آلام الشيخوخة
يا دموع الشيوخ في الأرض هيها | ت تجفّين في العيون الشقّيه |
أي شيخ لا يذرف الأدمع الحرّ | ى على ما مضى ويشكو البليّه |
فهو ذاك المحزون قضّى صباه | في لهيب الهموم والأحزان |
ثم ذاق الشباب كأسة دمع | ما لحيّ على قذاها يدان |
ثم غاب الشباب في ظلمة العم | ر ومات الأحباب والأنصار |
كلّ عام يرى الأحبّاء يفنو | ن وتمحو ذكراهم الأقدار |
يا لركب مشى به القدر الخا | دع تحت الرياح والظلماء |
راميا في فم المنيّة فردا | منه في كلّ بكرة ومساء |
يا شتاء الحياة لم يبق في الظل | مة إلا هذا الشقيّ الغبين |
ذهبوا كلّهم إلى الموت إلا | ه فدّوى نحيبه المحزون |
وهو ذاك المسكين أضعفه العم | ر وحلّت بجسمه الأدواء |
ومضت ظلمة الحياة بعيني | ه وغابت عن وعيه الأشياء |
وهو يدري أنّ الممات قريب | منه قرب الأحزان والأوجاع |
كلّ يوم يكاد يلقي على العا | لم والعمر أغنيات الوداع |
يا غموض الحياة من أسلم الإن | سان للحادثات والأقدار |
ذلك البائس الضعيف الذي يأ | تي ويمضي ولم يزل غير دار |
فهو ما زال هائما بهوى العا | لم والعيش في ظلال الزهور |
يتغّنى بحبّه رغم ما يل | قى من الحزن واحتدام الشعور |
فإذا ما بدت له ساعة المو | ت ولم يبق في الحياة رجاء |
رسم الحزن في محيّاه رعبا | ما رأى مثل هوله الأحياء |
وأطلّت عيناه تلقى على الكو | ن تحايا الوداع والحرمان |
في ذهول وروعة يملآن ال | قلب حقدا على الوجود الفاني |
يا معاني الذهول في جبهة الميّ | ت , لا لن أخاف هذي المعاني |
سأرى فيك بلسما ينقذ الأح | ياء مما يلقون من أحزان |
سأرى في الممات خلد حياتي | حين تعفو عّني المنى والجروح |
وينام المجسم الوضيع على الأر | ض وتختال في السماء الروح |
عندما تخفت الأعاصير في سم | عي وأنسى الأصوات والأشياء |
كلّ شيء في العالم الأحمق الجا | هل يخبو ويستحيل هباء |
فإذا أمعن النشاوى بكأس ال | إثم في اللهو والصراخ الأثيم |
لم يجئني من صوتهم أيّ همس | وتفّردت بالسكون المقيم |
وتمرّ السنين لا ألم في | ها ولا إثم في ظلال الخلود |
عالم ليس لي التغلغل فيه هل | آن فلأمض في غناء نشيدي |
ولأعش في هذي الحياة مع الأح | لام تحت النهار والظلمات |
أعشق الفتنة النبيلة في الور | د وفي ضجّة الرياح العواتي |
وأسلّي نفسي وقلبي بمرأى ال | عابثين الأشرار والواهمينا |
هؤلاء الذين يقضون ايّا | م صباهم في هذرهم سادرينا |
ليس تعنيهمو الفضيلة والنب | ل وما يحزنون للأشقياء |
فإذا ما رأوا حزينا معنّى | رجموه بالشوك والأقذاء |
وضعاف الطيور في ظلل الأغ | صان تلقى منهم صنوف النكال |
وزهور الخبّاز في رحبة الحق | ل يدوسونها فيا للضّلال |
وحياة الفنّان في عالم الوح | دة والفكر عندهم كالجنون |
يا لهذي المأساة يا ربّ ماذا | كتبت للأحياء كفّ السنين ؟ |
ولتسر هذه الحياة كما تر | جو المقادير والأسى والظلام |
وليظلّ الأحياء في التيه يشقو | ن وتقسو عليهمو الأيام |
ولأعش ما يشاؤه القدر الظا | لم أبكي على أسى الأحياء |
هؤلاء الصرعى الظماء الحيارى | بين فكّ الآثام والأدواء |