الشقي السعيد
ماذا وراءَ الأُفُقِ هذا؟! | إنَّه شَيْءٌ مُخِيفْ! |
إِلاَّ لمن كانَ العَفِيفَ | وقِلَّةٌ مِنَّا العَفِيفُ! |
الشَّهْوةُ العَمْياءُ تُغْرِينا وتَعْمينا فَأَكْثَرُنا كفيف! |
|
فإذا تَضَرَّجَ بالسِّهامِ | وصَوَّحَ الرَّوْض .. الخَرِيفْ! |
ورأى النَّزِيفَ يكادُ يُسْقِطُهُ فّروَّعَهُ النَّزِيفْ! |
|
أَنَّتْ جَوارِحُهُ .. وضَجَّ | بِقَلْبِهِ الدَّامي.. الوَجِيفْ! |
فَبَكى وقال لِنَفْسِهِ | يا ليْتَني كنْتُ الشَّرِيفْ! |
*** |
|
لن يَشْفَعَ الدَّمْعُ الغَزِيرُ له | ولا النَّدَمُ الكَبِيرْ! |
فلقد دَجا اللَّيْلُ البَهِيمُ | وأَدْبَرَ القَمَرُ المُنِيرْ! |
وسَرَتْ سُمُومٌ في العُروقِ | .. فما لَهُ مِنْها مُجيرْ! |
ما يَنْفَعُ المَرْءَ الحُطامُ | وقد يكُونُ به الفقِيرْ! |
والمَجْدُ ما أَخْزاهُ | حِين يُلَوِّثُ المجْدُ الضَّمِيرْ! |
إِنِّي لأَبْرَأُ مِنْهما | بُرْءَ الجَليلِ من الحقيرْ! |
أَنْ كُنْتُ مِنْ قَبْلُ البَصيرَ | فَصِرْتُ مِن بَعْدُ الضريرْ! |
*** |
|
ماذا سَيَصْنَعُ ضائِعٌ | يَطْوِي اللَّيالي في سُهادْ؟! |
أَخْفَتْ عَلَيْهِ صُرُوفُهُ | ورَمَتْهُ في قاعِ الوِهادْ؟! |
يَنْوِي المَتَابَ .. وفي الطَّرِيقِ إليه أَهْوَالٌ شِدادْ! |
|
لم يَشْفِهِ خَطَأُ المَسِيرِ | ولم يُطَمْئِنْهُ السَّدادْ! |
جَنَفُ الصِّراعِ أَقامَهُ | بَيْنَ الضَّلالَةِ والرَّشادْ! |
لا يَسْتَرِيحُ .. وكيْفَ وهْوَ على فِراشٍ مِن قَتادْ؟! |
|
بَذَرَ الغِواية واسْتَهانَ | وخافَ مِن مُرِّ الحَصادْ! |
*** |
|
رِيعَتْ دَخائِلُهُ .. ورَغْمَ | سُرُورِهِ خَافَ المصائِرْ! |
فَتَخبَّطَتْ قَدَمَاهُ.. فَهْوَ بِخَطْوِهِ دَام وعاثِرْ! |
|
وَيْلاهُ قَالَ وخَلْفُهُ | وأَمامُهُ النُّوَبُ والهَواصِرْ! |
ماذا سأَلْقَى؟! والمآثِمُ أوْقَعَتْني في المخاطِرْ؟! |
|
فإِذا بصَوْتٍ هامسٍ | عَذْبٍ تَطِيبُ به الخَواطِرْ! |
أَشْجاهُ وهو يَقُولُ | إنَّ اللهَ يَغْتَفِرُ الكبائِرْ! |
ويُفَرِّجُ الكُرُباتِ فَضْلاً لِلْعُقولِ ولِلْمَشاعِرْ! |
|
إنَّ السَّماءَ يُضِيئُها | بَدْرٌ فَتَنْقَشِعُ الدَّياجِرْ! |
*** |
|
لا تَأْسَ فَهْوَ يَرى ضَمِيرَكَ إنْ صَدَقْتَ .. يَرى الطَّوايا! |
|
فَلَرُبَّما شَقِيَتْ بَواكِرُ | ثم قد سَعِدَتْ عَشَايا! |
سِرْ في طَرِيقِكَ واسْتَمِرَّ بها | فقد تَلْقى السَّجايا! |
ولَسَوْف َإنْ صَمَّمْتَ تُسْعِدْكَ | الظَّواهِرُ والخَفايا! |
جَلَّ الذي بَرأَ النُّفُوسَ | وجَلَّ مَن شَرَعَ الوَصايا! |
يَهْدي بها المَفْتُونَ حتى لا يَزِلَّ مِن الخَزايا..! |
|
وَلأَنتَ مِنْ بَعْدِ المَتابِ غَدَوْتَ مِن خَيْرِ البَرايا! |
|
*** |
|
إنِّي لأَرْنُو لِلسَّماءِ | إذا دَجا اللَّيْلُ البَهِيمْ! |
فأَرى النُّجُومَ الوامِضاتِ كأنَّهُنَّ عُيُونُ رِيمْ! |
|
تَطْوِي الظَّلامَ ولا تَمُنُّ | فما أَضِلُّ ولا أَهِيمْ! |
والبَدْرُ يَسْطَعُ فالسَّماءُ | تَظَلُّ صافِيةَ الأَدِيمْ! |
فأرى بِها وبِما يُحَيِّرُنا بِه الكَوْنُ العَظِيمْ! |
|
يَدَ خالِقٍ .. يَحْبُو التَّقِيَّ | ولا يَضِنُّ على الأَثَيمْ! |
آياتُهُ تُعْيِي البَيانَ | فَما النَّثِيرُ وما النَّظِيمْ؟! |
*** |
|
فَأَخِرُّ أَسْجُدُ ضارِعاً | وأَظَلُّ أَنْشُجُ بالبُكاءْ! |
وأقول.. يا ربي استطلت | وما أنا إلا هَبَاءْ! |
وأقولُ.. يا رَبِّي أَثِمْتُ | وضَلَّ صُبْحِيَ والمَساءْ! |
وأَقُولُ رَبِّي أَبِقْتُ | وما اهْتَدَيْتُ إلى النَّجاءْ! |
وأَقُولُ يا رَبِّي مَرِضْتُ | وما أُرِيدُ سِوى الشِّفاءْ! |
واليَوْمَ أصْحُو من سُباتِيَ | أَسْتَفيقُ مِن البَلاءْ! |
واليْوْمَ أَهْتِفُ بالدُّعاءِ | فهل سَيُسْعِدُني الدُّعاءْ؟! |
أَنِّي لأَشْعُرُ بَعْدما.. بَيَّنْتَ لي الدَّرْبَ السَّواءْ! |
|
وسَكَبْتَ في قَلْبي السَّكِينَةَ | والتَّطَلُّعَ.. والرَّجاء! |
أَنِّي نَجَوْتُ فَلاَ نُكُوصَ | ولا رُجُوعَ إلى الوَراءْ! |
جَلَّتْ أَيادِيكَ السَّخِيَّةُ | واسْتَفاضَتْ بالعَطاءْ! |
فَأَنا السَّرِيُّ بما حَبَوْتَ | وكنْتُ أَجْدَرُ بِالرِّثاءْ! |
قد كُنْتُ في الدَّرْكِ السَّحِيقِ فَصِرْتُ في القِمم الوِضاءْ! |
|
أَشْدو بِحَمْدِكَ ما حَييتُ | فقد غَدَوْتُ كما تَشَاءْ! |
يا للْجُدوبَة تَستَحِيلُ | بِفَضْلِ غَوْثِكَ لِلرُّواءْ..! |