أبلغ بما أفرغت في تمثال
أبلغ بما أفرغت في تمثال | من مأرب غال ومعنى عال |
فن بذلت له الحياة مثابرا | في حومة الآلام والآمال |
وإذا تمنيت الحياة كبيرة | بلغتها بكبيرة الأعمال |
ذاك النبوغ ولا تنال سعادة | ترضيه إلا من أعز منال |
خذ بالعظيم من الأمور ولا يكن | لك في الهموم سوى هموم رجال |
واجعل خيالك ساميا فلطالما | سمت الحقيقة بامتطاء خيال |
ابعد مناك على الدوام فكلما | دان النجاح علت مني الأبطال |
أخلى الخلائق من لذاذات النهى | من عاش في الدنيا بتقلب خال |
ليس الذي أوتيت يا مختار من | عفو العطايا ذاك سهد ليال |
في كل فن ليس إدراك المدى | للأدعياء وليس للجهال |
كلا وليست في توخي راحة | قبل التمام مظنة لكمال |
إني لأستجلي الفلاح فينجلي | لي عن مثابرة وغر فعال |
مصر تحي فيك ناشر مجدها | مجد الصناعة في الزمان الخالي |
وهي التي ما زال أغلى إرثها | من خالد الألوان والأشكال |
لبثت دهورا لا يجدد شعبها | رسما ولا يعنى برسم بال |
حتى انبرى الإفرنج يبتعثون ما | دفنته من ذخر مدى أجيال |
وبرزت تثأر للبلاد موفقا | فرددت فيها الحال غير الحال |
أليوم إن سأل المافر عصرنا | عما أجد ففيه رد سؤال |
أليوم في مصر العزيزة إن يقل | ما فنها شيء سوى الأطلال |
أليوم موضع زهوها وفخارها | بجميل ما صنعته كفك حال |
صورت نهضتها فجاءت آية | تدعو إلى الإكبار والإجلال |
يا حبذا مصر الفتاة وقد بدت | غيداء ذات حصافة وجمال |
في جانب الرئبال قد ألقت يدا | أدماء ناعمة على الرئبال |
بتلطف ورشاقة بتعفف | وطلاقة بتصون ودلال |
فإذا أبو الهول الذي أخت به | حقب العثار أقيل خير مقال |
تمثال نهضة مصر أشرق جامعا | أنسى منى الأوطان في تمثال |
ناهيك بالرمز العظيم وقد حوى | معنى الرقى وروح الاستقلال |