هو الله فاعرفه
تقدم إلى باب الكريم مقدما | له منك نفسا قبل أن تتقدما |
تجنب قيود الحظ فالحظ مرتهن |
|
وأرهق جنود النفس حربا ولا تهن |
|
وفي ظلمات الطبع بالحق فاستبن |
|
وعرج على باب العليم فسله من | مواهب نور العلم بحرا قليذما |
أترضى مقام الجهل تخبط في السرى |
|
بطامسة أعلامها متحيرا |
|
تطلع لنور العلم واطلب مشمرا |
|
فمن لم يكن بالعلم في الناس مبصرا | فلا عاش إلا في الضلالة والعمى |
ذوو العلم بين العالمين أعزة |
|
على درجات المصطفين أدلة |
|
وفي ملكوت الله للقوم شهرة |
|
ومن لا له من عزة العلم نسبة | فليس له إلا إلى الذلة انتما |
ترق به فالعلم عز وذروة |
|
وحبل متين للتقاة وعروة |
|
ووفر الغنى في الجهل عدم وشقوة |
|
ومن لا به من ثروة العلم ثروة | فمن ثروة الدارين قد صار معدما |
قضى الله أن العلم نور وحكمة |
|
كما أن أصل الجهل شؤم وظلمة |
|
وان رجال العلم للناس عصمة |
|
نعم علماء الدين في الأرض نعمة | على الثقلين عمت الكل منهما |
به أصفياء الله هاموا بحبه |
|
به أدركوا حسب الحظوظ لقربه |
|
وهم أوصلوا السلاك أسرار غيبه |
|
بهم شرف الدارين تم فهم به | ملائكة باهت ملائكة السما |
ملائكة ألبابهم وسناؤهم |
|
أقامهم هذا المقام صفاؤهم |
|
على الملأ الأعلى يحق ولاؤهم |
|
ألم تر في القرآن أن أولياؤهم | ملائكة الرحمن فالله أعلما |
لقد نطق الوحي العزيز بنبلهم |
|
ولا حبل للمستمسكين كحبلهم |
|
يقولهم نور الهدى وبفعلهم |
|
أقرت جميع الكائنات بفضلهم | عليها فحوت البحر في البحر هينما |
إلى ربها استغفارها وخشوعها |
|
لهم إذ هم أمطارها وربيعها |
|
وخالقها في المهتدين سميعها |
|
ولم لا ولولاهم تلاشت جميعها | ولم يبق منها في الوجود لها سما |
مصابيح أرض الله مهبط فيضه |
|
هداة لمسنون الاله وفرضه |
|
هم شفعاء العبد في يوم عرضه |
|
هم خلفاء الله في أهل أرضه | بهديهم أمت البسيطة قوما |
لأمرهم كل الكوائن اذعنت |
|
لسلطانهم بالعلم بالله سلمت |
|
لعزهم ذلت بنورهم اهتدت |
|
لحكمهم الدنيا تدين وقد عنت | سلاطين أهل الأرض أعظم أعظما |
على الأرض والألباب في عالم القدس |
|
يرون بنور الله ما غاب كالقبس |
|
لأفهامهم كالأنجم الزهر ما التبس |
|
وآراؤهم تقضي بهن ملائك الس | موات فيما قد أحل وحرما |
تجلت لهم كالشمس خلف حجابها |
|
فجاؤا بها براقة في صوابها |
|
حقائق شرع في غواشي غيابها |
|
ولو لم يكن نص الكتاب أتى بها | صريحا ولا الهادي بها قد تكلما |
هدوا ذا هم نور إلى الله اهتدوا |
|
إذ اتزروا بالعلم بالله وارتدوا |
|
حداهم من العرفان ذوق به حدوا |
|
غدوا قدوة الأملاك لما هم اقتدوا | بما لهم رب الملائك الهما |
سما بهم العرفان أعلى المراتب |
|
ونالوا مقاماً فيه فتح المواهب |
|
وفهم خطاب الحق من كل جانب |
|
وذلك من أدنى رفيع مناقب | لهم لم يعدوها فخارا ومكرما |
تجلى لهم باسم المبين بمنه |
|
ففازوا بظهر الوحي كشفا وبطنه |
|
وحازوا بفتح الله مكنون ضمنه |
|
فما استحسنوا فالله يقضي بحسنه | وما استقبحوا إلا قبيحا مذمما |
لهم من مقام الاجتباء عليه |
|
ومن قدم الصدق الزكي رضيه |
|
ومن مورد الإحسان ما طاب ريه |
|
وربك من والوه فهو وليه | ومن خاصموه كان الله أخصما |
ملوك على من يملك الأرض حوله |
|
لدى طولهم أدنى من الذر طوله |
|
فقير عديم من تولاه جهله |
|
هم أغنياء العصر والعصر أهله | قد افتقروا والمال بينهم نما |
وما لكنوز التبر شأن لمن فهم |
|
إذا وزنت في جانب العلم والحكم |
|
كنوز رجال الله أبقى ووفرهم |
|
يروم كنوز الأرض غيرهم وهم | أصابوا كنوز العرش وفرا ومغنما |
رقوا بكمالات الهدى منتهى العلى |
|
وأنزلهم من قربه الحق منزلاً |
|
وأوردهم من مورد الود منهلا |
|
وهم في الثرى قاموا وأرواحهم إلى | سما العرش والكرسي أدنوهما سما |
تولاهم قهر الشهود بحوله |
|
وأفناهم عن كل شيء بوصله |
|
فغابوا عن الأكوان في غيب ظله |
|
وما قنعوا بالعرش والفرش كله | فجازوا إلى أعلى مقام واعظما |
رمى بهم المحبوب في المحو رمية |
|
فما أبصروا مقدار ذا الكون ذرة |
|
ولا وقفوا عند الحوادث لمحة |
|
ولو وقفوا بالعرش والفرش لحظة | لعدوه تقصيرا وجرما ومأثما |
إلى الحق إخلاصا وأخذا بحبله |
|
قد انصرفوا عن فصل كون ووصله |
|
مقاصدهم مقصورة تحت حوله |
|
تقدم في ذاك الخليل بقوله | لجبريل دعني منك لله مسلما |
نفوسهم في الله لله جاهدت |
|
فلم ينثنوا عن وجهه كيف كابدت |
|
على نقطة الإخلاص لله عاهدت |
|
لملة إبراهيم شادوا فشاهدوا الت | لفت للشرك الخفي متمما |
تولاهم القيوم في أي وجهة |
|
وزكاهم بالمد والتبعية |
|
ولفاهم التوحيد في كل ذرة |
|
فقاموا بتجريد وداموا بوحدة | عن الإنس روم الأنس فيها تنعما |
محبون لاقى الكل في الحب حينه |
|
نفوسهم ذابت به واصطلينه |
|
فلم يبق منها الحب بل صرن عينه |
|
بخلوة لي عبد وستري بينه | وبيني عن الأملاك والرسل كتما |
وأورثهم للحب ارث النبوة |
|
فكانوا دعاة الله في خير دعوة |
|
ترقوا بفيض الله ارفع ذروة |
|
وما بلغوا ذاك المقام بقوة | ولكن بنور العلم قد بلغوا الحمى |
حباهم بمنهاج السلوك استطاعة |
|
فلم يتركوا فيه الحقوق مضاعة |
|
ونالوا أمام الله منه شفاعة |
|
عشية أعطوه عهودا مطاعة | على طاعة منهم غداة تحكما |
قد اتخذوا العرفان بالله جنة |
|
تاروا اليه مطلقين أعنة |
|
ومذ أدركوا منه المقامات منه |
|
وقد بايعوه أنفسا مطمئنة | ببيعته والعقد بالعهد أحكما |
هداهم سنا العرفان والليل قد سجى |
|
فما جهلوا وهو الدليل المناهجا |
|
به عرجوا مستبصرين المعارجا |
|
فجذبهم في السير للخير والجا | بهم أخطر الأهوال حين تقحما |
فنزههم عن قيد أي ادارة |
|
وأفرغ مجهوداتهم في العبادة |
|
وميزهم عن غيرهم بالسيادة |
|
فأبعدهم عن كل ألف وعادة | وعودهم شرب الشدائد علقما |
فجدوا وشدوا وانتووا شقة النوى |
|
وخير لهم في الجهد والعري والطوى |
|
وفي النوح والتذكار والكرب والجوى |
|
فمن بعد عادى النوم والشبع والروى | غدوا حلف الف السهد والجوع والظما |
جروا في ميادين الشهود تقدما |
|
وصدق الرجا والخوف فيهم تحكما |
|
فلم يبق كون منهم ماتهد ما |
|
فندمانهم عاد البكاء تندما | وأزمانهم بالنوح قد عدن مأتما |
فساروا على تغريد حاد مزعزع |
|
بشوق ملح والتياع مروع |
|
وغابوا عن الأكوان في منتهى معي |
|
وأوردهم بالحزن لجة أدمع | وأورى بهم للخوف نار جهنما |
تبدت لهم أكوانهم فتبددت |
|
نفوسهم في السحق والمحق أنفذت |
|
إذا فارقت غورا من الدمع أنجدت |
|
شدائد عدوها فوائد فاغتدت | عوائد أعياد السرور تنعما |
مصائب عاموا في بحور صعابها |
|
وقروا على آسادها وذئابها |
|
وطاب لديهم حسوكاسات صابها |
|
ولو جانبوها روم غير جنابها | لعدوا بحكم العدل ذا العدل مأثما |
وتلك بفضل العلم أهنى الموارد |
|
وأكرم موهوب واسنى المشاهد |
|
أتعلم مثل العلم مجدا لماجد |
|
هم صدقوه وهو أصدق واعد | وأوفى ذمام حبله ليس أفصما |
به قطعوا أصل العلائق والهوى |
|
به أخلصوا في طاعة الحق لا سوى |
|
به روض هذا الكون في عينهم ذوى |
|
به نهجوا في كل منطمس الصوى | فكان لهم في كل يهماء معلما |
تبين لهم أسراره كل كائن |
|
ويخلصهم للحق من كل شائن |
|
فطوبى لهم يجري بهم في المآمن |
|
ويملي لهم في السير عن كل مامن | وجال إلى أسوى طريق وأقوما |
مقامات أهل الله منه مصابح |
|
وكل مقام حله القوم رابح |
|
وكل مقام العارفين مذابح |
|
وقاسمهم بالله أني ناصح | فأنهى إلى أبهى مقام وأكرما |
لقد قام علم القوم للحق معلما |
|
وجلى لهم بالكشف سرا مختما |
|
وفتح أقفالا وأطلع أنجما |
|
وحل لهم رمزا وكنزا مكتما | من السر قد كان الرحيق المختما |
به سلكوا في حبه مسلكا جهل |
|
وكلهم بين المشاهد قد ذهل |
|
وكلهم من مورد الحب منتهل |
|
وقال لهم هذا المقام وهذه ال | خيام وذا باب المليك وذا الحمى |
هنا موقفي وهو المقام المحدد |
|
فغنوا على هذا المقام وغردوا |
|
وما بعد هذا للمدارك مشهد |
|
فمالي فيما بعد ذلك مصعد | ولا موعد من بعد ذلك الزما |
هنالك فهم العقل والدرك مندرس |
|
هناك لسان العلم في الشأن قد خرس |
|
هنالك حد السير من يعده افترس |
|
هنالك قد تطوي الصحاف وتنشر الس | جاف فلا يطوى بحدك فافهما |
فما بعد هذا للمدراك غاية |
|
فنقطة هذا الحد فيها نهاية |
|
ولا باب إلا أن تكون رعاية |
|
ولا تفتح الأبواب إلا عناية | لمن شاءه ذاك المليك تكرما |
تجرد من الدعوى فقد كمل السرى |
|
وراءك لا تقدم فحظك مدبرا |
|
فلست بلاق فوق ذلك مصدرا |
|
فسلم إليه الأمر واطرق المرا | ولا تك في شيء من الأمر مبرما |
وقف وقفة المندك مالك حيلة |
|
فحالك في هذا المقام جليلة |
|
ونفسك في عز الجلال وذيلة |
|
وقل بلسان الحال مالي وسيلة | ولا حيلة والهج بقولك ما وما |
وعرج على التقديس تستخلصنه |
|
ونفسك نسك لازم فاذبحنه |
|
وشأنك إن أخلصت لا تحقرنه |
|
فان تك لا شيئا هناك فانه | رناك لما أدناك إذ لك قد رمى |
أرادك حتى قمت فيه مجالداً |
|
يميتك مشهودا ويحيك شاهداً |
|
وإن ساعة أحياك أبقاك بائداً |
|
وإن ساعة أفناك أبقاك خالداً | بوصف له باق صفاتك أعدما |
تفرد ولا تستثن في سبحاته |
|
ووحد صفات الحق توحيد ذاته |
|
وسافر بعين الحق في حضراته |
|
فان هو جلى فيك بعض صفاته | فما كنت أنت الآن أنت المقدما |
تفاوت حسب الفيض ذوق ملوكها |
|
فهم بين مثريها وبين ضريكها |
|
مراتبهم شتى بمرقى سموكها |
|
وفيها مقامات لأهل سلوكها | شموسا وأقمارا تنير وأنجما |
تفاوت أذواق المحبين رغبة |
|
مراتبهم حسب المقامات رفعة |
|
هيامى إلى “انا فتحنا” ملظة |
|
فمن ذاق منها نغبة مات رغبة | ومن لم يذقها مات بالغم مسقما |
وما فاض حسب الفتح من شبه وحيها |
|
وعينه سر الحكيم بطيها |
|
باثباتها ما أثبتت أو بنفيها |
|
معالم تستهدي الحلوم بهديها | العلوم بها كان العليم المعلما |
أقام لهم فيها حظوظا مقامة |
|
وأنزلهم حسب الحظوظ مقامة |
|
وقلدهم في العالمين إمامة |
|
فعرفهم إياه منه كرامة | وأشهدهم إياه منه تكرما |
توالهم باسم البديع تنزلا |
|
وفي حضرة الفتاح للقوم انزلا |
|
ونورهم نور السموات وانجلى |
|
وخلقهم باسم العليم تفضلا | وكان لهم باسم المبين مسوما |
فجردهم عنهم لخالص حبه |
|
فما همهم إلا وسائل قربه |
|
عروجا به عنهم إليه بغيبه |
|
وكان لهم عنه فكانوا له به | وقام بهم عنهم إليهم مكلما |
تحكم فيهم حبه وتصرفا |
|
وأوقفهم في القبض والبسط موقفا |
|
وأرسل في أسرارهم نفحة الصفا |
|
فمذ عرفوه لم يرموا تعرفا | إلي غيره والغير ثم تعدما |
تشعشع فيهم صبحه فانجلى المسا |
|
فهم في ضياء منه والليل عسعسا |
|
بأية طور صبحهم قد تنفسا |
|
وليس لهم جهل هناك وما عسى | لهم أن يروا من بعد ذلك مبهما |
تعهدهم إذ زايلوا الخلق بالمدد |
|
فهم في بساط الأنس بالواحد الأحد |
|
وكل بفتح الله فاز بما وجد |
|
وما علموا شيئا بعلمهم وقد | أحاطوا بعلم الكل والله أعلما |
فصارت شهادات لديهم غيوبهم |
|
قد امتلأت بالكشف منه جيوبهم |
|
هم العالم الأعلى احتوته جنوبهم |
|
هم لوحة المحفوظ كانت قلوبهم | بهم قلم الأنوار للسر رقما |
لهم درجات من لديه تحققت |
|
عليهم بها شمس الحقيقة أشرقت |
|
والطاف وهب من لدنه تدفقت |
|
مواهب قد دقت عن الفهم وارتقت | عن الوهم رقت عن نسيم تنسما |
حوى نسخة الامكان ادراك فهمهم |
|
فلا كنه إلا تحت حيطة عقلهم |
|
لهم حضرة القيوم تملى لسرهم |
|
بها انطوت الأكوان في طي علمهم | من العرش والكرسي والأرض والسما |
فما السر والاعلان ما الجهر ما الخفا |
|
وحسبهم نور المبين مكشفا |
|
هداهم وصفاهم وجلى الكثائفا |
|
فكانت جميع الكائنات مصاحفا | لهم تهب السر المصون المكتما |
بدائع فيض أبدعت بعجائب |
|
ينوعها فتاح باب المواهب |
|
تباديهم بالفتح من كل جانب |
|
لطائف لم تودع صحائف كاتب | تطالعها الافهام والله الهما |
أريدوا لها فاستنسخوها على النهى |
|
لقد فككوا والحمد لله رمزها |
|
وكم أدركوا بالعقل أمرا منزها | عن النقل في الألواح لن يترسما |
لقد كان تحت الختم من قبل فضه |
|
فصار ظهور البرق في وشك ومضه |
|
وما انفتح المختوم إلا بفيضه |
|
يضيق فضا الأكوان عن شرح بعضه | وكل لسان كل بل ظل مفحما |
علوم تجلي من “لدنا” ظهورها |
|
ولم يتعلق باكتساب سفورها |
|
تجلت بأسرار الرجال بدورها |
|
به صحف الارواح أشرق نورها | وصين عن الألواح اذكن أظلما |
تجرد لها ان كنت في القرب ترغب |
|
ولا تغلون فالشأن من ذاك أقرب |
|
فلست بقرع الباب بالصدق تحجب |
|
لذلك فاطلب ان يكن لك مطلب | ترى كل مطلوب سوى ذاك مغرما |
خذ الحزم واجعله إلي الحق مقصدا |
|
واخلص متين العزم صدقا مجردا |
|
ومن قصد الحق استقام وسددا |
|
ففي قصده السبيل ومن عدا | سبيل الهدى نحو الردى قد تيمما |
ملابسة الاغيار عين اضاعة |
|
وقصد على حرف نقيض لطاعة |
|
فاخلص ترى الاخلاص أزكى بضاعة |
|
فكن واقفا بالباب في كل ساعة | ترى الذل فيه عزة وتكرما |
اتعلم ان الأمر ليس كما هنا |
|
فدع دعوة الشيطان والنفس أوهنا |
|
وخل حظوظ النفس يسحقها الفنا |
|
وجانب رياش الجاه والعز والغنى | وكن باضطرار وافتقار مؤمما |
وان شئت قرب الله فالعلم قربة |
|
وان شئت جاها فهو جاه ورفعة |
|
وان شئت وفرا فهو وفر ودولة |
|
وان شئت عز العلم فالعلم عزة | لباس لبوس الذل لله مسلما |
طريقان فاختر ما ترى لك أحسنا |
|
اذا كنت تبغي الحق فاهجر له “أنا” |
|
فان “انا” حظ عواقبه العنا |
|
وان كنت تبغي العز والجاه في الدنا | فدع عنك داعي العلم وارحل مسلما |
وعش لحظوظ النفس ندبا مكافحا |
|
وعن كل مرغوب سوى الحق جامحا |
|
إليه انطرح للكائنات مبارحا |
|
ودع عنك أدناس المطامع طامحا | لولاك فيه طائعا جل منعما |
توجه اليه واجعل الفقر ديدنا |
|
يعدك بالفقر الحقيقي محسنا |
|
فخذ بطريق الفقر بالحق موقنا |
|
ففيه الغنى والفقر إذ رؤية الغنى | هناك الغنى بل منهما اقصده معدما |
تعن ولا تستبق للنفس عادة |
|
اتلقى اذا لم تشق فيه سعادة |
|
اذبها واصبرها واسقها مقادة |
|
فلا راحة ترجى لمن رام راحة | ومهما بذلت الروح صادفت مغنما |
تلفت لها من حيث ولت وأقبلت |
|
فان لها كيدا وان هي اجملت |
|
عليك بها انحرها وان هي ولولت |
|
ففي بذلها صون لها إن تقلبت | وإلا فقد سيقت إلى ذلك الحمى |
فان هي عما يوجب البعد أعرضت |
|
وسلمت الأطوار فيه وفوضت |
|
وشدت بعزم في السلوك وقوضت |
|
هنيئا لها فخرا بما قد تعرضت | لذاك الحمى لو كان مطلبها احتمى |
ذر الكون في أثوابه يتغول |
|
يروق لوهن الرأي حسنا ويجمل |
|
فما لك دون الحق فيه معول |
|
وان أم أبواب الملوك مؤمل | فيمم الى أبوابه متقدما |
كريم لضراء الفقير مراقب |
|
لطيف اذا ضاقت بعبد كوارب |
|
له في القضايا نظرة ومواهب |
|
وأبوابه فتح وما ثم حاجب | وأفضاله شرح وما ثم محتمى |
تخلى لربى ظاهرى والذي بطن |
|
وخليتهم والكون والأهل والوطن |
|
كفاني عن زيد وعمر وعن وعن |
|
لأبوابه ما عشت أغشى ولم أكن | لأخشى رقيبا أو عذولاً ملوما |
رفضت له الأكوان من ذى سرائرى |
|
وصنت عن التعليل مرمى بصائرى |
|
وسيان فيه نافعي مثل ضائرى |
|
فعندي فيه عاذلي مثل عاذري | ومن فيه عاداني كمن بي ترحما |
فلست بذي طرف بفرقتهم قذى |
|
بمذهب أني ذاهب أنا محتذى |
|
طريقة ذي صدق مع الحق احوذى |
|
سأرحل عنهم أجمعين الى الذي | به لذَّ لي ذلي وعزي تهجما |
أراني خليل الله وشك ذهابه |
|
وعللني من نغبة من شرابه |
|
وسرت مع المختار تحت ركابه |
|
عسى انني ادعى دعيا ببابه | اذا لم أكن باسم الخديم موسما |
فصرت بعين الحق ارفع منزلا |
|
بأي مقام شاءه لي وأنزلا |
|
دعيت دعيا أو وليا مكملا |
|
وإلا فان ادعى به متطفل | افقدري بهذا الاسم يخترق السما |
كفاني اختيار الحق في كل موطن |
|
بأية حال أو بأي تعين |
|
فلست لما يختاره عبد ديدني |
|
وان أدع لا شيئا هناك فانني | بذاك لقد أصبحت في الناس مغرما |