برهان الاستقامة
علمت ربي ولا عين ولا أثر | ولا ظروف ولا شرط ولا صور |
ما فات علمك موجود ولا عدم | جار بعلمك ما تأتي وما تذر |
وليس علمك موقوفا على حدث | ما كان أو لم يكن يجري به قدر |
والاستحالة والامكان حكمها | وفق المشيئة أن شئت مقتصر |
قدرت شيئا محالا ثم تجهله | سبحان سبحان حق القدر ما قدروا |
ما للطبيعة تنزو فوق مركزها | ومالها في الذي تنزو له اثر |
أليس نفس الهيولي لا يحركها | إلا المعلل والمعول مقتسر |
والحد والرسم والأشكال والصور | والحل والعقد والإبرام والغير |
والكل والجزء مما كان ممتنعا | وغير ممتنع في اللوح مستطر |
وكل ما كان موجودا ومنعدما | فمن إرادته لا شك مؤتمر |
أيجهل الله أمرا نحن نعلمه إن ليس تحصره من جنسه صور |
|
من أمره اللم يكن واللا يكون وكن | فكيف يجهل ما يستحصل البشر |
من ذا أفاض علينا ما نحصله | من العلوم وما تستدرك الفكر |
هب القوى أدركت فالمدركات لها | قيودها العلم والإدراك والنظر |
ومن أمد القوى حتى يحصل في | من كان هيأها حتى بدا الأثر |
وهل معارفنا إلا مواهبه والك | سب في ضغطه التكوين منحصر |
أنحن نعلم بالتعقيل منعدما | وخالق العقل عنه الأمر مستتر |
إن شاء شيئا فذاك الشيء يعلمه | أو لم يشأ انطوى عن علمه الخبر |
من أوجد الشيء من لا شيء يجهله | كيف استقام له الإيجاد والأثر |
والجهل بالصنع عجز لا تقوم به | على كمالاتها الأكوان والفطر |
إن كان يجهل شيئا قبل موقعه | فإنه قبل ذاك الشيء مفتقر |
ما الشأن في الذات قبل الخلق في أزل | قد عزها العلم لا سمع ولا بصر |
استغفر الله هذا الكون علة عل | م الله أم كيف هذا العلم يعتبر |
قد قف شعري من خطب خذيت له | تكاد منه السما والأرض تنفطر |
آها على فلتة جاء البصير بها | قد خاصمته عليها الآي والسور |
أقول للعقل والبرهان في يده | هلا حكمت وأنت الفيصل الذمر |
سلبته صفة ذاتية وجبت | لذاته حيث لا كون ولا فطر |
فحين أوجدها صنعا أضفت له | علما يساوق ما يجري به القدر |
هلا حكمت بأن الذات عالمة | بنفي اضدادها من قبل ان ذكروا |
هلا حكمت بان الذات فاعلة | بالاختيار لما تأتي وما تذر |
لو لم يكن علمه بالشيء يسبقه | لكان بالطبع أو بالجبر يقتدر |
لو كان يختار أمرا ليس يعلمه ان | حل الوجود لما تأتي به الخير |
يدبر الأمر مطويا على غرر | ان كان يغرب عن ادراكه الغرر |
ما كان أغناه عن تدبير صنعته | إن كان يجهل قبل الصنع مالخبر |
سبحان ربي تقديسا لعزته | في علمه النفي والإثبات منحصر |
بالذات للذات معلوماته انكشفت | ما ثم واسطة في الذات تعتبر |
وكونه النفي والإثبات حكمته | يقضي بإدراكه المنفي لو نظروا |
أأوجبت علمه آثار قدرته | فيلزم الجهل لو لم يظهر الأثر |
لو كان ذاك لمست ذاته علل | إذ الصفات إلى الأحداث تفتقر |
أو يلزم الدور فيها أو مرادفه | أو ليس يعلم إلا حين يقتدر |
هب أنه لم يشأ شيئا فاعدمه | أكان ما شاء نفياً عنه يستتر |
أم كان ما لم يشأه الحق منفعل | الذاته قادر في نفسه قدر |
أو كون ما كان معدوما تقدمه | أم صده جل عنه العجز والخور |
ما للعقول على أقوى بساطتها | ضلت فلم تفنها الآيات والنذر |
تحكمت في صفات الله جاعلة | حقيقة الذات للعلات تأتمر |
قضية أثمرت تعطيل منشئها | ليت القضية ما كانت ولا الثمر |
ليت التنور بالإسلام ينبذها | إلى الذين برسل الله قد كفروا |
كم في القرآن “ولو شئنا” تدل على | إن الذي لم يشأ في العلم منحصر |
لو شاء اذهاب ما أوحي لأذهبه | أو شاء جمعهم بالحق لا بتدروا |
أكان يجهل ما لو شاء أوجده | قبل الوجود وعنه تنبئ السور |
لو كان ما يلزم المشروط يجهله | فعن حقيقة ماذا يصدق الخبر |
ماذا دهى الزيغ من خطب الكليم لو | إن العقول إلى الأنصاف تبتدر |
انظر فسوف تراني كيف أبرزها ال | علم الحقيقي إن لم يخطئ النظر |
ترى التعلق بالحال التي فرضت | على المحال بصدق الحال تعتبر |
أكان يجهل دك الطور وهو على | مرساه لم ينتقض من بينه حجر |
أم لم يحط قبل تكليم الكليم له | ان ليس يدركه عقل ولا بصر |
المستحيل ومتروك الإرادة وال | مخصوص بالفعل مما رجح القدر |
معلومة حسب ما هيأتها وعلى | ما اختارها ما لها في نفسها خير |
وعلمه ذاته والذات سابقة | والما سوى مطلقا للعلم محتظر |
هذا هو الحق لا أبغي به بدلا | بأي حال ولو عادتني العصر |
أني لأنصر ذا حق يقوم به | والمؤمن الحق للإيمان ينتصر |