www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

ماذا يحدث في سوريه/آداب عبد الهادي

0

أكتب الآن وقلبي يعتصر ليس من الخوف بل من الألم والحزن، ليس فقط على ما يجري في العالم العربي بل وفي سوريا أيضاً، سوريا بلد الفل والياسمين، سوريا موطن الإنسان الأول سوريا التاريخ والحضارة،

ماذا يحدث في سوريه

آداب عبد الهادي

أكتب الآن وقلبي يعتصر ليس من الخوف بل من الألم والحزن، ليس فقط على ما يجري في العالم العربي بل وفي سوريا أيضاً، سوريا بلد الفل والياسمين، سوريا موطن الإنسان الأول سوريا التاريخ والحضارة، سوريا قلب العروبة النابض ورمز الحب والجمال.ماذا جرى وماذا يجري ولماذا، وهل هناك فرق بين الشعب السوري وشعوب العالم العربي الأخرى، هل الحالة الفسيفسائية للمجتمع السوري تجعله أكثر عرضة للخطر خلافاً عن باقي دولنا العربية، هل الحكومة السورية مختلفة عن باقي الحكومات العربية.علينا أن نقول بصدق وصراحة، أن لا خلاف هناك بين الشعب السوري وباقي الشعوب العربية كما لا خلاف بين الحكومة السورية وباقي الحكومات العربية.الشعب العربي كله رزح لعقود طويلة تحت ظل أنظمة دكتاتورية شمولية ظالمة مستبدة، عانى منها مرارة وضنك أوصله حد الانفجار، وانفجر الشعب العربي في كل مكان، ضاقت يديه من سلاسل الحديد وضاق قلبه من الإهمال والتهميش وتلاشت أمعاؤه من الجوع والحرمان، الشعب العربي والشعب السوري بكافة أطيافه عانى المعاناة ذاتها وتعايش لسنوات طويلة مع القهر والألم ذاته، وتآخى مع الفقر والحرمان ذاته، لم يختلف ابن الساحل عن ابن الداخل ولم يختلف عن ابن درعا والحسكة وحماة وغيرها، كل الشعب وقع تحت وطأة الفقر والجوع، وعانى من الظلم والمحسوبيات، لم يكن لابن طائفة ميزات تفضله عن ابن طائفة أخرى، والشعب السوري يدرك تماماً أن ما تعانيه طائفة في الساحل هو ذات ما تعانية طائفة مغايرة في الداخل والشعب متفق على ذلك ، متفق ويعيش وحدة وطنية لا مثيل لها بالعالم كله، الشعب السوري شعب واحد ،شعب لا يعرف شيئاً عن الطائفية، شعب تتزاوج طوائفه الإسلامية كافة فيما بينها، يتعايشون يتعاونون يتداخلون في سكناتهم يصادقون ويتآخون، الشعب السوري كله من دين واحد ومن طائفة واحدة ومن مذهب واحد وهذه حقيقة لا مبالغ فيها، وأنا هنا أخجل حقيقة وفعلاً لا قولاً من ذكر أسماء الطوائف ، أخجل أن أقول فلان من طائفة كذا وفلان من طائفة كذا ولن أقولها لأنها معروفة لديكم دون أدنى شك.وكل الشعب السوري هكذا يخجل من ذكر أسماء المذاهب وتصنيفاتها، لأنه لم يعتد على ذلك ولأنه شعب حضاري، شعب مثقف، شعب مميز بكل ما تحويه هذه الكلمة من معنى، الشعب السوري شعب فريد من نوعه.أقول ذلك لأن هناك أمر ما يحاك بل أنه بدأ ينفذ على مستوى الطائفية في سوريا، لكن على كل السوريين وكل العرب ألا يصدقوا ما يقال وما يتم تنفيذه، عليهم ألا يصدقوا أن هناك سوري يقتل سورياً بناء على دينه أو طائفته، هذا لم ولن يحدث ولا أقول ذلك من ناحية عاطفية أبداً بل من واقع ملموس عايشته أنا وعرفته ودرسته ودققت به.إن الأحداث الأخيرة التي تم خلالها قتل العشرات بل المئات من طائفة معينة سيما المدنيين منهم لم يقم بها أفراد الشعب ولا أي مواطن من أي طائفة كانت، المواطن السوري لم يكن في حياته متوحشاً ليعمل على قتل الشباب الثلاثة القادمين من طرطوس إلى دمشق لبيع محصول الفريز، ومن ثم تقطيع جثثهم والتمثيل بها ورميها على قارعة الطريق ومن ثم سرقة محصولهم، كما لم يعمل أي مواطن سوري على قنص أي مجند أو شرطي أو غيره لأنه من مدينة كذا وطائفة كذا، هذا كلام عار عن الصحة ،هناك جهات أخرى هي من قام بذلك ،  وأسلوب تتبعه تلك الجهات  لترويع السكان ودب الخوف من بعضهم البعض وزعزعة وحدتهم الوطنية ليقتتل الشعب ويبيد بعضه بعضاً، ليتسنى لتلك الجهات تنفيذ مخططاتها وتشديد قبضتها وتضييق الخناق مرة أخرى.   كان من الممكن ألا تصل سوريا إلى هذا المستوى (الطائفي) وتنتهي الأحداث عند المستوى الأول (الاحتجاجات)، لكن سوء التصرف وانعدام الحكمة عن بعض المسؤوليين في الدولة هو ما قاد وسيقود سوريا إلى الهلاك.إن كان البوعزيزي القنبلة التي أشعلت تونس فإن عاطف نجيب رئيس فرع المخابرات في درعا ومحافظ درعا فيصل كلثوم هم البوعزيزي الذي فجر القنبلة في سورية بسوء تصرفهما وهمجيتهما وتقاريرهما الكاذبة، عندما عملوا على اعتقال الأطفال وزجهم في السجن لمدة أسبوعين وتعذيبهم خلال تلك المدة بسبب بعض الشعارات التي كتبوها  على جدران مدرستهم وزادت الطين بلة القوى الأمنية التي بدلاً من احتواء الأزمة عملت على تفجيرها وصب الزيت على النار بقمعها للمحتجين ووقوع عدد من القتلى، ومن ثم انتقال الاحتجاجات إلى مدن وقرى أخرى.مازالت هناك فرصة واحدة لإيقاف نهر الدم وإن تم استغلالها بحكمة ستعود سوريا كما كانت يفوح منها عبق الياسمين وإن لم يتم استغلالها ستزكم أنوفنا رائحة الدم المتناثر من الجثث، وهذه الفرصة هي:بما أن الشعب عندما انتفض كان مطالباً فقط بالإصلاح لم تكن شعاراته تتضمن إسقاط النظام ومازال معظم الشعب يريد الإصلاح، والإصلاح لم ولن يقتصر على تحسين مستوى معيشة المواطن من زيادة الرواتب بنسبة كبيرة وتأمين مئات الآلاف من فرص العمل وتغيير الحكومة وتشكيل أخرى وإنهاء العمل بقانون الطوارئ وإلغاء  محكمة أمن الدولة وحرية تشكيل الأحزاب وغيرها الكثير الكثير من القرارات بل لا بد من متابعة الإصلاح بشكل آخر يرضي الشعب ويهدأ من حدة توتره من خلال دعوة شخصية من الرئيس بشار الأسد يوجهها إلى الشعب يستدعي من خلالها كل المعنيين من العشائر والقبائل ووجهاء المدن والقرى والأحزاب والفعاليات الثقافية بكافة أنواعها والمنظمات والهيئات الأهلية والمجتمع المدني إلى حوار شعبي فاعل يتفاعل فيه كل هؤلاء لوضع إستراتيجية ورؤية مستقبلية للنهوض بسوريا ولتحاشي الفتنة المخطط لها إضافة إلى ذلك يجب على الحكومة اتخاذ الخطوات التالية لتعزيز الثقة شبه المفقودة بينها وبين الشعب:-       كف يد الأمن كلياً والإبقاء على فقط: 1- الأمن الجنائي.-       الأمن العسكري.-       الأمن الخارجي.2- إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين من كافة المذاهب الفكرية.3- التشاركية الحقيقية والفعالة بين الهيئات والمنظمات والأحزاب في السلطة.4- محاسبة المفسدين ومن تسبب في قتل المدنيين وتقديمهم للعدالة.5- العدالة في توزيع الثروة .وكان قد أقر سابقاً إلغاء قانون الطوارئ وحرية الأحزاب لأن تطبيق ما سبق يعني تطبيق الحرية والديمقراطية وبذلك تكون سوريا فعلاً قد أحدثت ثورة حقيقية.وماعدا ذلك لن يكون من الممكن احتواء ما يجري، سيما بعد أن نزف الدم الطاهر وسال على الأرض وامتزج بترابها وأصبح من الصعب إيقافه بل قد يصل كما يقال شعبياً (إلى الركب) وحينها لن يعرف غير الله ما ينتظر سوريا، وجميعنا متفقون على أننا لا نريد عراق آخر أو ليبيا أخرى في سورية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.