هو الموت ما منه ملاذ ومهرب
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب | متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب |
نشاهد ذا عين اليقين حقيقة | عليه مضى طفل وكهل وأشيب |
ولكن على السران القلوب كأننا | بما قد علمناه يقينا تكذب |
نؤمل آمالا ونرجو نتاجها | وعل الردى مما نرجيه أقرب |
ونبني القصور المشجرات في الهواء | وفي علمنا أنا نموت وتخرب |
ونسعى لجمع المال حلا ومأتما | وبالرغم يحويه البعيد وأقرب |
نحاسب عنه داخلا ثم خارجا | وفيم صرفناه ومن أين يكسب |
ويسعد فيه وارث متعفف | تقي ويشقى فيه آخر يلعب |
وأول ما شيدوا ندامة مسرف | إذا اشتد فيه الكرب والروح تجذب |
ويشفق من وضع الكتاب ويمتن | لو أن رد للدنيا وهيهات مطلب |
ويشهد منا كل عضو بفعله | وليس على الجبار يخفى المغيب |
إذا قيل أنتم قد علمتم فما الذي | علمتم وكل في الكتاب مرتب |
وماذا كسبتم في شباب وصحة | وفي عمر أنفاسكم فيه تحسب |
فيا ليت شعري ما تقول وما الذي | نجيب به والأمر إذ ذاك أصعب |
إلى الله نشكو قسوة في قلوبنا | وفي كل يوم واعظا لموت يندب |
ولله كم غاد حبيب ورائح | نشيعه للقبر والدمع يسكب |
أخ أو حميم أو تقي مهذب | يواصل في نصح الصبا ويدأب |
نهيل عليه الترب حتى كأنه | عدو وفي الأحشاء نار تلهب |
سقى جدشا وأرى ابن أحمد وابل | من العفو رجاس العشيات صيب |
وانزله الغفران والفوز والرضى | يطاف عليه بالرحيق ويشرب |
فقد كان في صدر المجالس بهجة | به تحدق الأبصار والقلب يرهب |
فطورا تراه منذرا ومحذرا | عواقب ما تجني الذنوب وتجلب |
وطورا بآلاء الإله مذكرا | وطورا إلى دار النعيم يرغب |
ولم يشتغل عن ذا ببيع ولا شرا | نعم في ابتناء المجد للبذل يطرب |
فلو كان يفدى بالنفوس وما غلا | لطبنا نفوسا بالذي كان يطلب |
ولكن إذا تم المدى نفذ القضا | وما لامرىء عما قضى الله مهرب |
أخ كان لي نعم المعين على التقى | به تنجلي عني الهموم وتذهب |
فطورا بأخبار الرسول وصحبه | وطورا بآداب تلذ وتعذب |
على ذا مضى عمري كذاك وعمره | صفين لا تجفو ولا نتعب |
وما الحال إلا مثل ما قال من مضى | وبالجملة الأمثال للناس تضرب |
لكل اجتماع من خليلين فرقة | ولو بينهم قد طاب عيش ومشرب |
ومن بعد ذا حشر ونشر وموقف | ويوم به يكسي المذلة مذنب |
إذا فر كل من أبيه وأمه | كذا الأم لم تنظر إليه ولا الأب |
وكم ظالم يندي من العض كفه | مقالته يا ويلتي أين أذهب |
إذا اقتسموا أعماله غرماؤه | وقيل له هذا بما كنت تكسب |
وصك له صك إلى النار بعدما | يحمل من أوزارهم ويعذب |
وكم قائل واحسرتا ليت أننا | نرد إلى الدنيا ننيب ونرهب |
فما نحن في دار المنى غير أننا | شغفنا بدنيا تضمحل وتذهب |
فحثوا مطايا الإرتحال وشمروا | إلى الله والدار التي ليس تخرب |
فما اقرب الاتى وأبعد ما مضى | وهذا غراب البين في الدار ينصب |
وصل إلهي ما همي الورق أو شدا | على الأيك سجاع الحمام المطرب |
على سيد السادات والآل كلهم | وأصحابه ما لاح في الأفق كوكب |