إني ليطربني العذولُ، فأنثني،
إني ليطربني العذولُ، فأنثني، | فيظنُّ عن هواكم أنثني |
ويلذُّ لي تذكارُكم، فأعيرُه | أُذناً لغيرِ حديثِكم لم تأذَنِ |
وأقولُ للاحي الملحّ بذكرِكم: | زدني، لعمرُ أبيك، قد أطربتني |
أسكَرتَني بسُلافِ ذكرِ أحبّتي، | يا مُترِعَ الكاساتِ، فاملأ واسقنِي |
يا ساكِني جَيرونَ جُرتم في الهوى ، | الجورُ شرُّ خلائقِ المتمكنِ |
وسمعتمُ قولَ الوشاة ِ، وإنّه | ظنٌّ رميتُ بهِ بغيرِ تيقنِ |
أيسومُ إشراكي بدينِ هواكمُ | مَن لَيسَ في شرعِ الغَرامِ بمؤمنِ |
يا عاذلي إنْ كنتَ تجهلُ ما الهوَى ، | فانظُرْ ظِباءَ التُّركِ كيفَ تركنني |
واعجبْ لأعينهنَّ كيفَ أسرنني | من مَعشري وأخَذَننَي من مأمني |
بيضُ الطُّلى سمرُ القدودِ نواصعُ الـ | وَجَناتِ حمرُ الحَلي سودُ الأعينِ |
ومن كلِّ فاضحة ِ الجبينِ كأنّها | شمسُ النارِ بدتْ بليلٍ أدكنِ |
يسمو لها كحلٌ بغيرِ تكحلِ، | ويزينُها حسنٌ بغبرِ تحسنِ |
ومضعف الأجفانِ فوقَ لحظَه | نبلاً على بعدِ المدى لم يخطبني |
إن قلتُ: مِلتَ على المُتَيَّمِ، قال لي: | أرأيتَ غصناً لا يميلُ وينثني |
أو قلتُ: أتلفتَ الفؤادَ، أجابني: | دعني، فما أخربتُ إلاّ مسكني |
أو قلتُ: يا دنيايَ، قال: فإن أكن | دنياكَ لمْ أنكرتَ فرطَ تلوني |
لم أنسَ إذ نادمتهُ في ليلة ٍ | عدلَ الزمانُ بمثلها لم يمننِ |
والرّاحُ تبذلُ في الكؤوسِ كأنّها | لَفظٌ تَلجلَجَ من لسانٍ ألكَنِ |
حتى إذا ما السكرُ ثقلَ عطفَه | كسلاً، وسكنَ منهُ ما لم يسكنِ |
عاجلتُه حَذَراً عليهِ من الرّدى ، | عجلَ الجفونِ إلى حفاظِ الأعينِ |
وضمَمتُه من غيرِ موضِعِ رِيبَة ٍ، | وأطعتُ فيهِ تعففي وتديني |
نحنُ الذينَ أتَى الكتابُ مخبراً | بعفافِ أنفسنا وفسقِ الألسنِ |
وكَذاكَ لا أنفَكُّ أُلقي مِقوَدي | طوعَ الهوى ، وأعفُّ عند تمكّني |
فإذا أقمتُ جعلتُ أنباءَ العُلى | سكَني، وأبنَية َ المَعالي مَسكَني |
وإذا رحلتُ، فجنتي أجم القنا، | وعلى متونِ الصافناتِ تحصني |
ولكم ألفتُ الإغترابَ، فلم يزلْ | جوادُ ابنِ أرتقَ في التغربِ موطني |
الصالحُ الملكُ الذي إنعامهُ | كَنزُ الفَقيرِ، وطَوقُ جيد المُغتني |
ملكٌ يريكَ، إذا خطبتَ سماحه، | عذرَن المسيءِ وجودَ كفّ المحسنِ |
متألقٌ، متدفقٌ، مترفقٌ، | للمجتلي، والمجتدي، والمجتني |
بفضائلٍ، وفواضلٍ، وشمائلٍ | قَيدُ الخَواطرِ والثّنا والأعيُنِ |
فإذا تَبَدّى كانَ قيدَ عيونِنا؛ | وإذا تلَفّظَ كانَ قيدَ الألسُنِ |
يُرجى ويُخشَى جودُه ونَكالُه، | في يومِ مكرمة ٍ وخطبٍ مزمنِ |
كالبَحرِ يُرغَبُ في جواهرِ لُجّهِ | عندَ الورودِ، وهولهُ لم يؤمنِ |
يا طالباً منا حدودَ صفاتِه، | أتعبتنا بطلابِ ما لم يمكنِ |
يا أيها الملكُ الذي في حربهِ | بالعزمِ عن حدّ الصوارمِ يغتني |
لو أنّ رأيكَ للدجنة ِ لم تحلْ | صِبغاً، وللحِرباءِ لم تَتَلوّنِ |
فإذا هززتَ الرمحَ نكسَ رأسهُ، | وأجابَ: ها إنّي كما عودتني |
وإذا سألتَ السيفَ قال فرندُه: | لا علمَ لي إلاّ الذي علمتني |
هذي يَمينُكَ والوغى ومَضاربي | ودَمُ الفَوارِسِ والظّما بي فاسقني |
يا مَن رَماني عن قِسيّ سَماحِهِ | بسهامِ أنعمهِ التي لم تخطني |
أغرَقتَني بالجُودِ مع سَأمي لهُ | رداً عليّ، فكيفَ لو قلتُ: اعطني |
يعتادُني بالشامِ بركَ واصلاً، | طَوراً، وطَوراً في بِلادِ الأرمَنِ |
ويَزورُني في غيبَتي، ويَحوطُني | في أوبتي، ويعودني في موطني |
أتعبتني بالشكرِ أعجزَ طاقتي، | وظننتَ أنكَ بالنوالِ أرحتني |
أخفيتَ بركَ لي، فأعلنَ منطقي، | لا يشكرُ النعماءَ من لم يعلنِ |
شَهدتْ علومُكَ أنّني لك وامقٌ، | واللَّهُ يَعَلَمُ والأنامُ بأنّني |
وعرفتُ رأيكَ بي، فلو كشفّ الغطا | عن حالة ٍ ما ازدادَ فيكَ تيقني |
عودتني صفوَ الودادِ، فعدْ به، | واصبِرْ لعادَتكَ التي عَوّدتَني |
واعذِرْ مُحبّاً حبُّه لعُلاكُمُ | طبعٌ، وصفو ودادِه من معدنِ |
يعو لدولتكَ الشريفة ِ مخلصاً، | والناسُ بينَ مؤملٍ ومؤمنِ |