أَلاَ، حيِّ مِنْ «أَسْمَاءَ» رَسْمَ الْمَنَازِلِ
أَلاَ، حيِّ مِنْ «أَسْمَاءَ» رَسْمَ الْمَنَازِلِ | وَإِنْ هِيَ لَمْ تَرْجِعْ بَيَاناً لِسَائِلِ |
خلاءٌ تعفتها الروامسُ ، والتقتْ | عَلَيْهَا أَهَاضِيبُ الْغُيُومِ الْحَوَافِلِ |
فلأياً عرفتُ الدارَ بعدَ ترسمٍ | أراني بها ما كانَ بالأمس شاغلي |
غدتْ وَ هيَ مرعى ً للظباءِ ، وَ طالما | غَنَتْ وَهْيَ مَأْوًى لِلْحِسَانِ الْعَقَائِلِ |
فَلِلْعَيْنِ مِنْهَا بَعْدَ تَزْيَالِ أَهْلِهَا | مَعَارِفُ أَطْلالٍ، كَوَحْيِ الرَّسَائِلِ |
فَأَسْبَلَتِ الْعَيْنَانِ فِيهَا بِوَاكِفٍ | منَ الدمعِ ، يجري بعدَ سحًّ بوابلِ |
دِيارُ الَّتِي هَاجَتْ عَلَيَّ صَبَابَتِي | وأَغْرَتْ بِقَلْبِي لاَعِجَاتُ الْبَلابِلِ |
منَ الهيفِ ، مقلاقُ الوشاحينِ ، غادة ٌ | سَلِيمَة ُ مَجْرَى الدَّمْعِ، رَيَّا الْخَلاَخِلِ |
إذا ما دنتْ فوقَ الفراشِ لوسنة ٍ | جفا خصرها عنْ ردفها المتخاذلِ |
تَعَلَّقْتُهَا فِي الْحَيِّ إِذْ هِيَ طِفْلَة ٌ | وَإِذْ أَنَا مَجْلُوبٌ إِلَيَّ وَسَائِلِي |
فَلَمَّا اسْتَقَرَّ الْحُبُّ فِي الْقَلْبِ وَانْجَلَتْ | غيابتهُ – هاجتْ عليَّ عواذلي |
فَيَا لَيْتَ أَنَّ الْعَهْدَ بَاقٍ، وأَنَّنَا | دوارجُ في غفلٍ منَ العيش خاملِ |
تَمُرُّ بِنَا رُعْيَانُ كُلِّ قَبِيلَة ٍ | فَمَا يَمْنَحُونَا غَيْرَ نَظْرَة ِ غَافِلِ |
صَغِيرَيْنِ لَمْ يَذْهَبْ بِنَا الظَّنُّ مَذْهَباً | بَعِيداً، ولَمْ يُسْمَعْ لَنَا بِطَوَائِلِ |
نَسِيرُ إِذَا مَا الْقَوْمُ سَارُوا غَدِيَّة ً | إلى كلَّ بهمٍ راتعاتٍ وَ جاملِ |
وَإِنْ نَحْنُ عُدْنَا بِالْعَشِيِّ أَضَافَنَا | إليهِ سديلٌ منْ نقاً متقابلِ |
فويلٌ لهذا الدهرِ ، ماذا أرادهُ | إلينا ، وقد كنا كرامَ المحاصلِ ؟ |
عَلَى عِفَّة ٍ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهَا | مبرأة ٌ منْ كلَّ غيًّ وَ باطلِ |
وَ لكنها الأيامُ لمْ تأتِ صالحاً | مِنَ الأَمْرِ إِلاَّ أَعْقَبَتْ بِالتَّنَازُلِ |
إِذَا مَا تَذَكَّرْتُ الزَّمَانَ الَّذِي مَضَى | تَسَاقَطُ نَفْسِي إِثْرَ تِلْكَ الْقَبَائِلِ |
قبائلُ أفنتها الحروبُ ، ولمْ تكنْ | لِتَفْنَى كِرَامُ النَّاسِ مَا لَمْ تُقَاتِلِ |
قَضَتْ بَعدَهُمْ نَفْسِي عَزَاءً، وأَصْحَبَتْ | عَشَوْزَنَتِي، وَانْقَادَ لِلذُّلِّ كَاهِلِي |
وَأَصْبَحْتُ مَغْلُولَ الْيَدَيْنِ عَنِ الَّتِي | أحاولها ، وَ الدهرُ جمُّ الغوائلِ |
صَرِيعُ لُبَاناتٍ تَقَسَّمْنَ نَفْسَهُ | وَغَادَرْنَهُ نَهْبَ الأَكُفِّ الْخَوَاتِلِ |
كأنيَ لمْ أعقدْ معَ الفجرِ راية ً | وَ لمْ أدرعَ باسمي للكميَّ المنازلِ |
وَلَمْ أَبْعَثِ الْخَيْلَ الْمُغِيرَة َ فِي الضُّحَا | بكلَّ ركوبٍ للكريهة ِ باسلِ |
نَزَائِعُ يَعْلُكْنَ الشَّكِيمَ عَلَى الْوَجَى | إذا عريتْ أمثالها في المنازلِ |
مِنَ الْقَوْمِ، بَادٍ مَجْدُهُمْ فِي شَمَالِهِمْ | وَ لاَ مجدَ إلاَّ داخلٌ في الشمائلِ |
إذا ما دعوتَ المرءَ منهمْ لدعوة ٍ | على عجلٍ – لباكَ غيرَ مسائلِ |
يكفكفُ أولى الخيلِ منهُ بطعنة ٍ | تمجُّ دماً ، مطعونها غيرُ وائلِ |
يكونُ عشاءَ الزادِ آخرَ آكلٍ | وَ يومَ اختلاجِ الطعنِ أولَ حاملِ |
قضوا ما قضوا منْ دهرهمْ ، ثمَّ فوزوا | إِلَى دَارِ خُلْدٍ ظِلُّهَا غَيْرُ زَائِلِ |