يا ليتَ شعري، وقد أودى بك القدرُ،
يا ليتَ شعري، وقد أودى بك القدرُ، | بأيّ عذرٍ إلى العلياءِ يعتذرُ |
وكيفَ جارَ عليكَ الدهرُ معتدياً، | أما تعلمَ منكَ العدلَ يا عمرُ |
يا ابنَ الملوكِ الأُلى كان الزّمانِ لهم | طَوعاً وأقبَلَ صرفُ الدّهرِ يأتَمِرُ |
يا ناصرَ الدّينِ، يا مَن جودُ راحته | بينَ الأنامِ على الأيامِ ينتصرُ |
أنتَ الجَوادُ الذي لولا مكارِمُهُ، | لأصبحَ الجودُ عيناً ما بها بصرُ |
تعطي وتبسطُ بعدَ البذلِ معذرة ً، | وعُذرُ غَيرِكَ دونَ البَذلِ يُبتَدَرُ |
فقتَ الملوكَ جميعاً في عطاً وسطاً، | فأنتَ كالبَحرِ فيه النّفعُ والضّرَرُ |
وحزتَ أخلاقَ شمس الدينِ مكتسباً | والشمسُ مكتسبٌ من نورِها القمرُ |
خاطرتَ في طلبِ العلياءِ مجتهداً | وما يُخاطِرُ إلاّ مَن له خَطَرُ |
رفعتَ ذكركَ بالإنعام منتجداً، | بهِ، وغَيرُكَ بالأموالِ يَفتَخِرُ |
قد كانَ جودُك لي عينَ الحياة ِ إذا | وَردتُه، وحَواني رَبعُكَ الخَضِرُ |
أعزِزْ عليّ بأنْ أدعوكَ ذا أمَلٍ، | فلا يُجابَ برِفدٍ منكَ يَنهَمِرُ |
وأن يُحَثّ إلى مَغناكَ وفدُ ثَناً، | وليسَ منكَ به عَينٌ ولا أثَرُ |
طابتُ مَراثيكَ لي بعد المَديحِ، ومن | بعد السرورِ براني الحزنُ والفكرُ |
كأنّ حُزنَكَ من أسمائِهِ سَقَرٌ، | فذاكَ في القلبِ لا يبقي، ولا يذرُ |
سقى ضريحك صوبُ المزنِ منبجساً | حتى يدبجَ أقصى تربِه الزهرُ |
وكيفَ أسألُ صَوبَ المزنِ رَيّ ثرًى | حللتَ فيه، وفيهِ البحرُ والمطرُ |