إلى عيني الحزينتين
عينيّ , أيّ أسى يرين عليكما | ويثير في غسق الدجى دمعيكما ؟ |
إني أرى خلف الجفون ضراعة | تستنطق الكون العريض المبهما |
أفقان تحت الليل ألمح فيهما | قطرات ضوء يرتشفن الأنجما |
الكون مبتسم فأيّة لوعة | يا مقلتيّ تلوح في جفنيكما ؟ |
مسكينتان , رأيتكما ما لا برى | جيل أقام على لضلال وحوّما |
جهل الحقائق في الحياة , فلم يطق | عن زيفها هربا وعاش مهوّما |
مسكينتان كتمتما حمم الأسى | فأبى تأوه خافقي أن تكتما |
فإذا الدموع غشاوة رّفت على | جفنيكما , سيلا سخينا مفعما |
ورأيتما , خلل الدموع , مفاتن ال | ماضي وطاف الشوق في أفقيكما |
عبثا تصوغان التوسّل في الدجى, | قلب القضاء قضى بألا تنعما |
عبثا , فيا عينيّ لا تتضرّعا | لا شيء يرجع بالجمال إليكما |
حسبي وحسبكما الرضوخ لما قضى | قلب الليالي فارضخا واستسلما |
كم حالم من قبلنا فقد المنى | فقضى الحياة لوحده متجّهما |
يرعى الليالي مانحا ظلماتها | روحا مجنحة وقلبا ملهما |
*** |
|
عينيّ , يا سرّ الطبيعة , حدّثا | ماذا وراء الكائنات رأيتما ؟ |
رفعت دياجير الحياة ستورها | لكما وابدت سرّها المستبهما |
هاتا حديث الموت , هاتا سرّه | قد آن , يا عيني, أن تتكلما |
ما شاطىء الأعراف ؟ ما ألوانه ؟ | ما سرّه الخافي ؟ صفاه وترجما |
في صدري الخفّاق قلب راعش | ما زال صبا بالمفاتن مغرما |
لولاه , يا عينيّ , ما غنّيتما | بهوى الحياة ولا أصابكما الظما |
عذرا إذا حمّلتما حزن الدنا | لولاي , يا عينيّ , ما حمّلتما |
وكفى فؤادي , في الحياة , شقاوة | أنّي جنيت , مع الحياة , عليكما |