www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

الدور الوظيفي للنظام الأردني منذ نشأة الدولة القطرية الأردنية4/أسامة عكنان

0

بدأت معالم الأزمة الحادة الأولى بين المقاومة والنظام الأردني بتاريخ “15 شباط/فبراير 1968” أي قُبَيْلَ معركة الكرامة بقليل، وذلك عندما اشتدت الغارات الفدائية على “إسرائيل”، ما استتبع ردَّ فعلٍ إسرائيلي ضد مواقع المقاومة ومواقع الجيش والسكان المدنيين

الدور الوظيفي للنظام الأردني منذ نشأة الدولة القطرية الأردنية
“دراسة في حلقات”
“جزء من بحث قُدِّمَ لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية”

أسامة عكنان
عمان – الأردن
الأردن وطن وليس مزرعة خراف
والأردنيون شعب وليسوا قطيع ماشية
والأردني مواطن يملك وطنا، وليس عابر سبيل يستجدي كسرة خبز
وحكام الأردن خدم وموظفون عند شعبهم، وليسوا سادة عليه أو مستعبدين له
فمن فهم فليعمل بما فهم، ومن لم يفهم فليذهب إلى الجحيم
قراءةٌ في دور الأردن التاريخي كوطن مُهِمٍّ يلد رجالاً أهم، ورفضُ دورِه الوظيفي كمزرعة تسمِّن الخراف لخلق فضاءٍ آمنٍ لأعداء الأمة

الحلقة الرابعة
الأزمة الأولى بين المقاومة الأردنية والنظام الأردني في شهر شباط/فبراير 1968

بدأت معالم الأزمة الحادة الأولى بين المقاومة والنظام الأردني بتاريخ “15 شباط/فبراير 1968” أي قُبَيْلَ معركة الكرامة بقليل، وذلك عندما اشتدت الغارات الفدائية على “إسرائيل”، ما استتبع ردَّ فعلٍ إسرائيلي ضد مواقع المقاومة ومواقع الجيش والسكان المدنيين في القرى ومخيمات اللاجئين، لوضع النظام في مأزق العجز عن الدفاع عن السيادة الوطنية التي تُنْتَهَك، بشكلٍ يدفعه إلى العمل الجاد على تصفية قواعد الثورة المنتشرة بكثافة في طول وعرض الأراضي الأردنية. فبعد سلسلة هجمات فدائية على منشآت إسرائيلية، ازدادت كثافتها منذ العاشر من شهر شباط 1968، وتحديدا في 15/02/1968، “قامت إسرائيل باعتداء كبير على المواقع العسكرية والمناطق المدنية في الغور الشمالي، حيث دام الاعتداء أكثر من ثماني ساعات، استخدمت إسرائيل خلاله الطيران والمدفعية والدبابات. وشمل القصف عشرين قرية بالإضافة إلى مخيمات اللاجئين. وأدى الاعتداء إلى خسائر كبيرة في الجانب الأردني، بلغت عشرة قتلى وسبعة عشر جريحا عسكريا، وستة وأربعين قتيلا وخمسة وخمسين جريحا مدنيا”(1).
بداية لابد من الإشارة إلى أن جريدة “الدستور” الأردنية التي نقلنا عنها خبر وتفاصيل الهجوم الإسرائيلي، كانت حريصةً على ما يبدو على وصف الهجوم الإسرائيلي والخسائر الناجمة عنه في الجانب الأردني بصورة مُفْزِعَة، من شأنها أن تلقيَ الرعبَ في نفوس المواطنين، لتؤكد لهم على الدور الخطير الذي تلعبه المقاومة في تهديد أمنهم وحياتهم، سعيا منها من ثَمَّ إلى دفع المواطنين للتعاطف مع الإجراءات التي قد تتخذها السلطات ضد المقاومة وضد كافة أشكال العمل الفدائي، المنطلقة ضد إسرائيل من الساحة الأردنية.
ولعل ما يؤكد صحة ما نقولُه، أن العادةَ اقتضت أن تُخَفِّفَ الدول ووسائل إعلامها من الوقع النفسي لنتائج الهجومات المعادية، حفاظا على معنويات المواطنين وعلى تماسكهم وعلى إصرارهم. في حين أن الخبر المذكور نُشِرَ بصورة قَصَدَت إلقاء الرعب والفزع والخوف، وخلقَ حالة من التثبيط والتَّيْئيس من فكرة المقاومة ذاتها من حيث المبدأ، عبر ربطها بالخسائر البشرية الكبيرة في المدنيين والعسكريين على حد سواء، وتصوير قوة العدو التي سَبَّبَت الخسائر بشكل يُوَلِّدُ الانطباعَ بأنها قوة لا تقهر ولا تقاوَم. ولقد كان هذا الأسلوب هو الأسلوب المعتمد في الصحافة الأردنية آنذاك حين التصدي لمثل هذه الموضوعات. لقد كانت الصحافة مُوَجَّهَة لخدمة الخطة التي رُسِمَت في كواليس النظام ودهاليز أجهزته الأمنية، بُغْيَة الوصول بالشعب الأردني إلى النقطة التي يبدأ فيها بالتجاوب مع حالة الفصام الفاجعة المستهدفة بينه وبين مشروع مقاومته. 
وفي محاولةٍ من السلطات لاستغلال الحادثة وما نتج عنها من خسائر، ولاستغلال الوضع التفسي الذي تصوَّرَت أنها وَلَّدَتْه لدى المواطنين نتيجة الطريقة الترهيبية المُفْزِعَة التي عُرِضَت بها أخبار الحادث في جريدة الدستور.. نقول.. في محاولةٍ من تلك السلطات لاستغلال الحادثة وذيولها في خلقِ هُوَّةٍ بين المقاومة وجماهيرها كتمهيد لضرب مشروعها المتنامي، عبر العمل الدؤوب على عزله عن تلك الجماهير – فإنها – أي السلطات – بدأت بشنِّ حملتها الإعلامية المكثَّفَة في هذا الاتجاه. “فقد أعلن حسن الكايد وزير الداخلية الأردني ورئيس مجلس الدفاع المدني الأعلى، أن المجلسَ قد عقد اجتماعا، واتخذ عدة قراراتٍ لضمان سلامة المواطنين في مناطق الاعتداء، وكافة انحاء المملكة”(2).
ولكي لا يظُنَ أحدٌ أن القرارات المُزْمَع اتخاذُها من قبل وزير الداخلية ومجلس دفاعه المدني الأعلى بجوهرها الحمائي والوقائي الإنساني، هي كما ظهر من سياق الخبر الصحفي الذي تحدث عنها، كلُّ ما يفكر فيه النظام، غير آبه بفكرة المقاومة ذاتها إذ تنطلق من الأراضي الأردنية، فإنه – أي النظام – لم يلجأِ إلى التَّكَتُّم وغضِّ الطَّرْفِ الإعلاميين التقليديين عما يحيكُه من دسائس في كواليس الدولة، بل إن الاهتمام بالمسألة وإعطاءَها صورةً تراجيدية خطيرة الأبعاد، تَجَلَّى في مبادرة “الملك حسين” نفسه بمتابعة ذيول الحادث، وفي تصديه بنفسه لتوجيهه نفسيا وسياسيا، بتصريحاته النارية التي كشفت عن جوهر المؤامرة التي كانت تُحكاك في الخفاء دون حيطة أو حذرٍ فيما بدا أنه سياسة مقصودة لجس النَّبضِ على الأقل. “فقد ذهب الملك في اليوم التالي للمعركة إلى منطقة الغور، حيث تفقَّدَ المواقعَ العسكرية والمخيمات والقرى التي تعرضت للقصف. وفي اليوم ذاته ألقى “صلاح أبو زيد” وزير الإعلام رسالة من الملك إلى الشعب عبر الإذاعة جاء فيها، أن الأردن لم يقبل في يوم من الأيام، ولن يقبل أن يجري فوق أرضه غير ما يتفِق مع المصلحة العربية العليا، ويدعم الحفاظ على قضية العرب الأولى. وذكر، أن أيَّ فئةٍ تتجاهل هذا الموقف منا بعد اليوم، وتتخذ لنفسها منهجا غير منهجنا، وتتغاضى عن بابنا الذي كان وسيظل مفتوحا لكل مُتَطَلِّعٍ إلى المعركة بشوقٍ وإخلاص، هي ليست منا ولسنا منها، وهي ليست من القضية في شيءٍ قليلٍ أو كثير، ونحن لذلك عليها وضدها بكل قوة وتصميم”(3).
ولم يقتصر الأمر على بيان الملك ولا وقف عند حدِّه، فقد بدأت بعض التصريحات تردُ صريحةً في تَوَجُّهِها نحو حصار العمل الفدائي من كل الجهات التي يمكن حصاره منها. فقد قام وزير الداخلية المشار إليه سابقا “حسن الكايد” بزيارة للمناطق التي تعرضت للقصف، محذِّرا “سوريا” على وجه التحديد من مغبَّة سماحها للفدائيين بالدخول عبر الأردن إلى الأراضي المحتلة من أجل الإغارة على منشآت العدو، فقال: “إن الحكومة الأردنية لن تسمحَ باستعمالها ممرا لتنفيذ مخططات هؤلاء الذين لا يختلفون عنا في كون لهم حدودا مع إسرائيل، دون أن يكونوا شجعانا بالقدر الكافي لتحمُّلِ مسؤولية أعمالهم ومزايداتهم”(4).
ولم يكتفِ “حسن الكايد” بذلك، بل هو قد سارع إلى توضيح الهدف الحقيقي الذي يقف وراء هذا الضجيج وهذه الزوبعة التي أثيرت، فقال: “إن السلطات الأردنية ستضرب بيدٍ من حديد، كافة العناصر التي تُعطي بأعمالها إسرائيل مبرِّرا لممارسة الضغط على الأردن. وإن الأشخاص الذين يعرِّضون الأردن لهجمات العدو سيُمْنعون بعد اليوم من اجتياز الأراضي الأردنية”(5). وفي إشارةٍ استفزازيةٍ واضحة تُمَهِّد لبدء الصدام مع الثورة، صرَّح “الكايد” قائلا: “إن هذا القرار – أي قرار المنع من اجتياز الأراضي الأردنية – قد اتُّخِذَ خلال جلسة حاسمة عقدها مجلس الوزراء برئاسة “التلهوني” بعد ظهر يوم 17/02، وأعلن أنه تمَّ اكتشاف مخبأين للسلاح قرب ميناء “العقبة”، وعُثِرَ فيهما على “250” مدفعا رشاشا وكمية كبيرة من الذخيرة، وإن قُوَى الأمن قد صادرتها”(6).
وإزاء كلِّ هذا التصعيد في موقف النظام الأردني ضد مشروع المقاومة، في محاولةٍ لشَقِّ صفِّه بفصله عن جماهيره التي راح النظام يُصَوِّرُ لها العملَ الفدائي بأنه سبب الموت والدمار والهلاك، وبأنه مُبَرِّرُ التعرض للهجمات القاتلة والمدمرة من قبل إسرائيل القوية التي لا تقهرها المقاومة، والتي يجب إعداد الأمة لقتالها، إزاء ذلك وجدنا إسرائيل ترحب بهذه المبادرات، متحدثةً بلسان المُشْفِقَ العطوف، أنه كان بالإمكان تجنيب البلاد الكثير من إراقة الدماء لو أن هذه الإجراءات جاءت من قبل. ففي صحيفة “هآرتس” نقرأ: “إنه كان من الممكن تَجَنُّبُ سفكِ دماءٍ كثيرة أريقت على جانبي النهر، لو كان الملك قد انتهج هذا الأسلوب قبل عدة أشهر. فقد تطلب الأمر عملية عسكرية ضخمة لإجبار الملك على توجيه أوامره”(7). أما صحيفة “معاريف” فقد ورد فيها: “أن إسرائيل وَجَّهَت التحذيرَ تلوَ التحذير إلى الأردن قبل عمليتها العسكرية، وكان رئيس الوزراء “ليفي أشكول” قد وجه رسالةً بهذا الخصوص إلى “الملك حسين”، لكن كل ذلك كان دون جدوى”(8).
فلنحاول تحليلَ ما تُمْكِنُ قراءتُه بين السطور، في التصريحات والمواقف المعلنة من قبل أركان النظام الأردني، ملكا وحكومة ووزير داخلية، خلال التعاطي مع هذه الحادثة.. بداية يمكننا اختصار وتلخيص ما رافق الحادثة من تصريحات وإعلانات ومواقف في التالي..
1 – ظهور حالة تضخيم إعلامي وترهيب نفسي للحادثة وخسائرها في الجانبين العسكري والمدني، استهدفت شرخ البناءَ النفسي المتماسك لجماهير الشعب الأردني المسانِدَةِ في معظمها لأعمال المقاومة ضد الاحتلال.
2 – اعتبار النظام أن هذه الأعمال تعطي المبرر لإسرائيل كي تضغطَ على الأردن، وأنها تُعَرِّضُ أمنَه وسلامتَه وأمن وسلامة مواطنيه للخطر.
3 – إعلان النظام بكل وضوح أن هذه الأعمال تتعارض مع المصلحة العربية العليا، ومع الحفاظ على قضية العرب الأولى التي هي القضية الفلسطينية بطبيعة الحال.
4 – إعلان النظام بحزم أنه لن يسمح بعد اليوم بأن تُسْتَغَلَّ الأراضي الأردنية لأعمالٍ من هذا القبيل، وأنه سيقف ضدها بقوة وتصميم.
5 – تأكيد النظام على أنه سيمنع كل من يتسبب في أعمالٍ تدفع إسرائيل إلى مهاجمة الأردن من اجتياز الأراضي الأردنية.
6 – اتخاذ حكومة النظام الأردني قراراتٍ حاسمةً بمنع اجتياز الأراضي الأردنية لتنفيذ أعمال فدائية ضد إسرائيل من خلالها.
7 – انتقاد النظام لسوريا التي تساعد الفدائيين على استخدام الأراضي الأردنية لمهاجمة إسرائيل وتقاعُصِها هي عن ذلك، مع أن لها حدودا مع إسرائيل.
إذا استثنينا العنصرين الأول والثاني اللذين انصبا باتجاه اختراق العقلين الفردي والجمعي الأردنيين، في محاولةٍ لخلقِ كلِّ عوامل الخوف من أعمال المقاومة، والتأسيس لكل مبررات الشك والريبة فيها لدى المواطنين، جراء ما تُسَبِّبُه من قلق وتوتر وخسائرَ وضحايا غيرَ مقدورٍ على الحيلولة دون وقوعها.
وإذا استثنينا العنصرَ الثالث الذي اجْتَرَّ النظامُ عبرَه الدفاعَ عن الأيديولوجية العربية الرسمية البائدة التي ارتبطت دائما بالتباكي على قضية العرب الأولى، مراهنا رغم هزيمته المُدَوِّيَة في حزيران، على أنها ما تزال – أي تلك الأيديولوجية – تتموضعُ في ذهن المواطن بشكلٍ قد يجعله قابلا لأن يقف في منتصف الطريق مترددا، ليعود إليها من جديد حازما وحاسما أمرَه ضد المقاومة، في حال نجحت عملية الاختراق النفسي التي استهدفَتْه بالإخافة والتهويل والترويع، في تحقيق غاياتها.
وإذا استثينا أيضا العنصر الرابع الذي كشَّر فيه النظام عن أنيابه معلنا معاداته الصريحة منذ اللحظة، لمن يستغل الأراضي الأردنية لأعمالٍ من هذا القبيل..
نقول.. إذا استثنينا هذه العناصر الأربعة، والتفتنا إلى العناصر الثلاثة الأخيرة التي انطوى عليها الخطاب الرسمي المُتَعاطي مع أولِ صدامٍ بين المقاومة والنظام، فإننا سنجد أنفسنا في واقع الأمر أمام أخطر مُكَوِّنات ذلك الخطاب الذي ظهر كأول مُجَلٍّ لممارسة لعبة “لوغو الهويات”. فهي عناصر تتحدث عن استخدام الأراضي الأردنية واجتيازها، وعن أطرافٍ خارجية تفعل ذلك وتساعد عليه كانت محل انتقاد النظام.
فالمواطن الذي يعمل أي عمل من فوق أرض وطنه حتى لو كان هذا العمل مُوَجَّها إلى الخارج بلا تنسيق مع النظام، لا يقالُ عنه أنه “اجتاز أراضيه” بل “انطلق منها”، لأن “الاجتياز” هو وصف لمن يأتي من خارج أرض الوطن، عابرا أرض الوطن، ليصل إلى أرضٍ أخرى لا تقع تحت السيادة الوطنية، أي ليست أرض الوطن. أي أنه يستخدم أرضا مُحَدَّدَة ومُعَيَّنَة كمَمَرٍّ لينتقل من أرض إلى أرض. والخطاب الرسمي حاول أن يُوَلِّدَ الانطباع بأن الأردن هو تلك الأرض التي استخْدِمَت كمَمَرٍّ.
كما أن الحديثَ عن المواطن، حتى وهو يستخدمُ أرضَه الوطنية لأعمالٍ لا تروقُ للنظام، أو حتى وهو ينطلق منها مُهَدِّدا أمن ذلك النظام، لا يمكن وصفُ أعماله تلك أيا كانت، بأنها تَسْتَخْدِمُ أو تَسْتَغِلُّ “الأراضي الأردنية”، بل تستخدمُ وتستغلُ “أرض الوطن”، وفي أكثر الحالات قسوة وشدة “أرض الدولة” دون نسبتها إلى لفظة “الأردن”. فهو دائما وأبدا مواطن حتى لو أساء استخدام المُواطنة وخرج عن مفهومها الذي يحاول النظام تكريسَه.
في أي نشرة إخبارية أردنية لا يمكن لأحد أن يسمع وصفا للملك بأنه ملك الأردن، كأن يقال: “صرَّح جلالة الملك عبد الله الثاني ملك الأردن بما يلي..”، إن نسبة المواطن إلى الاسم العَلَمِ لبلده هي في العادة نسبة تأتي من جهة خارجية لا تنطبق عليها صفات المواطنة، وهي أيضا وعندما ترتبط من قبلِ نظام ماَّ بالحديث عن فعلٍ ماَّ، فإنها تؤدي الغرضَ نفسَه، الا وهو ربط الفعل بأبعاد غير وطنية أي خارجية.
إذن فنحن بإزاء خطابٍ أردني رسمي يحاول التأسيسَ لحُزْمَة من المفاهيم الجديدة في قاموس العلاقة بين الأردن والمقاومة، وبين الهوية الأردنية وشقيقتها الفلسطينية، تربط المقاومة بأجندةٍ “خارجية”، وتمهِّد لتخليق هويَّة للمقاومين خارج نطاق هويَّة “المواطَنَة الأردنية”. فالمقاومون “يجتازون” الأردن ولا “ينطلقون منه” وكأنهم ليسوا أردنيين، ما يعني بدءَ النظرِ إليهم بصفتهم عناصر تخترق “السيادة الوطنية”، لأن المواطن مهما فعل فهو لا يخترق “السيادة الوطنية” بل “يعارض النظام” ويخالف سياساتِه. وهم أناسٌ تساعدهم على ذلك دولة مثل “سوريا”، أي أن هناك مؤامرة على “السلامة الوطنية”. وهم يستغلون “الأراضي الأردنية” وليس “أرض الوطن”، لأنهم لو وُصِفوا باستغلال “أرض الوطن” لكان ذلك اعترافا لهم بأنهم مواطنون، بينما الخطة تقتضي البدءَ بالترويج لفكرة أن “المقاومة الأردنية” ليست “أردنية”، وأنها مرتبطة بجهات غير أردنية، وأنها تُعَبِّرُ عن أجندة تتعارض مع “المصالح الأردنية”، وأنها تمارس أعمالا تمسُّ أمنَ “المواطن الأردني”، وأنها تستخدم “الأراضي الأردنية” التي يفترض أنها ليست أراضيها، إلى آخر هذه المعزوفة النشاز.
ولكن هل نجح النظام في حملته التصعيدية هذه؟ وهل وُفِّقَ في تحقيق الاختراق الذي سعى إليه؟ وهل نجحت حملته الإعلامية وحربه النفسية المدروستان في عزل المقاومة عن جماهيرها، أو في المساس بشكل جوهري بمشروعها الثوري؟ إن تَتَبُّع الوقائع التي شهدتها الساحة الأردنية في تلك المرحلة وعقب تلك التصريحات وذلك التصعيد، يكشف لنا عن أمر مختلف، فقد اصطدمت محاولات النظام منذ البداية بمعارضة لا يستهان بها على عدة صُعُد.
فعلى الصعيد الرسمي “هاجم عدد من الوزراء والمسؤولين تصريح الكايد، وأعلن بعض الضباط للصحفيين أنهم لا يستطيعون طاعة الأوامر التي تقضي بإطلاق النار على إخوان لهم”(9). وعلى الصعيد الشعبي “طالب سكان القرى والمخيمات بالسلاح، لأن الرد على الاعتداءات الإسرائيلية لا يكون بالخضوع بل بالاستعداد والتسَلُّح ومواجهة العدوان”(10). وفي تحقيق واسع أجراه مراسل وكالة “اليونايتد برس” تبين “أن معظم الأردنيين يؤيدون نشاط رجال المقاومة، وبصفة خاصة نشاط رجال العاصفة التابعين لمنظمة فتح التي تهاجم القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وأن جنود الجيش والبوليس الأردنيين يتجاهلون الأوامر التي تصدر إليهم لمنع رجال المقاومة من عبور النهر”(11).
إذن فنحن أمام ردةِ فعلٍ قاطعة في دلالتها..
في الجانب الرسمي، وزراء وضباط جيش ورجال أمن وبوليس يرفضون كل تلك التصريحات والقرارات، ويتجاهلون ما كان منها ماسا بمن اعتبروهم “إخوانَهم المقاومين للاحتلال”، فلا إطلاق نار على من يَعْبرون النهر نحو الأرض المحتلة لمحاربة العدو المحتل، حتى لو كان بالرفض المباشر للأوامر العسكرية، ما يؤشر على أن رأس النظام والمؤسسة الأمنية التي تقف وراءه، كانوا حتى ذلك الحين عاجزين عن أن يمثلوا حالةَ عداء مستشرية للمقاومة حتى على المستوى الرسمي، مادام هذا المستوى ذاته منقسما على نفسه إلى درجةٍ جعلت مواقفَ الفئات المعارضة في السلطة لموقف رأس السلطة وأفراد حاشيته المباشرين والمقربين، مواقف على ذلك القدر من الوضوح والرفض والتحدي، ما دفع رأس النظام إلى التراجع كما سنرى.
في الجانب الشعبي بمختلف فئاته ومن مختلف منابته، في القرى والمخيمات، رفضٌ مطلق لمنطق التخويف والتهويل، بالمطالبة بالتسليح، لا بالترهيب من عدوٍّ يجب أن يناجزَ بالقوة لا أن يهادنَ بالخوف. وإذن فالشعب الأردني تعامل مع هجمة النظام في لعبة “لوغو الهويات” التي بدأ يمهِّد لها بقراراته وتصريحاته ومواقفه المُعْلَنة تلك، تعاملا قطعَ الشكَّ باليقين في مسألة “أردنية المقاومة” ونضالية وثورية “الهوية الأردنية”، التي زادت وتفاقمت أبعادها النضالية تلك، بعد الهزيمة التي مُنِيَ بها النظام الأردني هو كافة المنظومة الرسمية العربية في حرب “حزيران”.
وبإزاءِ كل ذلك ما كان أمام النظام إلا أن يَتَّخِذَ خطوةً إلى الوراء، فيما بدا أنه تراجعٌ منه عن الصدام الذي كان واضحا أنه غيرُ مؤهلٍ له، بل الذي ما كان ضمن مخططاته في هذه المرحلة، لأن الخطة كانت ما تزال في بداياتها ولم تنضج بعد، كما كشف عن ذلك الموقفان الرسمي والشعبي من قرارات وتصريحات الملك ودائرته الأمنية والإعلامية المُقَرِّبَة. فقد أرسل “الملك حسين” بهذا الخصوص برقيتين إلى كلٍّ من رئيسي مجلسي الأعيان والنواب قال فيهما: “إن هذه الاعتداءات الغادرة المُتَكَرِّرَة على بلدنا لن تزيدَنا إلا إيمانا وتصميما وصمودا لبذل كل تضحية للدفاع عن أمتنا واستعادة حقوقنا المشروعة المغتصبة”(12). ولعل ما يلفت الانتباه في هاتين البرقيتين أنهما جاءتا خاليتين من ذكر أي عبارة من تلك التي زخرت بها التصريحات والإعلانات خلال الأزمة نفسها، فلم يرد فيها ذكر “لأولئك الذين يعطون المبرر للعدوان”، أو “الذين يجتازون الأراضي الأردنية”، أو “الذين يستخدمون الأراضي الأردنية”.. إلخ.
عند هذه النقطة تنتهي أزمة شباط/فبراير 1968، كأول مظهر من مظاهر الاحتكاك الحاد والمتميز بين “النظام الأردني” و”المقاومة الأردنية”. وإن وقوفَ النظام عند هذا المستوى من الصدام والاحتكاك، وعدم دفع الأمور باتجاه مرحلة متقدمة يتفاقم فيها الوضع ويتطور، راجع في اعتقادنا إلى الأمور التالية..
أ – الموقف الشعبي الذي لمس النظام أنه يتعارض منذ البدء مع التَّوَجُّهات القاضية بعرقلة العمل الفدائي ومناصبَتِه العداءَ وفصلِه عن قواعده الجماهيرية. وهذه النقطة التي كانت لصالح مشروع المقاومة، سوف يَتَّضِح لنا أنها لم تُسْتَغَّل من قبلِ قادة هذا المشروع بالقدر الكافي لتفعيل التناقض ضد النظام القُطْري الوظيفي في الأردن. فحيث استطاع هذا الأخير عزلَ كلِّ من قدرَ على عزله عن الثورة، فإن الثورة لم تُعَبِّئ كل من كانت تستطيع تعبِئَتَهم بسهولة ويسر في وجه مشاريعه الرامية إلى تصفية مشروع المقاومة عبرَ عزلها عن جماهيرها، وعبر خنقِها بحبال “الهوية الفلسطينية” التي راح النظام يُعِدُّ لها عُدَّتَها، ليمارسَ بها الدَّورَ الوظيفيَّ ذاته الذي أصبحت “الهوية الأردنية” بعد انطلاق “مشروع المقاومة” عاجزة عن أن تمارسه بالشكل المرسوم لها منذ بواكير “المشروع السايكسبيكوي”، بل وغيرَ مؤهلةٍ له، لأنها تجاوزته وقفزت، عليه لتؤدي دورا وطنيا مقاوما لكل العلاقات الإمبريالية والصهيونية في المنطقة.
ب – الوضع العام المتردي للنظام بسبب عدم لملمتِه لجراحه بشكل كامل بعد هزيمة حزيران التي كانت آثارها ما تزال ماثلة للعيان. فقد كان النظام في مثل هكذا ظروفٍ أقلَّ تماسكا من أن يتمكن من التصدي للثورة حتى وهو يخطط للقضاء عليها. وهذه أيضا كانت نقطةً في صالح مشروعِ المقاومة لم يتم استغلالُها لحسم هيمنة النظام الأردني ببرامجه المتراجعة على مقاليد الأمور في البلاد. فحيث كان هذا النظام قادرا على عدم الاصطدام بالمقاومة في لحظات ضعفه، كانت المقاومة مُقَصِّرَةً في استغلال مواطن قُوَّتِها ومواطن ضعف النظام، مع أنها لم تكن عاجزة عن ذلك بحكم امتدادها الشعبي الواسع.
ج – آثر النظام تهدئةَ الأوضاع بعد أزمة شباط/فبراير 1968، لأنه لم يكن يفكر أساسا في أن يدفعَ بالحملة التي فَجَّرَت الأزمة حتى لو طالت مُدَّتُها، إلى أكثرَ من حدودِها الإعلامية التي تَجَلَّت في تلك التصريحات والإعلانات والمواقف، سواء من رأس النظام مباشرة، أو من حاشيته الإعلامية والأمنية المقرَّبَة، لأنه كان يدرك ببعد نظره، أن تصفيةَ “مشروع المقاومة” في تلك الفترة كان صعبا، إن لم نُسَلِّمْ ابتداءً بقناعة النظام بأن الاصطدام به – أي بمشروع المقاومة – ينذرُ بتصفية النظام نفسه، فيما لو فكَّرَ قادة “مشروع المقاومة” بهذا المنطق.
لقد كان النظام يدرك أن “المقاومة الأردنية” التي نشأت وتطورت واستفحلت على قواعدِ أيديولوجيةٍ راسخةٍ تُؤَصِّلُ لعلاقةٍ مميزة وغير مسبوقة بين الهويتين الأردنية والفلسطينية، أيديولوجيةٌ استطاعت أن تجعلَ من الهوية الأولى إطارا قانونيا لنضالية الهوية الثانية، لتصبح الأولى من ثمَّ وبحكم تَأَثُّرِها بتلك التي ذابت فيها، هي “الهوية النضالية” الأُمُّ.. نقول.. كان النظام يدرك أن هذه “المقاومة الأردنية” ما كان لركائزها الفكرية أن تهتزَّ، ولا لبُناها التنظيمية أن تترنَّحَ، قبل أن يُعادَ إنتاجُ العلاقة بين الهويتين بشكل مختلفٍ، يجعلُ الأردنيين – أو فئاتٍ معينةً منهم أُريدَ لها أن تكون كذلك، نظرا لتوفُّر بعض العناصر المساعدةِ على العلاقة المختلفة المستهدَفَة – يعيدون النظرَ وعلى نظاق واسع في شرعيَّةِ ادِّعاء تمثيل “مشروع المقاومة” لهم، بظهوره وكأنه يُمَثُّل شريحةً أو فئةً منهم، يجب أن تظهرَ وكأنها شريحةٌ أو فئةٌ لها أجندتُها الخاصة المختبئَة بفلسطينيتها وراء أردنيتها، كي تَنْقَضَّ على هذه الأخيرة في الوقت المناسب، وأنها كانت تمارس مع الأردنيين بشأن هويتها الشَّبَحِيَّة تلك نوعا من التُّقْيَة السياسية الخطيرة.. وإذن فلماذا كلُّ هذه الزوبعة، مادامت تتضمن على صعيد الحسم في حال تفاقمها احتمالات صعبة بالنسبة للنظام، ومادام أوان الحسم لم يحن بعد بسبب عدم توفر عناصر إنجاحه؟!
لقد كانت هذه الحملة مُخْتَبَرا ومَجَساًّ لتقييم المجتمع وإمكاناته، ولمعرفة التوجهات العامة للناس وللرأي العام ولمفاصل السلطة، ولاكتشاف نقاط ضعف ونقاط قوة كلٍّ من النظام والمقاومة، لعلَّ كلَّ ذلك يكون مؤشرا موضوعيا على تفاصيل الخطة التي يجب اتباعُها للوصول إلى تحقيق الهدف البعيد، وهو تصفية هذا المشروع من جذوره، بعد أن تَمَّ اعتماد المفاصل الكبرى والرئيسة للخطة، متمثلةً في تخليق “الهوية الفلسطينية” لتصبح هي الهوية الحاضنة للمقاومة بدل الهوية الأردنية، ومتمثلةً أيضا في التأسيس لمقولة أن المقاومة تستغل “الهوية الأردنية” لتقفزَ عليها عندما يأتي الوقت المناسب لذلك.
إن النظام الأردني وبإيعازٍ من أجهزةِ المخابرات الحليفة التي تقوم على تنفيذِ سياساتِها الأجهزةُ الأمنية المحليةُ، وإدراكا منه لخطورة “مشروع المقاومة الأردنية” على “فلسفةِ الوظيفية” التي يمثلُّ هو نموذجَها الصارخَ، وعمادَها الأساس في الإقليم، بحكم الوضع الجيوسياسي للحالة الأردنية بالقياس للحالة الصهيونية، قَرَّرَ البدءَ بتنفيذ الخطة ميدانيا، وهو ما يتطلب بين الحين والآخر اختبارَ هذه الخطة، ومعرفةَ أين وصلت، وكيف يجب أن تسير في المستقبل. ولقد كانت أزمة شباط/فبراير 1968، أول اختبار ميداني للخطة بعد هزيمة حزيران التي كشفت عن تعاطفٍ جماهيري لا يستهانُ به عبَّرَ عنه التَّوَسُّعُ في مشروع المقاومة.
ويبدو أن الهدفَ من هذا الاختبار، وهو الأول من نوعه في العلاقة بين المقاومة والنظام الأردني، كان فقط للتَّعَرُّف على معطيات الواقع في ظل المُتَغَيِّرات الجديدة التي تفاقمت متسارعة منذ حزيران 67، لصياغة الحيثيات المختلفة للخطة. وهذه ظاهرة سنلمسُها في كلِّ الأزمات المقبلة بين الثورة والنظام حتى النهاية. فالنظام الأردني يُفَجِّرُ الأزمة، ويُهَدِّدُ ويتوعد ويصطدم، وفجأة وبتدخلِ أهل الخير من العرب بشكل أقرب إلى العقلية القبلية منه إلى الذهنية السياسية، يعقدُ النظام اتفاقا مع قادة المقاومة لتهدئةِ الأوضاع.
وإلى أن يحلَّ موعدُ الأزمة اللاحقة التي يبدأ النظام بالإعداد لها في كواليس الأجهزة الأمنية وبالتنسيق مع التحالف الطبقي الكومبرادوري البيروقراطي الحاكم، يخلدُ رموز النظام ليخططوا يتؤدة وروية للمرحلة التالية، مستفيدين من نتائج الأزمة في تحريك خيوط المؤامرة نحو نهايتها المحتومة، في ظل ما كشفت عنه مؤشراتُ الأزمة من تَغَيُّراتٍ في منظومة العلاقات التي تحكم الحالة الأردنية بقوائمها الثلاث “النظام” و”المقاومة” و”الشعب”. وهي منظومة العلاقات التي سنكتسف مع نهاية كل أزمة أنها تعرضت لعملية إزاحة لصالح النظام، جزء منها تحقَّقَ بذكاءِ النظام ودهائِه، فيما تحقَّقَ الجزء الآخر بسذاجة المقاومة وسطحيتها، هذا إذا افترضنا حسنَ النِّيَّة بطبيعة الحال.
فبعد أن اكتشفنا في خِضِمِّ أزمة شباط/ فبراير 1968 أن المساحة الإجمالية من الثِّقَلِ الجيوسياسي للأردن هي بيد “المقاومة”، لأن معظم الشعب الأردني إن لم يكن كلُّه تقريبا، يقف في صفها، فيما يكاد النظام برموزه الأمنية والإعلامية يقف في الخندق المقابل عاريا من أي سند شعبي حقيقي، سنكتشف مع نهاية الخطة أن النظام قد تمَكَّنَ من تغيير حصص توزيع مساحة الثقل الجيوسياسي للأردن، ليستحوذَ هو على حصةِ الأسدِ في هذه المساحة، فوجَّهَ ضربتَه القاضية، معيدا إنتاج “الهوية الأردنية” لتعود إلى دورها الوظيفي الذي نشأت لأدائه في خريطة “سيايكسبيكو” منذ عام 1917، بعد أن تمردت على هذا الدور باحتضانها للثورة الأردنية الكبرى خلال عقد الستينيات من القرن الماضي.
…   يتبع في الحلقة التالية
الهوامش..
1 – (عن جريدة الدستور الأردنية، بتاريخ 16/02/1968).
2 – (عن جريدة الدستور الأردنية، بتاريخ 16/02/1968).
3 – (كتاب المقاومة الفلسطينية والنظام الأردني – دراسة تحليلية لهجمة أيلول، إعداد مركز الأبحاث – منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، أيلول 1971، اشترك في الإعداد كل من “خليل هندي” و”فؤاد بوراشي” و”شحادة موسى”، بإشراف د.نبيل شعث، سلسلة كتب فلسطينية، رقم 36، ص 34).
4 – (عن صحيفة النيويورك تايمز الأميركية، بتاريخ 18/02/1968).
5 – (كتاب المقاومة الفلسطينية والنظام الأردني – دراسة تحليلية لهجمة أيلول، إعداد مركز الأبحاث – منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، أيلول 1971، اشترك في الإعداد كل من “خليل هندي” و”فؤاد بوراشي” و”شحادة موسى”، بإشراف د.نبيل شعث، سلسلة كتب فلسطينية، رقم 36، ص 34).
6 – (عن جريدة الدستور الأردنية، بتاريخ 18/02/1968).
7 – (عن صحيفة هآرتس الإسرائيلية، بتاريخ 18/02/1968).
8 – (عن صحيفة معاريف الإسرائيلية، بتاريخ 18/02/1968).
9 – (كتاب المقاومة الفلسطينية والنظام الأردني – دراسة تحليلية لهجمة أيلول، إعداد مركز الأبحاث – منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، أيلول 1971، اشترك في الإعداد كل من “خليل هندي” و”فؤاد بوراشي” و”شحادة موسى”، بإشراف د.نبيل شعث، سلسلة كتب فلسطينية، رقم 36، ص 35).
10 – (عن جريدة الأهرام المصرية، بتاريخ 21/02/1968).
11 – (عن جريدة الأهرام المصرية، بتاريخ 21/02/1968).
12 – (عن جريدة الحياة اللندنية، بتاريخ 21/02/1968).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.