واقع الاستهلاك العربي من المياه في ضوء المعلومات المتوافرة: بعض أهم الدراسات التي أجريت بخصوص استهلاك المياه على مستوى الوطن العربي، تعطينا النتائج التالية:
العطش القادم كذبة العصر
لن يعطش العرب مهما ادعى المغرضون، ولن يتنازلوا عن حقوقهم من أجل كذبة اسمها العطش
الحلقة الثالثة
أسامة عكنان
عمان – الأردن
واقع الاستهلاك العربي من المياه في ضوء المعلومات المتوافرة:
بعض أهم الدراسات التي أجريت بخصوص استهلاك المياه على مستوى الوطن العربي، تعطينا النتائج التالية:
“1- مجموع كمية المياه المستثمرة في الوطن العربي تقدر بحوالي “180” مليار متر مكعب.
2- كمية المياه المستثمرة في الزراعة حوالي “128” مليار متر مكعب في السنة ممثلة نسبة “71%” من المجموع.
3- كمية المياه المستثمرة في الاستهلاك المنزلي حوالي “10” مليارات متر مكعب في السنة تمثل نسبة “5,5%” من المجموع.
4 – كمية المياه المستثمرة في الصناعة حوالي “4” مليارات متر مكعب في السنة تمثل نسبة “2%” من المجموع”.”33″
وفي دراسة أعدها فريق من الباحثين حول الأمن المائي العربي, نقرأ الأرقام والمعلومات التالية:
“إن مجمل الموارد المائية المستثمرة هو “173” مليار متر مكعب في السنة، وان حجم الموارد المائية هو “338” مليار متر مكعب في السنة، وإذا ما قورن هذا الرقم بالطلب في المستقبل، فإن هناك أزمة مائية واضحة سوف تظهر، إذ يقدر العجز المائي في هذه الحالة ب”100″ مليار في السنة رغم كل الاحتياطات والإجراءات التي سوف تتخذ لتنمية الموارد المائية”.”34″
في مجموعة من الأرقام كتبها الباحثان ” د.كمال خير” و” أ. نزار عكر” نقرأ ما يلي:
“سيقفز الاستهلاك المنزلي للمياه في السنة في الوطن العربي من “10,799” بليون متر مكعب في الجزء الأخير من الثمانينيات إلى “21,284” مليون متر مكعب عام “2000” و”40,173″ مليون متر مكعب عام “2015”، إذ اعتبرنا أن استهلاك الفرد من المياه هو (150/ليتر/يوم) للثمانينيات و(200/ليتر/يوم) لعام “2000” و(250/ليتر /يوم) لعام “2015”، علما بأن نسب الاستهلاك المأخوذة هي دون المتواضعة إذا ما قورنت باستهلاك الفرد اليومي في كثير من البلدان المتقدمة، والذي يتعدى الـ”500/ليتر/يوم”، وقد يصل في بعض المناطق والمدن الأمريكية إلى “700/ليتر/يوم”. وهذا يعني أننا بحاجة إلى تأمين أكثر من “25” بليون متر مكعب من المياه الإضافية سنويا لسد الاحتياجات المائية للاستهلاك المنزلي فقط مع حلول العام “2015”. وإذا ما طرحت أزمة الحاجة إلى المياه لسد متطلبات الزراعة والصناعة فسيتم الحصول على أرقام تسبب الهلع إذا ما قورنت بما يتوفر اليوم “.”35”
ونورد مرة أخرى الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين في المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة, لنقرأ الأرقام التالية:
” وقد اقترحت معدلات استهلاكية للفرد تتراوح بين “75-200” لتر / يوم في الوقت الحاضر على أن تزيد لتصل إلى “150-300” ليتر / يوم في عام “2030”. وتدل التقديرات على أن الاحتياجات الحالية في الوطن العربي من مياه الشرب والأغراض الأهلية تبلغ حوالي “7,2” مليار متر مكعب سنويا. وسترتفع لتصل إلى حوالي “36” مليار في عام “2030”. أما في مجال الصناعة التي من المتوقع أن تشهد نشاطا كبيرا في السنوات القادمة, فتدل التقديرات على أن الاحتياجات الحالية في الوطن العربي تقدر بحوالي “1,3” وستصل إلى “22,1” مليار متر مكعب عام “2030”. وقد تم إجراء هذه التقديرات اعتمادا على أن الاحتياجات في الصناعة تشكل نسبة معينة من الطلب على الماء للشرب والأغراض الأهلية. ففي الوقت الحاضر – والدراسة هنا تتحدث عن واقع الماء في عام 1990 – تقدر نسبة الطلب على الماء في الصناعة بحدود (1/2) من الطلب على ماء الشرب في كل من الكويت ولبنان والأردن وتونس وليبيا, وتبلغ نسبة (1/4) في كل من العراق وسوريا واليمن وقطر. وقد قدر أن تزداد هذه النسب إلى (1/1) و(1/4) على التوالي. أما في مجال الزراعة فقد قدر إجمالي الطلب على الماء في هذا القطاع في الوقت الحاضر في حدود “297” مليار متر مكعب في السنة, والمقدر أن يصل إلى “378” مليار متر مكعب في السنة عام “2030”.”36″
من جهته حذر المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة التابع لجامعة الدول العربية من خطورة استمرار الطلب المتزايد على المياه في الوطن العربي. “وقد قدر المركز في تقرير أصدره في دمشق بتاريخ “20/7/1993” الموارد السطحية والجوفية المتاحة في الوطن العربي بحوالي “353” مليار متر مكعب سنويا، يستثمر منها حاليا “173” مليارا في السنة لتأمين “50%” من الغذاء اللازم للمواطنين. وقال المركز في تقريره أنه في حال العمل على تأمين اكتفاء غذائي تام فسيصل استثمار المياه إلى “305” مليار متر مكعب، وأشار المركز إلى أن الأمة العربية ستعاني مع حلول عام “2000” من عجز يصل إلى “155” مليار متر مكعب سنويا يرتفع في عام “2030” إلى “260” مليار متر مكعب سنويا”.”37″
وفي دراسة أخرى نجد ما يلي: ” نتيجة لتزايد عدد السكان وما يرتبط به من تزايد في الطلب على المياه يتوقع أن يعاني الوطن العربي من عجز في موارد المياه قد يصل عام “2000” إلى “97” مليار متر مكعب, وقد يصل عام “2030” إلى “127” مليار متر مكعب “.”38”
ونواصل معا عرض الإحصائيات والأرقام والمعلومات المتضاربة حول استهلاك المياه في الوطن العربي لنتحول الآن من الحديث عن الاستهلاك على الصعيد الكلي إلى الحديث عنه على الصعيد الفردي، لمعرفة ما تقوله الأرقام المتداولة حول ما هو متاح للفرد في الوطن العربي من كميات مياه لاستهلاكه.
وبهذا الخصوص عقد في الفترة ما بين “7-9” أيار “مايو”/1992، في جامعة واترلو الكندية مؤتمر تحت عنوان “أزمة المياه في الشرق الأوسط، بين الواقع والحلول”، حضره حوالي مئة باحث وأكاديمي وسياسي من الدول العربية وفلسطين المحتلة والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وصندوق النقد الدولي ومنظمات متخصصة بالمياه، وشارك في المؤتمر أيضا بعض الأكاديميين اليهود من الجامعات الكندية والأمريكية. وكان من بين أوراق العمل المقدمة خلال المؤتمر، ورقة للبروفيسور “فريدريك فري” من جامعة بنسلفانيا الأمريكية بحثت حول المحيط السياسي للصراع والتعاون الدولي لمصادر المياه، وقال البروفيسور في ورقته:
” إن الفرد يستهلك “500” متر مكعب من المياه في الشرق الأوسط أو ما يعادل “100” لتر من المياه يوميا, بينما تظهر إحصائيات الأمم المتحدة أن الفرد بحاجة إلى “1000” متر مكعب في السنة, أي ضعف ما يستهلكه الفرد في الشرق الأوسط, وإن هذه النسب متفاوتة في المنطقة. ففي الوقت الذي يستهلك فيه الفرد في إسرائيل “470” مترا مكعبا, فإن الفرد في السعودية يستهلك “160” مترا مكعبا، وفي الكويت “150” مترا مكعبا. أما معدل استهلاك الفرد في الولايات المتحدة الأمريكية فهو “162” لترا في اليوم.. وأشار د. فري إلى أن بعض دول الشرق الأوسط كتركيا مثلا يستهلك الفرد فيها أضعاف ما يستهلكه الفرد في الولايات المتحدة, حيث يحصل الفرد على عشرة آلاف متر مكعب في السنة”.”39″
ونتابع التعرف على حصص الفرد من المياه في الوطن العربي, وهذه المرة مع الدكتور مهندس إدريس أحمد محمود خبير المياه والصرف الصحي بالصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي, فهو يقول:
“إن نصيب الفرد العربي من الموارد المائية على مستوى الوطن العربي بالجملة يبلغ “1750” مترا مكعبا في العام. وهو أقل من المعدل الوسطي العالمي البالغ “12900” مترا مكعبا في السنة بنحو سبع مرات. وهذا المعدل يتفاوت من دولة إلى أخرى فيبلغ في العراق “520” مترا مكعبا في السنة مقابل “110” أمتار في الكويت”.”40″
وفي خطوة متقدمة في تقصي واقع استهلاك المياه في الوطن العربي، ننتقل من الصعيد الكلي إلى الصيد التفصيلي محاولين تتبع واقع استهلاك الزراعة والصناعة وواقع الاستهلاك المنزلي. ففي الزراعة تحدثت إحدى أوراق العمل الهامة في ندوة متخصصة عن “أن القطاع الزراعي يشكل المستهلك الأكبر للمياه وقد يصل هذا الاستهلاك إلى “80%” من جملة الموارد المائية. وتشكل برامج التنمية الزراعية العربية العبْء الأكبر على تلك الموارد. وفي الزراعة المروية ظلت كفاءة الري في معظم أرجاء الوطن العربي متدنية لا تتعدى “50% – 60 %”, وهذا شكل هدرا كبيرا للموارد المائية واختلالات عضوية في خصوبة التربة وتدني الإنتاجية فيها”.”41″
من جانب آخر تكشف إحدى الدراسات على أن الطلب على المياه المخصصة لأغراض الزراعة “سيرتفع من 296,3%”, متر مكعب في العام “1985” إلى 332,2 مليار متر مكعب في العام “2000” بزيادة قدرها “13,3%”, في حين سيرتفع الطلب في عام “2030” إلى “377,5” بزيادة قدرها “27%” عن العام “1985”.”42″
أما بالنسبة لمياه الشرب والاستهلاك المنزلي عموما, فإنه طبقا للتوقعات فإن مجموعة دول شبه الجزيرة العربية التي تشمل السعودية والكويت والبحرين والإمارات المتحدة وقطر واليمن وعمان, ستحتاج في العام “2030: إلى “5,4” بليون متر مكعب, بينما تحتاج بلاد المغرب العربي وتشمل الجزائر والمغرب وتونس وموريتانيا وليبيا إلى “11,4” بليون متر مكعب, أما احتياجات بلاد المشرق العربي وتشمل سوريا والعراق ولبنان والأردن وفلسطين, فهي “8,1” بليون متر مكعب, في حين يقدر طلب إقليم الوسط ويشمل مصر والسودان والصومال وجيبوتي بحوالي “11,1” بليون متر مكعب”.”43″
من جهته يدلي الدكتور مهندس إدريس أحمد محمود خبير المياه والصرف الصحي في الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بدلوه في هذا الخصوص, ويتوقع ما يلي فيما يتعلق بالاستهلاك المائي للحاجات المنزلية: “إن الطلب على المياه المخصصة للشرب والأغراض الأهلية, سيرتفع بحدة خلال السنوات المقبلة – وهو يتحدث هنا في عام 1992 – ويزيد الإجمالي على صعيد الوطن العربي من “7208” مليون متر مكعب في سنة “1985” إلى “13423” مليون متر مكعب عام “2000” بمعدل زيادة قدرها “86%”, في حين سيرتفع حجم الطلب على المياه العذبة في عام “2030” إلى “36019” مليون متر مكعب في السنة بما يعادل زيادة مقدارها “400%” عن حجم الطلب في عام “1985”.”44″
ونحن إذ نورد هذه المعلومات التي تبدو تقنية صرف, فلكي نجري بعض المقارنات التي قد تساعدنا على تفهم وجهة التشويش والتضارب الذي سنكشفه حتى على هذا الصعيد التقني الصرف, ما سيثير دهشتنا أكثر.
أما فيما يتعلق بالطلب على المياه للاستهلاك الصناعي فتشير الدراسات إلى أنه سيرتفع من “1,3” بليون متر مكعب في سنة “1985” إلى “22,3” بليون متر مكعب عام “2030”, وتقدر الزيادة السنوية في الطلب على هذا النوع من المياه بنسبة “4%” على افتراض أن متوسط الطلب الصناعي سيرتفع من “7” أمتار مكعبة للفرد عام “2025” إلى “24,4” مترا مكعبا للعام “2030”.”45″
وأخيرا فقد حضرتنا مجموعة أرقام تتعلق بالسعودية والإمارات, ولأهمية هذه الأرقام ودلالتها نسوقها هنا, وهي تتعلق باستهلاك هاتين الدولتين من المياه الجوفية. فقد قال خالد عقبة وهو خبير في موارد المياه في المؤتمر الأول للمياه بالخليج والذي عقد في دبي:
“إن السعودية التي أصبحت مصدرا رئيسا للقمح بعد حملة دامت عشرين عاما لتطوير قطاعها الزراعي, تستخرج “18” مليار متر مكعب من المياه في العام من المستودعات الجوفية القابلة للنضوب, يذهب جانب كبير منها لتلبية الاحتياجات الزراعية. وأضاف خالد عقبة قوله أنه من المعدل الحالي للاستخراج الجوفي من المياه, فإن المستودعات الجوفية وهي صخرية إلى حد كبير قد تنضب تماما قبل عام “2006” – أي من المفترض أن تكون قد نضبت الآن تماما – وقال أيضا أن معدل استخراج المياه الجوفية في الإمارات العربية المتحدة ارتفع في العام “1988” إلى “200” مثل المعدل في العام “1968”، ووصل إلى “3,2” مليار متر مكعب في العام نتيجة تزايد السكان وزيادة مساحة الأراضي المستخدمة في الزراعة”.”46″
نعود من جديد لنفاجأ بهذا الكم من التناقضات ومن التشويش في المعلومات ولكن في نطاق الاستهلاك هذه المرة. علما بأن ضبط الاستهلاك ومعرفته بدقة أمر أيسر من ضبط الموارد ومعرفتها بدقة. فإذا كان التخبط المعلوماتي في مجال حصر الموارد قد يجد له مبررا في الإشارة إلى شح المعلومات المتوافرة، وفي بدائية التقنيات المستخدمة في حساب تلك الموارد، بل وفي الاعتماد الكلي تقريبا على معلومات الدول المتقدمة ذات المصالح الواضحة في انتهاج سياسات تضليلية في هذا الشأن.. نقول.. إذا كان هذا التخبط ممكنا حين الحديث عن الموارد فحدوث هذا التخبط في مجال الاستهلاك يبقى أمرا مزعجا وغريبا وغنيا عن أي تعليق، ومع ذلك فإننا نصادفه أثناء البحث على نطاق واسع. وعلى ضوء الإحصائيات السابقة التي تعد بحق مجمل ما ورد حول الموضوع من معلومات بإمكاننا أن نقدم التعليقات التالية:
أ – إحدى الدراسات تحدثت عن مياه مستهلكة في القطاع الزراعي قدرتها بـ “128” مليار متر مكعب, فيما تحدثت دراسة أخرى عن رقم يفوق هذا ب “45” مليار متر مكعب وهو ما يعادل نسبة “35%” من الرقم الأول, معتبرة أن الاستهلاك هو “173” مليار متر مكعب, وذلك في حالة أسمتها الدراسة حالة تغطية اكتفاء ذاتي بنسبة “50%”، وأضافت الرقم “305”مليار متر مكعب في حالة تغطية الاكتفاء الذاتي الغذائي بنسبة “100%”. والدراسة تتكلم بطبيعة الحال عما أشارت إليه بالوقت الراهن، أي أوائل التسعينيات وأواخر الثمانينيات من القرن السابق. وهنا يطرح سؤال عصي على التفسير، وهو كيف أمكن الوقوع في خطأ بقيمة “45” مليار متر مكعب؟!
ونتجاوز هنا مسألة أن الخمسين في المائة الأولى من احتياجاتنا الغذائية تطلبت “173” مليار متر مكعب، بينما لم تتطلب الخمسين بالمائة الثانية سوى “132” مليار متر مكعب، فما هو السبب الذي جعل النصف الآخر من احتياجاتنا يوفر علينا كمية “41” مليار متر مكعب, وكيف تم احتساب ذلك؟! هل النصف الأول من هذه الاحتياجات مثلا هو من المزروعات شديدة الشره إلى المياه، فيما النصف الثاني هو من المزروعات العفيفة والمتقشفة؟ ثم, على أي معايير تم ضبط هذا النصف الغذائي أساسا؟ فنحن نعلم أن الإنتاج الغذائي العربي متنوع حتى من الناحية الكمية، فرب سلعة ننتج منها أقل من نصف ما نحتاجه, ورب سلعة ننتج منها أكثر من نصف حاجتنا منها، فكيف سيتم وضع معايير الدراسة والقياس؟!
أسئلة كثيرة يثيرها التناقض السابق الذي يتفاقم أكثر عندما تفاجئنا دراسة أخرى تتحدث عن واقع استهلاكي في مجال الزراعة بكمية تقدر بـ “296,6”مليار متر مكعب عام “1985” أي بما يفوق الدراسة الأولى بنسبة “130%”, وبما يفوق الدراسة الثانية بنسبة “60%” تقريبا. وعندما تفاجئنا هذه الدراسة بتصورها لحجم الاستهلاك المتوقع عامي “2000” و”2030″, مؤكدة أن الكميات المتوقع استهلاكها في القطاع الزراعي لعام “2000” هي “332,2” مليار متر مكعب، وفي عام “2030” هي “377,5” مليار متر مكعب. ووجه المفاجأة في التوقعات هو أن المسافة الزمنية الممتدة من عام “1985” لغاية عام “2000” والتي هي فقط “15” سنة تطلبت تطورا في الإنتاج الزراعي بحاجة إلى “35,6” مليار متر مكعب في السنة, فيما المسافة الزمنية الممتدة من عام “2000” ولغاية عام “2030” والتي هي ثلاثون سنة تطلبت نسبة في زيادة الإنتاج الزراعي تطلبت زيدة في الاستهلاك تقدر بـ “45,3” مليار متر مكعب في السنة. فعلى أي أساس تم احتساب كل ذلك، علما بأن عدد السكان في الوطن العربي سيزيد عام “2000” عن عام “1985” بحوالي “90” مليون نسمة, فيما سيزيد عدد السكان عام “2030” عن عام “2000” حسب الإحصائيات المتداولة والمعتمدة بحوالي “240”مليون نسمة. فإذا كانت الحاجات الزراعية لـ “90” مليون نسمة تطلبت زيادة لكمية “35.6” مليار متر مكعب من المياه للأغراض الزراعية، فالمفهوم أن تزيد الكميات المطلوبة لتلبية حاجات “240” مليون إنسان بما لا يقل عن “90” مليار متر مكعب، أي بما يزيد عن الضعفين ونصف. وإذا كانت هناك مدخلات تقنية وغير تقنية ستحول دون تفاقم الزيادة إلى هذا الحد، فمن باب أولى أن تكون أسهمت في تخفيض حدة الطلب على الاستهلاك أساسا. هذا إذا تجاوزنا بطبيعة الحال الإحصائية التي تشير إلى أن عدد سكان الوطن العربي في عام “2030” سيصبح حوالي “745” مليون نسمة.
ملاحظة أخيرة نود إيرادها حول تضارب وتناقض الأرقام والمعلومات المتعلقة بواقع الزراعة المائي في الوطن العربي. فإذا كانت الأرقام الواردة في الدراسات والمقدرة لعام “1985” بـ “297”مليار متر مكعب تتحدث عما تسميه الوضع الراهن وهو المتمثل في تغطية تقدر بـ “50%” من الاكتفاء الذاتي الغذائي للعام 1992, فهل معنى ذلك أن الأرقام التي تم التنبؤ بها لعام “2000” و”2030″ حسبت على أساس تثبيت عنصر التطور في عامل الاكتفاء الذاتي, أم أن التوجه نحو هذا الاكتفاء أخِذ بعين الاعتبار؟ أم أنه تم توقع انتكاسات بهذا الخصوص؟
فإذا كانت الأرقام أخذت على أساس تثبيت هذا العامل أو تراجعه, فهذا يعني أن تحقيق الاكتفاء الذاتي يحتاج إلى أرقام خيالية إضافة إلى ما ذكر, وإذا تم أخذ ذلك بعين الاعتبار, ألا يمكننا القول عندئذ أن هناك أمرا ما غير مفهوم ولا هو مقبول في الأرقام الحالية؟ إذ كيف تكون حاجتنا لتغطية “100%” من احتياجاتنا الغذائية عام “2000” مثلا هي “332” مليار متر مكعب من المياه, فيما تكون نصف أغذيتنا قبل عام “2000” بقرابة “15” سنة بحاجة إلى كميات مياه لا تقل عن “300” مليار متر مكعب, علما بأن ما لا يقل عن “115” مليون نسمة متوقعة ستدخل عالم الاستهلاك؟ الواضح تماما من ذلك أن هناك خطأ فاحشا في التنبؤ أو أن هناك خطأ أكثر فحشا في تصوير وضعنا الراهن.
ب – فيما يتعلق بواقع الاستهلاك والطلب على المياه المخصصة لأغراض الاستهلاك المنزلي نجد أن التشتت والتعارض يأخذ بعدا أشد فوضوية. فعند الحديث عن عام “1985” فهناك دراسة تذكر “10” مليارات متر مكعب, وهناك دراسة أخرى تذكر “7,2” مليار متر مكعب, ثم تجيء دراسة ثالثة لتذكر “10,8” مليار متر مكعب في السنة, وهو ما يعادل واقع “150” لترا من الماء لكل فرد يوميا. وعند الحديث عن عام “2000” وما يتوقع له, تطالعنا دراسة برقم “13,4” مليار متر مكعب، وتطالعنا أخرى برقم “21,284” مليار متر مكعب, ورغم الفارق الكبير بين الدراستين في التوقعات لعام “2000”، وهو ما يقدر بحوالي “8” مليارات متر مكعب وبنسبة تزيد عن “60%” عن الرقم الأدنى, فإن الغرابة لا تكمن هنا فقط, بل في علاقة هذه الأرقام بأرقام عام “1985”. فتوقع “13,4” مليار متر مكعب للعام “2000” هو الرقم الذي أوردته الدراسة التي اعتمدت لعام “1985” فقط “10” مليارات متر مكعب, وهذا يعني أنها توقعت زيادة في الاستهلاك المنزلي بنسبة “34%” فقط. أما توقع الـ “21.284” مليار متر مكعب, فهو الرقم الذي أوردته الدراسة التي اعتمدت لعام “1985” الرقم “10,8” مليار متر مكعب, متوقعة بذلك زيادة في الاستهلاك تفوق الـ “100%”. ومع أن الدراسة ذات التوقع الأخير تبدو أكثر غرابة نظرا لحجم التساهل في الأرقام فيها, إلا أن الدراستين معا ابتعدتا في تصورنا عن واقع السكان وعلاقته بالاستهلاك المنزلي من المياه. فالزيادة السكانية المتوقعة من عام “1985” لغاية عام “200” تقدر بحوالي “90” مليون نسمة، أي بحوالي نسبة “50%” من عدد السكان عام “1985”. فإذا كانت الزيادة التي ستقابل ذلك من كميات المياه المستهلكة منزليا أقل من “50%” كما هو حال الدراسة الأولى, فهذا يعني تخفيض الاستهلاك الفردي, الذي يزعم الجميع الحرص على رفعه بل ويتوقعون ذلك. وإذا كانت الكميات أكبر من “50%” فهذا يعني زيادة الاستهلاك الفردي، ولأن توقع الطلب له علاقة بالحاجات وليس بما سيتاح من الموارد أساسا, فهذا يعني أن الدراسة إذ لجأت إلى الإنقاص على افتراض صحة أرقام سنة “1985”, فإنما خرجت عن متطلبات مفهوم توقع الطلب, كما أن الدراسة الثانية تكون قد افترضت زيادة في الاستهلاك الفردي، ومن حقنا عليها عندئذ أن نعرف السبب وراء هذه الزيادة الفردية ومبررها!
ملاحظة أخرى نقدمها حول استهلاك المياه المنزلية وتوقعات الطلب عليها مستقبلا. فالدراسة التي توقعت استهلاكا بـ “21,284” مليار متر مكعب، افترضت زيادة في نصيب الاستهلاك الفردي من المياه المنزلية. ونستطيع أن نتصور الكمية المتوقع الطلب عليها لو أبقت الدراسة على نفس نصيب الفرد لعام “1985” وهو “150 ليتر/ يوم” للفرد الواحد. إنها ستكون عام “2000” حسب عدد السكان المتوقع حوالي “15,68” مليار متر مكعب. وبالتالي, فلزيادة استهلاك الفرد “50” لترا في اليوم تتم زيادة أرقام الطلب المتوقع على الصعيد العربي ككل بكمية “5,3”مليار متر مكعب. وهنا نريد أن نقف وقفة نتساءل من خلالها عن سبب هذه الزيادة التي تكرم بها الخبراء على المواطن العربي. بطبيعة الحال سيسارعون إلى القول بأن الـ “150” لترا في اليوم, هي كمية متدنية بالقياس للمستويات العالمية التي تتمحور حول “500” لتر في اليوم للفرد, والتي تزيد عن ذلك في البلدان المتقدمة, وبالتالي فالمطلوب العمل على تحقيق تلك الزيادة كحد أدنى.
بداية نحب أن نؤكد على أن هناك مغالطة كبيرة في هذا الطرح, وأن مقولة المستوى العالمي المتفق عليه, أو مستوى البلدان المتقدمة, هي مقولات غير علمية بالضرورة وليست ممثلة لخطوط حمراء أو لخطوط حرجة ينذر تجاوزها بالكوارث, علما بأن البلدان المتقدمة ليست كما يتم تصويرها لنا دائما في هذا المجال وربما في غيره من المجالات. فلا يشك أحد في أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من البلدان المتقدمة بل هي البلد الأكثر تقدما وقوة في العالم، ومع ذلك – كما مر معنا من قبل – فإن استهلاك الفرد فيها من المياه يقدر بـ “162” مترا مكعبا في السنة لكافة الأغراض المنزلية والزراعية والصناعية, وهو مستوى يقل عن نظيره العراقي “520” مترا مكعبا بأكثر من ثلاث مرات, فيما يقل عن نظيره التركي بحوالي “60” مرة. وهذا الرقم يعني أن استهلاك الفرد من المياه يقدر بحوالي “443” لترا في اليوم لكافة الأغراض. فإذا استثنينا من هذا الرقم ما يستهلك للزراعة والصناعة القوية جدا في تلك الدولة, فلن يبقى لاستهلاك الفرد المنزلي سوى “150” أو “200” لترا على أقصى تقدير, وهو واقع شبيه جدا بواقع الحال العربي أن لم يكن أقل منه. إذن فلماذا هذا التهويل والتشويش والتخويف والإرهاب والتضليل؟ وعلى ما هذه الاشتراطات والزيادات غير المفهومة، والتي ستترتب عليها زيادات في التوقعات ذات أرقام فلكية تقحمنا في دوامة العجز عن الفهم وعن التخطيط لمستقبلنا من ثم؟
إن الأمر المفهوم هو أن الـ “150” لترا كاستهلاك فردي يومي منزلي, هو كمية كافية بمقاييس العلم والصحة والنظافة والحيوية وفق المعايير العالمية المعتمدة, وهي كافية جدا لأنها تعني أن أسرة مكونة من أربعة أفراد ستستهلك مترا مكعبا كل يومين ونصف اليوم – بعد أن أخذنا بالاعتبار أن ثلث الـ “150” ستستهلك لأغراض القطاع العام أو المؤسسات غير المنزلية – وهذا الاستهلاك نعرف جيدا ومن خلال حياتنا اليومية أنه رقم جد مريح إن لم يكن أكثر من ذلك، لأنه يعني أن الأسرة المذكورة تستهلك شهريا “12” مترا مكعبا. فهل هناك أسرة تستهلك مثل هذه الكمية وتكون حاجاتها الحيوية موضع مساس؟ لا نظن ذلك بكل المقاييس.
ولكن هناك أفرادا كثيرين في الوطن العربي لا يحصلون ربما على قطرات ماء للشرب وبالتالي فإن الحصول على هذا الرقم قد تحقق نتيجة انحراف معياري في شرائح الاستهلاك. وإذا كان هذا الرقم مريحا من الناحية العلمية, فالأصل ألا يكون الحل بافتراض معضلات وخلق مشكلات على قاعدة الإبقاء على إنفاق الشرائح المترفة والمتخمة التي تهدر الماء هدرا لا مبرر له. بل بأن نقوم بتقنين وتنظيم الاستهلاك المنزلي بصورة تعطي المحروم من حصة المترف. فبدل أن نحاول رفع مستوى استهلاك الجميع بإرهاق الموارد وتبديدها وتضليل الشعوب وترويعها, فلننزل مستويات استهلاك الذين لا داعي لترفهم لحل مشكلة المحرومين والحفاظ في الوقت نفسه على الموارد.
والآن دعونا نستمر مع الأرقام المتعلقة بالاستهلاك المنزلي من المياه. إن الدراسة المتساهلة في الأرقام – إياها – والتي تنبأت باحتياجات تقدر لعام “2000” بحوالي “21,284” مليار متر مكعب, تنبأت لعام “2015” بكميات من المياه للاستهلاك المنزلي تقدر بــ “40,173” مليار متر مكعب وبواقع “250” لترا من المياه للفرد الواحد في اليوم. وهي نسب أعلى من مستويات استهلاك الفرد في الولايات المتحدة, وقريبة جدا من مستوى استهلاك المواطن البريطاني. ونعود أيضا لنقف وقفه من وقفاتنا المعتادة مع هذه الأرقام.
إن الزيادة وفق هذه الدراسة من عام “1985” ولغاية عام “2000” كانت بنسبة تفوق “100%”، ومن عام “2000” ولغاية عام “2015” بنسبة قريبة من “100%”. إن الدراسة افترضت على ما يبدو من خلال منطوق أرقامها أن سكان الوطن العربي عام “2015” سيكونون بحدود “450” مليون نسمة, وهذا الرقم لا ينسجم مع أيِّ من سيناريوهات التوقع السكاني في الوطن العربي، ولسنا ندري كيف تم الحصول عليه أو كيف تم افتراضه؟ فهو أكثر بما يقارب الثمانين مليونا على الأقل من السيناريو المتفائل والمرتكز إلى نسبة زيادة سكانية سنوية “2,7%”, وهو من ثم أقل بحوالي ” 60″ مليونا على الأقل من السيناريو المتشائم والمرتكز إلى نسبة زيادة سكانية سنوية تقدر بـ “3,5%”, وهذا ما يجعلنا نشكك في مصداقية هذه الدراسات التي يبدو أنها لا تراعي أصول البحث العلمي عندما تقر الإحصائيات والأرقام والمعلومات.
لكن الأمور المضحكة المحزنة لا تقف عند هذا الحد، بل هي تتجاوزه إلى درجة تبعث على التندر أحيانا لفرط طرافتها المحزنة. فالدراسة السابقة توقفت على ما يبدو عند عام “2015” لتطالعنا الدراسة الثانية التي انطلقت من واقع استهلاك المياه عام “1997” مقدرة إياه بـ “7,2” بليون متر مكعب, لتصل الكمية في عام “2030” إلى ما مقداره “40,17” مليار متر مكعب, أي أقل بحوالي “4,2” بليون متر مكعب عن المتوقع لعام “2015” في الدراسة السابقة.
تأمل عزيزي القارئ هذه المفارقات جيدا. في الدراسة الأولى سنستهلك عام “2015” قرابة الـ “40,17” بليون متر مكعب, وفي الدراسة الثانية سنستهلك عام “2030” قرابة الـ “36” بليون متر مكعب، ومع ذلك يتحدثون عن البحث العلمي وعن المعرفة وعن الخبراء الذين يجب أن يحلوا المشكلات.. و..؟
إن كمية “36” بليون متر مكعب عام “2030” تعني استهلاكا فرديا بواقع “185” لترا في اليوم تقريبا, وفق السيناريو المتفائل لعدد سكان الوطن العربي, ومع ذلك فإن الدراسة تحدثت بصورة مبهمة وغامضة ومطاطة عن استهلاك فردي يتراوح بين “150 – 300” لتر في اليوم.. كيف ولماذا..؟ أمر غير مفهوم حقا أن نقوم الدراسة بتحديد الرقم النهائي الكلي وتقف عند التقسيم على عدد معروف وثابت ومحدد أيضا لتضعنا بين رقمين الفارق بينهما “100%”, وكأننا أما أقوام يتعاملون مع الأرقام كما يتعامل الأطفال مع الدمى والألعاب.
دراسة الـ “36” بليون متر مكعب – إياها – تفذلكت قليلا وحاولت إعطاء صورة عن الطلب المتوقع على المياه للاستهلاك المنزلي لعام “2030” موزعا حسب الأقاليم العربية الأربعة.. “الجزيرة, المشرق, المغرب, الوسط”، فكانت النتائج لا تبعث على الراحة والاطمئنان إليها. فهي قد قررت أن الجزيرة ستحتاج عام “2030” لكمية “5,4” بليون متر مكعب, وأن المشرق سيحتاج إلى “8,1” بليون متر مكعب, فيما يحتاج المغرب إلى “11,4” مليون متر مكعب, والوسط إلى “11,1” بليون متر مكعب. وللوهلة الأولى فإننا سنفترض شيئا من التناسب بين هذه الكميات المتوقعة وبين أعداد السكان المتوقعة أيضا, وهذا ما لا نلمسه على الإطلاق, فلا توجد كمية مياه متوقعة لأي إقليم عربي تتطابق مع النسبة المقابلة لها من السكان, وتفصيل ذلك فيما يلي:
الجدول السكاني في الصفحات “180” و”181″ و” 182″ من كتاب حرب المياه في الشرق الأوسط لمؤلفه حمد سعيد الموعد, وبرجوعنا منه لمصادر متخصصة يفيد بأن سكان الأقاليم الأربعة المذكورة كان عام “1983” على النحو التالي: “الجزيرة” “22” مليون نسمة, “المغرب” “53” مليون نسمة, “المشرق” “35” مليون نسمة, “الوسط” “71” مليون نسمة. واستنادا إلى نسب التزايد السكاني لغاية عام “2030” كما وردت في ذلك الكتاب, فإن عدد سكان كل إقليم سيزيد عام “2030” بواقع “2,9” مرة عن عدد سكانه عام “1983” وستصبح الأعداد السكانية على النحو التالي: “الجزيرة” “64” مليون نسمة, بنسبة “12,1%” من المجموع. “المغرب” “154” مليون نسمة, بنسبة “29,2%” من المجموع, المشرق “102” مليون نسمة, بنسبة “19,4%” من المجموع. الوسط “206” مليون نسمة, بنسبة “39,3%” من المجموع. وهذه النسب والأرقام متطابقة تماما مع الأسس والمعايير والنتائج الواردة في الكتاب الذي أخذنا عنه أرقامنا عام “1983” لنلاحظ ما يلي:
– إن “12,2” % من سكان الوطن العربي وهم سكان الجزيرة سيستهلكون “15%” من مجموع الرقم المتوقع.
– إن “29,2%” من سكان الوطن العربي وهم سكان المغرب, سيستهلكون “31,5%” من مجموع الرقم المتوقع.
– إن “19,4%” من سكان الوطن العربي وهم سكان المشرق, سيستهلكون “22,5%” من مجموع الرقم المتوقع.
– إن “39,3%” من سكان الوطن العربي, هم الوسط, سيستهلكون “31,5%” من مجموع الرقم المتوقع.
ونحن بدورنا لا نريد أن نعقب على هذه النتائج إلا بالتساؤلات التالية:
ما هي المسوغات التي جعلت المتنبئ يتنبأ لسكان الجزيرة الشحيحة جدا بالمياه “السطحية منها على الأقل”, بمستوى استهلاكي أعلى من كافة سكان الوطن العربي؟
ما هي المسوغات التي جعلت حضرة المتنبئ يتنبأ لسكان الوسط وهم الذين يتمتعون بأكبر نسبة مياه سطحية على الإطلاق بمستوى استهلاكي متدني جدا بالقياس لغيرهم من المواطنين العرب؟
ما معنى أن يستهلك “154” مليونا أكثر مما يستهلكه “206” ملايين حتى من حيث القيمة المطلقة؟
إن النتائج التي توصلت إليها الدراسة تعني أن مواطني تلك المناطق العربية يستهلكون من مياه الشرب كميات تقدر يوميا على النحو التالي:
– الجزيرة “233” لتر /فرد/يوميا.
– المغرب “206” لتر/فرد/يوميا.
– المشرق “200” لتر/فرد/يوميا.
– الوسط “145” لتر/فرد/يوميا.
وتعقيبا منا على هذه الأرقام نبدأ بتجاوز التباينات بين الأقاليم لأنها مجرد إسقاط للتباين أعلاه، ونوجه إلى واضعي الدراسة المعنية السؤال التالي: مع أنكم حددتم لعام “2030” سقفا أدنى للاستهلاك اليومي للفرد على صعيد العرب، وهو “150” لتر في اليوم، فإننا نجد أن “206” مليون مواطن عربي بقوا خارج هذه الدائرة وفق نفس توقعاتكم وتحليلاتكم، فكيف يتم ذلك؟ هل هو تناقض؟
ثم نوجه سؤالا آخر بالاتجاه المعاكس، وهو أنكم حددتم في دراستكم كمية “300” لتر في اليوم للفرد الواحد كهدف يتم الوصول إليه عام “2030”، ومع ذلك فأقصى رقم لديكم هو “233” لتر في اليوم للفرد الواحد؟ أيضا نتساءل عن ذلك مع أن الرقم “36” بليون متر مكعب الذي وضعتموه أساسا يتطلب تحديدا يقينيا للأرقام وليس تحديدا حدوديا يتجاوز الفرق بين حديه نسة المائة في المائة. من جهة أخرى كان بودنا لو نعرف كيف أمكن لسكان الصحاري القاحلة أن يتفوقوا على نظائرهم العرب السابحين في الماء “دجلة، الفرات، النيل، الأردن والليطاني واليرموك.. الخ”؟ أسئلة تكشف كلها عن حجم التناقص في الأرقام بصورة تشي بعدم القدرة على الاستناد إلى تلك الدراسات والأبحاث للوصول إلى نتائج مجدية ومفيدة.
وننتقل الآن إلى مجال المياه والصناعة لندقق في الأرقام المتعلقة بها. وبهذا الخصوص سنكتشف الفوضى الرقمية نفسها تقريبا ولكن في اتجاه آخر هذه المرة. فهنالك محدودية في الأرقام ولكن دلالاتها غير مفهومة بسهولة. ففي عام “1985” كانت كميات المياه المستهلكة في الصناعة في الوطن العربي تقدر بـ “1,3” بليون متر مكعب، فيما توقعت الدراسات أن تصل الحاجة عام “2030” إلى “22,1” بليون متر مكعب، بمتوسط زيادة سنوية مقدارها حوالي “نصف” بليون متر مكعب. فهل أن حجم الصناعات في الوطن العربي سيكون يكافئ أكثر من “15” ضعفا من واقعها في عام 1985؟ وإذا كان هذا هو معنى تلك الأرقام، ففي ظل تضاعف عدد السكان بحوالي “2,9” مرة عما هو عليه في عام المنطلق، فكيف يمكن تفسير هذه الزيادة الرهيبة في الصناعة إذا لم يكن ذلك بالقول بأن هناك تنمية صناعية غاية في التطور؟ وإذن فلماذا هذا الخوف على مستقبل الوطن العربي وعلى مستقبل تنميته عموما ما دام سيتطور في مجال الصناعة إلى هذا المستوى؟ أم أن هذه الكميات الهائلة المطلوبة من المياه لتغطية الصناعة ترجع إلى كون الصناعات التي ستنشأ هي من الصناعات الشرهة للمياه؟ وهل يغير هذا من الأمر شيئا من حيث وجود قفزة نوعية مذهلة في التصنيع؟
من جهة أخرى أتحفتنا الدراسة بفذلكة مثيرة ولكنها تتضمن مضمونا غريبا، فهي قد ذكرت أن المواطن العربي سيستهلك عام “2025”ما مقداره “7” أمتار مكعبة من المياه مقابل الصناعة، وأن هذه النسبة ستقفز عام “2030” إلى “43,5” مترا مكعب سنويا. فإذا علمنا أن الزيادة السكانية خلال السنوات الخمس “2025” و”2030″ لن تشكل شيئا كبيرا على صعيد التزايد الكلي للسكان في المرحلة محل الدراسة، فهذا يعني أن واقع الصناعة العربية سيقفز بصورة طفرة بين العامين “2025” و”2030″. فمدة أربعين عاما “1985” و”2025″ لم تساهم في رفع حصة الفرد من المياه للصناعة بأكثر من نصف متر مكعب سنويا هي الفارق بين “7” أمتار مكعب الحصة عام “2025” و”6,5″ مترا مكعبا الحصة لعام “1985”، بتقسيم حصة الصناعة ككل في ذلك العام “1,3” بليون متر مكعب على عدد السكان المقدر بحوالي “200” مليون نسمة، في حين تمكنت خمس سنوات فقط هي “2025” و”2030″ من رفع حصة الفرد من “7” أمتار إلى “42,5” مترا. هنا نتعجب بشدة لهول التغير المفاجئ وغير المعقول وغير المفهوم والعصي على التبرير، وهو ما نظن أن الدراسة خرجت بخصوصه خارج خط المنطق.
الدراسات تشير إلى أن الطلب على الماء لأجل الصناعة يمثل دائما نسبة معينة من الطلب على الماء لأغراض الاستهلاك المنزلي، وقد تم تقدير تلك النسبة التي تختلف من دولة إلى أخرى على النحو التالي، بالإضافة إلى توقعاتها المستقبلية:
– في دول مثل الكويت ولبنان والأردن وتونس وليبيا، يقدر الطلب على الماء من أجل الصناعة في الوقت الحاضر (1985) بنصف الطلب على مياه الشرب ويتوقع له أن يساوي “1” عام “2030”.
– في دول مثل العراق وسوريا والجزائر واليمن وقطر, يقدر الطلب على الماء من أجل الصناعة في الوقت الحاضر (1985) بربع الطلب على مياه الشرب, ويتوقع له أن يساوي ثلاثة أرباع عام “2030”
هل تستقيم هذه الأرقام مع ما سبق وأن ذكرناه عن الصناعة قبل قليل؟ بكل تأكيد لا تستقيم. فالدراسات التي قدرت الطلب على مياه الشرب لعام “1985” بـ “7,2” بليون متر مكعب أو “10,8” بليون متر مكعب, حسب الاختلاف, هي ذاتها التي قدرت أن الطلب على المياه لأغراض الصناعة عام “1985” يساوي “1,3” بليون متر مكعب, وللأسف الشديد فإنها هي نفسها التي جاءت لتقول بأن النسبة بين طلب المياه للشرب وطلبها للصناعة هي “1/2” أو “1/4”. فكيف تسنى الحصول على هذه الأرقام والنسب، في حين أن الأرقام التي استخدمتها واستندت إليها تشير إلى نسب تتراوح بين حد أدنى “1/5” وأقصى “1/8″؟
وهذه الدراسات نفسها هي التي قدرت أن الطلب على مياه الشرب لعام “2030” هو حوالي “36” بليون متر مكعب, والطلب على الصناعة لعام “2030” هو حوالي “22,1” بليون متر مكعب, ومن الواضح أن النسبة بين الطلبين هي حوالي “2.5/4” أي أقل من “3/4” وهي النسبة الدنيا التي قدرتها الدراسات. فكيف تم احتساب ذلك؟ وأيهما الأساس؟ ثم وهذا هو المهم: أين الخطأ وأين الصواب وأين الجدية وأين الاستهتار؟
وإذا انتقلنا إلى مناقشة مستويات أخرى من المعالجات التي تصدت لقضية المياه في المنطقة وهي مستويات الاستهلاك الفردي من المياه من كل القطاعات, سنجد الشيء نفسه يتكرر تقريبا ولكن بما يتناسب مع طبيعة المعالجة. فإحدى الدراسات أشارت إلى أن معدل استهلاك الفرد من المياه العذبة في الشرق الأوسط هو “500” متر مكعب في السنة, وهو ما يعني حسب ما ذكرت الدراسة “100” لتر للفرد يوميا, والغريب في الأمر أن حاصل قسمة الـ “500” متر مكعب على عدد أيام السنة, يعطي نتيجة مغايرة تقدر الاستهلاك بـ “1370” لترا للفرد في اليوم، فكيف تم الحصول على هذا الرقم؟ لا ندري!! ومع ذلك فهو يعتمد في الدراسة والبحث مع أنه يناقض المقدمة التي انطلق منها الباحث الذي اعتمده وارتكز إليه. ولكن لقضية التناقض في المعلومات على صعيد إجمالي الاستهلاك الفردي في المنطقة جانب آخر أكثر إمعانا في التضليل وتشويه الحقائق.
فالدراسات تشير إلى أن معدل الاستهلاك الفردي من المياه في منطقة الشرق الأوسط هو “500” متر مكعب في السنة, إلا أن هذه النسبة تتفاوت من دولة إلى أخرى, ففي إسرائيل يقدر الاستهلاك بـ “470” مترا مكعبا في السنة، ويقدر في العراق بـ “520” مترا مكعبا في السنة, ولكنه يقدر في تركيا بـ “10” آلاف متر مكعب في السنة. وبالمقابل فإنه يقدر بـ “160” مترا مكعبا في السعودية, وفي الكويت مرة بـ “100”متر مكعب ومرة أخرى بـ “150” مترا مكعبا في السنة وذلك حسب الدراسة؟
والخلاصة أن المعدل الوسطي هو “500” متر مكعب في السنة لكل فرد. ترى, كيف تم احتساب هذه النسبة؟ هل يصح حسابها بجمع معدلات الاستهلاك السنوية في الدول, لنقوم في النهاية بقسمة المجموع على مجموع الدول, فتحصل على المعدل الوسطي مثلا؟ إن هذه العملية إن كانت قد انتهجت فهي من وجهة النظر العلمية أشد طرق التضليل والبعد عن الحقيقة في هذا الموضوع بالذات. فالدولة هنا ليست شخصا واحدا يكافئ في شخصانيته كل دولة منفردة من الدول الأخرى, فنحن لسنا بصدد مسألة قانونية يتساوى فيها الجميع بأصواتهم, بل نحن أمام حقيقة علمية تقتضي معرفتُها وضعَها في السياق العلمي المطلوب.
فهل يعقل مثلا أن نقول أن معدل استهلاك الفرد من المياه في تركيا والكويت معا هو “5075” مترا مكعبا في السنة وذلك بإضافة الـ “10” آلاف متر مكعب حصة المواطن التركي إلى الـ “150” مترا مكعبا حصة المواطن الكويتي, ثم قسمة المجموع على اثنين؟ هذا ليس معقولا ولا يعبر عن الحقيقة في شيء. فالسبعون مليون تركي الذين يستهلك كل منهم سنويا عشرة آلاف متر مكعب هم في واقع الأمر الذين يعكسون حجوم الموجود فعليا في منطقتهم, وبضعة مئات من آلاف الكويتيين الذين يستهلك كل منهم “150” مترا مكعبا في السنة يفعلون نفس الشيء في منطقتهم.
وبالتالي فالحصول على المعدل الوسطي للاستهلاك الفردي السنوي من المياه في منطقة الشرق الأوسط لا يتم في صورته الصحيحة إلا إذا حسبنا استهلاك كل الدول تفصيلا وقسمناه على مجموع سكان تلك الدول. الصورة هنا تكون أدق وتعبر بصورة أوضح عن كميات المياه المتاح استهلاكها ليتم الحساب والتخطيط ومعرفة جوهر المشكلة على ضوء ذلك. إذن تتم الحسبة الصحيحة بضرب العشرة آلاف متر مكعب في عدد سكان تركيا، والـ “520” مترا مكعبا في عدد سكان العراق، والـ “150” مترا مكعبا في عدد سكان الكويت، والـ “160” مترا مكعبا في عدد سكان السعودية.. إلخ, ثم جمع كل ذلك وتقسيمه على مجموع سكان الدول المحسوبة ليكون الناتج هو معدل الاستهلاك الفردي من المياه سنويا في الشرق الأوسط. ولو قمنا بهذه العملية فسيتجاوز استهلاك الفرد من المياه سنويا في المنطقة الألف متر مكعب وهو ما يسمى بخط الفقر المائي، بحيث يتم الكشف عن أن المنطقة لا تعاني من هذا الفقر المزعوم ولكنها تعاني من سوء التوزيع فقط.
عندما نقوم بذلك فإن الأمر سيختلف بكل تأكيد خاصة إذا علمنا أن الدول الكثيفة السكان في المنطقة هي التي تستهلك الكميات الكبيرة من المياه وبنسب فريدة ومرتفعة أيضا بحيث يغدو تأثير الدول الأخرى قليلة السكان على المعدل الوسطي تأثيرا ضعيفا وضئيلا. ولعل أحدث الدراسات كادت تقع في هذا الصواب في منهج البحث لولا خطأ من نوع آخر لم نفهمه وقعت فيه. فهي تقرر أن نصيب الفرد السنوي من المياه في الوطن العربي يصل إلى “1750” مترا مكعبا وذلك في معرض مقارنتها واقع الوطن العربي بواقع المعدل العالمي الضخم جدا الذي ذكرته وأكدت على أنه “12900” متر مكعب سنويا. ولكن المشكلة تكمن في أنها أشارت إلى أن هناك تفاوتا على صعيد الوطن العربي، فهناك دول استهلاكها السنوي الفردي متدني جدا بالقياس للمعدل الوسطي. هذا أيضا ولغاية الآن شيء مفهوم لأنه يحل رياضيا ومنطقيا بافتراض بعض دول تستهلك أكثر بكثير من هذا الرقم الوسطي لتغطية الفوارق التي خفضت المعدل إلى الرقم المذكور.
ولكن المفاجأة تأتي عندما تذكر هذه الدراسة كنموذج على التفاوت، دولا من القائمة المتدنية الاستهلاك بالقياس للمعدل الوسطي إياه، دون أن تذكر دولا من تلك المرتفعة الاستهلاك، ربما لأنها لم تجد. والأدهى والأمر أن الدول الواردة في قائمة الدول متدنية مستوى الاستهلاك لا تعطينا فرصة للتفكير في أي الدول تلك التي يمكنها أن تكون مرتفعة الاستهلاك، وذلك لأن العراق – وهو أكثر الدول العربية استهلاكا للماء وأكثرها تمتعا بنصيب فردي سنوي قدرته بـ “520” مترا مكعبا، بحيث سنقف عاجزين عن تصور دولة أخرى تقدر على تغطية الفارق – إذا كان في رأي هذه الدراسة هذا هو استهلاكه فأين هي الدولة التي تستهلك أكثر من ستة آلاف أو سبعة آلاف متر مكعب للفرد الواحد في السنة وتكون كثيفة السكان للوصول إلى المعدل الوسطي المذكور؟ وهذا يقودنا إلى التأكيد على اللادقة واللامصداقية بل واللامسؤولية في هذه الدراسات وهي تقع في هذه الأخطاء القاتلة وتزود القارئ والمهتم والباحث وربما المخطط بمعلومات لا تمت إلى الحقيقة المائية بأي صلة.
وأخيرا فإننا ننهي تعليقنا على واقع الاستهلاك المائي في الوطن العربي بما ذكر من أن استهلاك السعودية للمياه الجوفية والذي قدره أحد الخبراء بـ “18” مليار متر مكعب في السنة مؤكدا على أن الطبقات الجوفية على هذا النحو من الاستهلاك ستنضب قبل عام “2006”. بداية نرفض هذا التأكيد الأخير للخبير لأننا نجد أمامنا معلومات متناقضة ومتعارضة فضلا عن أننا في عام 2010 ولا أفق يدل على أن تلك المياه الجوفية ستنضب! فدراسات أخرى تشير إلى أن الطبقات الجوفية في السعودية لوحدها متجددة وغير المتجددة ومعظمها غير متجدد “حبيسة” تختزن في داخلها كميات من المياه تقدر بـ “20” ألف كلم مكعب أي بحوالي “”20” ألف بليون متر مكعب, فكيف سيتم نضوبها قبل عام “2006” بمعدل سحب سنوي يقدر بـ “18” مليار متر مكعب فقط؟ إنها تحتاج كما هو واضح إلى أكثر من ألف سنة على الأقل, هذا إذا لم نفترض أمورا أخرى من شأنها أن تكشف عن الجديد في مسألة المياه؟ وفي الوقت ذاته نتساءل عن هذه الكمية الهائلة أين تذهب وما الحاجة إليها في دولة مثل السعودية؟
إن زراعة القمح المكلفة جدا والتي هي زراعة تظاهرية بكل تأكيد لأن الاستثمارات المبذولة في ذلك تفوق أضعاف الاستثمارات الممكن استخدامها وتوظيفها لتحقيق نتائج أفضل لو تم استثمارها في بلد مثل السودان مثلا.. وبالتالي فمن أجل التظاهر الفارغ يتم سحب كميات هائلة من المياه لا داعي لسحبها, خاصة إذا علمنا أن مياه الشرب في السعودية تؤمن معظمها من خلال محطات التحلية. ونظن أن زراعة القمح في السعودية تتسبب في هدر كبير للمياه لأن هذه الكميات لا تتطلبها الكميات التي تنتجها السعودية من القمح من ناحية الحاجة الفعلية. وأيضا فإننا لا نظن أن حقن آبار النفط بالمياه يكون عبر استنزاف المياه العذبة ما دامت مياه البحار متوفرة وبكثافة من أجل أبقاء قدرة الدفع نحو السطح فيها مقبولة. وإذن فنحن أمام فوضى حقيقية، إذ على الرغم من ضآلة هذه الكميات بالقياس للمخزون الجوفي الإجمالي في السعودية فهذا لا يعني العمل على تبذيرها وهدرها مادام بالإمكان توظيف الموارد بصورة أجدى وأفضل. ولا يمكن تبرير ذلك الهدر المائي من أجل إنتاج القمح بمقولة الأمن الغذائي القومي السعودي، فالأمن القومي السعودي منتهك وغير مؤمَّن منذ أن رهنت هذه الدولة نفسها وثروات شعبها المغلوب على أمره للسياسات السفيهة والرعناء لحكامها وقادتها. وما تتعرض له تلك الأموال من تبديد غير مسبوق في التاريخ الإنساني ليس عنا ببعيد.
ومع كل هذه الفوضى المعلوماتية التي مرت معنا، ومع كل الدلائل على أن معضلة المياه ليست أكثر من معضلة تنظيمية إدارية سياسية، فإنه يخرج علينا من يقول وبكل بساطة أن الوطن العربي سيعاني عام “2015” من عجز مائي مقداره “100” بليون متر مكعب في السنة لا يمكن تعويضها أو الحصول عليها رغم كل الاحتياطات التي ستتخذ. إنه يخبرنا بصورة عبثية قمعية أن قدرنا أن نموت عطشا أو أن نرتهن للأعداء ولكل من يرغب في تحطيمنا إلى الأبد. إن هذه الأقوال تنقل صورة قاتمة وموجهة ومشوهة عن واقع موارد حيوية يراد لها أن تستخدم ضدنا بعد أن حان وقت استخدامها. وهذا ما راح يبدو مع أفق التحولات الكبيرة في هذا العالم, من خلال التركيز على دول الجوار العربي ومشاريعها المائية.
هوامش الدراسة
1- ورقة عمل مقدمة من المنظمة العربية للتنمية الزراعية بعنوان الموارد المائية وإدارتها وتنميتها والمحافظة عليها في الوطن العربي, ندوة المياه المنعقدة في عمان, تشرين ثاني “1993”, ص “3”.
2- ورقة عمل بعنوان , وسائل التقليل من الطلب على المياه في منطقة الأسكوا , ندوة المياه المنعقدة في عمان , تشرين ثاني “1993” , ص “1”.
3- كتاب “الماء” , تأليف الدكتور فتحي عوض الله , الهيئة المصرية العليا للكتاب , “1979” , ص “88”.
4- نفس المرجع السابق , ص “88”.
5- نفس المرجع السابق , ص “90”.
6- نفس المرجع السابق , ص “90”.
7- نفس المرجع السابق , ص “6-7”.
8- كتاب “الزراعة المروية وأثرها على استنزاف المياه الجوفية في شمال غرب سهل جفارة” , تأليف ” حسن محمد الجديدي ” , الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان , الطبعة الأولى , عام “1986” , ص “155”.
9- جريدة الدستور الأردنية , بتاريخ “25/12/1993″ , ص ” 28″,
10 – كتاب “الماء”, مرجع سابق, “7”.
11 – نفس المرجع السابق , ص “7”.
12- كتاب ” حرب المياه في الشرق الأوسط” , تأليف “حمد سعيد الموعد” دار كنعان للدراسات والنشر , دمشق, سلسلة الثقافة للجميع , ص “2” , ص “13”.
13- نفس المرجع السابق , ص “13”.
14- نفس المرجع السابق , ص “5-6”.
15- جريدة اللواء الأردنية , بتاريخ “10/2/1993” , ص “15”.
16- نفس المرجع السابق , ص “15”.
17- مجلة المجتمع الكويتية, عدد “972”, بتاريخ “26/6/1990”, ص “21” ص”22″, من مقالة بعنوان ” الأمن المائي العربي, الدور الإسرائيلي “, بقلم ” أشرف سلامة”.
18- كتاب ” حرب المياه في الشرق الأوسط” , مرجع سابق , “6”.
19- جريدة الحياة اللندنية , بتاريخ “17/10/1992” , ص “13”.
20- كتاب ” حرب المياه في الشرق الأوسط” , مرجع سابق , ص”179-180″.
21- كتاب “الماء”, مرجع سابق, ص” 161-162″.
22- مجلة الحوادث , بتاريخ “10/4/1987” , ص “44”.
23- كتاب ” حرب المياه في الشرق الأوسط” , مرجع سابق , ص”183-186″.
24- مجلة شؤون عربية, عدد “51”, أيلول “1987”, الأمن المائي العربي, فريق من الباحثين.
25- ورقة العمل المقدمة من المنظمة العربية للتنمية الزراعية, ندوة المياه المنعقدة في عمان تشرين ثاني “1993”, مرجع سابق, ص”4″.
26- مجلة شؤون عربية, الأمن المائي العربي, مرجع سابق.
27- ورقة العمل السابقة.
28- مجلة شؤون عربية السابقة.
29- مجلة شؤون عربية, عدد “64”, حزيران “1990”, الأمن المائي العربي مشاكل وحلول, بقلم “د. كمال خير ” و”د. نزار عكر”.
30- جريدة الحياة اللندنية , بتاريخ “17/10/1992” , ص “13”.
31- نفس المرجع السابق.
32- جريدة الرأي الأردنية , بتاريخ “15/11/1991” , ص “18” , حول أنبوب السلام للمياه , “د. أسامة المدلل”.
33- ورقة العمل المقدمة من المنظمة العربية للتنمية الزراعية, مرجع سابق, ص”9″.
34- مجلة شؤون عربية, الأمن المائي العربي مشاكل وحلول, مرجع سابق.
35- مجلة شؤون عربية, الأمن المائي العربي مشاكل وحلول, مرجع سابق.
36- مجلة شؤون عربية, الأمن المائي العربي مشاكل وحلول, مرجع سابق.
37- جريدة الدستور الأردنية , بتاريخ “21/7/1993”.
38- كتاب ” حرب المياه في الشرق الأوسط”, مرجع سابق.
39- مجلة شؤون فلسطينية , عدد “231-232” , حزيران وتموز عام “1992” , ص” 117″ , عن مؤتمر أزمة المياه في الشرق الأوسط , الواقع والحلول , المنعقدة في كندا.
40- جريدة الحياة اللندنية , بتاريخ “17/10/1992” , ص “13”.
41- ورقة العمل المقدمة من المنظمة العربية للتنمية الزراعية, مرجع سابق, ص”8″.
42- جريدة الحياة اللندنية, مرجع سابق.
43- نفس المرجع السابق.
44- نفس المرجع السابق.
45- نفس المرجع السابق.
46- نفس المرجع السابق.