ما هتف الورق وغنى الحمام
ما هتف الورق وغنى الحمام | أو غرد القمرى جنح الظلام |
أو هب للصبح نسيم الصبا | إلا صبا قلب الفتى المستهام |
وجدا بسلمى حين شطت بها | مسافة البعد وعز المرام |
بهكنة تحوى صنوف البها | كأنها في الحسن بدر التمام |
مياسة الأعطاف من ظلمها | تسقى محبيها كؤوس المدام |
قد زارني في هجعة طيفها | من بعد أن نام كثير الأنام |
فقلت في الأعتاب ما الجفا | إن الوفا بالعهد دين الكرام |
وما الذي حلل في شرعكم | هجران ذي ود بهجر أقام |
قالت خذ العذر فمن بيننا | قد حال أوباش جفاة طغام |
قوم من الأعراب من جهلهم | قد خرقوا الدين ودست الكمام |
وقطعوا السبل وعاثوا بها | وحللوا سفك الدماء الحرام |
عادات سوء رضعوا ثديها | فاستصعبوا بعد الرضاع الفطام |
والذئب قد يعدو على غرة | في غنم الراعي لها إذ ينام |
والنار بالزندين ايراؤها | وأول الحرب قبيح الكلام |
فقلت لا تخشى ولا تحذري | ما صحب السيف يمين الإمام |
وما تجلت للهدى شمسه | إلا انجلى عنها دخان القتام |
أتحسبين الجبن من طبعه | لا والذي يحيى رميم العظام |
فإن تأنى فله عزمة | وهكذا شأن الرئيس الهمام |
لكن سلي الله مغيث الورى | أن يحيي الأرض بوبل الغمام |
فتسرح الأنعام في نبته | ويبعث الوالي بجيش لهام |
فيه جياد الخيل مجنونة | من كل قبا الجمت باللجام |
تحمل للحرب أسود الشرى | والبيض والسمر وزرق السهام |
قد طال صوم الخيل في طيلها | فاشتاقت اليوم لترك الصيام |
تعدو مع الريات منشورة | على الإمام الشهم وابن الامام |
وعصبة من قومهم قد نشوا | في نصرة الدين ورعي الذمام |
يا راكبا من أرض هجر ضحى | إن رمت نجدا فالرياض الإمام |
أنخ قلوصك لدى قصرها | وبلغ الوالي أتم السلام |
وقل له إن جهاد العدى | في ضمنه العز ونيل المرام |
وقد أتى النقل عن المصطفى | بأنه في الدين أعلى السنام |
ما جرد الصمصام ذو همة | عند اعوجاج الأمر إلا استقام |
فبالأماني لا ينال المنى | لأنها تشبه حلم المنام |
والمجد لا يدركه مولع | بلثمة الحسناء ذات اللثام |
فثب وثوب الليث نحو العلا | وبادر الخصم بسل الحسام |
وجاز ذا الحسنى بإحسانه | واسق الأعادي من كؤوس الحمام |
وحكم السيف بمن قد عتا | ينقاد للحق ألد الخصام |
وهاك في الأداب منظومة | مثل اللآلي في عقود النظام |
قد برزت من ناظم ناصح | في وده موف لكم بالذمام |
ثم صلاة الله مقرونة | برحمة منه وأزكى سلام |
على نبي كان للأنبيا | والرسل في الختم كمسك الختام |
وإله الغر وأصحابه | ما هتف الورق وغنى الحمام |