أجَدَّكِ يا كواكب لا ترينا
أجَدَّكِ يا كواكب لا ترينا | بياناً منك يُخبِرُنا اليقينا |
كأن العالم العُلْوِيَّ سِفرُ | نطالعه ولسنا مفصحينا |
نحاول منه إعراب المعاني | بتأْويل فنرجع مُعْجمِينا |
كواكب في المجرة عائمات | حكت في بحر فسحتها السفينا |
سرت زهر النجوم وما دراها | فلالسفة مضت ومنجمونا |
شموس في السماءِ علت وجلّت | فظنوا في حقيقتها الظنونا |
سوابح في الفضاءِ لها شؤُون | ولما يعلموا تلك الشؤونا |
وما ارتجفت بجنح الليل إلاَّ | لتضحك فيه مما يزعمونا |
لعل لها بهذا الجو شأناً | سِوَى ما نحن فيه مرجمونا |
تلوح على الدجى متلألئات | فتبهج في تلألوءِها العيونا |
وأني يدرك الرائي مداها | وان ألفقى لها نظراً شفونا |
تودّ الغانيات اذا رأتها | لو انتظمت لها عِقْداً ثميناً |
تقلدّه على اللبات منها | وتطرح الدمالج والبرينا |
ألكنى يا ضياءُ إلى الدراري | رسالة مُسهِرِ فيها الجفونا |
لعلك راجع منها جواباً | يزيل عماية المتحيرينا |
فقل انى تحّير فيك فكري | كذاك تحير المتفكرونا |
فيا أم النجوم وأنتِ أمُّ | أيولد فيك كالأرض البنونا |
وهل فيك الحياة لها وجود | فيمكن للردى بك أن يكونا |
وهل بكِ مثل هذه الارض ارض | وفيها مثلنا متخالفونا |
وهل هم مثلنا خُلقاً وَخَلقاً | هناك فيأكلون ويشربونا |
وهل هم في الديانة من خلاف | نصارى أو يهود ومسلمونا |
وهل طابت حياة بنيكِ عيشاً | ففوق الارض نحن معذبونا |
وهل حُسِبت بك الأيام حتى | تألّف من تعاقبها اتلسنونا |
وهل بالموت نحن إذا خرجنا | عن الأجساد نحوك مرتقونا |
فتبقى عندك الارواح اذاً واجب | بها إن كان سُلْمك المنونا |
فاحبب بالمنون يا دراري | فنحن نخالة بعداً شَطونا |
أيبنى ما وراءَكِ يا دراري |
|
قد اتسع الفضاءُ لك اتساعاً | فهل أبعاده بك ينتهينا |
وصغرك ابتعادك فيه حتى | اليك استشرف المتشوفونا |
فهل كان ابتعادك من دلالٍ | علينا أم بعدت لتخدعينا |
خوالد في فضاءك أنت؟ أم قد | يحل بك الفناءُ فتذهبينا |
وقالوا ما لعدتك انتهاءٌ | فهل صدقوا أو ارتكبوا المجونا |
وقالوا الأرض بنتك غيرَ مَيْن | فهل أبناءُ بنتك يصدقونا |
وقالوا إن والدك المفدّى | أثيرٌ في الفضاءِ أَبى السكونا |
ترصَّدك الانام وما اتانا | بعلم كيانك المترصدونا |
فهرشل ما شفى منا غليلا | ولا غاليلُ أنبأنا اليقينا |
وكبلرقد هدى أو كاد لما | أبانك يا نجوم تجاذبينا |
الى كم نحن نلبس فيك لبساً | ومن جراك ندَّرع الظنونا |
لعل النجم في احدى الليالي | سيبعث للورى نوراً مبيناً |
تقوم له الهواتف قائلات | خذوا عني النهى ودعوا الجنونا |