القبر هامدة | وأنا أمسّ سريرك الخاوي ؟ |
خصلات شعرك فوق حرق | في عمق يأسي الصارخ الداوي |
ومكان رأسك في الوسادة في | قلبي بقايا كوكب هاو |
وقميصك الباكي أما بقيت | فيه حرارة جسمك الذاوي ؟ |
كيف انطويت وأنت خالدة في | أدمعي ؟ شلّت يد الطاوي |
أصغي وهل تصغين ؟ هل بلغت مثواك أصداء ارتعاشاتي |
|
كيف انتفضت وأنت هامدة في مخلبي ألمي وآهاتي |
|
تتعثر النغمات في شفتي | بصراخ أحزاني وأنّاتي |
مزّقت أيامي التي سلفت | ودفنت فيك بشاشة الآتي |
وأضعت أفراحي ومن عبث | شبه ابتساماتي وضحكاتي |