نَعَم لقُلوبِ العاشقينَ عيُونُ،
نَعَم لقُلوبِ العاشقينَ عيُونُ، | يَبينُ لها ما لا يَكادُ يَبينُ |
نظرنا بها ما كانَ قبلُ من الهوى ، | فدَلّ على ما بَعدَها سَيَكونُ |
نهانا النهى عنها، فلجتْ قلوبنا، | فقُلنا: اقدُمي! إنّ الجنونَ فُنُونُ |
نَغُضّ ونَعفُو للغَرامِ، إذا جَنَى ، | ويَقسُو علَينا حكمُهُ، فنَلِينُ |
نَرُدّ حدودَ المُرهَفاتِ كَليلَة ً، | وتَفتُكُ فينا أعينٌ وجُفُونُ |
نُهَوّنُ في سُبلِ الغَرامِ نُفُوسَنا، | وما عادَة ً، قَبلَ الغَرامِ، تَهُونُ |
نُطيعُ رِماحاً فَوقَهنّ أهلّة ٌ، | وكُثبانَ رَملٍ فوقَهنّ غُصونُ |
نَواعِمُ شَنّتْ في المُحبّينَ غارَة ً | بها اللّدنُ قَدٌّ، والسّهامُ عُيُونُ |
نبالٌ، ولكنّ القسيَّ حواجبٌ، | نِصالٌ، ولكنّ الجُفُونَ جُفُونُ |
نهبنَ قلوبَ العاشقينَ، وغادرتْ | بجِسمي ضَنًى للقَلبِ منهُ شُجونُ |
نحولٌ وصبرٌ قاطنٌ ومقوضٌ، | ودَمعٌ وقَلبٌ مُطلَقٌ ورَهِينُ |
نسهلُ أحوالَ الغرامِ تجلداً، | وإنّ سُهُولَ العاشقِينَ حُزونُ |
نتابعهُ طوراً، ولا عروة ُ الهوى | بوثقى ولا حبلُ الزمانِ متينُ |
نظنّ جميلاً في الزمانِ، وإنهُ | زمانٌ لتصديعِ القلوبِ ضمينُ |
نرومُ وعودَ الجودِ منه، وقد غدتْ | لدى المَلِكِ المَنصورِ، وهيَ ديُونُ |
نبيُّ سماحٍ قد تحققَ بعثهُ، | لهُ الرّأيُ وَحيٌ، والسّماحة ُ دينُ |
نَجَتْ فِئَة ٌ لاذَتْ بهِ، فتَيَقنّتْ | بأنّ طَريقَ الحَقّ فيهِ مُبينُ |
نخيٌّ، له العزمُ الشديدُ مصاحبٌ، | سَخيٌّ، لهُ الرّأيُ السّديدُ قَرينُ |
نجيبٌ، لو أنّ البحرَ أشبهُ جودهُ، | لما سلمتْ من جانبيهِ سفينُ |
نفتْ عنهُ ما ظنّ العداة ُ عزائمٌ، | هيَ الجَيشُ والجَيشُ الخَميسُ كمينُ |
نَمَتهُ إلى القَومِ الذينَ رِماحُهُمْ | قضَتْ في الوَغى أن لا يَضِيقَ طَعِينُ |
نُجومٌ لها فوقَ السّروجِ مَطالِعٌ، | لُيُوثٌ لها تحتَ الرّماحِ عَرينُ |
نفوسهمُ يومَ الجدالِ جداولٌ، | وآراؤهم يومَ الجِدالِ حُصُونُ |
نَجَعنا إلَيهِ من بلادٍ بَعيدَة ٍ، | وكلٌّ لهُ حسنُ الرجاءِ ضمينُ |
نهضنا لنستسقي السحابَ، فجادنا | سَحابُ نَدَى كَفّيهِ وهيَ هَتونُ |
نوافيكَ يا من قد غدتْ حركاته | على المُلكِ منها هَيبَة ٌ وسُكُونُ |
نُجازى بما نأتي إلَيكَ هَديّة ً، | فنحملُ درّ المدحِ، وهو ثمينُ |
نعمتَ، ولا زالتْ ربوعكَ جنة ً، | فمَغناكَ حِصنٌ للعُفاة ِ حَصينُ |
نهبتَ الثنا والجودَ والمجدَ والعلى ، | ونِلتَ الأماني، والزّمانُ سُكُونُ |