الادب العربي والأدب الغربي
بقلم د. رمضان الحضري
[]النقد فى حضرة النص مريد… يبغى الوصول نحو المحال … ولقد سوأ النقاد العلاقة بين النص والنقد .. فاصبح الناقد باحثا عن العيوب والمميزات أخيرا … فلم تصبح العلاقة بينهما سوى علاقة مغتاب أو منافق… لأن الذين التزموا النقد الأدبى القديم انصب همهم على معرفة الجيد والردىء… اتباعا لمنهج محمد بن سلام الجمحي … أو فحص المعدن لبيان الصحة والتزوير على منهج الخطيب القزوينى …
وظلت عصور الازدهار قرونا عديدة … حتى جاءت قرون الفشل مع العصر التركي… واستمر الفشل حتى يومنا هذا… وربما زاد … ويرجع السبب الأساس في ذلك لعدم قدرة النقاد العرب على التواصل مع النص الأدبي … شعرا او نثرا … وذلك من خلال بلاغته.. أو خروجه من التشكيل القديم… كما هو الحال في الشعر من شوقي لمطران لمحمود حسن اسماعيل لصلاح عبد الصبور لأدونيس ومحمود درويش.. ويتضح أن كل شاعر منهم يمثل الخروج عن التقليدية في عصره… المرتبط به زمنيا… والمتزامن مع تجديده… في فترة التقليدية عند غيره …فلا يمكن أن نسمى فى الوقت الراهن شعر التفعيلة بالشعر الجديد كما كان يسمى في فترة السبعينيات مثلا….فحينما ترك النقاد ماهية النقد … وعلاقته بالنص … واتكىء الناقد على العبارة النقدية القديمة… في اهمال واضح للمنهج النقدي ككل…وذلك جعلهم لا يذكرون من الأية الكريمة سوى … لاتقربوا الصلاة ..
وقد كان تناول النص الأدبى بالمنهج النقدي القديم على أساس بلاغي… يقدم في وقتها تصورا كاملا … للأدب العربي … ولم يكن هذا التصور موصولا بمحاكاة أرسطو … أو نظريته فى التصوير او وظيفة الادب التطهيرية …
بل خرج النقد الأدبى من بيئة النص .. فبدأ بطرح تساؤلات عن أجمل بيت قالته العرب في الغزل او المديح… فكانوا يشيرون لبيت القصيد…وفهم النقاد الاشارة …اعتبار البيت أهم الأبيات… ولم يتفهموا رؤية الناقد العربى القديم… مطالبة النص بأن يتمركز حول البيت … ومطالبة المنتج أن تكون جميع الأبيات على نفس المستوى الفنى …وهذا ما دعا له المذهب الانطباعي في أوربا … فجاء تأثر الانطباعيين وبخاصة الفرنسيين … بالنقد العربى القديم… أكثر من تاثرهم بأرسطو.. وكذا البنيوية في تاثرها بعبد القاهر الجرجاني ….ومعظم الدراسات الادبية في أوربا وأمريكا تشير لأهمية ارسطو في النقد … وهو مانقله المترجمون والنقاد العرب…بينما المتون الأصلية تعود مسرعة للنظرية العربية في تناول النص الادبي…دون اشارة لذلك .. ثم تنقل النظريات تحت مسمى الكلاسيكية.. الرومانسية.. الواقعية.. الشكلية..البنيوية.. التوليدية .. الاختزالية .. الرمزية .. السيميائية .. وكثيرة هي المسميات …
والذي لا يعرفه الأدباء العرب : أن هذه النظريات تحميها المدافع والطائرات … فاللصوص لهم أياد قذرة في كل مكان … وتعتدي على اصحاب العقول والفكر… وهذه الأيدي لاتخيف الشعوب… بل تخيف الحكام والمرتشين …وقد ضاعت قرون عديدة حتى أصبح الانسان العربي ضحية للحقد او العربدة.. وغالبا كلاهما معا..فمن مصلحة الغرب وحكامهم ان نظل في انقسام … وحدود وسدود … حفاظا على أمن الغرب.. واشباعا لبطون وشهوات الحكام …
فتح الغرب جامعاته لدرس النقد الأدبي العربي .. مع توصيفهم لنا بالهمج … والمتخلفين والرعاع … والمتطرفين … والجيويم حسب اللفظ الصهيوني …وأنا سأفترض صحة مقالهم … فليجيبوا عن أسئلتنا : من أحرق مكتبة بغداد مرات عديدة ؟؟ ومن القى كتبنا فى النهر ؟؟ ومن سرق كتب العراق فى 2003 ؟؟؟..واين ذهبت المخطوطات العربية ؟؟ سيجيب عن هذه الأسئلة … مكتبة الكونجرس… ومكتبة لندن… وقليل من مكتبة برلين… لماذا أخذوا كتب الرعاع ؟؟
عدد المخطوطات العربية في مكتبات الغرب وأمريكا أكثر من عدد مخطوطاتهم انفسهم..حتى أننا حينما نحتاج بعض المخطوطات …نذهب لهم ونقدم الطلبات كتابة… لكي يسمحوا لنا بالاطلاع على مخطوطاتنا…
والطلبات التي تقدم للمكتبات السابقة …..مضافا اليها مكتبة مدريد ومكتبة روما…تزيد عن عشرين ألف في العام..كلها تتوسل بأن نتمكن من الاطلاع على بعض ما خطه اجدادنا… ألم تعرفوا أنهم شكلوا جمعيات حقوق الانسان حكومية وأهلية ؟؟…..هل من حقك كانسان عربي أن تطلع على مخطوطات لجدك ؟؟
بكيت حينما عرفت أن شاعر ألمانيا العظيم جوتة …..مات محبوسا فى داره …وكان يحتفل بمولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم… وكان يقرأ القران المجيد … وكان ينصح أبناءه ويخبرهم بأن العرب هم الذين علمونا الحياة والكلام والشعر … أسمع صوته وهو يشرح لأبنائه كيف استطاع العرب أن يشعلوا القناديل في شوارع قرطبة …ويقول لهم :صوتا المتنبى وابى العلاء… هما اللذان أثرا في جوته وريلكه وشيللي .. وغيرهم…
يذكر التاريخ أن موسى بن سعيد حينما كان يودع ابنه عليا عند سفره للتعلم في بلاد الشرق … أوصاه أن يحفظ الحروف قبل الكلمات….لان العلم الذي يأتي من غير العرب سيكون مهلكة للبشر…