عش ما تشاء وراقب فجعة الأجل
عش ما تشاء وراقب فجعة الأجل | سينقضي العمر في بطء وفي عجل |
تلهو بتصويرك الآمال مغتبطا | وبين جنبيك ما يلهي عن الأمل |
تناقلتك ليال غير راجعة | وما تجاهك يوم غير منتقل |
ماذا يغرك من دنيا نضارتها | نهب المنون ومجراها الى الزلل |
قالوا دسائسها في طي زخرفها | وقلت قد صرحت بالسم في العسل |
لم تخف عيبا ولم تأخذ مخالسة | ولا الهناء بها الا على علل |
هل في مصارع أجيال بهم فتكت | عذر المحيل عليها شنعة الأمل |
فما التهافت منا في مهالكها | جهل بماض ولا علم بمقتبل |
ما باينتك عواديها مصادقة | ولم تعاهدك أمنا غارة الغيل |
رأي الركون الى افاتها سفه | وصفوها بين نابي مهلك جلل |
ما شأن صولاتها البقيا على أحد | وانما أجل يتلو خطى أجل |
بئس القرارة أهنى عيشها رنق | ينتابه الحتف بالابكار والأصل |
انجاز ايعادها بالموت منتظر | والقول عن مقتضاها غير مفتعل |
ما أصدق العلم بالغدر المشوب بها | واكذب الظن في التغرير والأمل |
خسيسة الطبع بالأكدار طافحة | ختالة تخلب الألباب بالحيل |
لا تستقيم لريعان الشباب ولا | لرائع الشيب منها لحظة الجذل |
تضيع عمر بنيها تحت عرتهم | بها وحاصلهم منها على دغل |
تزال تنبت نفسا ثم تأكلها | وانما يحرث الحراث للأكل |
تسعى جنائزها بجرا حقائبها | مما انتهبن بحرب الصبح والطفل |
ما بين صادرة في وجه واردة | ينتبن فل بقايا غارة الأجل |
ما بالنا ومطايا الموت تنقلنا | نلهو بما قيل “ان العز في النقل” |
ان الملاط الذي نبني البلاط به | رفات من نقلت بالأعصر الأول |
لو كان تقديرنا تخليد قاطنها | لأوجب العقل أن تلقى على العلل |
فكيف وهي حياة لا عتاد بها | مغمومة بالشقا والويل والهبل |
أضحية الحتف لا ترجو مغادرة | والأرض تبلع والجزار في العمل |
كم زفرة لنعي ما أذنت لها | ولا مشفعة من صارخ صحل |
زمازم الموت في الأذان صادعة | لكن الى فبب الألباب لن تصل |
يا رب نادبة ما جف مدمعها | وعينها في نظام الحلي والحلل |
حتى متى نحن والآجال تحفزنا | والجد والهزل منا تابع الأمل |
شمس المعارف يا سلطانها كسفت | كسوف شمسك عن صبح وعن طفل |
والاستقامة في كسر مزلزلة | يا جابر الكسر أدركتها على الزلل |
تمضي وتترك هذا الدين في جزع | والأرض مظلمة والدهر في خبل |
من للحنيفة يا قيامها علم | يهدي اليها ومن يحمي من الغيل |
من للشريعة قد قامت قيامتها | ومن يسدد منها موضع الخلل |
قد كنت فيها مكان الروح في جسد | وقمت فيها مقام السيف في الخلل |
من للطريقة من يصفي مشاربها | للسالكين كؤوس العل والنهل |
قد كنت حاديها تحدو ركائبها | بنغمة لحنتها زمرة الرسل |
رجعت صوتك فاشتاقت معاهدها | واليوم تصغي لمن يا حادي الابل |
ياذا العلوم اللدنيات موهبة | هل أنت في الرمس أم في حبرة النزل |
خلفت علمت فينا أم رحلت به | اني اشاهد نورا غير منتقل |
نعم تعقب نور أنت مشعله | ونور وجهك في الفردوس كالشعل |
تلك العلوم التي أوعيت جوهرها | قلبا بحب جمال الله في شغل |
ما زلت تسلبح في القرآن ملتقطا | در المعارف لم تضجر ولم تحل |
حتى ملأت مراد العقل معرفة | ممدودة الفيض حتى لحظة الأجل |
وفزت بالسنة الزهراء محتويا | على الاشارات والتفصيل والجمل |
وجئت بالدين والأحكام مكتشفا | للنقل والعقل كشفا غير ذي دخل |
مستنبطا أوجه التأويل رأسخة | على النصوص مصونات عن الزلل |
من الكواكب في وعد وفي شرف | وفي ارتفاع واشراق وفي مثل |
ما فاتك العمر لكن نقلة حتمت | الى مقر وعمر غير منتقل |
ولا انفصلت عن الدنيا وقد وصلت | لك المعارف محيا غير منفصل |
ولا اعتزلت عن الدنيا لضرتها | الا وأنت عن الدنيا بمعتزل |
تركت زخرفها للغافلين ولم | تحفل بها في مضيق العيش والغفل |
عاملتها بمراد الله منحرفا | الى نصيبك من عقباك بالعمل |
فما تقيلت منها قدر أنملة | ولا أدخرت سوى الحسنى لمقتبل |
ولا نظرت إلى فتان رونقها | الا بما تنظر المحتال في الحيل |
ولم تصدك عن علم ولا عمل | ولا سرور ولا سم ولا عسل |
ياطائرا طار ما أضفى قوادمه | نجوت من قفص في حكم محتبل |
وقفت لله من دنياك في عطل | فلتسرع الآن بين الحلي والحلل |
أجهدت نفسك في مرضاة خالقها | يا مجهد النفس اربح رحمة الأزل |
اربح فديتك ما قدمت موجبه | نعم البضاعة لم توزن ولم تكل |
أحمد سراك فقد أصبحت أن يدا | قد باركت فيك لا تكدي ولم تزل |
أحمد سراك فقد طالت متاعبه | وقد حللت خيام الحي فاعتقل |
قدمت خيرا فلم تعدو جوائزه | ان الجوائز عقبى صالح العمل |
أوقدت نفسك في المحراب مشتعلا | فأسرع الآن نحو الكوثر اغتسل |
أوقدتها بالرجا والخوف معتجلا | يا برد الله مثوى الواقد العجل |
تنحو المقامات والزلفى بمسلكها | وقد وصلت ولولا الجد لم تصل |
نلت الكرامات لم تصدعك منتها | عن الشهود ولم تعجب ولم تمل |
ان الكرامات أوثان لمشتغل | بها عن الله أو مكر بمشتغل |
ما فاتك الفهم من مولاك اذ سفرت | لك الدقائق أن يعمل وان ينل |
وكل موهبة قدرت موقعها | بالشكر لله في حزن وفي جذل |
وصبرت الصبر لا تنحل عروته | عند البلاء ولا يدنو من الفشل |
هما مقامان كنت العدل بينهما | توفيهما الحق لم تبطر ولم تبل |
حصرت ما عند أرباب القلوب فما | مقام حالك الا دولة الدول |
يا من أفات فؤادي الرشد من حزن | عليه أصلحه لي يا شافي العلل |
لا غرو أن تشفي الألباب من مرض | بسر قلب بنور الله مشتعل |
أعطيت قلبا بحب الله ممتزجا | له التصرف في فعل ومنفعل |
في قبضة الحب يطويه وينشره | فالسر في الحب لا في الشكل والعضل |
ارسل فديتك روحا شاملا أملي | من سر روحك واجمع لي به شملي |
فان أرواح أهل الله فاعلة | بقوة الحق لا بالحل والنقل |
لها الكرامة في الكونين موصلة | في القبض والبسط وصلا غير منبتل |
ما كان رأيك في الدنيا وقد فقدت | أسرار يمنك مثل العرض الهطل |
رعيتها ووصايا الله آونة | فانظر رعاياك قد هامت مع الهمل |
خلفتها ووصايا الله ثاكلة | والفضل والعلم والاسلام في وجل |
متى أهديء قلبي من تسعره | ورنة الملأ الأعلى على زجل |
يا حاملي نعشه مهلا بمحملكم | كيف احتملتم رزايا الرحلة الجلل |
تدرون من تحمل الأكتاف ما حملت | من بعده هذه الأكوان من ثقل |
سيروا رويدا فكل العالمين به | دفن العوالم لا يقضى على عجل |
ذروه يقضي من المحراب حاجته | اني أخاف على الدنيا من الخبل |
ذروره للأمر بالمعروف محتسبا | للنهي عن منكر قد عم كالظلل |
ذروه للعلم يجليه فقد سقطت | بنا الجهالة في الآبار والدغل |
ذروه يقطع أعناق الشقاق فما | نحن البقية غير العصبة العزل |
ذروه يرجم شيطان النفاق فما | ابقى مريدا رحيما غير منجدل |
ذروه تبكي عليه كل مكرمة | فانها بعده تحيا على ثكل |
ذروه أبكي عليه ما حييت فان | أمت بكى في البلى عظمي بلا مقل |
ليت البكاء أفاد الحي ما فقدت | عيناه لكنه فقد بلا أمل |
يا راحلا عن بني الاسلام تاركهم | وللكآبة فعل السيف والأسل |
وودع معاهدك الزهراء إن بها | غما لو احتل غمر البحر لم يسل |
ودع رجالك قد بانت عقولهم | إن راجع العقل من توديع مرتحل |
ودع تصانيفك الحق المبين فقد | صار المداد حدادا غير منفتل |
فوامصاباه ان ودعت مرتحلا | وما وراءك للإسلام من بدل |
لفوك في كفن ماذا تريد به | وأنت من نور حب الله في حلل |
وأودعوك ترابا لو تفوز به | حور الجنان لأفنته من القبل |
ماذا الرثاء وفي القرآن صادعة | تثني على اخر الأبرار والأول |
الا شجيا عقيب الظعن يندبهم | ومقلة أوقفت دمعا على الطلل |
وما رثيتك تذكارا لمحمدة | خلدت حمدا وان كان الزمان بلي |
سقى الاله ربوع الزاب ماطرة | من رحمة الله بالابكار والأصل |
وباشرتك هبات الله دائبة | بعارض من عظيم الفضل منهطل |
وروح الله بالرضوان روحك في | منازل القرب والاسعاد والنزل |
وواصل الروح والريحان ذاتك في | أزكى سلام من الرحمن منهمل |
ونسأل الله غفران ننال به | رضوانه في جوار الله والرسل |
نشكو اليك ولي الله وحدتنا | وعيشنا بين غل الدهر والكبل |
الله الله يا أهل القلوب ففي | قلوبكم نظر الرحمن في الأزل |
لا تتركونا مع الأهوال ان لكم | نصرا من الله وحيا غير منخذل |
خذوا بأيد قصار انها بكمو | تطول وانتشلونا من هوى الفشل |
توجهوا لجمال الله وانتدبوا | للغوث يا أولياء الله في عجل |
أين انتصاركم والملة انطمست | والأمة التبطت في فخ مهتبل |
صلى الاله على أرواحكم وسقى | اجداثكم رحمة بالرائث الهمل |
نرى مصارع قوم جل فقدهم | كفقدنا في الملاهي صالح العمل |
نفني الدموع ونرثي من نظن به | ومالنل برثاء الرشد من شغل |
كأننا في أمان من مصارعهم | أو المنايا عن الأحياء في كسل |
كلا ولكنهم صاروا لنا فرطا | والركب مرتحل في اثر مرتحل |
ومن تكن هذه الساعات أنيقة | قضى المسافة لم يملل ولم تطل |
فقدت نفسي فخلت الدمع سال بها | والعهد بالنفس قبل اليوم لم تسل |
وليس بدعا اذا ذابت بفادحة | ذابت عليها صخور السهل والجبل |
حمت لنا حزرة لم تبق من خلد | بغير خالدة الأحزان منفعل |
ما كنت أحسب أن أحياء وادركها | يدا تقلد جيد المجد بالعطل |
أبكت سماء وأرضا وهي ضاحكة | على السلامة ان طالت ولم تطل |
وليتها حيث أبكت كل كائنة | رقت بقلب من التهويل منذهل |
ماذا نحاول من ريب المنون اذا | قلنا حنانيك أو سيري على مهل |
أبعد ما طحنت أجيال أولنا | يبقى الأواخر في البقيا على أمل |
أم بعد اعجالها الأبرار تنسفهم | نسف الزعازع ننهاها عن العجل |
هيهات يرقأ دمع من مصائبهم | أو يصبح الكون منهم مقفر الطلل |
أما تراها سهاما تنتحى كبدا | مقروحة وجراحا غير مندمل |
لا تترك الجرح الا ريث تنكئه | ولا تسعر قلبا غير مشتعل |
نقارع النفس والشيطان ينصرها | وما لنا بقراع الموت من حيل |
في كل ناد نداء الموت مصطخب | وكل دار بها دور من الأجل |
فلا نؤسس صبرا غير معتقر | ولا ندافع صبرا غير معتقل |
لو دافع الصبر حزنا ثم اذهبه | لكنت بين رجال الصبر كالجبل |
لكن من الخطب خطب لو يقاومه | صبر الجليد انثنى بالدحض والفشل |
فقدت كفل اصطبار كان يكفلني | في النائبات فخان الآن مكتفلي |
فليس بعد مصاب الدين من طمع | في الصبر أو الجزع بالصبر منعزل |
يا ناعي الدين هل أبصرت من بقيت | فيه بقية رشد غير منذهل |
غادرت في أنفس الأكوان حشرجة | فان قضى الكون فاستسلم ولا تسل |
لا غرو إن فاضت الأكوان آسفة | لفقد فرد على الأكوان مشتمل |
يا ناعي الغوث هل لاقيت من خلف | ممن نعيت وهل قدرت من مثل |
يا ناعيا سيد الأبرار هل تركت | بالله فينا المنايا اليوم من بدل |
يا ناعي القطب من ذا قام موقفه | فصار قطب مدار العلم والعمل |
نعيت فردا أم الدنيا بأجمعها | إني أحس بدهش شامل جلل |
إني أحس بدهش غم كاربه | حتى الملائك حتى برزخ الرسل |
تنعى ابن يوسف فتح السالكين وخ | تم الواصلين مربي الأنفس الكمل |
محمدا مدد ألأمداد روحهم | مروع النفس أن يعمل وان يقل |
مقدس الشرفين المطعم الجفلى | كافي الكفاة المرجى طاهر الخلل |
مرزء الأرض خلاها وحل بها | لك السلامة لم تحلل ولم تحل |
نعم حللت قلوبا لا تزال بها | فأين أنت وفي الألباب لم تزل |
بل أنت في الرفرف الأعلى وغبطته | في البشر والروح والريحان والجذل |
لقيت وعدك من حسنى مخلدة | ونحن للفقد في الأحزان والوجل |
يا خير من حل في الدنيا ليصلحها | من ذا تركت لها يا خير منتقل |
ناصحت ربك في تعزيز ملته | فلتنصح اليوم ندبا خيرة الملل |
قد كنت رحمة هذا الكون تنفعه | خليفة قائما عن خاتم الرسل |
هلا رحمت قلوبا ذاب معظمها | حزنا عليك وقد سالت من المقل |
فاجبر مصابك فينا اننا بشر | فينا افتقار إلى أنفاس كل ولي |
جردت نفسك للاسلام تخدمه | في جد محتسب للهول محتمل |
تقارع الزيغ والأنوار بارقة | وأنت في نجدة والخصم في فشل |
كم حجة بسطت بالبطل أيديها | صدعت بالحق فيها فهي في شلل |
كم مشكل أعجز الأفكار جئت به | صديعة الفجر نورا واضح السبل |
كم معضل كشفته منك معرفة | ذات انبساط بنور الله مشتعل |
كم قاطع في سبيل الله يمنعها | رميته بشهاب منك مختزل |
كم جاهل ملأت ضوءا بصيرته | بصيرة لك تدعى الشمس بالحمل |