هذه المقالة تتحدث عن قصتين وستُحدث زلزالاً بلا شك…وستطالني سهام المتدينين من كل حدبٍ وصوب، وكنت حتى اللحظة الأخيرة سأصرف النظر عن إرسالها لولا بعض الشجاعة والجرأة المتوفرة فيّ، والتي بقيت لي بعد مسيرتي الطويلة والمضنية وعيني الفاحصة وبصيرتي المحللة بكل تجرد وموضوعية. القصة الأولى وحدثت مع صديق عزيز لي هو في المرتبة 1 من المحبة وهي الآتية:
تقرير طبي للزواج وحياتنا المبنية على الكذب… بقلم آرا سوفاليان
هذه المقالة تتحدث عن قصتين وستُحدث زلزالاً بلا شك…وستطالني سهام المتدينين من كل حدبٍ وصوب، وكنت حتى اللحظة الأخيرة سأصرف النظر عن إرسالها لولا بعض الشجاعة والجرأة المتوفرة فيّ، والتي بقيت لي بعد مسيرتي الطويلة والمضنية وعيني الفاحصة وبصيرتي المحللة بكل تجرد وموضوعية.
القصة الأولى وحدثت مع صديق عزيز لي هو في المرتبة 1 من المحبة وهي الآتية:
راجعني في عيادتي كل من المخطوبين راني وندى الورد والريحاني يطلبان تقرير طبي للزواج وقد تم الكشف بعناية فائقة على الخطيبين فتبين أنهما خاليان من الأمراض الوراثية والأمراض الوبائية والأمراض الانتانية والأمراض المعدية والأمراض المدارية والأمراض السارية والأمراض النفسية لدرجة أن أسنانهما صفين من اللؤلؤ (سبحان الخالق والخالق أحلى وغيرك يا ندى راني ما استحلى) حيث لا مانع طبي من إتمام الزواج وبناءً عليه وعليه البناء أعطي هذا التقرير الطبي.
التوقيع دكتور متعيش يبيع التقارير الطبية، دون أن يعاين ودون أن يرى أو يفحص، ويفعل ذلك ليعيش لأن عيادته خالية خاوية على عرائشها ولا يدخلها أحد.
وسأل راني العرضحلجي عن هذه الوثيقة فأجابه: روتين سخيف ولكن لا بد منه لإتمام الثبوتيات تحت طائلة عرقلة الزواج. فسأل راني: وهل وزارة الصحة على علم بما يحدث؟ فأجاب العرضحلجي بثقة: تعرف تعرف بالتأكيد فالحكومة لا يفوتها شيء ولكنه باب رزق للإنفاق على أحجار الشطرنج من السادة الموظفون، الذين يشتغلون بالناس وعلى الدولة إيجاد العمل لهم وتأمين رواتبهم وتعويضاتهم لا أكثر ولا أقل وفي نظر الحكومة فإن نصيبها من هذه العملية الروتينية المكلفة التي صارت تتضمن عشرات الوثائق المذيلة بعشرات التواقيع، يساوي الخطيب والخطيبة وأهله وأهلها وجيران أهله وجيران أهلها والمدعوين من حيث القيمة ويزيد!
وفي ليلة العرس كان كل شيء غير طبيعياً لأن ندى الورد والريحاني لم تبلغ بعد واحتفظت بمكونات طفلة عمرها 7 سنين مع أن عمرها في الهوية 20 ، وجن جنون راني وأقسم بأنه سيجد لها الدواء حتى ولو كان في بلاد الواق واق، وصار يواقي ولا يلاقي، ودخل متاهة الطب في بلدنا ودخل في أروقة الأطباء وأروقة المستشفيات، سنعمل كذا ونرقّع هنا ونوسّع هنا ونطوّق هنا وهذا الحمار الذي كوى هنا أعادنا إلى الوراء 10 سنين يجب منعه من مزاولة المهنة لأنه يسرق مرضاي، إن كنت ستشتكي عليه فأرجو أن لا تذكر اسمي، ومن مخبر تحليل إلى مخبر تحليل، ومن بنك دم إلى بنك دم، ومن صيدلية إلى صيدلية في سوريا وخارج سوريا في الأردن ولبنان والسعودية ودول الخليج ومن راشيته تذهب لتعود وحاملها خالي الوفاض ليس لأن الدواء غير موجود بل لأن اسم الدواء غير مقروء وهذا ينطبق على معظم الأطباء السوريين وكل واحد منهم يعتبر نفسه إمبراطور فيكتب بخط نابوليون قصداً وهو خط رديء غير قابل للقراءة لترويع مرضاه وذووهم وتحميلهم مصيبة جديدة فوق مصائبهم.
وتجليات وتجارب وتسعة عمليات تخدير عام وكل الأيادي في جيوب راني حتى أفلس راني وترك الأمر لمن لا يترك الأمر لسواه، إلى أن جاء طبيب لا علاقة له بالقصة ولا شأن لاختصاصه بها وقال لراني: خذ هذه النصيحة لوجه الله، ندى خسرت خصائص المرأة وخصوبتها من المرحلة الجنينية وتشوهت بفعل هرمونات مانعة للحمل أو مثبته للحمل ومنذ أن كانت جنين في بطن أمها، وعند جهينة الخبر اليقين، أنزل هذا الحمل عن ظهرك.
وذهب راني لمصارحة جهينة ومعه ندى فانكشف كل شيء واعترفت جهينة بالحقيقة فكان السبب الاستعمال العشوائي لمثبتات الحمل بعد اجهاضات عفوية متلاحقة.
وتم الاتفاق بين راني وندى على الانفصال بمحبة فجاء والد ندى الذي صادر كل مصاغ ندى واقفل عليه في خزانته ليعلن شروطه وهي : أريد أن يُكتب بيت راني باسم ندى وكذلك السيارة وكل قرش تم صرفه على المحامين وعلى القضاة من رشاوى وموائد وهدايا وأتعاب وطوابع ومنافع وأجور مواصلات، أريد استرجاع هذه المبالغ من راني مع الفوائد، وأريد البيت مع الهاتف حتى تتصل زوجتي بابنتها وتطمئن عليها وإن لم أصل إلى حقي فالطلاق بعيد بعد كوكب الأرض عن كوكب شمشيخ السابح في مسار المرِّيخ، ولن تحصل يا راني عليه حتى لو مسحت بثوبك عتبات الفاتيكان.
ولعب محاموا والد ندى على ورقة التقرير الطبي للزواج التي تفيد بخلو ندى من الأمراض وهم يعلمون بأنها وثيقة صورية مشترات ولا قيمة لها، ووضعوا الحق على راني فكان جزاء سنمار، ودفع راني كرشوة كل ما يملك وحتى آخر قرش وانتهت الحفلة دون أن يمسح بثوبه عتبات الفاتيكان ونال حريته وتزوج من جديد وأدرك تماماً أن هناك حفنة من الفاسدين يجلسون في ابراجهم العاجية وبيدهم مصائر الناس ويتمتعون بالحماية.
أما ندى فلقد باعت مصاغها الذهبي وضمت إليه النفقة التي كانت تقبضها من راني طيلة الأربع سنين وأعطتهم لوالدها الذي وضعهم طواعية في جيوب الرعاع وعاد ليتسولهم من راني.
سنين مضت على حادثة الطلاق وراني يحمد الله في كل يوم على الخلاص من الورطة المروعة وعلى الدفء والحنان و الأمل وكل شيء آخر منحته إياه زوجته الجديدة وخاصة الخلفة.
المال والبنون زينة الحياة الدنيا عطية الله، فالمال يمكن تعويضه إن شاء الله، ولكن البنون، كيف السبيل إليهم من زوجة عاقر، البنون الذين كانوا في عالم المستحيل لو أن زواجه الأول قد استمر.
القصة الثانية وحدثت مع صديق عزيز لي هو في المرتبة 2 من المحبة وهي الآتية:
رفعتُ سماعة الهاتف وأجبتْ… نعم يا سيدي أنا آرا… لا يمكنني أن أحزر يا سيدي… نعم نعم ولكننا كنا 50 طالب محشورون في الشعبة الثانية بكلوريا في ثانوية أمية في العـ1972ـام… أعرف يا سيدي أنك كنت واحد من هؤلاء الخمسون… حسناً سأذكر لك بعض الأسماء… بشار… نعم نعم أنا قلبي دليلي.
ـ يا إلهي بعد 37 سنة يا بشار اسمع صوتك من جديد كيف عرفت رقمي
ـ اتصلت بأهلك
ـ وكيف عرفت رقم أهلي وقد تم تغييره دون الرجوع إليهم؟
ـ من الاستعلامات بعد أن أعطيتهم الرقم القديم
ـ أين أنت الآن
ـ في دار أهلي في التجارة مع زوجتي وأولادي، بالنسبة لأهلي لا تسأل عنهم فلقد رحلوا بالتتالي أبي ثم أمي ثم شقيقاتي الثلاثة الكبرى ثم الوسطى ثم الصغرى، وبقي في البيت أخي الصغير وهو عازب وسيبقى كذلك… هل بإمكانك الحضور؟
ـ مسافة الطريق.
وبعد العناق والتقبيل واللقاء بعد فترة انقطاع امتدت من العام 1972 وحتى العام الحالي 2010 دخلت البيت الذي خرجت منه في آخر مرة منذ 38 سنة.
ـ ما شاء الله…ما شاء الله…
ـ هذه ابنتي الكبرى تحب الموسيقى مثلك وهي عازفة فلوت… آسف لتحدثي بالسويدية لأنهم لا يعرفون حرف واحد من أبجديتنا… وهذا الأوسط شق اللفت يدرس البرمجيات والتقانة… وهذه آخر العنقود تدرس التاريخ وتهوى الرسم… وهذه زوجتي وتعمل في مختبر عائد لمعمل ينتج الأجبان والألبان ومشتقاتها.
وبعد إتمام واجبات التعريف من طرفه والمجاملة وباستخدام اللغة الوسيطة وهي الانكليزية من طرفي انسحب الجميع وتركوا والدهم مع ضيفه.
ـ الحمد لله وضعك جيد وزواجك موفق… ولكن كيف تم إفراغ هذا البيت من ساكنيه؟
ـ إنها إرادة الله… الناعور من والدتي والسكري من والدي أفرغا هذا البيت… قضى والدي بسكته دماغية وسببها السكري ومضاعفاته وأمي قضت بالناعور وشقيقاتي الثلاثة أيضاً الواحدة تلو الأخرى… وبقينا أنا وأخي الأصغر أنا مصاب بالسكري النمط الثاني وناقل للناعور لأني أحمل خصائصه وغير مصاب به وكذلك شقيقي الأصغر يحمل خصائص الناعور وغير مصاب به ويضع قدمه في أول الطريق بالنسبة للسكري.
ـ يا إلهي و…أولادك؟
ـ لا تخشى شيئاً الكل سليم ولا يحملون أي مورثة متعلقة بالمرضين
ـ لا يمكن وخاصة بالنسبة للناعور فإما أن يكون الإنسان مصاب أو ناقل ولا يوجد حل وسط
ـ معك الحق والقصة طويلة جداً وتبدأ من المقدمة الآتية: أولادي ليسوا أولادي.
ـ لم أعرفك إلاّ متزن وراجح العقل والعبارة التي وردت منذ لحظة على لسانك تعارض ذلك وتنفيه بالمطلق.
ـ لا أبدا بل على العكس وعليك سماع المسرحية من البداية للنهاية.
ـ تفضل ولكن أرجو أن لا تنتمي مسرحيتك إلى مسرح اللامعقول
ـ قد تظهر بهذا المظهر ولن تتمكن من الحكم إلاّ في النهاية
ـ تفضل.
ـ لقد كانت طالبتي، ويمكن ملاحظة ذلك من فرق العمر، وكانت قصة حب لن يتسع المجال للتحدث عنها، قررت بعد التخرج أن لا تعود إلى المدينة التي جاءت منها واختارت أن تسكن معي، ولأن الحرية الشخصية مصانة في السويد إلى أبعد الحدود ولأنها تخرجت من الجامعة ولم تعد من طلابي فلقد اختارت أن تظل عندي ولفترة طويلة و بدون عقد زواج، وعلى الرغم من كل الاحتياطات فلقد حدث الحمل وأعلمها طبيبها بذلك وجاءت إلى الجامعة تريد أن تنقل لي الخبر السار المفاجأة، وبدون إرادتي قابلت الخبر بوجه شاحب مصفر وكانت ردة فعلي تشابه ردة فعل من وقعت الصاعقة على رأسه، ولم يكن هناك مجال للشرح في الجامعة فقلت لها سنتحدث في البيت، وعندما عدت إلى البيت وجدت رسالة بخط يدها تعدني فيها بأن تخرج من حياتي وإلى الأبد، وجن جنوني وصرت كالمشرد الهائم على وجهه أبحث عنها في كل مكان، هل كان عليّ أن أخبرها في الجامعة بأن الجنين الذي تحمله في بطنها قد يكون مصاباً بالناعور أو بالسكري أو بكليهما؟ جنينها مصاب بلا ريب لأن والده ناقل، وليس هناك احتمالاً آخر.
وقطعت آلاف الكيلومترات للوصول إلى أهلها وحدثتهم بالأمر فتبين أنها لا تتصل بهم ولا يعرفون لها مكان، ورجعت إلى بيتي منهاراً وقد قررت طلب المساعدة من الشرطة.
في صباح اليوم التالي اتصل بي والدها وأخبرني بأنها اتصلت به بعد أن أشاع خبر يفيد بتدهور حالته الصحية فأخبرها بالحقيقة وطلب منها أن تتصل بي لتحديد طريق للخروج من الأزمة.
عدت من الجامعة فرأيتها في البيت وقالت لي أنها أرادت الابتعاد عن حياتي والاحتفاظ بالجنين، وحدثتها بالقصة والمصائب التي سببها الناعور لأسرتي، وقررنا أن نذهب معاً إلى مركز الرعاية الاجتماعية وتم تحويلنا إلى عيادة في المركز مختصة بهذه الحالات وقابلتنا طبيبة شابة طلبت منا عدم استباق الأمور و اقترحت تحويلنا إلى مركز ملحق متخصص بالفحص الجيني، فذهبنا وتم أخذ نقطة من السائل الأمينوسي للمحصول الحملي في رحم زوجتي، وعدنا بالنتيجة إلى الطبيبة الأولى التي فتحت الظرف المختوم وحدقت بالتقرير ملياً فرأيت على وجهها ما حدث لي من شحوب واصفرار عندما علمت بخبر الحمل في الجامعة لأول مرة.
نظرنا في عيني الطبيبة التي لم تتمكن من رسم أي ابتسامة على وجهها المصفر وقالت حسناً هذه ليست نهاية العالم سيتم تحويلك إلى العيادة المختصة لتخليصك من حملك.
عانقتني فبكيت وبكت وبكت معنا طبيبتنا التي أطلقنا عليها فيما بعد أسم الملاك الحارس.
انقضت فترة النقاهة التالية للإجهاض وكانت طويلة جداً، وعادت زوجتي إلى عملها وعادت أمها من حيث أتت وبقينا وحيدين وكنا نذهب باستمرار إلى عيادة ملاكنا الحارس لملئ استمارات متابعة لا تنتهي.
في مطعم هادئ والعاصفة الثلجية في الخارج والوقت هو منتصف الليل وضوء النهار يعكس خيالات من قوس القزح تدخل بلا استئذان عبر نوافذ المطعم الزجاجية تتخلل ندفات الثلج. اقترحت علينا طبيبتنا أن نتوقف هنا أو أن نتابع في طريق آخر مختلف… طلبت التوضيح… فسألتني هل تحبها حقاً؟ قلت: إلى درجة لا استطيع وصفها، وسألتها: هل تحبينه حقاً فقالت: إلى درجة لا أستطيع وصفها… قالت الطبيبة: حسناً هذا يسهّل الطريق كثيراً… والخطوة الأولى والأهم هي إشهار هذا الحب في أقرب يوم أحد قادم وسأكون عرابتكما… فأضافت زوجتي: وأخي سيكون عرابنا.
وكان حفل زواج كنسي متواضع اقتصر على المقربين وكان العرّاب هو شقيقها والعرّابة هي ملاكنا الحارس والمدعوون هم أهل العروس وحفنة من صديقاتها وأصدقائها القدامى وأغلبهم من طلابي ولم يحضر من طرف العريس أحد إلاّ أخي الصغير أما بقية أهلي فلقد كانت ظروفهم الصحية حرجة ولا تسمح لهم بالحضور.
وفي أول زيارة لعيادة ملاكنا الحارس بعد شهر العسل لملئ استمارات المتابعة التي لا تنتهي قالت لنا عرابتنا انه في حال رغبتنا بالحصول على أطفال فإن القانون يضعنا أمام خيارين الأول هو التبني وعند ذلك علينا إدراج أسمائنا في قوائم الانتظار… والثاني هو بنك الإلقاح الصناعي… فكروا بالأمر جدياً وابلغوني بقراركم كتابة في استمارات المتابعة في الموعد القادم.
قلت: استحلفك بالله يا سيدتي أن تعلميني… متى ستنتهي استمارات المتابعة هذه؟
قالت: حسناً ومن التجارب أستطيع أن أقدم لكما جواباً تقريبياً وهو بعد 5 سنين تبدأ من تاريخ انقطاع دم الطمث لدى زوجتك وهذا بعيد جداً يا سيدي.
أنا الإنسان الشرقي وفي مواجهتي القرار الصعب، وعاطفة الأمومة هي العاطفة الوحيدة التي تتفوق على الغريزة الجنسية، ولا أريد بأنانيتي أن أحرم زوجتي منها وكان القرار الصعب واخترت بنك التلقيح الصناعي، وكنا في كل مرة نختار العينة التي تناسبنا ويحدث التلقيح الصناعي ويحدث الحمل، وهذا هو السر الذي يطبق عل قلبي وقد أفشيته لك عن طريق الخطأ وأنت صديق الطفولة والشباب وأجمل أيام العمر… وأرجو أنني استطعت أن أحل اللغز… أولادي ليسوا أولادي، أما أخي الصغير فإنه سيبقى عازباً ليمرَّ مرور الكرام في هذه الحياة ويموت بلا خلف.
ـ كم ستبقى هنا ؟
ـ أسبوعين أو ثلاثة سنذهب خلالها في جولة على المحافظات وسنمشط الساحل السوري فأولادي على موعد مع الشمس والشمس في السويد نادرة وغير مؤثرة، والصغيرة على موعد مع اوغاريت ورأس شمرا وقلعة الحصن والمرقب وصلاح الدين والبصرى أسكي شام وقد أحضرت معها خرائطها وستكون دليلنا، وقد استأجرنا سيارة وأعددت برنامج سياحة حافل بمساعدة بعض الأصدقاء، وسأنتهز الفرصة لتوكيل محامي من أجل حصر الإرث وسأتنازل عن حصتي لأخي بموجب وكالة عامة.
ـ هل أحضرت ابنتك الكبرى آلة الفلوت معها؟
ـ نعم
ـ اسمح لي بدعوتك وعائلتك اللطيفة، إلى حفل عشاء بسيط في منزلي أرافق فيه ابنتك في العزف على آلة البيانو.
وفي طريق العودة كنت أفكر بثلاثة راني وندى الورد والريحاني اللذان تم هدم حبهما بالسخف والتخلف والبيروقراطية والكذب وهدر الأساسيات على حساب الشكليات، وتم احتقارهما وإذلالهما في مستشفيات القطر وبعدها في دور القضاء الروحية والمدنية والفرعان يسلمان على بعضهما، حيث تم التعريض بهما، وبسمعتهما وسمعة أهلهما وتم إفلاس داني وتم دفعه دفعاً للدخول في طريق الفساد والرشوة بمعية الجهابذة من المحامين السفسطائيين الفراعنة ملوك التحنيط و ملوك طلبات التأجيل والمماطلة وعرقلة الدعاوي لإزهاق روح المدعي والمدعى عليه، وبعض القضاة من الفاسدين الذين كانوا يحددون التكلفة ونوع الهدية وقيمتها بواسطة المحامين، وخسرت ندى مصاغها الذهبي بالكامل وخسرت ما قبضته من مبالغ النفقة المرتفعة خلال أربع سنين من التقاضي، ودفع أبوها ما ادخره من مؤونة لما بعد خريف العمر، وذهب المال في جوف حيتان الفساد ليهدروه على العهر والدعارة والولائم والفساد… فكان مال حلال تحول إلى مال حرام في أيدي أولاد الحرام الذين يجيدون التسلل عبر ثغرات الأنظمة والقوانين البيروقراطية الفاسدة التي لم تعد تتماشى مع شعوب العالم الموجودة في أكثر الدول تخلفاً في عالمنا البائس.
والثالث هو بشار… الذي اشترته مملكة السويد واشترت إنسانيته واشترت مواطنتها وحياتها ومستقبلها واحترمت رغبتها في الزواج ممن تحب مع عدم حرمانها مما وهبه الله لعباده من زينة الحياة الدنيا، فضمنت لمواطنتها ومواطنها الوافد من الشرق حياة هانئة رغيدة سعيدة.
هاتان القصتان من الواقع 100% وشخوصهم حية ترزق، وقد تم النقل والسرد بمنتهى الأمانة، والقصة الثانية طازجة وعلى السماع و عمرها أقل من 24 ساعة، وقد تم عن عمد استبعاد الأسماء الحقيقية، وتم وضع أسماء مستعارة حيث اقتضت الحاجة حفاظاً على مشاعر اللاعبين واحتراماً للإنسانية.
دمشق يوم الجمعة الواقع في 23 تموز 2010
آرا سوفاليان
Ara Souvalian
arasouvalian@gmail.com