سر العذارى منبيء
سر العذارى منبيء | عن شاعر للحي زائر |
فقصدته وسخرن من | زجر الأميمات الزواجر |
ليرين فتنته التي | تغوي العفيفات الحرائر |
فوجدنه رجلا مليحا | خلقه حسن الظواهر |
لا شيء يفتضح النهى | فيه كما ادعت النواهر |
ولعل في منظومه | آياته الكبر السواحر |
فسألنه إنشاد شيء | من بدائعه الحواضر |
فأطاعهن ومن ترى | يعصي الجميلات الأوامر |
فعقدن فيما حوله | عقدا فريدا من جواهر |
وتناول الرجل الرباب | وفكره في الغيب ناظر |
وأثار في الأوتار تغريدا | كأن العود طائر |
ثم انبرى يروي روايته | وتتبعه الخواطر |
كان الأمير مهند | بطلا شهيرا في العشائر |
من آل بدر الباسلين | الباذلين ذوي المفاخر |
ينضم تحت لوائه | ألف من الأسد القساور |
رجل كما تهوى المحامد | خلقه والخلق باهر |
ذو صولة مشهورة | بين البوادي والحواضر |
وشجاعة في القلب تخفيها | العذوبة في النواظر |
نخشى الليوث لقاءه | وتود رؤيته الجآذر |
يهوى فتاة من بني | حمد الكرام ذوي المآثر |
لكن بين أبي الفتاة | وبينه ثأرا لثائر |
فسعى ليخطبها على | صلح فعاد بسعي خاسر |
عصفت حميته به | ناهيك بالصب المخاطر |
فغزاهم برجاله | وبكل ذي ثار يضافر |
وتقاتلوا يومين لم | يظهر من للجيشين ظاهر |
حتى اغتدى ذاك العراك | كأنه بعض المجازر |
فدعا مهند للبراز | وقد تحدى كل حاضر |
ما جال إلا جولتي | أسد يبربر وهو زائر |
حتى انبرى منهم فتى | متلثم ضافي الغدائر |
فتجاولا وكلاهما | متقحم كالصقر كاسر |
سرعان ما حكما الرماح | فأعملا بيض البواتر |
وتواثبا متهالكين | كلاهما جلد مكابر |
وكلاهما متخضب | بدم ولكن لا يحاذر |
كان الملثم لا يخالس | مقتلا ممن ينافر |
بل يبتغي إجهاده | لينال منه وهو خائر |
متحرزا حتى تحين | نهزه اللبق المداور |
فسطا عليه مبادرا | والفوز أخلق بالمبادر |
وعلاه فهو مروع | كالشاة تحت ركاب ناحر |
قال الأمير غلبتني | أفلست تعفو عفو قادر |
فأجابه من فوره | أبشر فإنك أنت ظافر |
ونضا اللثام فأشرقت | شمس أشعتها ضفائر |
كانت حبيبته التي | خاض الردى فيها يخاطر |
فتعاهدا وتعاقدا | بدماهما لا بالخناصر |
وتصالح القومان في | عرس صفت فيه السرائر |
مرت مواردهم ولكن | بعدها حلت المصادر |
فأطافت الفتيات في | فلك من الأفكار دائر |
وشهدن تلك الحادثات | كأن ماضيهن حاضر |
وكأنهن رأين بالأبصار | ما رأت البصائر |
ثم اتزدن فزاد ما | خلب العقول من النوادر |
ثم استزدن فزاد ما | خلب العقول من النوادر |
حتى إذا هبط النهار | كحط راحلة المسافر |
ختم الكلام بمن حديث | هواه في الأمثال سائر |
أذكى وأبلغ من عرته | جنة لهوى مخامر |
أولى ولي من عرته جنة | لهوى مخامر |
أولى ولي أن يقيم | العاشقون له شعائر |
قيس ومن كفؤ له | بين الأوائل والأواخر |
وأفاض في وصف الملوح | ما يشاء هوى السرائر |
إذ بات يضرب في المفاوز | وهو ساجي الطرف حائر |
كلفا طريدا لا شفيق | ولا رفيق ولا مؤازر |
إلا إذا مر الغزال | به فيأنس وهو نافر |
يبكي ويستبكي بشعر | خالص الدم منه قاطر |
ويعلم الوحش الأسى | ويلين أحجار المقابر |
حتى قضى في يأسه | دنقا مشوقا غير صابر |
نامت نواظره | ولكن قلبه في القبر ساهر |
فبكين قيسا ترحة | وحببنه ملء الضمائر |
ونظرنه في شكل من | أبكى بما هو عنه ذاكر |
ثم انثنين مكفكفات | دمعهن عن المحاجر |
متلفتات تحو من | هو مثله غزل وشاعر |
كل تقول بلحظها | يا قيس إني بنت عامر |
تالله أنصفت النواصح | ليس هذا غير ساحر |