يا عبرة الدهر جاوزت المدى فينا
يا عبرة الدهر جاوزت المدى فينا | حتى ليأنف أن ننعاه ماضينا |
فالسهل قد دفنت فيه معاقلنا | والبحر قد فقدت فيه جوارينا |
وانثل من عزنا ما عز مطلبه | واندك من مجدنا ما شاد بانينا |
وعد ذنبا علينا ما يشرفنا | وعد رفع لنا ما بات يدنينا |
فاز القوي علينا في تضاؤلنا | والحق أعلى ولكن ليس يغنينا |
لا فخر أن يغلب الأقوى مناضلة | بل أن يدين ضعيف مثلما دينا |
يا دهر إن كنت لم تمهل شبيبتنا | حتى ادلت انحطاطا من معالينا |
فأنت خير مرب للأولى جهلوا | كجهلنا ان ترك الحزم يشفينا |
فزد مصائبنا حتى تنبهنا | تكن حياة لنا من حيث ترينا |
هم سقوا بدم الأكباد عزمهم وبات في صدإ العماد ماضينا |
|
فلم تجئهم علاهم من شوامخهم | ولم يجيء خفضنا من خفض وادينا |
كانت عمالتنا الدنيا باجمعها | والقول والفعل في الأقطار ماشينا |
إذا التي أرضعتها ذئبة فإدت | روما تصدت تبارينا فتبرينا |
حتى رمتنا بداهي الظفر طاغية | فتى دهاء وبأس جاء يفنينا |
في فتية من بني الرومان قد ألفوا | نار الوغى فحكوا فيها الشياطينا |
أردوا عساكرنا أخلو دساكرنا | هدوا منارنا طاغين باغينا |
ولم يكن جندنا إلا قساورة | أبلوا بلاء الصناديد الأشدينا |
لكن صرفا من المقدور غالبهم | فما نجا منهم غير الأقلينا |
ما بالنا بعد أن دكت مدينتنا | وامتد حكم العادي في نواحينا |
صرنا حيارى سكارى من تخاذلنا | وأسعفتهم يدانا في تلاشينا |
وأصبحت دارنا والكون تابعها | مثوى لهم ومواليهم موالينا |
تالله ما غلبونا حيث باسلنا | قضى قتيلا ونالوا من نواصينا |
لكنهم غلبونا حين ملكهم | أزمة الأمر شادينا وراضينا |
فما هم بأعادينا | خلائقنا هي التي أصبحت أعدى أعادينا |
أليوم روما هي الدنيا وصولتها | تنافس الأرض توطيدا وتمكينا |
وما أثنية إلا معقل خرب | نجيل أصفادنا فيه مذالينا |