مرثية للإنسان
أيّ غبن أن يذبل الكائن الحيّ | ويذوي شبابه الفينان |
ثم يمضي به محّبوه جثما | نا جفته الآمال والألحان |
وينيمونه على الشوك والصخ | ر وتحت التراب والأحجار |
ويعودون تاركين بقايا | ه لدنيا خفيّة الأسرار |
هو والوحدة المريرة والظل | مة في قبره المخيف الرهيب |
تحت حكم الديدان والشوك والرم | ل وأيدي الفناء والتعذيب |
وهو من كان أمس يضحك جذلا | ن ويشدو مع النسيم البليل |
يجمع الزهر كلّ يوم ويلهو | عند شط الغدير بين النخيل |
ذلك الميت الذي حملوه | جثّة لا تحسّ نحو القبور |
كان قلبا بالأمس تملأه الرغ | بة والشوق بين عطر الزهور |
كان قلبا له طموح فماذا | ترك الموت من طموح الحياة |
يا لحزن المسكين لم تبق أحلا | م سوى ظلمة البلى والممات |
آه يا حامليه نحو سكون ال | قبر لا تسرعوا وسيروا الهوينا |
اتركوه يودّع العالم الفا | تن قبل الرحيل ظلما وغبنا |
واكشفوا جسمه الغبين لضوء الش | مس والعطر فهي آخر مرّه |
لن يرى بعد ذلك الضوء لن ين | شق في سجن قبره عطر زهره |
لا تنوحوا عليه وليكن الشد | و ختاما لما وعت أذناه |
حسبه أنه يودّع دنيا | ه إلى قبره وتفنى مناه |
فاتركوا نعشه على الأرض حينا | قبل أن تقبروه تحت اللحود |
ربما كان خائفا من دجى القب | ر حريصا على جمال الوجود |
ربما كان راغبا في وداع ال | أرض من قبل أن يسود الظلام |
قبل أن تتركوه في وحشة المو | ت وتخبو العطور والأنغام |
اتركوه يراكم أنتم يا | من دفعتم به إلى الظلماء |
وهو من كان أمس ملء اماني | كم فصار الغداة ملء الفناء |
هكذا الآدميّ يسلمه أح | بابه للتراب والديدان |
ربّ لا كانت الحياة ولا كن | ا هبطنا هذا الوجود الفاني |
فيم جئنا هنا ؟ وماذا يعزّي | نا عن العالم الذي قد فقدنا |
ليت حوّاء لم تذق ثمر الدو | حة ليت الشيطان لم يتجنّا |
علمتنا ثمارها فكرة الشرّ | فكان الحزن العميق العاصر |
وفهمنا معنى الفناء وأدرك | نا صراع البقاء تحت الدياجر |
وهبطنا هذا الوجود لنشقى | منذ فجر الحياة حتى المغيب |
كلّنا نستغيث من شجن العي | ش فيا لليل الحزين الرهيب |
يا لظلم الأحزان ما سلم الأط | فال من أسرها ولا الشّبان |
كم وليد يبكي وما تعلم الأمّ | لماذا يبكي وما الأحزان |