لم تبغِ همتكَ المحلّ العالي،
لم تبغِ همتكَ المحلّ العالي، | إلاَّ وأنتَ مُوَفَّقٌ لكَمالِ |
وكذاكَ ما عَشقتْ خلائقُكَ العُلى ، | إلاَّ وللأموالِ قلبُكَ قالي |
أمجدلَ الأبطالِ، بل يا باذِلَ الـ | ـأموالِ، بل يا حاملَ الأثقالِ |
صَيّرتَ أسحارَ السّماحِ بَواكراً، | وجعلتَ أيامَ الكفاحِ ليالي |
بحماسة ٍ مقرونة ٍ بسماحة ٍ، | وجلادة ٍ مشفوعة ٍ بجدالِ |
تُحمي الجِوارَ من الحَوادِثِ مثلَما | يَحمي فَريسَتَهُ أبو الأشبالِ |
أغياثَ دين اللهِ، يا من رأيُه | يُغنيهِ عن خَطّيّة ٍ ونِصالِ |
ما كنتُ أعلمث، قبلَ لحتَ لناظري، | أنّ الخيولَ تسيرُ بالأجبالِ |
طاوَعتُ فيكَ تَفَرّسي وتَوَسّمي، | وعَصَيتَ فيكَ مَلامَة َ العُذّالِ |
ما زلتُ منذُ سرى ركابكَ مائلاً | أتوقعُ الإقبالَ بالإقبالِ |
وجهدتُ أني لا أسيرُ ميمماً، | حتى أمثلَ بالمقرّ العالي |
في جَنّة ِ الفِردوسِ كانَ مُقامناً، | ويمثلها في الحشرِ ينجحُ فالي |
فكأنّ ذاكَ اليَومَ رِقدَة ُ نائمٍ، | وكأنّ عَيشي فيهِ طَيفُ خَيالِ |
ما تلكَ للسّلطانِ أوّلَ مِنّة ٍ، | عَمّتْ يَداهُ بمِثلِها أمثالي |
ملكٌ عرفتُ بهِ الملوكَ، فلم يزلْ | شعري بهِ عالي، سعريَ غالي |
لمّا رأيتَ لسانَ شُكري قاصِراً، | ولمتَ ودّي من لسانِ الحالِ |
وحفظتُ عهدكَ مثلَ حِفظي صِحّتي | وشهدتَ في ذاكَ المقامِ مقالي |
أغراكَ جودكَ بي، فجدتَ تبرعاً، | وسألتني لمّا أمنتَ سؤالي |
فأبيتُ أن أرضَى ، لصدقِ محبّتي، | ثَمَناً، وأُرخصُ قَدرَ وُدّي الغالي |
ومنَحتَني، فبَذلتُ مالَكَ في يَدي، | وحسدتُ جودكَ لي، فجدتُ بمالي |
إذ كنتُ أرغبُ في رِضاكَ، ولم يكن | لي، مع ودادِكَ رغبة ٌ في المالِ |
وأودّ أن أجري ببالكَ بعضَ ما | يُجري مَديحُكَ والثّناءُ ببالي |
ما كنتُ أنهكُ بالتوقعِ بالعطا | عِرضي، فأُسمِنَ جارَتي بهُزالي |
لكن أزيلُ نفيسَ ما ملكتْ يدي | أنَفاً، وماءُ الوَجهِ غَيرُ مُزالِ |
شِيَمٌ عَهِدتُ بها مَساعيَ مَعشري، | فسَحَبتُ في آثارِهِم أذيالي |
ما طالَ في الدّنيا تَنَعّمُ راحَتي، | إلاَّ وقد قَصُرَتْ بها آمالي |
ما في نظامي غيرَ تركِ مدائحي، | نقصٌ، وذاكَ النقصُ غيرُ كمالي |