يا ابنتي .. يا ابنتي
يا ابْنَتي. يا ابْنَتي أبوكِ سَقِيمٌ | نالَ مِن رُوحِه عذابٌ أليمُ! |
كانَ يَمْضي إلى العظائِمِ ما يَلْقى | لُغُوباً.. وخَطُّه مُسْتَقيمُ! |
فَتَهاوى الصُّلْبُ الحديدُ من الدَّهْرِ | وأَمْسى في القاعِ وهو هَشِيمُ! |
فَذَريهِ يَنامُ في قاعِهِ الرَّطْبِ | فما يَنْفَعُ الحَبِيبَ الرَّميمُ! |
*** |
|
يا ابْنَتي .. يا ابْنَتي أَبُوكِ غَرِيبٌ | وهو في دَارهِ وبَينَ لِداتِهْ! |
جامِدُ الحِسِّ. والهُمومُ تُناغِيه | وتُقْصِيهِ عن لَذِيذِ سُباتِهُ! |
ساهمُ الفِكْرِ تَسْتَبِدُّ به الخِيـ | فةُ من دّرْبِهِ. ومن ظُلُماتِهُ! |
فهو يَمْشي به كئيباً فَيُعييهِ | ويُدْمي الكَسُولَ من خَطَواتِهْ! |
*** |
|
يا ابْنَتي يا ابْنَتي. أبُوك جَدِيبٌ | بَعْد أنْ كان مُخْصِباً فَيْنانا..! |
جفَّ يَنُبوعُهُ. وقد كَان يَرْوي | وارِديه . فما جفا ظَمآنا! |
لِلطَّوى . والصَّدى مِنْهُ ما شاءَا | لمن كانَ صادياً .. جَوْعانا! |
فاسْتحلَى الرَّوْضُ الأَغَنُّ إلى قَفْرٍ | فَخَلِّيهِ عانِياً غَصَّانا! |
*** |
|
يا ابْنَتي .. يا ابْنَتي. أَبُوكِ غَرِيمٌ | لِعَديدٍ من الورى دُونَ ذَنْبِ! |
يَنْقُمون الأَفْكارَ مِنِّي على الظُّلْمِ | وما أَسْتَطيعُ غَيْرَ التَّأَبِّي! |
وعلى المَيْنِ والخِداعِ وما أَنْكى لِعَقْلي السُّكُوتَ عَنْها .. وقَلْبي! |
|
فأَنا مِنْهموا الغَرِيمُ ومالي | عِنْدهمُ – يا لَشَقْوتي – غَيْرُ حَرْبِ! |
*** |
|
يا ابْنَتي . يا ابْنَتي. أبُوكِ لَهِيبٌ | جَمَراتٌ قد اسْتَحَلْنَ رمَادا! |
ولقد كُنْتُ عَبْقرِيَّ شَبابٍ | وشَدِيدَ القُوى أَرُدُّ الكِيادا! |
يَتفَادى الأَنامُ طَوْلي فَيَنأَوْنَ هُرُوباً مِنِّي.. ولا أَتَفادى ! |
|
ومَضى الدَّهْر راكِضاً فَتَحوَّلْتُ | أَسيراً يُجَرِّرُ الأَصْفاد! |
*** |
|
يا ابْنَتي.. يا ابْنَتي . أَبُوكِ حَرِيبٌ | شَفَّهُ الحُبُّ مِن سُعادٍ وهِنْد! |
كانَ يَغْزُو قُلُوبَهُنَّ . فَيُقْبِلنَ عليه مِن دُون دَلِّ وصَدِّ! |
|
ولقد يَمْلأُ الغُرورُ حَناياهُ | فَيُشْقي قُلُوبَهُنَّ بِبُعْدِ! |
ثم أَمْسى الصَّيَّادُ صَيْداً. وقد عادَ ضَعِيفاً.. فما يُعِيدُ ويُبْدِي! |
|
*** |
|
يا ابْنَتي.. يا ابْنَتي . أَبُوكِ حَسِيبٌ | يَنْتَمي عِرْقُهُ لأَكْرَم عِرْقِ! |
مازَها. غَيْرَ أَنّه لَقِي الزَّهْوَ | من المُنْتَمِي لأَوْضَعِ رِقِّ! |
وعَجِيبُ أَمْرُ الصَّفاقةِ هذي | غَيْرَ أَنِّي أَشَحْتُ عن كُلِّ مَذْقِ! |
حَسَبُ المَرْءِ في تقاه وإِنْ | كنْتُ فَخُوراً أَشْدو بِآباءِ صِدْقِ! |
*** |
|
يا ابْنَتي.. يا ابْنَتي . أَبُوكِ نَجِيبٌ | لم يُلاقِ الحَظَّ الذي يَسْتَحِقُّ ! |
وشَأهُ مَنْ دَونَهُ فَتَغاضى | وتَسامى فَلِلضَّفادِعِ نَقُّ! |
إنَّهم كالجهامِ ما فيه دَفْقُ وفيه | كالسَحاب الجون ارْتِفاعُ ودَفْقُ! |
أَيُّها الغَرْبُ ما أَضَأْتَ الدَّياجِيرَ | فإِنَّ الضِّياء للنَّاسِ. شَرْقُ! |
* * * |
|
يا ابْنَتي.. يا ابْنَتي . أَبُوكِ ضَرِيبٌ | لِذَكاءِ الوَضِيئَةِ. النَّفَّاعَهْ! |
فإذا ما أدلَهَمَّ لَيْلٌ رأى النَّاسُ لَدَيْهِ انْهِزامَهُ وانْقِشاعَهْ! |
|
غَيْرَ أَنَّ الأَحْقادَ تَفْعَلُ في الأَنْفُسِ ما لا يَطِيقُ حُرٌّ سَماعَهْ! |
|
وأَنا قد أَطَلقْتُهُ وتَغَافَلْتُ | وقد يُؤْثِرُ الحُسامُ الْتِماعَهْ! |
*** |
|
يا ابْنَتي.. يا ابْنَتي . أَبُوكِ عَجُوزٌ | شاخَ فاسْتَلْهِمي الهُدى من مَقالِهْ! |
وتَعالَيْ إليه قَبْلَ تَوَلِّيهِ | وطُلِّي إلى كرِيمِ فِعالهْ! |
أَنْتِ بِضْعٌ منه فَكُوني له الوَارِثَ لا مِنْ حُطامِهِ ونَوالِهْ! |
|
بَلْ مِن الطَّبْعِ. بَلْ من الخُلُقِ السَّا مِي كُونِي وَرِيثَةً لِخِلالِهْ! |