هجرتْ بعدكَ القلوبُ الجسوما
هجرتْ بعدكَ القلوبُ الجسوما | حينَ أمستْ منكَ الربوعُ رسومَا |
وخَلَتْ من سَناكَ زُهرُ المَغاني، | فاستَحالَ النّهارُ لَيلاً بَهيمَا |
يا هلالاً أودى بهِ الخسفُ لمّا | صارَ عندَ الكمالِ بدراً وسيمَا |
وقضيباً رمنا لذيذَ جماه، | فذوى حين صار غُصْناً قَويما |
ما ظَنَنّا المَنونَ تَرقَى إلى البَد | رِ، وأنّ الحِمامَ يَغشَى النّجومَا |
هَدّ قَلبي مَن كانَ يُؤنِسُ قَلبي | إذْ نَبَذناهُ بالعَراءِ سَقِيمَا |
ونأى يوسفي، فقد ذهبتْ عينا | يَ من حزنِهِ، وكنتُ كظيمَا |
يا صَغيراً حوَى عَظيمَ صِفاتٍ، | أوجبتْ في قلوبِنا التعظيمَا |
خلقاً طاهراً، وكفّاً صناعاً، | ولِساناً طَلقاً، وطَبعاً سَليماً |
كنتَ رقّي، فصِرتَ مالكَ رِقّي | بحجى ً منكَ يستخفّ الحلومَا |
ويدينِ ثنتْ عنانَ يراعٍ | أنبتَتْ في الطّروسِ دُرّاً نَظيماً |
ومقالٍ، إذا دعاهُ لبيبٌ | ظنّ أني منكَ استفدتُ العلومَا |
وإذا ما تَلَوتُ نَظمي ونَثري، | خالني منكَ أطلبُ التعليمَا |
يا خَليلاً، ما زالَ خَصماً لخَصمي | كيفَ صَيّرتَ لي الغَرامَ غَريمَا |
كيفَ جَرّعتَني الحَميمَ من الحُز | ن، وقد كنتَ لي صَديقاً حَميمَا |
نِمتَ عن حاجتي، فأحدثتَ عندي | لتنائيكَ مقعداً ومقيما |
وتَرَحّلتَ عن فِنائي رَحيلاً، | صَيّرَ الحُزنَ في الفُؤادِ مُقيمَا |
لستُ أنساكَ، والمنية ُ تخفي | منكَ نُطقاً عَذباً وصَوتاً رَخيمَا |
ومَسَحتُ الجَبينَ منكَ بكَفّي، | فأعادَ المسيحُ قلي كليمَا |
كنتُ أملتُ أن تشيعَ نعشي، | وتواري في التربِ عظمي الرميمَا |
وتَوَقّعتُ أن أرُدّ بكَ الخَطـ | ـبَ، فأمسَى نَواكَ خَطباً جَسيمَا |
قد تبوأتَ قاطناً الخلـ | ـدِ، فأورَثتَ في فُؤادي الجَحيمَا |
وتَفَرّدتَ بالنّعيمِ مِنَ العَيـ | ـشِ، وأبقَيتَ لي العَذابَ الأليمَا |
فسقَى عهدكَ العهادُ، فقد فزْ |
|
وعليكَ السّلامُ حَيّاً، ومَيتاً، | ورضيعاً، ويافعاً، وفطيمَا |