الوطن المفدى
سَقَتِ الغادياتُ أرضاً رعتْني | طاب للظبي في رُباها المقامُ |
ورعى اللهُ تربةً أنشأتْني | وعهودُ الصِّبا بها أحلام |
خلعتْ حسنَها عليها الليالي | وازدهتْ في ظلالها الأيام |
وعليها تناثرتْ دُرَرُ القَطْـ | ـرِ انتشاراً وانحلّ ذاك النِّظام |
إن غصناً أطلَّ في القلب غَنّى | فوقه بلبلٌ وناح حَمام |
كلّما اهتزّ جانبُ القلبِ للذِّكْـ | ـرى، فللوجدِ فوقه أنغام |
ساقني موطني على البعد شوقَ الطْـ | ـطَيْرِ للظلّ قد براه الأُوام |
والمهى للمروج والأرضِ للغَيْـ | ـثِ إذا أمحلتْ وماج القَتام |
جئتُها والخشوعُ ملءُ ضلوعي | بعد أن عُلّلتْ بها أعوام |
فرأتْ من خلال دمعيَ عيني | أثراً للذين في الربع ناموا |
طَللٌ قد ضحكنَ فيها الأماني | فَهْي بَضّاء ليس فيها مَلام |
فاخلعِ النعلَ إنها تربةٌ بُو | رِكَ في نَبْتها سقاها الغمام |
تربةٌ قد تَسلسلَ الماءُ من تَحْـ | ـتِ رُباها تَزينها أعلام |
لفحتْها الرياحُ والشمسُ حمرا | ءُ ، كلون الزجاجِ فيها الـمُدام |
خُضرةٌ فوق حمرةٍ قد جلتْها | صُفرةٌ فوقها خفقنَ الخِيام |
وعُقودٌ من اللآلئ يَهديـ | ـها لِــجِيد الحسانِ بحرٌ طغام |
عَلِقتْها نفسي شباباً وبُرْدُ الْـ | ـعَيْشِ غَضٌّ فطاب فيها الغرام |
لا أرتْني الحياةُ بعدَكِ أرضاً | موطنَ الدُّرِّ لا علاكَ مقام |
تلك أرضُ الجدودِ أرضُ أَوالٍ | حلّ مغناكِ نَضْرةٌ وسلام |