أحسن امانتك التي قلدتها
أحسن امانتك التي قلدتها | طوق الحمامة ما تسر وما ظهر |
لقد اتجرت على الذين تؤمهم | فاختر على الخسران ربح المتجر |
قد قلدوك أمانة مضمونة | فاحذر ضمان مضيع كل الحذر |
واعرف لهاتيك الأمانة قدرها | ليس الضمان بها ضمانا يغتفر |
ان ترعها نالوا ونلت ثوابها | أو خنتها سلموا وانت المؤتزر |
قد قمت بين غنيمة وسلامة | فاسلك بايهما ترى الحزم استقر |
واستوف بين سلامة من فعلها | وسلامة من تركها حق النظر |
فان استطعت حقوقها وشروطها | تربت يداك أغنم فنعم المدخر |
واذا عجزت ففي السلامة مغنم | وأحق أمريك البعيد عن الخطر |
واذا تركت مع استطاعة فعلها | فالإثم بالتضييع يلزم من قدر |
ان الامامة منصب ومقامها | لمزيد اخلاص من الكبر افتقر |
لا تبغها بذخا بها وترفعا | فيكبك الجبار يوما في سقر |
لتكن أقامتها على الاخلاص لا | لتكون متبوعا يعظمك البشر |
ومقاصد الألباب يعلم كيفها | من لا يغيب عنه مطوي الفكر |
أترى يغالطه الضمير وعلمه | محص سواء من أسر ومن جهر |
فهب الخداع مع البرية نافعا | أتراه عمن يعلم الغيب استتر |
عمل السرائر والظواهر كله | في علم علام الغيوب قد انحصر |
فارق هواك ودع لربك فطرة | محصت بالاخلاص عنها كل شر |
طهر سريرتك التي آفاتها | سوء وصبغتها النقائض والقذر |
واحمل عمود الدين ما حملته | عمن رآك به الضليع المقتدر |
مهما حضرت الناس عند صلاتهم | ورآك للتقديم أهلا من حضر |
فكن الامام ولا عليك ولا تضع | فرض الجماعة واحتسب أجر النفر |
لكن عليك وظائف مشروعة | سفرت بها سنن كما سفر القمر |
منها مراعاة الأظلة دائبا | وأوائل الأوقات من ذاك الوطر |
ان الاحب من العباد لربه | عبد يراعي للأظلة في الخبر |
وأوائل الأوقات رتبة فضلها | حض النبي وفعله فيها استمر |
رضوان ربك أول الأوقات وال | أوساط رحمته وعفو في الاخر |
واستثني العتمات في ليل الشتا | والظهر للتبريد في أيام حر |
والبعض يختار انتظار جماعة | والبعض يختار الحديث كما ظهر |
واذا تهيأت الجماعة كلها | كبر وهذا الباب من حسن النظر |
واحذر تقلدك الامامة ان تكن | لحانة اذ أقرأ القوم الأثر |
حتى ولو لم يفسد المعنى به | اذ لست في حكم الحديث بمعتبر |
وتصح ان لم يفسد المعنى به | الا الاساءة انها لا تغتف |
والبعض ان بدلت آيه رحمة | بالضد والتوحيد بالشرك اعتبر |
والبعض ان بدلت توحيدا بشر | ك أو عكستهما على هذا اقتصر |
ويشاكل اللحن الوقوف يبدل ال | معنى وقيل اذا بتوحيد أضر |
ونظيره الاهمال والاعجام في ال | قرآن اذ بهما يؤول الى الغير |
ونظيره جهل المخارج للحرو | ف على الصلاة لمن يؤم به ضرر |
ويؤمهم ذو آفة بلسانه | ان لم يكن عن جهله الحرف انكسر |
ويصح من ذي لكنة ان كان ما | تجزي الصلاة به من الآي استقر |
ومبدل حرفا بحرف ان يكن | عن آفة أو فطرة وقع الأثر |
وحديث سين بلال المشهور لا | نرضى به فالوضع فيه المعتبر |
ومن الوظائف ان تكون مرتلا | أو ما ترى نص الكتاب بها أمر |
ووظيفة التخفيف للأركان لا | تهمل ولا تكن المنفر من نفر |
ناهيك ما لاقى معاذ من رسول | الله من زجر بتطويل السور |
والناس في الأحوال شتى فليكن | هذا الامام مراعيا حال الفطر |
وليرع تسوية الصفوف بنفسه | أو غيره كالفعل من خير البشر |
ولينو هاتيك الامامة آتيا | ان جاء من بعد الدخول ومن حضر |
وليجزم التكبير والتسليم كي | يقعا من المأموم بعد على الاثر |
ومتى يكبر أو ليسمع فليزد | في رفعه للصوت والسمع القدر |
وليخلصن القصد للمأمور في | حفظ الحدود الباطنات وما ظهر |
ولينتقل من موضع صلى به | من بعد ما يقضي الصلاة الى مقر |
في مسجد أو منزل أو غيره | زالت امامته فماذا ينتظر |
ولينحرف صوب اليمين اذا انتحى | الا الصحارى فالامام اذا قدر |
ولينتخب ذا الأفضلية منهم | ويسد قفوته وذا خبر ظهر |
هذا لأن لذي الأمامة رتبة | في البر فالأولى به تقرير بر |
ويكون لاستخلافه مهما عنا | أمر وما احفى الخلافة بالخير |
وليجتهد عند الدعاء معمما | لا يختصص بدعائه عمن حضر |
فيعم في حق الولي دعاؤه | وعدا الولي لمصلح الأخرى يذر |
ومقامه يقضي عليه بأنه | وفد الى البر الكريم لنيل بر |
والوفد أحجى أن ينال كرامة | ان لم يكن في النفس حاجته حصر |
حقق بعينك في الكريم فانه | عند الظنون لمن توجه وافتقر |
واذا توجهت السريرة نحوه | رجعت برحمته بعائدة الوطر |
لم يقصد الرحمن صادق أوبة | رغبا ورهبا في مقام فانخسر |
فاجعل همومك في الصلاة فانها | سبب مبين للصلات وللبشر |
واحفظ لربك روحها وحياتها | سيان لو أبصرت ميتا والحجر |
وحياتها اخلاصها وخشوعها | وخضوع قلب بالعلائق محتظر |
وظواهر الأركان محض وسائط | فاذا تزكى السر أصلح ما ظهر |
وعبادة الحركات والسكنات في | حكم القلوب وها هنا الشأن انحصر |
فاربط على هذا المقام القلب لا | يغرر فشأن قلوبنا كر وفر |
والقلب بيت الله فيه نوره | نظر الكريم اليه ليس الى الصور |
فاستقص قلبك في مقام شهوده | لا تعطه شطرا وشطرا في عمر |
واصل مقامك في الصلاة وغيرها | عبدا على الاحسان وردك والصدر |
واذا ذكرت الله فاعرف قدره | بين الرجا والخوف مصروف الفكر |
مستشعرا تحت الجلالة خشية | ومهابة لا حظ عندك للأثر |
لا تعد طورك في المواطن كلها | أنت الفقير اليه في نفع وضر |
وجماع هذا الأمر فقر مطلق | وعبودة محض وصفو من كدر |