جلس الأمير إلى الطعام عشية
جلس الأمير إلى الطعام عشية | ودعا الامام له فلم يتقدم |
كان الإمام على أسى لبلاده | من سوء سير اميرها المتحكم |
أبدا يوالي نصحه بتلطف | فيفوز منه بنفرة وتجهم |
مرت به الألوان يأبى مسها | وله معاذير السقيم المحتمي |
وبزعمه أن الطبيب نهاه عن | غير الحليب فإن يخالف يندم |
فتبادر الخدم الوقوف وأحضروا لبنا زكيا ناصع المتوسم |
|
ألقى عليه يدا فحال لوقته | وإذا البياض كصبغة من عندم |
ريع الأولى نظروا إليه وأفظعوا | تلك الكرامة وانثنوا بتبرم |
حتى لكادوا يتفكون بشيخهم | زلفى إلى ذاك الأمير المطعم |
وثنى المير فقال ما تأويلها | أكذا مزاح الصائمين القوم فأجابه وبه تفكر غائب عن رشده وله تبصر ملهم |
إسمع من الغيب الذي أنا قائل | بلسانه للجائر المتنعم |
هذا نذير لا شفاعة بعده | عند المهيمن أن تصر وتظلم |
هدمت في طول البلاد وعرضها | أعلامها الحكماء كل مهدم |
أسرفت في هذي الديار مهانة | لكريمها ومعزة للمجرم |
بالغت في طلب الحطام إلى مدى | مغني الولاة وللعروش محطم |
بايعت دون حماك بيعة خاسر | تؤتاه من كدح الفقير المعدم |
أوف البلاد بمثل أجرك حقها | من خدمة ومحبة وتكرم |
أردد إلى هذا الحمى استقلاله | يخلص طعامك يا أمير من الدم |