أهلاً بها قَوادِماً رَواحِلا،
أهلاً بها قَوادِماً رَواحِلا، | تطوي الفلا وتقطعُ المراحَلا |
تذكرتْ آكامَ دبرنداتِها، | وعافَتِ الآجامَ والمَراحِلا |
أذكرها عرفُ الربيعِ إلفها، | فأقبَلَتْ لشَوقِها حَوامِلا |
نفرقُ في الجوّ بصوتٍ مطربٍ، | يشوقُ من كانَ إليها مائلا |
هدية ُ الصنف ودربندية ٌ، | أو خزرياتٌ بدتْ أصائِلا |
لمّا رأتْ حَرّ المَصيفِ مُقبِلا، | وطيبَ بَردِ القَرّ ظِلاًّ زائِلا |
أهمَلَتِ التّخبيطَ في مَطارِها، | وعَسكَرَتْ لسَيرِها قَوافِلا |
من بَعدِ ما مَرّتْ بها أخياطُها، | كما نظمتَ في البُرى البوازِلا |
تَنهَضُ من صَرحِ الجليلِ تحتَها، | بأرجُلٍ لبَردِهِ قَوابِلا |
قد أنفتْ أيامُ كانونٍ لها | من أن تُرَى من الحِلى عواطِلا |
فصاغَتِ الطّلَّ لها قَلائِداً، | والثلجَ في أرجلِها خلاخِلا |
لمّا دعاني صاحبي لبرزة ٍ | ونبهَ الزميلَ والمقاوِلا |
أجبتهُ مستبشراً بقصدها: | نَبّهتُمُ لَيثَ عرينٍ باسِلا |
ثمّ بَرَزنا نَقتَفي آثارَهُ، | ونقصدُ الأملاقَ والمناهِلا |
بينَ قديم وزميل صادق، | لا زالَ شكري لهما مواصلا |
والصّبحُ قد أعمّنا بنورِهِ، | لمّا انثنى جنحُ الظلامِ راحِلا |
تَخالُ ضوءَ الصّبحِ فَوداً شائِباً، | وتحسبُ الليلَ خضاباً ناصِلا |
وقد أقَمنا في المَقاماتِ لها | مَعالماً تَحسبُها مَجاهِلا |
وأعينُ الأسدِ، إذا جنّ الدّجى | أذكتْ لنا أحداقُها مشاعِلا |
نَرشُقُها من تَحتِها ببنُدقٍ، | يَعرُجُ كالشُّهبِ إليها واصِلا |
فما رقي تحتَ الطيورِ صاعدٌ، | إلاّ اغتدى بها البلاءُ نازِلا |
للهِ أيامٌ بهورٍ بابِلٍ | أضحَى بها الدّهرُ علينا باخِلا |
فكَم قضَينا فيهِ شَملاً جامِعاً، | وكم صحبنا فيهِ جمعاً شاملا |
فهل تُرى ترجعُ أيامٌ به، | في جذلٍ قد كانَ فيهِ حاصِلا |
هَيهَاتَ مَهمَا يَستَعرْ مسترجعٌ، | أراجعٌ لي الدّهرُ حَولاً كامِلا |