www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

صناعة صورة المسلم العدائية في الإعلام/أهي جهل أم قصد ؟/وفاء عبد الكريم الزاغة

0

صناعة صورة المسلم العدائية في الإعلام أهي جهل أم قصد ؟ أن انتشار الكتب في ألمانيا، وبالتالي تأثيرها على قطاعات كبيرة من المواطنين، يعتمد غالبا على انتشار الاهتمام الإعلامي بها، وظاهر أن مما ينتقده الكتاب بحق أن وسائل الإعلام الأكبر تأثيرا من سواها تمثل جزءا من المشكلة . ولهادورا في تعزيز المخاوف ونشرها .

صناعة صورة المسلم العدائية في الإعلام
أهي جهل أم قصد ؟
أن انتشار الكتب في ألمانيا، وبالتالي تأثيرها على قطاعات كبيرة من المواطنين، يعتمد غالبا على انتشار الاهتمام الإعلامي بها، وظاهر أن مما ينتقده الكتاب بحق أن وسائل الإعلام الأكبر تأثيرا من سواها تمثل جزءا من المشكلة . ولهادورا في تعزيز المخاوف ونشرها .
لم تعد المكتبة الألمانية خالية من الكتب المنصفة تجاه الإسلام والمسلمين؛ فبين أيدينا أحدها بقلم الكاتب كاي سوكولوفسكي .
إنما يدعم قدرته على الكتابة المنهجية كم يدعي . قامت على دراسة الأدب الألماني والتاريخ والفلسفة، وقد تخصص فيما يعرف بمدرسة فرانكفورت الجديدة للفلسفة، ويمارس التدريس في جامعة هامبورج، كتابه الصادر عن دار نشر “الكتاب الأحمر ” .
صدرت لـ “سوكولوفسكي” كتب عديدة منذ عام 1998م، وانتقد في بعضها عددا من الشخصيات المعروفة، مثل آليس شفايتسر من الحركة النسوية، وهارالد شميدت من عالم الترفيه في التلفزة، وله أيضا كتاب عن مايكل مور من عالم هوليوود الأمريكي، والذي اشتهر بمعارضته الشديدة لحروب الرئيس الأمريكي السابق بوش الابن.
وصدر كتابه هذا: “صورة المسلم العدائية” عام 2009م، في 256 صفحة موزعة على قسمين، يتناول أحدهما الصورة العدائية المصنوعة في ألمانيا عن المسلمين، بمنطلقاتها ومقدماتها وصانعيها، ويتضمن الثاني سلسلة حوارات مع عدد من ذوي العلاقة الذين يحذرون من خطورتها وعواقبها وانتشارها. وهنا يستخرج سوكولوفسكي عددا كبيرا من الاستشهادات من موقع شبكي عنوانه: “سياسات خاطئة”، وقد تخصص في نشر المخاوف من الإسلام والمسلمين، فيناقش الكاتب مضامينها مناقشة موضوعية تبين مدى افتقارها إلى مستند حقيقي من وراء اللهجة التعميمية والتصعيدية للتحذير من “خطر داهم .
ويستخدم الكاتب تعبير “المضطربين خوفا” مبينا الانحرافات النفسانية في التفكير والتعبير، ليختم بالقول: إن “عداء الأجانب تحت رداء نقد الإسلام يسمّم المجتمع الألماني إلى أعماق تكوينه الاجتماعي وفي ذلك الجناح اليساري فيه، ولهذه العنصرية -المتسترة وراء وصف الصراع الحضاري- تاريخ طويل، بدأ مع يوم نهاية تقسيم ألمانيا”.
 صناعة العداء
الباب الأول بعنوان: “العدو- صورة وحقائق” وضم ستة فصول، والثاني بعنوان: “دون صورة عدائية- محادثات” وضم أربعة فصول.
 
في مطلع الفصل الثالث بعنوان: “صانعو العداء”، يورد الكاتب أمثلة من عناوين “مواضيع الغلاف” لعدد من المجلات، مثل “ما مدى خطورة الإسلام؟”، و”شباب الله الغاضبون”، و”القرآن دليل لصناعة القنابل”.. لمجلة شتيرن عام 2007م، و”شركة الإسلاميين في ألمانيا المساهمة”، و”كيف يخطط المتعصبون للإرهاب” لمجلة فوكوس عام 2009م، هذا مع أن ألمانيا لم تشهد أعمالا إرهابية تحت عنوان إسلامي كسواها!
بعض وسائل الإعلام باتت تنقل عن خطب الإسلاميين حتى العبارات التي لا تتجاوز “دعوة المسلم أن يعيش كما يريد له الله” ليطرح ذلك كمصدر تهديد، وليصوره بداية لتكوين جيل قادم من المجاهدين. ويستعرض الكاتب أمثلة عديدة من “مواضيع الغلاف” لمجلة دير شبيجل، عاما بعد عام؛ ليبين نوعية الحملات الإعلامية التحريضية ضد الإسلام والمسلمين، ومن ذلك حديث المجلة مثلا عن “تكوين المسلمين الألمان عالما خاصا بهم، حتى في عالم الشبكة الافتراضي”، مبينا ما يعنيه التركيز على التعميم؛ إذ لا يدور الحديث عن “بعضهم أو غالبيتهم”، بل عنهم جميعا، ولا يقتصر الأمر على العالم الافتراضي كما تشير كلمة “حتى”!.
 أعطى المؤلف الفصل الرابع عنوان: “الشهود” وصدّره بترجمة الآية الكريمة {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [سورة محمد: 24]، واستعرض من خلال المواقع الشبكية، واختار مثالا عليها موقعا غوغائيا باسم “سياسة خاطئة”، وصاحبه هنريك برودر، وكذلك خلال الكتب، وذكر مثالا عليها: “مذكرات هارب” ومؤلفه رالف جيوردانو، وحتى خلال “الدراسات والبحوث” ومثال ذلك دراسة عن تعرض المسلمات من أصل تركي في ألمانيا للعنف المنزلي، والتي جرت بتكليف من جانب وزارة شئون الأسرة.
 كما يورد الكاتب استشهادات أخرى في الاتجاه نفسه، منها مقتطفات من حيثيات الحكم الذي صدر في قضية حجاب المدرسة الأفغانية الأصل فريختا لودين؛ إذ أيَّد قضاة المحكمة الدستورية العليا” دعواها بصدد عدم مشروعية حظر التدريس عليها قانونيا، ولكن على النقيض مما يقتضيه منطق القضاء الدستوري وممارساته المألوفة، لم يقترن ذلك بمطالبة الإدارات الرسمية في الدولة بعدم ممارسة مثل ذلك الحظر، بل طالب القضاة المسئولين في السلطات الألمانية بتغيير القوانين للتمكين منه، واستخدمت في حيثيات الحكم عبارة “ليكون عالم التدريس خاليا مما يتناقض مع القيم الثقافية للغرب المسيحي وغايات التدريس “المسيحية”. ويفسر الكاتب موقف “كبار القضاة الدستوريين” بتأثير ضغوط كبيرة ناجمة عن إثارة المخاوف من كل ما يرتبط بالإسلام والمسلمين
لا تنقطع الأمثلة من هذا القبيل؛ فيورد الكاتب بعضها على ألسنة جهات شديدة العداء للإسلام مثل “آليس شفارتسر” من الحركة النسوية، ويطرح بعضها تحت عنوان: “النقطة الأولى من القائمة السوداء: الخطر المصنوع”، ثم “النقطة الثانية: الهجوم على المقاتلين باسم الشريعة”، ومن بين العديد من الأمثلة الإعلامية يركز الكاتب على مجلة دير شبيجل الأنشط من سواها في تلك الحملات، مستثنيا إقدامها لأول مرة في نهاية عام 2007م على نشر ملف ينتقد من يعادون الإسلام.. حيث بدأ على الأقل شيء من التمييز بين أكثر من “تفسير” للإسلام ومصادره في أوساط المسلمين أنفسهم، ولا يستبعد الكاتب أن هذا التطور جاء بعد تبديل طاقم إدارة تحرير المجلة.
ويمكن القول إن الكاتب يتحدث عن الصور “النمطية” العدائية العديدة، وإن لم يقصد المؤلف تحديد معالمها من منطلق أنها نمطية، بل جعل من كتابه دراسة منهجية تفصيلية حافلة بشواهد لا حصر لها حول الظاهرة نفسها، من مواقع لا تخدم الصورة الحقيقية عن الاسلام . مع تعزيز رؤيته الشخصية برؤى سواه، ممن أورد ما يقولون به بصورة مستفيضة في عدة فصول حوارية.
وقد يجد القارئ تكرارا للمعاني الواردة في كثير من هذه الفصول العشرة؛ وهو ما يدعو إلى الاكتفاء بالتركيز على بعضها كنماذج لسواها، إنما يعود التكرار إلى حرص المؤلف على استعراض عدد كبير من الاستشهادات ومناقشتها وتفنيد كثير من محتوياتها؛ لتأكيد ما ذهب إليه من أن هذه الصورة العدائية مصنوعة صنعا، وقائمة على منطلقات وممارسات خاطئة، إعلامية وغير إعلامية.
الخائفون
يعتبر الفصل الأول بعنوان: “الخائفون” مقدمة، وقد افتتحها بعبارة معروفة لآلبرت آينشتاين تقول: “هذه حقبة تبعث على الانقباض أن يكون تحطيم الذرة أهون من تحطيم حكم مسبق”.
يعتبر سوكولوفسكي “الخوف” منطلقا لتكوين الصور النمطية العدائية، وليس للخوف ما يسوّغه؛ إذ لا يصدر عن المعرفة والخبرة، بل عن تصورات خاطئة، ومنطلقه “الاضطراب الذاتي” عند الخائف، وليس ما يصنع أو لا يصنع الآخر، بل حتى عند التعرف على الآخر يبقى الاضطراب الذاتي سببا في عدم التغلب على الخوف، ومن هنا تتردد كلمات “الخطر” و”التهديد” وما شابه ذلك، دون تحديد مصدر ملموس، أو معالم موضوعية له.
وهنا يستخرج سوكولوفسكي عددا كبيرا من الاستشهادات من موقع شبكي عنوانه: “سياسات خاطئة”، وقد تخصص في نشر المخاوف من الإسلام والمسلمين، فيناقش الكاتب مضامينها مناقشة موضوعية تبين مدى افتقارها إلى مستند حقيقي من وراء اللهجة التعميمية والتصعيدية للتحذير من “خطر داهم”!
روّاد التخويف
“السابقون” عنوان الفصل الثاني، ويعني به واقعيا الروّاد على طريق صنع مقدمات الصورة العدائية، ويتصدر الفصلَ عبارة للمستشار الألماني الأسبق هلموت كول: “ليست ألمانيا بلد هجرة”، إشارة إلى انطلاق الحملات العدائية ضد الأجانب من مفعول عبارات سياسية من هذا القبيل.
يشير المؤلف في البداية إلى أن الخوف من الآخر يعني الخوف من التغيير؛ فالخائف يود لو بقي العالم دوما كما يعرفه، وهو لم يعرفه على حقيقته، بل وفق ما تصور أن يكون.. يتشبث بأحكامه المسبقة فلا تزول لأنه لا يتعرف أصلا على ما يمكن أن يزيلها من معلومات وأرقام وحقائق ملموسة، وهو عندما تثور مخاوفه على كل ما يزعم الاعتزاز به من ثقافة وقيم وأسرة، وفي ذلك طبيعة تكوين عالمه الغربي، لا يقف -كشخص- وحيدا؛ فوسائل الإعلام تقوم بدورها في تعزيز تلك المخاوف ونشرها.
ويذكرفي السنوات الأولى لألمانيا الموحدة، انتشرت مقولات عديدة ركزت على الأجانب، واللاجئين، واستغلال المعونات الاجتماعية، وما شابه ذلك، وكثير منها صادر عن شخصيات معروفة وأحزاب سياسية، فكأنما تحولت المصطلحات المستخدمة في الحرب الباردة تجاه الشرق من “الشيوعية الحمراء” إلى “تيار اللاجئين”.
وكانت تلك هي البداية، فازدادت نسبة الاعتداءات على الأجانب، حتى أصبح كثير من الأطروحات السياسية الرسمية ينطوي على القول بضرورة “التخلص من الضحية المتعرضة للهجوم، وليس من القلة التي تمارسه”.
ومن ذلك ما يستشهد به من أقوال السياسيين في إطار متابعة إقدام اليمين المتطرف على إحراق أحد مراكز طالبي اللجوء السياسي، وكذلك ما كانت تكتب عنه وسائل الإعلام على اختلاف مستوياتها واتجاهاتها، مثل مجلة “دير شبيجل” المعروفة، أو صحيفة “بيلد” الشعبية.
وقد أدت هذه الحملات السياسية بالفعل إلى تعديلات دستورية وقانونية عام 1993م تحدّ من تطبيق حق اللجوء السياسي، فكانت -حسب قول الكاتب- بمثابة احتضان المتطرفين وشعارهم المعروف: “ألمانيا للألمان، وعلى الأجانب الرحيل”، وبات قبول طلب اللجوء مقترنا بمختلف الوسائل القانونية والمالية، وألا يشعر اللاجئ بالاستقرار في ألمانيا.
وواضح أن الكاتب لا يخرج بهذا الطرح من نطاق التعامل مع الوجود الإسلامي في ألمانيا باعتباره وجودا “وافدا”.
 لم يكن ذلك نهاية المطاف، فالخائف “يحتاج إلى القلق”، ولهذا لا يمكن أن يزول القلق، بمعنى أنه يصنعه لنفسه صنعا، فإذا بلغ غاية مرحلية انتقل إلى ما بعدها، فمنذ ذلك الحين بدأ التحول من العداء للأجنبي إلى عداء للمسلم، ولهذا شواهد عديدة يوردها الكاتب، ومن بينها مثلا استخدام تعبير “الاختلاف الثقافي” -في إشارة إلى الدين- مكان تعبير “الاختلاف العرقي”، وبالتالي أصبح على الآخر أن يمارس ما يختلف به عن المجتمع -وهو الخصوصيات الدينية- في النطاق الخاص، وليس علنا، وبالتالي انقلب مفهوم “الحماية” العريق في التصورات الديمقراطية الغربية، من حاجة الأقلية وثقافتها للحماية، إلى مفهوم حماية الغالبية وثقافتها منها.
يختم الكاتب بقوله: إن “المعالم العامة لصورة المسلم العدائية تكونت قبل عشرة أعوام على الأقل من أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر”.
الباب الثاني عبارة عن سلسلة حوارات يدعم محتواها -ويفرض الإيجاز التعميم هنا- ما ذهب إليه المؤلف في كتابه هذا، وهي على التوالي: مع المؤرخ الألماني بروفيسور فولفجانج بينز، المتخصص فيما يعرف بالعداء للسامية، متحدثا عن وجوه التشابه بين كراهية اليهود والعداء للإسلام، والثاني مع النائبة الديمقراطية الاشتراكية د.لالي آكجو، من أصل تركي، ومتخصصة في الطب النفساني، وتحدثت عن الاندماج والوسط السياسي وتعدد الثقافات، والثالث مع بولاند كاياتوران، المعروف باسم “بيدو”، درس علم الاجتماع، واشتهر من خلال تقديمه لبرنامج تلفازي ساخر، وتناول بالحديث ما يواجهه الألمان ووسائل الإعلام من صعوبات مع المهاجرين المستوطنين .
كتبت هذا المقال تزامنا مع مؤتمر مكافحة الإرهاب الذي ينعقد الان في السعودية .
من المراجع والمصادر الباحث نبيل شبيب واسلام اون لاين وشبكة الحوار نت
وكتاب وسائل الاعلام واداورها المختلفة .
وفاء عبد الكريم الزاغة
 
 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.