www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

البلبل السجين

0

البلبل السجين

يا ربّ بلا سناء كأنّما بدره يتيم
مشى به اليأس في الرّخاء كأنّه النار و الهشيم

*

ليت الدّجى رقّ للمحبّ أو ليت لي مهجة حجر
أقضّ هذا الفراش جنبي كأنّ في مضجعي الإبر
هل بك يا نجم مثل كربي ؟ أم أنت من طبعك السّهر ؟
سهرت شوقا إلى ذكاء ؟ أم عندك المقعد المقيم ؟
أبكي و تصغي إلى البكاء يا ربّ ! هل تعشق النجوم ؟

*

قد نال فرط السّهاد منّي و اشتاق طرفي إلى الهجوع
و قرّح الجفن ماء جفني في الحبّ ما فاض من دموعي
و شاب رأسي من التّجنّي ياليت ذا الشّيب في الولوع
لعلّ في سلوتي شفائي هيهات . داء الهوى قديم
ما يحسب الناس في ردائي ؟ في بردتي هيكل رميم !

*

قد طال يا ليل فيك صبري و أشبهت ساعك القرونا
فقل لهذي النجوم تسري أو إسأل الصّبح أن يبينا
و إن تشأ أن تكون قبري فكن كما شئت أن تكونا
في سكون إلى البلاء قد يألف العلّة السّقيم
من كان في قبضة الهواء هان على نفسه النّسيم !

*

قرّب بين الضّنى و جسمي ما أبعد النّوم عن جفوني
يا ليل فيك الرّقاد خصمي يا ليل ما فيك من معين
سوى شج همّه كهمّي ينشد و اللّيل في سكون !
أيمرح البوم في الخلاء و تمسك البلبل الهموم ؟
هذا ضلال من القضاء فلا تلمني إذا ألوم

*

سا سيّد المنشدين طرّا و صاحب المنطق المبين
لو كنت بوما أو كنت نسرا ما بتّ في أسرك المهين
خلقت لما خلقت ، حرّا فزجّك الحسن في السّجون
و أطلق البوم في الفضاء زعم الورى أنّه دميم
و أنّه غير ذي رواء و لا له صوت الرّخيم !

*

تيّمك الروض فيه حتّى تخذت باحاته مقاما
رأيت فيه النعيم بحتا و لم تر عنده الأناما
مدّوا الأحابيل فيه شتّى أقلّها يجلب الحماما
لو كنت كالبوم في الجفاء ما صادك المنظر الوسيم
أصبحت تبكي من الشّقاء ليضحك الآسر المضيم !

*

و المرء وحش فإن ترقّى أصبح شرا من الوحوش
فخفه حرّا و خفه رقّا و خفه ملكا على العروش
فالشرّ في الناس كان خلقا و أيّ طير بغير ريش ؟
ما قام فيهم أخو وفاء يحفظ عهدا و لا رحيم
فكلّ مستضعف مرائي و كلّ ذي قوّة غشوم !

*

إن كان للوحش من نيوب فالناس أنيابهم حديد
ما كان ، و الله ، للحروب لولا بنو آدم وجود
لو امّحى عالم الخطوب لقام منهم لها معيد
قد نسبوا الظلم للسماء و كلّهم جائر ظلوم
لم يخل منه أخو الثّراء و لا الفتى البائس العديم

*

أعجب ما في بني التراب قتالهم فوقه عليه
قد صيّر و الأرض كالكتاب و انحشروا بين دفّتيه
و استعجلوا الموت بالعذاب و كلّهم صائر إليه
ما خاب داع إلى العداء و لم يفز ناصح حكيم
ما رغب الناس في الفناء لكنّما ضاعت الحلوم !!

*

لو لم يك الظلم في الطّبائع ما استنصر العاجز العداله
لو عدلت فيهم الشرائع ما استحدثوا للقتال آله
عجبت للقاتل المدافع جزاؤه الموت لا محاله
لكنّما سافكو الدماء يوم الوغى قادة قروم
و هكذا المجرم الدائي في عرفهم فاتح عظيم !

*

أقبح من هذه الضّلاله أن يحكم الواحد الألوفا
و يدّعي الفضل و النّباله من يسلب العامل الرّغيفا
يا قوم ما هذه الجهالة قد حان أن تنصفوا الضّعيفا
فراقبوا ذمّة الإخاء و لتنس أحقادها الخصوم !
لا تتبعوا سنّة البقاء فإنّها سنّة ظلوم !

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.