أنظرُ إلى المجدِ كيفَ ينهدمُ،
أنظرُ إلى المجدِ كيفَ ينهدمُ، | وعروة ِ الملكِ كيفَ تنفصمُ |
واعجبْ لشهبِ البزاة ِ كيفَ غدتْ | تَسطو علَيها الحِداة ُ والرَّخَمُ |
قد كنتُ أختارُ أن أُغَيَّبَ في | التربِ، وتبلى عظامي الرممُ |
ولا أرى اليومَ من أكابرِنا | أسداً وفيها الذئابُ قد حكموا |
ظَنّوا الوِلاياتِ أن تَدومَ لهم، | فاقتطعوا بالبلادِ، واقتسموا |
واقتَدَحوا بالوَعيدِ نارَ وغى ً؛ | وربّ نارٍ وقودُها الكلمُ |
لم يَعلَموا أيَّ جُذوَة ٍ قَدَحوا، | وأيَّ أمرٍ إليهِ قد قدمُوا |
بل زَعَموا أن يَصدّنا جزَعٌ؛ | كانتْ يَدُ اللَّهِ فوقَ ما زَعَمُوا |
لا عرفَ العزّ في منازلِنا، | وأنكرَتنا الصوارمُ الحذمُ |
إن لم نقدْها شعثاً مضمرة ً | تَذوبُ من نارِ حِقدِها اللُّجُمُ |
بكلّ أزرٍ في مَتنِهِ أسدٌ؛ | وكلّ طودٍ من فوقهِ صنمُ |
من فتية ٍ أرخصوا نفوسهمُ، | كأنهمْ للحياة ِ قد سئموا |
إن زأروا في الهياجِ تحسبهم | أسداً عليها من القنا أجمُ |
شوسٌ تظنّ العدى سهامهمُ | شهباً بها الماردون قد رجموا |
صَغيرُهم لا يَعيبُهُ صِغَرٌ، | وشيخهم لا يشينُهُ هرمُ |
فَفي القَضايا إن حُكّموا عَدَلوا، | وفي التّقاضي إن حُوكموا ظلمُوا |
إن صمتوا كانَ صمتهمْ أدباً، | أو نَطَقوا كانَ نُطقُهم حِكَمُ |
ما عذرُنا، والسيوفُ قاطعة ٌ، | وأمرُنا في العراقِ مُنتَظِمُ |
وحَولَنا من بَني عُمومتِنا | كتائبٌ كالغمامِ تزدحمُ |
بأيّ عينٍ نرى الأنامَ، وقد | تحكمتْ في أسودِنا الغنمُ |
أما حياة ٌ، وربعنا حرمُ | |
لا شاعَ ذكري بنَظمِ قافيَة ٍ | تلوحُ حسناً كأنها علمُ |
ولا اهتدتْ فكرتي إلى دُررٍ | يُشرِقُ من ضوءِ نُورِها الكَلِمُ |
وشَلّ منّي يَدٌ، عَوائِدُها | يجولُ فيها الحسامُ والقلمُ |
إن لم أُخضّبْ ملابسي عَلَقاً | يصبغُ من سيلِ قطرها القدمُ |
وآخذ الثّارَ من عِداكَ، ولو | تَحَصّنوا بالحصونِ، واعتَصَمُوا |
في وَقعَة ٍ تُسلَبُ العقُولُ بها، | وأنفُسُ الدّارِعينَ تُختَرَمُ |
إنْ باشَرَتها أقارِبي بيَدٍ | يوماً، فلي دونهمْ يدٌ وفمُ |
يا صاحبَ الرّتبَة ِ التي نكَصَتْ | من دونِ إدراكِ شأوِها الهِمَمُ |
قد كنتَ لي ذابلاً أصولُ به، | ما خِلتُه في الهِياجِ يَنحَطِمُ |
ما كنتُ أخشَى الزّمانَ حينَ غَدا | خَصمي لعِلمي بأنّكَ الحَكَمُ |
كففتَ عنّا كفّ الخطوبِ، فمن | بعدِكَ أمسَى الزّمانُ يَنتَقِمُ |
ما ألبستنا الأيامُ ثوبَ علًى | إلاّ وأنتَ الطّرازُ والعَلَمُ |
عَزّ على المَجدِ أن تَزولَ، وأن | تُخلِقَ تلكَ الأخلاقُ والشّيَمُ |
تبكي المواضي، وطالما ضحكتْ | منك وأمسَتْ غُمودَها القِمَمُ |
فاليومَ قد أصبحتْ صوارِمُها، | وشملُها في الهياجِ منصرِمُ |
يُذكِرُني جودَكَ الغمامُ، إذا | أصبَحَ دمعُ الغَمامِ يَنسَجِمُ |
إذ كنتَ لي ديمة ً تَسُحّ، ولا | يَنساكَ قَلبي ما سَحّتِ الدّيَمُ |
لا جَمَدَتْ أدمعي، ولا خمَدتْ | نارُ أسى ً في حشايَ تضطرمُ |
وكيفَ يَرقَا علَيكَ دمعُ فتًى ، | ولحمهُ من ثراكَ ملتحمُ |