خليلّي مرّ بي على أم جندب
خليلّي مرّا بي على أم جندب | نُقَضِّ لُبَانَاتِ الفُؤادِ المُعذَّبِ |
فَإنّكُمَا إنْ تَنْظُرَانيَ سَاعَة ً | من الدهرِ تَنفعْني لَدى أُمِّ جُندَبِ |
ألم ترياني كلما جئتُ طارقاً | يُفَدّونَهُ بالأمّهَاتِ وبَالأبِ |
عَقيلَة ُ أتْرَابٍ لهِا، لا دَمِيمَة | وَلا ذَاتُ خَلقٍ إن تأمّلتَ جَأنّبِ |
ألا ليتَ شعري كيف حادث وصلها | وكيْفَ تُرَاعي وُصْلَة َ المُتَغَيِّبِ |
أقَامَتْ على مَا بَيْنَنَا مِنْ مَوَدّة ٍ | أميمة أم صارت لقول المخببِ |
فإن تنأ عنها لا تُلاقِها | فإنكَ مما أحدثت بالمجربِ |
وقالت متى يبخل عليك ويعتلل | يسوكَ إن يكشف غرامكَ تدرب |
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن | سوالك نقباً بن حزمي شعبعب |
علونَ بأنطاكية ٍ فوق عقمة | كجرمة نخل أو كجنة يثرب |
ولله علينا من رأى من تفرق | أشت وأنأى من فراق المحصّب |
فريقان منهم جازع بطنَ نخلة | وآخر منهم قاطعٌ نجد كبكب |
فَعَيْنَاكَ غَرْباً جَدْوَلٍ في مُفَاضَة ٍ | كمَرّ الخَليجِ في صَفيحٍ مُصَوَّبِ |
وإنكَ لم يفخر عليكَ كفاخر | ضَعيفٍ وَلمْ يَغْلِبْكَ مثْلُ مُغَلَّبِ |
وإنك لم تقطع لبانة عاشقِ | بمِثْلِ غُدُوّ أوْ رَوَاحٍ مُؤَوَّبِ |
بأدماء حرجوج كأن قتودها | على أبلق الكشحين ليس بمغرب |
يُغرد بالأسحار في كل سدفة | تَغَرُّدَ مَيّاحِ النّدَامى المُطَرِّبِ |
أَقَبَّ رَباعٍ مِن حَميرِ عَمايَةٍ | يَمُجُّ لِعاعَ البَقلِ في كُلِّ مَشرَبِ |
بمحنية قد آزر الضال نبتها | مَجَرَّ جُيُوشٍ غَانِمِينَ وَخُيّبِ |
وقَد أغتَدى وَالطّيرُ في وُكُنّاتِهَا | وَماءُ الندى يجرِي على كلّ مِذْنَبِ |
بمنجردِ قيدِ الأوابد لاحهُ | طِرَادُ الهَوَادِي كُلَّ شَاوٍ مُغرِّبِ |
عَلى الأينِ جَيّاشٍ كَأنّ سَرَاتَهُ | على الضَّمرِ وَالتّعداءِ سَرْحة ُ مَرْقَبِ |
يُبارِي الخَنوفَ المُسْتَقلَّ زِماعُهُ | ترى شخصه كأنه عود مشحب |
له أيطلا ظبي وساقا نعامة | وَصَهْوَة ُ عَيرٍ قائمٍ فَوْقَ مَرْقَبِ |
وَيَخْطُو على صُمٍّ صِلابٍ كَأنّهَا | حجارة غيل وارساتٌ بطحلب |
له كفلٌ كالدّعص لبدهُ الثدى | إلى حارِكٍ مِثْلِ الغَبيطِ المُذَأّبِ |
وَعَينٌ كمِرْآة ِ الصَّنَاعِ تُدِيرُها | لمَحْجِرهَا مِنَ النّصيفِ المُنَقَّبِ |
لَهُ أُذُنَانِ تَعْرِفُ العِتْقَ فيهِمَا | كسامعتي مذعورة وسطَ ربرب |
ومستفلكُ الذفرى كأن عنانهُ | ومَثْناتَهُ في في رأسِ جِذْعٍ مُشذَّبِ |
وَاسْحَمُ رَيّانُ العَسيبِ كَأنّهُ | عَثاكيلُ قِنْوٍ من سُميحة ِ مُرْطِبِ |
إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه | تَقولُ هزِيزُ الرّيحِ مَرّتْ بأثْأبِ |
يُدِيرُ قَطَاة ً كَالمَحَالَة ِ أشْرَفَتْ | إلى سند مثلُ الغبيطِ المذأبِ |
وَيَخْضِدُ في الآرِيّ، حتى كأنّهُ | بهِ عُرّة ٌ من طائفٍ، غَيرَ مُعْقِبِ |
فَيَوماً عَلى سِربٍ نَقِيِّ جُلودُهُ | وَيَوماً عَلى بَيدانَةٍ أُمِّ تَولَبِ |
فينا نعاجٌ يرتعينَ خميلة ً | كمَشْيِ العَذارَى في المُلاءِ المُهَدَّبِ |
فكان تنادينا وعقد عذارهِ | وَقَالَ صِحَابي قد شَأَوْنَكَ فاطْلُبِ |
فلأياً بلأي ما حملنا غلامنا | على ظَهْرِ مَحْبوكِ السّرَاة ُ مُحنَّبِ |
وولى كشؤبوب الغشي بوابل | ويخرجن من جعد ثراهُ منصبٍ |
فَلِلساقِ أُلهوبٌ وَلِلسَوطِ دُرَّةٌ | وَلِلزَجرِ مِنهُ وَقعُ أَهوَجَ مُتعَبِ |
فَأدْرَكَ لمْ يَجْهَدْ وَلمْ يَثنِ شَأوَهُ | تر كخذروف الوليد المثقبِ |
ترى الفار في مستنقع القاع لا حباً | على جدد الصحراء من شد ملهبِ |
خفاهنَّ من أنفاقهن كأنما | خفاهن ودق من عشي مجلب |
فَعادى عِداءً بَينَ ثَوْرٍ وَنَعجَة ٍ | وَبينَ شَبوبٍ كَالقَضِيمَة ِ قَرْهَبِ |
وظل لثيران الصريم غماغمُ | يداعسها بالسمهريِّ المعلب |
فَكابٍ على حُرّ الجبينِ وَمُتّقِ | بمَدْرِيَة ٍ كَأنّهَا ذَلْقُ مِشْعَبِ |
وقلنا لفتيان كرام ألا انزلوا | فَعَالُوا عَلَيْنَا فضْلَ ثوْبٍ مُطنَّبِ |
وَأَوتادَهُ ماذَيَّةٌ وَعِمادُهُ | رُدَينِيَّةٌ بِها أَسِنَّةُ قُعضُبِ |
وَأَطْنَابُهُ أشطَانُ خوصٍ نَجائِبٍ | وصهوته من أتحميِّ مشرعب |
فَلَمّا دَخَلْنَاهُ أصَغْنَا ظُهُورَنَا | إلى كلّ حاري جديد مشطب |
كأنّ عُيونَ الوَحشِ حَوْلَ خِبائِنَا | وأرجلنا الجزع الذي لم يثقب |
نمش بأعراف الجياد أكفنا | إذا نحن قمنا عن شواءٍ مضهب |
ورحنا كأنا من جواثي عشية | نعالي النعاجَ بين عدل ومحقب |
وراح كتيس الرّبل ينفض رأسهُ | أذَاة ً بهِ مِنْ صَائِكٍ مُتَحَلِّبِ |
كأنك دماءَ الهاديات بنحره | عُصَارَة حِنّاءٍ بشَيْبٍ مُخَضَّبِ |
وأنت إذا استدبرته سد فرجهُ | بضاف فويقَ الأرض ليس بأصهب |