أترحلُ منْ ليلى ، ولمّا تزوّدِ،
أترحلُ منْ ليلى ، ولمّا تزوّدِ، | وكنتَ كَمنْ قَضّى اللُّبَانَة َ مِنْ دَدِ |
أرى سفهاً بالمرءِ تعليقَ لبّهِ | بغانية ٍ خودٍ، متى تدنُ تبعدِ |
أتَنْسَينَ أيّاماً لَنَا بِدُحَيْضَة ٍ، | وَأيّامَنَا بَينَ البَدِيّ، فَثَهْمَدِ |
وَبَيْدَاءَ تِيهٍ يَلْعَبُ الآلُ فَوْقَهَا، | إذا ما جرى ، كالرّازفيّ المعضَّدِ |
قطعتُ بصهباءِ السّراة ِ، شملّة ٍ، | مروحِ السُّرى والغبّ من كلّ مسأدِ |
بناها السّواديُّ الرّضيعُ معَ الخلى ، | وَسَقْيي وَإطْعامي الشّعِيرَ بمَحْفَدِ |
لدى ابنِ يزيدٍ أو لدى ابن معرِّفٍ | يفتّ لها طوراً وطوراً بمقلدِ |
فأصبحتْ كبنيانِ التّهاميّ شادهُ | بطينٍ وجبّارٍ، وكلسٍ وقرمدِ |
فَلَمّا غَدَا يَوْمُ الرّقَادِ، وَعِنْدَهُ | عتادٌ لذي همٍّ لمنْ كانَ يغتدي |
شددتُ عليها كورها فتشدّدتْ | تَجُورُ عَلى ظهْرِ الطّرِيقِ وَتَهْتَدي |
ثلاثاً وشهراً ثمّ صارتْ رذية ً، | طليحَ سفارٍ كالسّلاحِ المفرَّدِ |
إلَيكَ، أبَيْتَ اللّعْنَ، كانَ كَلالُها، | إلى المَاجِدِ الفَرْعِ الجَوَادِ المُحَمّد |
إلى مَلِكٍ لا يَقْطَعُ اللّيْلُ هَمَّهُ، | خَرُوجٍ تَرُوكٍ، للفِرَاشِ المُمَهَّدِ |
طَوِيلِ نِجَادِ السّيْفِ يَبعَثُ هَمُّهُ | نِيَامَ القَطَا باللّيْلِ في كلّ مَهْجَدِ |
فَما وَجَدَتْكَ الحَرْبُ، إذْ فُرّ نابُهَا، | عَلى الأمْرِ نَعّاساً عَلى كُلّ مَرْقَدِ |
ولكنْ يشبّ الحربَ أدنى صلاتها | إذا حركوهُ حشَّها غيرَ مبردِ |
لعمرُ الذي حجتْ قريشٌ قطينهُ، | لقد كدتهمْ كيدَ امرئٍ غيرِ مسندِ |
أُولى وَأُولى كُلٌّ، فَلَسْتَ بِظَالِمٍ، | وطئتهمُ وطءَ البعيرِ المقيَّدِ |
بمَلمومة ٍ لا يَنفُضُ الطّرْفُ عَرضَها، | وَخَيْلٍ وَأرْمَاحٍ وَجُنْدٍ مُؤيَّدِ |
كأنَّ نعامَ الدّوّباضَ عليهمُ، | إذا رِيعَ شَتّى للصّرِيخِ المُنَدِّدِ |
فما مخدرٌ وردٌ كأنّ جبينهُ | يطلّى بورسٍ أو يطانُ بمجسدِ |
كستهُ بعوضُ القريتينِ قطيفة ً، | مَتى مَا تَنَلْ مِنْ جِلْدِهِ يَتَزَنّدِ |
كأنّ ثيابَ القومِ حولَ عرينهِ، | تَبابِينُ أنْباطٍ لَدى جَنبِ مُحصَدِ |
رأى ضوءَ بعدما طافَ طوفهً | يُضِيءُ سَناها بَينَ أثْلٍ وَغَرْقَدِ |
فَيَا فَرَحَا بالنّارِ إذْ يَهْتَدِي بِهَا | إلَيْهِمْ، وَأضْرَامِ السّعِيرِ المُوَقَّدِ |
فلما رأوهُ دونَ دنيا ركابهمْ، | وطاروا سراعاً بالسلاحِ المعتَّدِ |
أتِيحَ لَهُمْ حُبُّ الحَيَاة ِ فأدْبَرُوا، | وَمَرْجاة ُ نَفْسِ المَرْءِ ما في غَدٍ غدِ |
فلمْ يسبقوهُ أنْ يلاقي رهينة ً، | قليلَ المساكِ عندهُ غيرَ مفتدي |
فأسمعَ أولى الدّعوتينِ صحابهُ، | وَكَانَ الّتي لا يَسْمَعونَ لهَا قَدِ |
بأصْدَقَ بأساً منكَ يَوْماً، وَنَجْدَة ً، | إذات خامتِ الأبطالُ في كلّ مشهدِ |
وَمَا فَلَجٌ يَسْقي جَداوِلَ صَعْنَبَى ، | لَهُ شَرَعٌ سَهْلٌ عَلى كُلّ مَوْرِدِ |
ويروي النّبطُ الرّزقُ من حجراتهِ | دِيَاراً تُرَوّى بِالأتّي المُعَمَّدِ |
بِأجْوَدَ مِنْهُ نَائِلاً، إنّ بَعْضَهُمْ | كفى ما لهُ باسمِ العطاءِ الموعَّدِ |
ترى الأدمَ كالجبارِ والجردَ كالقنا | موهَّبة ً منْ طارفٍ ومتلَّدِ |
فلا تحسبني كافراً لكَ نعمة ً، | عَليّ شَهِيدٌ شَاهِدُ الله، فاشهَدِ |
ولكنّ من لا يبصرُ الأرضَ طرفهُ، | متى ما يشعهُ الصّحبُ لا يتوحدِ |