قسوة
تجنَّ عليَّ بالِغْ في التجنِّي | فمن ألم الجوى استوحيت فني |
ومس بالقد منتشيًا كغصنٍ | جميلٍ في اعتدال أو تثنّي |
وأسمعْني حديثك إن روحي | يمور به صدى صوت المغني |
كأن الله أولاك افتتانًا | فمازَجَ فاكَ بالوتر المرِنِّ |
أكاد إذا سمعتُ النطق منه | يضيع الفكر والوجدان مني |
فهيا ارسِلْ شعاع اللحظ إني | من الطرْف الجميل أصوغ لحني |
أصوغ مناغيًا للناي لحنًا | شَرودًا رائعًا في كل أذن |
تهش له مسامع من أناجي | ويرضاه أبو مَيٍّ ومَعْن |
فتًى كمُلَتْ خلائقه وفاقت | جميع الناس من جنس ولون |
فلا تبخل عليَّ بحسن صوت | يُميت تعاستي ويقرُّ عيني |
فأسمعني لحون الطير تشدو | وجاذِبْني الترَّنم والتغنِّي |
ولا تبخل عليَّ بسحر قولٍ | حلاوته تزيل الهمَّ عني |
وينفح بالشذا نفسي وقلبي | كأني في ذرى جنات عدن |
ويحييني لأني في مماتٍ | وفي قيدٍ وفي إظلام سجن |
فكم من ليلةٍ أرسلتُ شعرًا | يمنِّي النفس لو نفع التمني |
ألا ياليت من أهوى قريب | يخفف وطء آلامي وحزني |
ويغمرني بفيض النور منه | ويُبْدِلني رؤى خوفي بأمن |
ويجعل وحشتي أنسًا وبرّاً | ويتركني أنام بملء جفني |