شعفتَ بعهدٍ ذكرتهُ المنازلُ
شعفتَ بعهدٍ ذكرتهُ المنازلُ | وكِدتَ تناسَى الحِلمَ وَالشّيبُ شاملُ |
لعمركَ لا أنسى َ لياليَ منعجٍ | و لا عاقلاً إذْ منزلُ الحيَّ عاقلُ |
وَمَا نَامَ إذْ باتَ الحَوَاضِنُ وَلّهاً، | وَلَكِنْ هَوَانَا المُنْفِسَاتُ العَقائِلُ |
ألا حَبّذا أيّامَ يَحْتَلّ أهْلُنَا | بذاتِ الغضا والحيُّ في الدارِ آهل |
و إذْ نحنُ ألافٌ لدى كلَّ منزلٍ | وَلَمّا تُفَرَّقْ للطِّيَاتِ الجَمَائِلُ |
و إذْ نحنُ لمْ يولعْ بنا الناسُ كلهمْ | وَما ترْتَجِي صُرْمَ الخَليطِ العَوَاذِلُ |
خليليَّ مهلاً لا تلوما فانهُ | عَذابٌ إذا لامَ الصّديقُ المُوَاصِلُ |
عجبتُ لهذا الزائر الركبَ موهناً | و منْ دونهِ بيدُ الملا والمناهلُ |
أقامَ قليلاً ثمَّ باحَ بحاجة ٍ | إلَيْنَا وَدَمْعُ العَينِ بالمَاء وَاشِلُ |
وَأنّى اهْتَدَى للرّكْبِ في مُدْلهمّة ٍ، | تداعسُ بالركبانِ فيها الرواحلِ |
أناخوا قليلاً ثمَّ هاجوا قلائصاً | كما هيجَ خَيطٌ مَغرِبَ الشّمسِ جافلُ |
و أيُّ مزار زرتَ حرفٌ شملة ٌ | و طاوى الحشا مستانسُ القفرِ ناحل |
وَلَوْلا أمِيرُ المُؤمِنِينَ، وَأنّهُ | إمامٌ وعدلٌ للبرية ِ فاصلُ |
وَبَسطُ يَدِ الحَجاجِ بالسّيفِ لم يكنْ | سَبيلُ جِهَادٍ وَاستُبيحَ الحَلائِلُ |
إذا خافَ دَرْءاً مِنْ عَدُوٍّ رَمَى بِهِ | شديدُ القُوَى والنزْعِ في القوْس نابلُ |
خَليفَة ُ عَدْلٍ، ثَبّتَ الله مُلْكَهُ | على َ راسياتٍ لمْ تزلها الزلازلُ |
دعوا الجبنَ يا أهلَ العراقِ فانما | يُبَاحُ وَيُشْرَى سَبيُ مَن لا يُقاتِلُ |
لَقَدْ جَرّدَ الحَجّاجُ بالحَقّ سَيْفَهُ | لكُمْ فاستَقيمُوا لا يميلَنّ مَائِلُ |
وَلا حُجّة ُ الخَصْمَينِ حَقٌّ وَباطِلُ | |
و أصبحَ كالبازي يقلبُ طرفهُ | عَلى مَرْبإٍ، وَالطّيرُ مِنْهُ دَوَاخِلُ |
وَخافُوكَ حتى القَوْمُ تَنْزُو قُلُوبُهمْ | نزاءُ القطا التفتْ عليهِ الحبائلُ |
وَمَا زِلْتَ حتى أسْهَلَتْ مِنْ مخافَة ٍ | اليكَ اللواتي في الشعوفِ العواقل |
وَثِنْتَانِ في الحِجّاجِ لا تَرْكُ ظالِمٍ | سوياً ولا عندَ المراشاتِ نائلُ |
و منْ غلَّ مالَ اللهِ غلتْ يمينهُ | إذا قيلَ أدوا لا يغلنَّ عاملُ |
وَمَا نَفعَ المُسْتَعمَلِينَ غُلُولُهُمْ، | وَما نَفَعَتْ أهْلَ العُصَاة ِ الجَعائِلُ |
قَدِمْتَ على أهْلِ العِرَاقِ وَمِنْهُمُ | مخالفُ دينِ المسلمينَ وخاذلُ |
فكُنْتَ لَمن لا يُبْرِىء الدّينُ قَلْبَهُ | شِفَاءً، وَخَفّ المُدْهِنُ المتَثاقِلُ |
و أصبحتَ ترضى كلَّ حكمٍ حكمتهُ | نِزَارٌ، وَتعطي ما سألْتَ المقَاوِلُ |
صَبَحْتَ عُمَانَ الخَيْلِ رَهْواً كأنّما | قَطاً هاجَ مِنْ فَوْقَ السّماوَة ِ ناهِلُ |
يُناهِبْنَ غِيطانَ الرّفاقِ، وَتَرْتَدي | نِقالاً إذا ما استَعرَضَتْها الجَرَاوِلُ |
سَلَكْتَ لأهْلِ البَرّ بَرّاً فَنِلْتَهُمْ | و في اليمَّ يأتمُّ السفينُ الجوافلُ |
تَرَى كُلّ مِرْزَاب يُضَمَّنُ بَهوُهَا | ثَمانِينَ ألفْاً، زَايَلَتْهَا المَنَازِلُ |
جَفُولٍ تَرَى المِسْمَارَ فِيها كأنّهُ، | إذا اهتَزّ، جِذْعٌ من سُمَيحة َ ذابلُ |
إذا اعتركَ الكلاءُ والماءُ لم تقدْ | بِأمْرَاسِهَا، حتى تَثُوبَ القَنَابِلُ |
تَخَالُ جِبَالَ الثّلْجِ لَمّا تَرَفّعَتْ | أجلتها والكيدُ فيهنَّ كامل |
تَشُقّ حَبَابَ الماء عَنْ وَاسِقاتِهِ، | وَتَغرِسُ حوتَ البَحرِ منها الكلاكلُ |
لَقد، جَهَدَ الحَجّاجُ في الدّينِ وَاجتبى | جبا لمْ تغلهُ في الحياض الغوائلُ |
و ما نانَ إذْ باتَ الحواضنُ ولها | وَهُنّ سَبَايا، للصّدورِ بَلابِلُ |
أطيعوا فلاَ الحجاجُ مبقٍ عليكمُ | وَلا جِبرَئيلٌ ذو الجَناحَينِ غَافِلُ |
ألا رُبّ جَبّارٍ حَمَلْتَ على العَصَا | و بابُ استهِ عنْ منبرِ الملكِ زائلِ |
تَمَنّى شَبيبٌ مُنْيَة ً سَفَلَتْ بِهِ، | و ذو قطريٍّ لفهُ منكَ وابل |
تقولُ فلا تلقى لقولكَ نبوة ٌ | وَتَفْعَل ما أنْبَأتَ أنّكَ فَاعِلُ |